fbpx

في عالم آخر: المرأة اللبنانية تربح قضية التمييز الديني

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كنساء، لم نعد نستطيع أن نعتمد على تعاطف قاضٍ أو اهتمامه، على نفسية الزوج أو أخلاقه، أو على تعاطف الرأي العام للحصول على حقوقنا الأساسية…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“الجعفري، الشريعة، المسيحية، الدرزية. تتحكم بي 15 محكمة قانونية. تنبذني 18 طائفة”، هذه كلمات الأغنية All Hail Civilization، “حيوا الحضارة” التي أُطلقت فيما تستمر المحاكم الجعفرية في خذل المرأة اللبنانية. أعادت الأحداث الأخيرة تسليط الضوء على الجانب التمييزي لقوانين الحقبة العثمانية الناظمة للوصاية والنفقة وتقريباً كل جانب من حياة المرأة المطلقة.

في حين يترنح هذا البلد المضطرب على حافة الانفجار الاقتصادي الداخلي والفوضى المطلقة، تعلن الطبيعة الشاملة للأزمة الحالية متعددة الأبعاد عن المزيد من البؤس للمرأة اللبنانية. فيما الجميع يعاني، تتحمل الأم العزباء عبء الإنهيار الاقتصادي غير المسبوق وتواجه لعنة التمييز الممنهج في المحاكم الدينية.

تعود المصاعب الاقتصادية للمرأة اللبنانية إلى عوامل عدة، منها الانخفاض في قيمة العملة المحلية بنسبة 85 في المئة، والتمييز الممنهج في المحاكم الدينية.

كانت وزارة العدل أعلنت راهناً تشكيل لجنة قانونية مهمتها إجراء دراسة وتحضير تقرير يحدد استنتاجاتها المعللة حول سؤالين أساسيين:

إذا اتفق الطرفان على سداد المدفوعات بعملة أجنبية، هل يحق للمدين الدفع بالعملة المحلية؟ هل لسعر الصرف 1507، الذي يطبق الآن فقط على واردات بعض السلع الأساسية، أن يعتبر السعر الرسمي؟ إن لم يكن الحال، فكيف يحدد القضاء سعر الصرف؟

على رغم أن اللجنة أعطيت شهراً لتحقيق مهمتها، إلا أن مجموعة من المشرعين أسرعت بإصدار بيان يوضح أن ليست مهمة القضاء تحديد سعر صرف الدولار. بالتالي لا تستطيع اللجنة أن تقترح قانوناً يسمح للقضاة بأن يتلاعبوا بسعر الصرف. انقضت المهلة المحددة واللجنة لم تصدر أي نتائج بعد.

“انتصار حقوق المرأة في المحكمة”

في حكم شكل سابقة، وقفت دائرة التنفيذ، التي يرأسها القاضي أحمد مزهر، إلى جانب أم عزباء، واضعة المصلحة الفضلى لابنتها أولاً. تصدرت الجملة “انتصار حقوق المرأة في المحكمة” العناوين في البلد على مر أسابيع. ولكن، بدأ كل شيء في شهر تموز/ يوليو 2020، عندما لجأ رجل إلى المحاكم الجعفرية مدعياً أنه لا يستطيع دفع نفقة ابنته بالدولار (200 دولار)- كما تقرر في الحكم الصادر عن المحاكم نفسها عام 2015 بحجة النقص في الدولارات.

رفض الاعتراض، لأنه “عادة ما تتردد المحاكم لتغيير نفقة قائمة إلا في حال كانت الأسباب قاهرة وتم التوصل إلى اتفاق جديد بين الطرفين”. ثم عرض الرجل أن يرفع قيمة النفقة إلى 500000 ليرة لبنانية بدلاً من 300000 ليرة لبنانية، مشدداً على أن زوجته السابقة لا يمكن أن تجبره على الدفع بعملة أجنبية كما لا يمكنها أن ترفض دفعة سددت بالعملة المحلية. ولكن رفضت الأم العزباء العرض وطلبت دولارات في المقابل.

أوامر المحاكم الجعفرية التي تطلب أن يدفع الوالد النفقة هي غالباً مبالغ ضئيلة ولا تعكس الاحتياجات الفعلية للطفل ولا قدرة الوالد المالية.

عندما وصلت القضية إلى القاضي مزهر، شدد على قانون الموجبات والعقود مصرحاً بأن “قيمة العملة تحدد بقدرتها الشرائية”. وبالتالي حكم لمصلحة الأم العزباء وابنتها البالغة 7 سنوات، معطياً الوالد خيارين: إما أن يدفع بالدولار أو أن يدفع بالليرة اللبنانية بحسب السوق الحرة”. “هذه القضية هي واحدة من منازعات كثيرة مماثلة موجودة حالياً في المحاكم والتي تتطلب حلولاً عاجلة، وبإمكان حكم القاضي مزهر أن يشكل سابقة في البلد، حيث تواجه الأم العزباء مشكلات مماثلة”، وفق عليا عواضة المديرة المشاركة لمنظمة “في-مايل”، وهي منظمة غير حكومية نسوية بارزة في لبنان.

حاول “درج” التواصل مع الأم العزباء، لكنها رفضت أن تتكلم معنا. عرفنا من مصدر مقرب من العائلة أن الوالد لجأ إلى محكمة الاستئناف ومُنح وقف تنفيذ. “يعود القرار الآن إلى محكمة الاستئناف للطعن بهذا القرار أو الموافقة عليه”، وفق المحامية أمل حمدان.

إقرأوا أيضاً:

لا مساواة ولا حقوق

في تقرير “حقوق المرأة تحت قانون الأحوال الشخصية اللبناني”، قدّمت منظمة “هيومن رايتس واتش” عام 2015 استعراضاً عاماً لقوانين الأحوال الشخصية التي تسمح بشكل واضح بالتمييز ضد المرأة. كل النساء اللواتي أجرت المنظمة مقابلة معهن، اختبرن نقصاً في المساعدة المادية خلال الإجراءات القانونية. واتفقن جميعاً على أن المحاكم الدينية تفتقر إلى الإشراف والمحاسبة. القضية أعلاه ليست باستثناء. في بيانه الاعتراضي، ادعى الوالد أنه لا يستطيع أن يدفع النفقة بالدولار. لم تحقق المحاكم الجعفرية كثيراً لتدرك أن الوالد يمتلك عمله الخاص في أفريقيا. أوامر المحاكم الجعفرية التي تطلب أن يدفع الوالد النفقة هي غالباً مبالغ ضئيلة ولا تعكس الاحتياجات الفعلية للطفل ولا قدرة الوالد المالية، هذا ما قالته زينة ابراهيم لـ”درج” وهي مؤسسة “منظمة حماية المرأة اللبنانية”. وتوافق ابراهيم على أن التدابير للحؤول دون تأخر الوالد في دفع نفقة أطفاله ضرورية أيضاً. وتضيف أنه “في الكثير من الحالات، تجد الأم العزباء نفسها مجردة من الموارد المالية بعد ترك زوجها، وبالتالي، إنه تقريباً من المستحيل بالنسبة إليها أن تتخذ إجراءات قانونية ضد الوالد الذي يرفض أن يدفع”.

“يقبع الفساد تحت العمامات”

عام 2019، تجمعت أمهات شيعيات أمام المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في بيروت مرددات، “فساد، فساد، إنه يقبع تحت العمامات”. يشجب الشعار مثير الجدل القوانين التي تعطي المحاكم الدينية رأياً حول جوانب كثيرة من حياتهن الشخصية. وتؤكد عواضة أن “على المرأة غالباً أن تلتمس أوامر من المحكمة لتطالب بحقوقها”. تقول إن العوائق القانونية تمنعها من تطبيق حقوقها المحدودة وبالتالي، تقترح القيام بإصلاحات في قوانين الأحوال الشخصية لحماية المرأة ووضع المصلحة الفضلى لأولادها أولاً.

المخرج

تعود المصاعب الاقتصادية للمرأة اللبنانية إلى عوامل عدة، منها الانخفاض في قيمة العملة المحلية بنسبة 85 في المئة، والتمييز الممنهج في المحاكم الدينية. منذ تموز 2020، مضت 9 أشهر، والابنة البالغة سبعة أعوام تنتظر حقها في النفقة. قام القاضي مزهر بأمر صائب في ما يخص تلك المسألة. ولكن، كنساء، لم نعد نستطيع أن نعتمد على تعاطف قاضٍ أو اهتمامه، على نفسية الزوج أو أخلاقه، أو على تعاطف الرأي العام للحصول على حقوقنا الأساسية. لن تمر العاصفة، ولن تنتهي المعاناة حتى نعتمد قانوناً مدنياً يضمن حقوقاً متساوية للبنانيين، بغض النظر عن الجنس أو الدين. جومانة حداد وهي مناصرة بارزة للمرأة لديها تاريخ طويل في إطفاء نيران القمع وانعدام المساواة، قالت لـ”درج”: “فقط عندما نضع حداً لتدخل الدين بالدولة سوف نتغير من مجموعات متفرقة إلى شعب ومن أعضاء في طوائف إلى مواطنين أمام القانون. يبدأ هذا مع قانون أحوال شخصية مدني وتمثيل سياسي على أساس غير طائفي. هذه هي ثورتنا. هذه هي معركتنا”.

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!