fbpx

“خطفوهم ليساوموني”…
معارضون مصريون بالخارج مهددون بأمن عائلاتهم بالداخل

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“الإجراءات التي يتخذها الأمن غير قانونية ومتعسفة، والإرهاب النفسي الممارس ضد أسرتي يتناقض مع الحقوق الدستورية التي كفلها القانون والدستور…”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“ضباط مباحث الأمن الوطني اقتحموا منزل عائلتي فجراً، أحدثوا ثقباً في باب المنزل الخشبي كي يتمكنوا من الدخول، لم يفكروا في قرع جرس الباب حتى يتمكنوا من الدخول، فتشوا كل سنتيمتر في البيت، كسروا الخزانة واقتلعوا أبوابها وألقوا بجميع محتوياتها على الأرض، دمروا محتويات المنزل وسرقوا كل نفيس وثمين داخله، اختطفوا والدي وزوج عمتي وابن عمي وعمي، كل ده بيحصل لأن واحد من عيلتهم بيعمل فيديوات بيعارض فيها سياسات النظام الحاكم داخل مصر”. 

فوجئء المهندس المصري المقيم في الولايات المتحدة الأميركية علي حسين مهدي بما حصل لعائلته في مصر، إذ اقتُحم في شهر شباط/ فبراير الماضي منزل أسرته وقُبض على 4 أفراد من العائلة بسبب نشاطه السياسي المعارض للنظام المصري في أميركا. 

علي حسين مهدي

تعيش أسرة علي حالة خوف وفزع من القبض على أشخاص آخرين، فوالده كان يمضي فترة نقاهة من عملية جراحية أجراها في قدمه، وكان بانتظار إجراء جراحة ثانية، ولم تشفع له حالته الصحية عند ضباط الأمن. وفور علم عمه بحملة القبض تلك هرب من المنزل وتوقف عن الذهاب إلى المستشفى لتلقي جرعات العلاج من السرطان، خوفاً من الاعتقال، قبل أن يتمكن الأمن فعلياً من القبض عليه، أما ابن عم علي فقُبض عليه أثناء في أحد المقاهي حيث كان يشاهد مباراة كرة قدم، واقتحم الأمن منزل عمة علي وحطموه بالكامل كما فعلوا مع منزله، وفقاً لعلي. 

اقتحام منازل المعارضين والمطلوبين فجراً للتفتيش أو القبض عليهم إجراء متبع ومعهود لمباحث الأمن الوطني بمسمياته المختلفة.

يقول علي: “أخوتي الصغار بيصحوا مفزوعين ليلاً عند سماع أي طرق أو صوت عالي ليلاً”، علاوة على معاناة الأسرة من سرقة محتويات ثمينة من منزلهم. 

تواصل الأمن مع علي وطالبه بالصمت ووقف حملة الانتقادات التي يقودها ضد النظام المصري من الخارج، مقابل الإفراج عن أفراد عائلته وعدم اعتقال المزيد منهم، وطالب أفراد عائلته الذين لم يُقبض عليهم بعد، بإجباره على الصمت حتى لا يمتد الأذى إلى أفراد العائلة الآخرين.

اقتحام منازل المعارضين والمطلوبين فجراً للتفتيش أو القبض عليهم إجراء متبع ومعهود لمباحث الأمن الوطني بمسمياته المختلفة.

ويصور علي وهو مهندس ميكانيك مصري وطالب ماجستير بجامعة إلينوي في شيكاغو في الولايات المتحدة الأميركية، فيديوات تبرز الانتهاكات والقرارات المتعسفة التي يتخذها النظام الحاكم ضد الشعب المصري، وينتقد سياساته الداخلية والخارجية بجميع المجالات، ويحرص خلال فيديواته على دعوة الشعب إلى التمرد على القوانين والقرارات الحكومية وإحياء ذكرى ثورة 25 يناير.

يقول علي: “الأمن اختطف والدي وعمي وابن عمي وزوج عمتي، إحنا منعرفش هما فين دلوقت ولا بيحصل معاهم إيه، كلهم بياخدوا أدوية وعلاج ومش عارفين نوصلهم علشان نديهم أدويتهم وعلاجهم، عيلتي مش مصدر تهديد لأي حد، محدش منهم بيفهم في السياسة، هما خطفوهم علشان يساوموني عليهم، لكن أنا مش هسكت وهكمل الطريق اللي أنا ماشي فيه، لأني حتى لو سكت الأمن مش هيفرج عن أهلي”. 

نهج دائم

علي ليس المعارض السياسي الأول الذي يقبض الأمن على أفراد من عائلته، إذ بات هذا الأمر نهجاً يتبعه الأمن المصري لمساومة المعارضين للنظام المصري في الخارج على صحة أفراد عائلاتهم في الداخل وسلامتهم، فخلال الفترة الأخيرة استهدف الأمن أسر بعض المعارضين في الخارج وعلى رأسهم الحقوقي المصري محمد سلطان مدير المنظمة الحقوقية المستقلة (مقيم في أميركا)، والناشط السياسي والأكاديمي تقادم الخطيب المقيم في ألمانيا، وشريف منصور منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحافيين (مقيم في واشنطن)، والناشطة السياسية منى الشاذلي (مقيمة في مدينة برمنغهام)، إضافة إلى آخرين. 

استهداف أسرة الحقوقي محمد سلطان 

10 شباط/ فبراير الماضي، داهم الأمن منازل 6 من أقارب الحقوقي محمد سلطان، المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، مدير المنظمة الحقوقية المستقلة، ونقلت “هيومان رايتس ووتش” عن سلطان أن عناصر الأمن اعتقلوا 2 من أبناء عمومته، هما مصطفى سلطان وخيري سلطان، من منزليهما في محافظة المنوفية، وقالت المنظمة إن “السلطات اعتقلت قريباً ثالثاً لسلطان هو محمود يسري النجار، وأمرت ابن عم آخر لسلطان بتسليم نفسه بمجرد إزالة الجبيرة عن رجله المكسورة، وتزامن اقتحام قوات الأمن للمنزل في وقت لم يكن 3 من أبناء عمومته في المنزل، وقيل لعائلاتهم إنهم مطلوبون من قبل الأمن الوطني. وأضافت المنظمة أن الأمن استجوب المعتقلين بشكل رئيسي بشأن محمد سلطان وأنشطته، وأفرج عن مصطفى وخيري بعد استجوابهما، في 17 شباط. 

عملاء المخابرات المصرية في واشنطن تعمدوا مضايقة سلطان والاصطدام به في المركز التجاري المحلي، وهددوه خلال مكالمات هاتفية بأن عليه توخي الحذر لمصلحة والده. 

هذه ليست المرة الأولى التي يعتقل فيها الأمن أقارب لسلطان، ففي حزيران/ يونيو 2020 اعتقل الأمن 5 من أبناء عمومة سلطان الستة المستهدفين، واحتجزهم من دون محاكمة حتى أُفرج عنهم قبل وقت قصير من إعلان فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني/ نوفمبر، وقد أخفت السلطات صلاح سلطان، والد سلطان (المسجون أصلاً)، في 15 حزيران 2020، إذ اصطحبه عناصر أمن من سجن وادي النطرون إلى جهة مجهولة، ومنذ ذاك الحين، ترفض السلطات تزويد أسرته ومحاميه بمعلومات عن مكانه.

وذكرت “هيومن رايتس ووتش” أن عملاء المخابرات المصرية في واشنطن تعمدوا مضايقة سلطان والاصطدام به في المركز التجاري المحلي، خلال فعالية مناصرة لمبادرة الحرية، آذار/ مارس 2019، وهددوه خلال مكالمات هاتفية بأن عليه توخي الحذر لمصلحة والده. 

تأتي الحملة بعدما علقت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن طلباً للحكومة المصرية بشأن تحصين رئيس الوزراء الأسبق حازم الببلاوي، في قضية تعذيب الناشط الحقوقي محمد سلطان المرفوعة ضده بواشنطن. تعود تفاصيل الواقعة عندما قُبض على سلطان في آب/ أغسطس 2013 واتُهم بارتكاب جرائم، من بينها نشر معلومات كاذبة قبل إطلاق سراحه عام 2015، ويدعم سلطان أيضاً تأسيس “تجمع حقوق الإنسان في مصر” في مجلس النواب الأميركي.

إقرأوا أيضاً:

منظمات حقوقية: القبض على عائلات 7 معارضين في الخارج خلال 6 أشهر 

أصدرت 22 منظمة حقوقية محلية ودولية بياناً أدانت فيه ممارسات الأمن التي تستهدف عائلات النشطاء والحقوقيين المقيمين في الخارج، وذكر البيان أنه منذ آب 2020، استهدفت السلطات المصرية عائلات 7 معارضين: 4 يعيشون في الولايات المتحدة الأميركية، وعائلة معارض واحد في كل من تركيا، ألمانيا، والمملكة المتحدة، موضحة أن هذه الحالات ضمن عشرات أخرى تم الإبلاغ عنها خلال السنوات الأخيرة، تعكس محاولة السلطات المصرية ترهيب المنتقدين والمعارضين بمداهمات غير قانونية لمنازل عائلاتهم، والاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري والاحتجاز المطول لأفراد أسرهم دون محاكمة أو توجيه اتهامات.

وقد لاقت عائلة منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحافيين، شريف منصور (مقيم في أميركا) المصير ذاته، فقد اعتقلت قوات الأمن 9 من أفراد عائلته في 22 آب 2020، أطلِق سراح 8 منهم بعد فترة وجيزة من استجوابهم بشأنه هو ووالده، الدكتور أحمد صبحي منصور أستاذ التاريخ المتقاعد المقيم في الولايات المتحدة وهو شخصية بارزة في المذهب القرآني.

ووفقاً لمنصور، فإن السلطات أخفت قسراً رضا عبدالرحمن ابن عم شريف منصور، لأكثر من 44 يوماً قبل عرضه على نيابة أمن الدولة في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، حين اتهمته النيابة بالانضمام إلى منظمة إرهابية، وظل حتى الآن قيد الحبس الاحتياطي.

وقال منصور إنه لم يُسمح للمحامين إلا بقراءة مزاعم النيابة، من دون الحصول على نسخة منها، وقد زعمت النيابة أن منصور ووالده عضوان في المنظمة الإرهابية نفسها التي لم تتم تسميتها.

تقادم الخطيب 

في 10 شباط الماضي، اقتحمت قوات أمن الدولة في محافظة الأقصر منزل أسرة الأكاديمي والناشط السياسي تقادم الخطيب، وقال تقادم إن عناصر الأمن فتشوا المنزل بقوة واستجوبوا والديه المسنين بشأن أنشطته، وصادروا هاتف والده ووثائق من المنزل، إضافة إلى أوراقهم الثبوتية، وصور شخصية لتقادم.

تقادم الخطيب

وأضاف تقادم، على حسابه على “فايسبوك”، أن الأمن وجه عدداً من الأسئلة لوالده حول مكان وجوده وطبيعة عمله، ومكان عمله وإقامته، وكيف يتواصل مع الأسرة، وهل يرسل لهم أموالاً أم لا وبعض الأسئلة الأخرى. وتابع: “الإجراءات التي يتخذها الأمن غير قانونية ومتعسفة، والإرهاب النفسي الممارس ضد أسرتي يتناقض مع الحقوق الدستورية التي كفلها القانون والدستور، وأنا أحمل وزارة الداخلية سلامة أهلي الشخصية، إنهم كبار في السن ويعانون من أمراض مختلفة وليس لهم أي توجهات أو ميول سياسية”. 

يأتي هذا بعد سلسلة حلقات نشرها تقادم (عضو الجمعية الوطنية للتغيير أبرز الحركات السياسية أواخر عهد مبارك وتولت التفاوض مع الجهات الرسمية بعد اندلاع ثورة يناير)، تحكي رؤيته وشهادته حول ثورة يناير، والتي كشفت مواقف القوى السياسية المختلفة ونظام مبارك وعمر سليمان وجهاز المخابرات العامة وجماعة الإخوان المسلمين، وعدد كبير من الشخصيات العامة والسياسية من ثورة 25 يناير، وكان له دور كبير في الحصول على وثائق تثبت مصرية جزيرتي تيران وصنافير اللتين تنازلت عنهما مصر لصالح السعودية، وساعد فريق الدفاع في الوصول إلى هذه الوثائق من مكتبة برلين. 

ورقة ضغط 

يقول المحامي الحقوقي ياسر سعد، إن هناك مخاوف كبيرة لدى السلطات المصرية بشأن ملف حقوق الإنسان، بخاصة بعد تولي الرئيس الأميركي جو بايدن مقاليد الحكم، بسبب اهتمام إدارته بملف حقوق الإنسان حول العالم، والانتهاكات المستمرة التي ترتكبها الحكومة المصرية في هذا الشأن تحديداً، زاد من مخاوفها الموقف الأخير من البرلمان الأوروبي واتجاه دول الاتحاد الأوروبي إلى مراجعة سياساتها مع الحكومة المصرية، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في الداخل.

وأضاف سعد أن النشطاء المصريين في الخارج لهم صوت كبير ودور فعال في تعريف المنظمات الحقوقية والإعلام الغربي والسياسيين بطبيعة الأوضاع في الداخل، لذلك تسعى الحكومة إلى كتم أصواتهم ووأد أي محاولات للتعريف بطبيعة الأوضاع في الداخل، ولا تجد السلطات لها سبيلاً لتحقيق ذلك إلا بالمساومة على أمن العائلات في الداخل، “في النهاية لا ذنب للعائلات بممارسات بعض أفرادها، لكن عقلية رجل الأمن لا تتجه إلى هذا المنطق”. 

منذ آب 2020، استهدفت السلطات المصرية عائلات 7 معارضين: 4 يعيشون في الولايات المتحدة الأميركية، وعائلة معارض واحد في كل من تركيا، ألمانيا، والمملكة المتحدة

منى الشاذلي 

قالت الناشطة السياسية منى الشاذلي (تقيم في بريطانيا)، إن عناصر الأمن الوطني المصري اعتقلوا شقيقيها، في آب الماضي، بعدما داهموا منزلَيْ شقيقيها عيد وحسن في الإسكندرية، وأخفوهما قسرًا لـ3 أيام قبل أن يظهرا في 25 آب أمام نيابة أمن الدولة، وأكدت أن السلطات احتجزت عيد وحسن في مكان غير معلوم لمدة شهر آخر ثم نقلتهما إلى سجن طرة، وهما محتجزان بدون محاكمة حتى الآن، وفقاً لـ”هيومن رايتس ووتش”. 

ووجه المهندس علي حسين مهدي، رسالة لعائلته وأسرته: “أنا لست المُلام، لوموا من يمارس الاعتقال والاضطهاد والتنكيل كل يوم، أنا في الآخر بطلع أقول كلمتين، مش معقول كلامي بيهدد الظام والدولة”.

وتابع: “أنا نفسي آجي مصر أعيش واتكلم براحتي، لكن مش هعرف، أنا بحب بلدي ونفسي الأوضاع فيها تتحسن، أنا مش حابب أكمل عمري كله عايش برة، الغربة صعبة وسيئة جداً ومش حلوة، إحنا بنقعد نعد أيامنا يوم ورا يوم ورا يوم”.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.