fbpx

الثورة السورية: ماذا بعدما انتصر الأشرار؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

بؤس المصائر التي ألمت بالسوريين جراء الهزيمة، رسم أيضاً أغرب الخرائط. صارت لدينا “سوريا المفيدة” وسوريا الدياسبورا وسوريا كردية وأخرى تركية، وارتسم في المشهد مزيد من العناصر غير المنسجمة…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد 10 سنوات على اندلاع الثورة السورية، انتصر الأشرار! المعادلة مخيفة عندما تكون بهذا الوضوح. انتصار واضح وصريح ومعلن للأشرار. العالم أمام هذه الحقيقة المؤلمة، ولكن المحيرة أيضاً. فالنظام المنتصر وحلفاؤه مطوبون في عرف العالم بوصفهم أشراراً، لكن هذا العالم يبحث عن سبيل للتواصل معهم. قبل أيام قال وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة عبدالله بن زايد أن ما يعيق تواصل بلده مع النظام السوري هو قانون قيصر، أي القانون الذي يفرض عقوبات على من يتعامل مع النظام. يلخص هذا القول المعادلة أعلاه، أي البحث عن قناة تواصل مع النظام المعاقب بسبب شرور ارتكبها. العالم يبحث عن وسيلة لقبول الشر بعدما تورط باعتباره شراً. بعد عشر سنوات على الثورة السورية نجدنا أمام هذه المعادلة البائسة فعلاً!

لكن المنتصرين أمام مأزق لا يقل عن مأزق المهزومين. من هي سوريا في ظل انتصار بشار الأسد؟ ما هي حدودها وما هو اقتصادها ومن هم حلفاؤها؟ لا شيء محدد ولا شيء نهائي. هل هي دولة مواجهة؟ أم أنها قناة لتصريف مصالح فلاديمير بوتين وبنيامين نتانياهو؟ وهل هي جزء من الهلال الشيعي أم أن قنوات المصالحة الخليجية المفتوحة على مصراعيها تغري ساكن قصر المهاجرين أكثر؟ لا جواب على كل هذه الأسئلة، والأرجح أن ديكتاتور دمشق نفسه لا يملك أجوبة عليها.

ليست الثورة هي ما هزم، بل الشعب السوري نفسه هو الذي أُصيب. أكثر من عشرة ملايين نازح ومئات آلاف القتلى ومثلهم من المعتقلين والمختفين. كل هذه الحصيلة ستشكل عائقاً أمام أي راغب في التعامل مع “النصر المحقق” لنظام لم يشهد العالم بعد الحرب العالمية الثانية مثيلاً لجريمته. 

لكن بؤس المصائر التي ألمت بالسوريين جراء الهزيمة، رسم أيضاً أغرب الخرائط. صارت لدينا “سوريا المفيدة” وسوريا الدياسبورا وسوريا كردية وأخرى تركية، وارتسم في المشهد مزيد من العناصر غير المنسجمة، فلدينا أيضاً محاكم أوروبية تلاحق ضباطاً في النظام، ولدينا قوانين أميركية تعاقب المتعاملين معه، تفوق قدرتها رغبة الحكومات في تجاوز الجريمة. حقائق ثقيلة جداً راكمتها سنوات المأساة السورية. جميعها يقف النظام المنتصر أمامها عاجزاً، وهي تحول دون انتظام هذا النصر في سوية سياسية أو قانونية أو اقتصادية.

لم يعد مفيداً البحث في أسباب الهزيمة والمتسببين بها. لا أثر لشيء اسمه المعارضة لكي يبحث المرء بحجم مسؤوليتها. الخليج انكفأ مفسحاً المجال لوضوح هوية المنتصر، وتركيا دخلت في بازارات بيع وشراء واضحة، ولم تعد في منطقة المساءلة. إسرائيل تقصف المواقع الإيرانية بشكل يومي في دمشق وترسل لقاحات “كوفيد- 19” إلى حكومتها. وضع المنتصر على هذا القدر من انعدام الانسجام ومن غياب الوجهة. لعل وجهة النظام الوحيدة اليوم هي القتل، وكل شيء غير ذلك ضياع في ضياع. 

نعم هناك منتصر غير سوري، لا بل منتصرون غير سوريين، لكن هؤلاء أيضاً لا يدركون كيف يوظفون انتصارهم. لعل فلاديمير بوتين وحده من يجيد المراوغة بدماء السوريين. طهران حجزت مكاناً، لكن سوريا هي المكان الأنسب لكي تستهدفها إسرائيل في ظل عجز مطلق عن الرد. وهي في ظل نفوذ موسكو الأوسع تبدو شريكاً صغيراً وعاجزاً عن كف يد بنيامين نتانياهو عن مواصلة قصفه المهين للامبراطورية الوهمية.

لكننا بعد عشر سنوات على الثورة السورية أمام حقيقة أخلاقية يفترض أن تكون قد وضعت قيماً عالمية على محك الصدقية. فليست الثورة هي ما هزم، بل إن الشعب السوري نفسه هو الذي أُصيب. أكثر من عشرة ملايين نازح في الداخل والخارج، ومئات آلاف القتلى ومثلهم من المعتقلين والمختفين. كل هذه الحصيلة ستشكل عائقاً أمام أي راغب في التعامل مع “النصر المحقق” لنظام لم يشهد العالم بعد الحرب العالمية الثانية مثيلاً لجريمته. 

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.