fbpx

لبنان: نقاش مع بكركي حول “الحياد” اللاحيادي

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا ينطوي تصريحا البطريرك في سوريا (عام 2013) وفي بكركي (عام 2021) على تناقض فقط، بل ينطويان على لا معقولية واستحالة تطبيقية في الحالتين…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عام 2013، أي بعد عامين على اندلاع الثورة السورية، زار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي سوريا في زيارة وصفت بـ”التاريخية” هي الأولى لبطريرك ماروني منذ عام 1943، للمشاركة في تنصيب بطريرك الروم الأرثوذكس يوحنا اليازجي. حينذاك، شدّد الراعي على “تضامنه مع كل المتألمين خصوصاً المسيحيين في سوريا الجريحة”، مشيرا إلى “أنهم يقولون من أجل الإصلاحات اللازمة لكن الاصلاحات لا تفرض فرضاً من الخارج بل تنبع من الداخل حسب حاجات كل بلد”. وأثنى على أن “الإصلاحات لا تتم إلا بالحوار وإن كان لا بد من دور للأسرة الدوليّة، فليكن بهذا الاتجاه”. هذا كلام الراعي في شعب كان يتعرض من قيادته لأعتى أنواع القمع والقتل والتهجير، لا تقاس ارتكابات الطبقة السياسية اللبنانية مجتمعة بما ارتكبه النظام السوري في البلدين وبحقّ الشعبين، ومع ذلك ذهب الراعي إلى سوريا، برعاية النظام السوري وموافقته، وتحت سلطانه، قال هذا الكلام الذي يرفض فيه التدخل الأممي في أحوال سوريا، مشدداً على “الحوار”، وهو العالم جيداً بأن النظام السوري كان سيستفيد من هذا التصريح ومن الزيارة ليؤمن غطاءً لبراميله المتفجّرة ولتهجير الملايين في الأعوام اللاحقة، وهو ما حدث فعلاً.

يبدو الراعي منسجماً مع موقفه الداعي إلى عدم فرض الإصلاحات فرضاً من الخارج، بل أن “تنبع من الداخل حسب حاجة كل بلد”.

النظام رأى على لسان ممثل الرئيس السوري السفير جوزيف سويد أن “زيارة الراعي إلى دمشق تاريخية وهي تعبر عن أنه على إيمان ويقين بأن السلام راسخ في سوريا”. ويومها رأى منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد، أن الزيارة لم تكن لها ضرورة قصوى، خصوصاً أن البطريرك اليازجي كان سيحضر إلى بيروت بعد أيام، حيث يمكن تكريمه من دون الحاجة للذهاب إلى “عرين الأسد”. واعتبر سعيد أن زيارة الراعي إلى سوريا “تلزم دعم الطائفة المارونية للرئيس السوري وتقدم صوراً يستفيد منها النظام ليعتبر نفسه الأقرب إلى المسيحيين في سوريا”. وإذ يبدو سعيد متجانساً مع موقفه في الـ2013، حينما يتحمّس للقاء بكركي اليوم المنادي بالحياد وبـ”تنظيم مؤتمر دولي خاص بلبنان”، لا يبدو الراعي منسجماً مع موقفه الداعي إلى عدم فرض الإصلاحات فرضاً من الخارج، بل أن “تنبع من الداخل حسب حاجة كل بلد”. ولكي تنبع الإصلاحات المفترضة من الداخل، وقياساً على موقف الراعي من “إصلاحات” النظام السوري، يجب أن تقوم على “الحوار” دائماً بحسب وصفة الراعي، والحوار هنا في لبنان يحتاج إلى طرفين، أحدهما كما يعلم الراعي جيداً مسلّح، وهو يتصرّف كما لو أن الدعوة إلى الحياد ممكنة حينما تأتي من اجتماع فولكلوري لمن سماهم الراعي “ممثلي الطوائف من السنّة والشيعة والدروز” في بكركي. وهذه مكابرة يذهب إليها الراعي، كما لو أن رجل الدين الشيعي الذي حضر إلى بكركي عضو مجلس شورى في “حزب الله”، وحضر إلى الصرح البطريركي بعد تنسيق مع “الثنائي الشيعي” لدعم البطريرك في دعوته إلى الحياد، وإلى التدخل الدولي لحل الأزمة اللبنانية. إلا إذا كان الراعي قد ظنّ أن من رفع الصوت والسقف للمطالبة بتدخل أممي تحت “الفصل السابع”، وهو النائب في كتلة الرئيس نبيه بري أنور الخليل، حاضر في الصف الأول أمامه وهو يلقي خطابه بالجموع. 

ولا ينطوي تصريحا البطريرك في سوريا (عام 2013) وفي بكركي (عام 2021) على تناقض فقط، بل ينطويان على لا معقولية واستحالة تطبيقية في الحالتين. فهو كان يعلم جيداً حينما قال ما قاله في سوريا، أن النظام السوري لن يذهب إلى إصلاحات مستندة إلى الحوار، وأن اللغة الوحيدة التي يجيدها النظام السوري هي لغة القمع والبراميل. وهو يعرف جيداً اليوم حينما يطلق تصريحاته من بكركي أن الرعاية الدولية لم تغير قيد أنملة في موازين القوى الداخلية وفي سيطرة “حزب الله” على المفاصل الأساسية في البلاد، من الأمن إلى المعابر والسياسة وحتى “حرية التعبير”. وهو في الآن عينه يطلب من المجتمع الدولي تنفيذ جميع القرارات الدولية المعنية بلبنان، وهذا بوضوح يعني، واقعياً، مواجهة عسكرية أممية مع “حزب الله” والمحور الذي ينتمي إليه، وهذا بحد ذاته ذهاب بلبنان تحت شعار الحياد، اللاحيادي، إلى الغطس في مستنقع الصراعات الإقليمية والدولية، أي دعوة، تحت هذا الشعار، إلى تحويل لبنان ساحةً، وتطبيق شعار “لبنان جسر تواصل بين الشرق والغرب”، حرفياً، بحيث يدوس الجميع، من الشرق والغرب، بأقدامهم، وبكامل قواهم، على الجسر الهشّ، ليسقطوه. 

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.