fbpx

6 قتلى وعشرات الجرحى: ثالث محافظ تُسقطه الناصرية منذ تشرين 2019 بالدم!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تظاهرات الناصرية هذه انطلقت من مطالب خدماتية محلية تهدف الى تحسين واقع مدينتهم، خصوصاً ان الأحزاب السياسية التقليدية والنافذة هي التي عينت لهم المحافظ الذي قصّر بمهامه ولم يقدم شيئاً يذكر لمدينتهم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يجلس عبد مهدي، الرجل الستيني، بجوار ابنه حيدر المقتول والمسجّى داخل تابوت خشبي وهو يكفكف دموعه نادباً على ولده العشريني الذي خرج مع أترابه من شباب الناصرية مطالبين بتغيير محافظ مدينتهم، فاصطدموا مع الأجهزة الأمنية التي قامت بإطلاق الرصاص الحي عليهم ما أدى إلى مقتل حيدر مع ستة آخرين.

سبعة أيام من التظاهرات في الناصرية انطلقت في الثاني والعشرين من شباط/ فبراير لتعود معها من جديد موجة احتجاج وصدامات عنيفة مع القوات الأمنية كانت حصيلتها حتى الآن ستة قتلى 6 قتلى و165 جريحاً، وهي الثمن الذي دفعه أبناء المدينة من أجل تغيير المحافظ الذي جيء به عبر محاصصة سياسية. تعاطف مع هذه التظاهرات مسؤولون حكوميون ومنظمة العفو الدولية وسفارات أجنبية مما أجبر حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الى اعفاء محافظ الناصرية ناظم الوائلي وتكليف رئيس جهاز الأمن الوطني لإدارة ملف المحافظة بشكل مؤقت، وبهذا التغيير تعتبر الناصرية مركز محافظة ذي قار المدينة الوحيدة من بين مدن العراق التي تناوب عليها أربعة محافظين حتى الان و ثمانية قادة شرطة برتب رفيعة منذ اندلاع احتجاجات تشرين 2019.

عبد مهدي يقول ان ولده قتل خلال التظاهرات التي احتشدت قرب ديوان المحافظة في الناصرية مطالبة بالإصلاح وتغيير واقع المدينة التي عانت من مشاكل كثيرة.

تظاهرات الناصرية هذه انطلقت من مطالب خدماتية محلية تهدف الى تحسين واقع مدينتهم، خصوصاً ان الأحزاب السياسية التقليدية والنافذة هي التي عينت لهم المحافظ الذي قصّر بمهامه ولم يقدم شيئاً يذكر لمدينتهم.

المتظاهر ناطق الخفاجي يقول ان ما يحصل في مدينة الناصرية هو نتيجة هيمنة وسيطرة الأحزاب الحاكمة، التي  “عملت على زرع أشخاص مندسين لزرع الفوضى بين المحتجين السلميين وافتعال حالة الصدام مع القوات الأمنية لتكون هذه النتيجة من القتلى والجرحى”.

التظاهرات الأخيرة بحسب  الناشط محمد ياسر تأثرت بثلاثة عوامل أساسية “أولها اصرار المتظاهرين السلميين المطالبين بالإصلاح وتغيير المحافظ، وثانيها شخصيات تابعة لأحزاب سياسية تبحث عن مصالحها الشخصية وعملت على الاثارة خصوصا بعد الإعلان عن الموازنة المالية المخصصة لهذه المدينة والتي بلغت ترليون و300 مليون دينار عراقي(حوالي 900 مليون دولار أميركي)، وثالثها اختراق الأجهزة الأمنية من مجاميع مليشاوية تعمل لخلق الفوضى”.

هذه العوامل، يتابع ياسر، تسببت بزيادة العنف وراح ضحيتها قتلى وجرحى على الرغم من ان المتظاهرين السلميين شخّصوا الخلل الإداري للمحافظ منذ اشهر، لكن احداً لم يسمع مطالبهم، إلى أن وصلنا إلى ما حدث.

إقرأوا أيضاً:

أسبوع الصدامات هذا أثار موجة غضب واسعة في ساحات احتجاج المدن العراقية، اذ توجه متظاهرو اغلب محافظات الوسط نحو التصعيد وقطع الطرق تضامنا مع الناصرية بعد قمع محتجيها.

منظمة العفو الدولية اصدرت بياناً نشرته عبر حسابها على تويتر اكدت فيه أن الناصرية تشهد قمعاً عنيفا للاحتجاجات أدت الى مقتل وجرح المتظاهرين وانها وثقت اعمال القتل باستخدام الرصاص الحي.

السفارة الامريكية في العراق أدانت من جانبها عمليات قمع المتظاهرين التي تسببت بإزهاق أرواح عدد منهم وإصابة المئات على حد وصفها، فيما أعرب السفير البريطاني في العراق ستيفن هيكي عن قلقه من العنف المتصاعد بحسب قوله، مؤكداً أن “لا مبرر لاستخدام الرصاص الحي”.

الحكومة العراقية وبعد انفلات الأمور ارسلت وفداً إلى المحافظة في اليوم الثالث لاندلاع التظاهرات، ترأسه وزير الداخلية عثمان الغانمي يرافقه رئيس جهاز الأمن الوطني عبد الغني الاسدي، واجتمع الوفد بشيوخ عشائرها وقادتها الأمنيين وعدد من المتظاهرين من دون التوصّل الى حلول واقعية، وبعد يومين أصدر الكاظمي أمرا بانهاء تكليف ناظم الوائلي محافظا لذي قار وايكال مهمة إدارة المحافظة لرئيس جهاز الأمني الوطني عبد الغني الاسدي وتشكيل مجلس استشاري مكون من تسعة أفراد للاشراف على المشاريع الخدمية العالقة.

الاسدي رئيس جهاز الأمن الوطني في العراق حاليا وكان قد شغل منصب قائد جهاز مكافحة الارهاب خلال معارك التحرير حاصل على رتبة عسكرية رفيعة، وقد جرى رفض تعيينه من قبل المتظاهرين لانه كان مشاركاً في خلية الأزمة التي حضرت إلى الناصرية بعد اعتداء ميليشيات الصدر على المتظاهرين ما ادى إلى مقتل عشرة متظاهرين وسقوط ما يزيد على تسعين جريحاً، وحرق وتجريف الخيام في ساحة الحبوبي، ولم تخرج الخلية في ذلك الوقت باية نتائج مرضية، على صعيد محاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين وتقديمهم للعدالة.


“لا مبرر لاستخدام الرصاص الحي”.


ياسر البراك وهو أستاذ في جامعة ذي قار، يقول إن خلية الازمة بدل ان تلاحق من قتل المتظاهرين، قامت بملاحقة المتظاهرين بتهم كيدية عبر استهداف منازلهم بعبوات ناسفة، من دون ان تحرك القوى الأمنية ساكناً. أما حسين كريم، وهو ناشط في حراك الناصرية، فرأى في تعيين الأسدي خطوة باتجاه فرض قيادة عسكرية على المدينة، “وهو ما لا يمكننا قبوله لأن المدن الثائرة و الصاخبة والمتمردة كالناصرية، لا يمكن أن تدار بعقلية عسكرية تميل الى حسم الأمور بالقوة والعنف، ولهذا من الأفضل تعيين محافظ مدني يحتوي الاحتجاجات عبر طرح البرامج الاقتصادية ومعالجة الخلل وتأمين متطلبات الحياة للمواطنين”.

المحافظ المقال ناظم الوائلي كان “مسنوداً”، بحسب ناشطين، من كتلة “سائرون” وهو الجناح السياسي لمقتدى الصدر، وهذا التغيير فتح الباب أمام بعض المحافظات للتجرؤ على أحزاب السلطة للمطالبة بتغير ادارتها المحلية ومنها مدينة الديوانية التي بدأت بخطوات تصعيدية  عبر حرق الإطارات أمام مبنى المحافظة.

الكاتب محمد هاشم يرى أن الحراك الاحتجاجي الأخير أحرج الكتل السياسية امام الشباب الذي يطالب بالتغيير بصدور عارية، بمواجهة الرصاص الحي، ووضعها في زاوية لا مفر منها يضطر معها نواب المنطقة إلى الطلب من رئيس الوزراء اختيار محافظ أصيل لهذه المحافظة يتناسب ومطالب شبابها.

المتظاهرون اعلنوا عن ايقاف تظاهراتهم لأيام للسماح بإجراء تغييرات، وأعلنوا في تجمع عقد وسط مدينة الناصرية عن طرح ستة أسماء يترك فيها الخيار لرئيس الوزراء لاختيار احدها لشغل منصب المحافظ، الأسماء التي طرحها المتظاهرون “مستقلة ومناسبة لهذا المنصب”، وإذا لم يأخذ رئيس الوزراء بمطالبهم، سوف يعودون للتظاهر من جديد.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.