fbpx

ماذا حدث للإعلام الموالي لعلي عبدالله صالح بعد موته؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كان علي عبد الله صالح يعرف جيداً أن الإعلام هو جزء لا يتجزأ من عتاده وأسلحته في الحرب ضد أي عدو، وهنا نقصد الحوثيين. لكن ماذا حدث بالضبط للإعلام الممول والموالي لصالح بعد مقتله؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مساء السبت الثاني من شهر كانون الأول/ديسمبر 2017، أي قبل يومين فقط من مقتله، ظهر الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح في لقاء  على قناة “اليمن اليوم” التي يمولها، وهي موالية له ولحزبه السياسي “المؤتمر الشعبي العام”. أعلن في اللقاء انشقاق تحالفه مع الحوثيين ورغبته في بدء صفحة جديدة مع المملكة العربية السعودية. لم تكن تلك لحظة سياسية بارزة وحسب، بل كانت أيضاً لحظة إعلامية مهمة، إذ تضمنت إعلاناً ضمنياً للانشقاق الإعلامي بين الطرفين.

ظهر صالح في اللقاء وألقى الخبر بنفسه، فكان هو الخبر وناقله (أي المراسل) في الوقت ذاته، حتى لا يترك أي مجال للشك في الخبر وسط هشاشة صدقية الإعلام اليمني عموماً. كانت لحظة مشابهة لليوم الذي قام صالح نفسه بدور المراسل مع بداية الحرب في أيار/مايو 2015 عندما نقل بنفسه خبر قصف بيته، وهو يحمل الميكروفون أمام الكاميرا، من أمام بيته المهدّم في صنعاء بعد قصف التحالف العربي بقيادة السعودية.  

دور الإعلامي الذي تقمّصه صالح يعكس مدى غياب الوسائل الإعلامية ذات الصدقية والقبول والثقة عند الجمهور، ويدل على مدى تسيّس الإعلام في اليمن. فمنذ بداية التحالف السياسي والعسكري بين صالح والحوثيين في نهاية 2014، عمل هذا التحالف على إدماج شكل التغطية الإعلامية لأخبار الحرب، وعمل الحوثي بشكل رئيسي على السيطرة على كل الوسائل الإعلامية الأخرى في شمال اليمن، وسحق كل إعلام معارض. وبذلك لم يتبقَّ في الشمال سوى إعلام يسيطر عليه الحوثي وصالح. لكن فور مقتل الأخير على يد الحوثيين انقلب هؤلاء على وسائل الإعلام الموالية والممولة من قبل صالح وأصبح اعلام صالح آخر ضحايا الانتهاكات الجسيمة ضد حرية الصحافة في اليمن.

ما حدث للإعلام الموالي لصالح هو جزء بسيط فقط لواقع الإعلام اليمني المأسوي

 

بدأت اللعبة الخطرة في التحالف الإعلامي بين صالح والحوثي مع اجتياح الحوثي صنعاء في منتصف 2014، عندما قامت قوات خاصة بالرئيس عبدربه منصور هادي بالاعتداء على قناة صالح وذلك لهدف غير معلن وقتها، وهو إخماد ذاك التحالف الإعلامي بين صالح والحوثي الذي شكل تهديداً لسلطة هادي، الذي لم يكن له أي وسيلة إعلامية خاصة آنذاك. يبدو أن أكثر ما أزعج هادي هو التغطية الإعلامية المستمرة من قبل تلفزيون صالح للتظاهرات التي قادتها جماعة الحوثي، وإتاحتها الوقت والمساحة لظهور خطابات قائد الحوثيين عبدالملك الحوثي.

وتوضح بعدها شكل الحرب على الإعلام في اليمن ومن عدو من ومن حليف من. أتت الشهور التالية وتبلورت أكثر التحالفات بين صالح والحوثي، وهادي والتحالف العربي بقيادة السعودية، وتوطد العداء بين الجبهتين. ظهر تيار إعلامي ممنهج للحوثيين، سمي من بداية الحرب الإعلام الحربي، الذي يغلب عليه نشر أخبار صفوف القتال لدى الحوثيين وتقارير صادرة عن التحالف بين صالح والحوثي. وفي هذه الأثناء، كان إعلام صالح يعمل على نشر أخباره وحزبه وتحالفه مع الحوثيين. انعكس كل ذلك على المتلقي في شمال اليمن إذ إن الخبر كان يصله مسيساً ومن وجهة نظر التحالف بين صالح والحوثي.

اقرأ أيضاً: الطفلة شيماء: مأساة أطفال اليمن

كان الإعلام في بداية التحالف بين صالح والحوثيين يمجد دور التحالف وليس دور كل طرف في معطيات المرحلة. كان دور كل من إعلام صالح وإعلام الحوثي هو التغطية الإعلامية لجرائم الحرب من قبل غارات السعودية ونشر الأخبار عن دور قواتهم في القتال. بعد تشكيل المجلس السياسي الأعلى في تموز/يوليو 2016 بين الطرفين وإبراز التحالف بين صالح والحوثي بشكل أكبر، أصبحت العلاقة الإعلامية وطيدة بين إعلام صالح والحوثي، لمدة عام ونصف العام.

ظهور  صالح في اللقاء  قبيل مقتله لم يكن نقطة انطلاق الانشقاق الإعلامي بين الطرفين. مرّ التحالف بين صالح والحوثي في الأشهر الستة الأخيرة قبل مقتل صالح بفتور ثم بمدّ وجزر، حتى أدى كل ذلك إلى النهاية. فخلال هذه الفترة من عمر التحالف، قام الحوثي بعدد من المضايقات ضد قوات صالح وأظهر جشعاً وأطماعاً أكبر مما كان اتفق عليه مع صالح. فمثلاً أراد الحوثيون السيطرة على نقاط عسكرية أكثر في نطاق سيطرة قوات صالح، وبعدها أرادوا ايضاً أن يسيطروا على مسجد صالح الضخم في وسط صنعاء، فأقدموا على قتل بعض من الأفراد المقربين للرئيس السابق خلال الصدامات التي كانت تحدث بين فريق صالح والحوثي. ولا بد من الإشارة إلى أن علي عبدالله صالح أبدى صبراً تجاه تلك المضايقات وحاول ألا يصعد الموقف فآثر السكوت في مواقف مستفزة كثيرة. الأمر الذي انعكس على طبيعة التغطية الإعلامية للإعلام الموالي له.

مقتل صالح كان بمثابة زلزال سياسي ترك فراغاً سياسياً وإعلامياً

 

كانت الأمور السياسية والعسكرية بين الطرفين تذهب في طريق وعر، فأثّر كل ذلك في التحالف الإعلامي. وحان الوقت للانفصال الإعلامي متى ما قرر صالح أن التحالف العسكري والسياسي بين الطرفين انتهى. بطبيعة الحال، من المستحيل استمرار أي تحالف إعلامي مع انتهاء التحالف العسكري والسياسي. كان صالح يعرف جيداً أن الإعلام هو جزء لا يتجزأ من عتاده وأسلحته في الحرب ضد أي عدو، وهنا نقصد الحوثيين.  

لكن ماذا حدث بالضبط للإعلام الممول والموالي لصالح بعد مقتله؟ بالتزامن مع المواجهات المسلحة بين الطرفين قُبيل مقتل صالح بيوم، اقتحم عناصر من جماعة الحوثي مبنى قناة وصحيفة “اليمن الْيَوْمَ” واعتقلوا عشرات العاملين فيها واحتجزوهم رهائن  لأيام عدة، وتم الإفراج عنهم بحسب التقارير غير المؤكدة بعد ضغط محلي ودولي كبير. في هذه الأثناء، توقفت كل الوسائل الإعلامية الموالية لصالح، واتسمت هذه الفترة بحال من الرعب والخوف في أوساط الإعلاميين والرأي العام في المنطقة الشمالية لليمن التي يسيطر عليها الحوثيون. بحسب روايات الأهل والأصدقاء، شهدت تلك الفترة إعدامات ميدانية لشخصيات كثيرة موالية لصالح والمؤتمر الشعبي العام. شدد الحوثيون سيطرتهم على الإعلام المرئي والمقروء، وحجبوا أيضاً مواقع التواصل الاجتماعي لأيام. كل ذلك كان لتحقيق تعتيم إعلامي يعزل اليمن عن العالم ويمنع المواطنين من معرفة ما يحدث بالضبط وفهمه.

وبعد أن هدأت الأمور قليلاً وانقشع الغبار، ظهر انقسام داخل الإعلام الموالي لصالح. جزء منه أظهر وفاء له وهرب إما إلى جنوب اليمن أو الى دول عربية مجاورة وواصل عمله الإعلامي مركزاً على نشر جرائم الحرب التي تمارسها جماعة الحوثي، والجزء الآخر تغاضى عن جريمة مقتل صالح وبقي في صنعاء يعمل مع جماعة الحوثي ضد التحالف العربي بقيادة السعودية. فأصبحت “الْيَمن اليوم” منقسمة بين جزء موالٍ لصالح بطاقم يعمل من القاهرة وجزء موال للحوثيين بطاقم يعمل من صنعاء. في حديث لي مع صحافي موالٍ لصالح، لم يعلن اسمه حفاظاً على سلامته، أخبرني كيف أنه اضطر إلى الهرب من صنعاء نحو عدن حتى لا يعمل تحت سيطرة الحوثيين وكيف أن من بقوا في صنعاء يعملون مع الحوثيين خوفاً من قمعهم وإرهابهم.

ما حدث للإعلام الموالي لصالح هو جزء بسيط فقط لواقع الإعلام اليمني المأسوي. مقتل صالح كان بمثابة زلزال سياسي ترك فراغاً سياسياً وإعلامياً أيضاً، فالانقسام وسط إعلام صالح لم يتداركه بعد حزب صالح “المؤتمر الشعبي العام” والزعامات التي تريد أن تواصل مسيرته، كابنه أحمد صالح وابن اخيه طارق صالح..

في مناخ إعلامي تنعدم فيه الصدقية، خسر الإعلام الحزبي في اليمن قائداً كان يحب دور المراسل أحياناً.

اقرأ أيضاً: الحديدة: طريق التحالف إلى صنعاء أم طريق الإمارات الى البحر؟

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 27.03.2024

“بنك عودة” في قبضة الرقابة السويسرية… فما هو مصدر الـ 20 مليون دولار التي وفّرها في سويسرا؟

في الوقت الذي لم ينكشف فيه اسم السياسي الذي قام بتحويل مالي مشبوه إلى حساب مسؤول لبناني رفيع المستوى، والذي امتنع بنك عودة سويسرا عن ابلاغ "مكتب الإبلاغ عن غسيل الأموال" عنه، وهو ما ذكره بيان هيئة الرقابة على سوق المال في سويسرا "فينما" (FINMA)، تساءل خبراء عن مصدر أكثر من 20 مليون دولار التي…