fbpx

لبنان في القعر… والرئيس مبتسم لصهره ولمرشده

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

على الرعية أن تقبل بنزوات الصهر، وعليها أن تصبر على الجوع وعلى العتمة وعلى الموت، طالما أن صهر الرئيس غير راضٍ عن حصته. لكن خلف هذا المشهد من يقف متبسماً. خلفه من يشعر أن تفكك لبنان وانهياره وذوائه يلبي حاجة، ويستجيب لتطلب خلف الحدود.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

الدولار يحلق فوق رؤوس اللبنانيين المهشمة، ميشال عون في قصر بعبدا، ونبيه بري في قصر عين التينة فيما سعد الحريري نائم في بيت الوسط. الناس جائعة فيما هؤلاء ينعمون في قصورهم من دون أدنى شعور بأنهم تسببوا بهذه النهاية المأساوية. ميشال عون مستعد لأن يمضي كل عهده من دون تشكيل حكومة. فمن المعروف عن هذا الرجل أنه لا يقيم وزناً لأي اعتبار باستثناء ما يراود مزاجه. لا بأس علينا أن نتعايش مع الكوابيس بانتظار أن تتحقق أمنيات الرئيس القوي. فهو قوي لأن بإمكانه معاينة مشهد جوع “رعيته” من دون أن يرف له جفن. على الرعية أن تقبل بنزوات الصهر، وعليها أن تصبر على الجوع وعلى العتمة وعلى الموت، طالما أن صهر الرئيس غير راضٍ عن حصته.

لكن خلف هذا المشهد من يقف متبسماً. خلفه من يشعر أن تفكك لبنان وانهياره وذوائه يلبي حاجة، ويستجيب لتطلب خلف الحدود. وصاحب الوجه المبتسم رأى بالرئيس وبصهره ترياقاً مناسباً تماماً لشهوة التعطيل. موت اللبنانيين آخر همه، فالموت أصلاً ليس إمارة ردة بحسبه. الموت شأنه وشعيرته، فما الجديد به! وما الفارق أصلاً بين الموت جوعاً أو مرضاً والموت في سبيل الولاية المطلقة الممنوحة من الله وحده إلى ذلك الرجل الملوح بيده من خارج الحدود.

أي نوع من البشر هؤلاء؟ ليسوا لصوصاً وحسب، فاللص يختفي بعد سطوه، وهم يسطون من دون أن يختفوا! وليسوا قتلة، ذاك أن الأخيرين يسعون لتمويه جريمتهم، أما هم فجريمتهم معلنة وهم لا ينكرونها أصلاً. اذاً نحن حيال شيء جديد لا يسعفنا لساننا على صوغ عبارة تناسبه.

الدولار يحلق ولا راد له. الناس تسابقه على أبواب المتاجر. وزير الكهرباء يعدنا بالعتمة الكاملة قريباً جداً، ونقيب الصيادلة يبشر باقتراب نفاد الأدوية. وبينما نصدق أن وزارة الصحة تجري عملية التلقيح ضد كورونا بشيء من الشفافية، يطل صديق ليخبرنا أنه تلقى اللقاح على رغم أن عمره لم يتجاوز الـ57 عاماً! وإذا كان لهذه المشاهد غير المنسجمة أن تلتئم بفكرة أو بانفعال، فهي أننا حيال نهايات وحيال كوابيس تسبقها. فلبنان اليوم سلسلة من الكوابيس، ومن الأصدقاء الساعين للمغادرة من دون أن يتاح لهم ذلك. حلقات السلسلة تبدأ في الصباح وتتكثف في ساعات الظهيرة وتبلغ ذروتها في المساء، حين يكون الدولار قد تخطى نفسه وتخطى الصرافين والتجار والمستوردين، فيما الرئيس يواصل نومه على الكرسي، التي منحه إياها ذاك الرجل المعمم الذي يلوح بيده من خارج الحدود، فيما جفنه الذي لا يرف يواصل كسله.

أي نوع من البشر هؤلاء؟ ليسوا لصوصاً وحسب، فاللص يختفي بعد سطوه، وهم يسطون من دون أن يختفوا! وليسوا قتلة، ذاك أن الأخيرين يسعون لتمويه جريمتهم، أما هم فجريمتهم معلنة وهم لا ينكرونها أصلاً. اذاً نحن حيال شيء جديد لا يسعفنا لساننا على صوغ عبارة تناسبه. ربما كان هذا مصدر قوتهم، فهم يقولون لنا أنهم ليسوا لصوصاً ولا قتلة، وهم محقون بذلك، وطالما أن ألسنتنا عاجزة عن الإحاطة بارتكاباتهم، فهم أبرياء.

صاحب الوجه المبتسم رأى بالرئيس وبصهره ترياقاً مناسباً تماماً لشهوة التعطيل. موت اللبنانيين آخر همه، فالموت أصلاً ليس إمارة ردة بحسبه. الموت شأنه وشعيرته، فما الجديد به! وما الفارق أصلاً بين الموت جوعاً أو مرضاً والموت في سبيل الولاية المطلقة الممنوحة من الله وحده إلى ذلك الرجل الملوح بيده من خارج الحدود.

فماذا نقول لميشال عون أكثر مما قلنا؟ وهل من لغة نخاطب فيها سعد الحريري أوضح من اللغة التي خاطبه بها شقيقه ومنافسه على المنصب وعلى الطائفة؟ وماذا بعد أن كشفنا عن قناعتنا بأن حزب الله هو المسؤول الأول عن الكارثة وعن الاستعصاء وجاءنا الجواب بأن الحزب لا يخفي أن ولاية الفقيه هي الولاية المطلقة، وأنها تتقدم في حسابات الحزب على جوعنا وموتنا؟

ما علينا إلا أن نصغي للصرافين، لا سيما أولئك الذين يعملون في شتورا، أي على الطريق بين بيروت ودمشق، وبين بيروت وطهران. علينا أن نشتري اليوم ما لن نتمكن غداً من شرائه، وعلينا أن نسمع نشرات الأخبار التي اشتراها الرئيس من أصحاب محطات التلفزيون، وأن نشاهد البرامج السياسية التي يستضيف فيها ألبير كوستانيان كل أسبوع خبير من بنك عودة، والتي تستدرج إليها طبيبة لكي يمارس عليها أهل المحطة تخلفهم، ولكي يضحك المقدم من كل قلبه حين يُظهر نائب من التيار العوني ذكورية وقبحاً في وجه بولا يعقوبيان.

هذا هو لبنان اليوم. لبنان في اليوم الذي يسبق السقوط، والذي لا يبعد متراً واحداً عن القعر.    

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.