fbpx

لبنان: تغريبات الشيعة الثلاث 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

المشهديات الثلاث صارت راسخة في مخيلتنا، وإن حاول أبطالها تدارك وقعها، كأن يحذف علي عباس تغريدته لاحقاً، أو يطلُّ علينا الشيخ ياسر عودة مبرراً بالنفي ما وثقته الصورة…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ثلاث مشهديات قذفتها شخصيات شيعية معتبرة في وجهنا راهناً، وأصابت بيئتها بقدر ما أصابتنا بتهافتها، من منشور علي عباس الذي يقترن اسمه غالباً بتقديم الإطلالات الجماهيرية لأمين عام “حزب الله”، إلى فيديو الشيخ ياسر عودة، ثم الاحتفالية القديمة لنائب “حركة أمل” علي حسن خليل بميلاد ابنته.

المشهد الأول، أي منشور علي عباس على “فيسبوك”، الذي لم يلبث أن حذفه كنوع من التواطؤ على الهشاشة الأخلاقية التي اقترفها، بدا الأكثر تعميماً وهو أصاب البيئات اللبنانية جمعاء حين استدرج المدَّاح اللغوي “الوطنية” إلى منشوره، لينزعه تالياً عن شرائح متنوعة و”نخبوية” بالمعنى الوظيفي. وهي شرائح باشرت هجرتها للهروب من الأزمة المعيشية التي ما زال حزب علي عباس الأقل تأثراً بها، والأخير إذ تسعفه المذمة في “المهاجرين”، لم يُسعفه مِن علي بن أبي طالب إمام الشيعة عبر التاريخ إلا اسمه، إذ قال: “خير البلاد ما حَمَلَك”، فكيف والحال أننا في بلد يضعنا من هم على شاكلة علي عباس بين قهرين، الجوع، أو الهجرة التي يعرف شاعر السماحة ما توفره لبيئته تحديداً قبل أن يهجُر بمنشوره البائس .

المشهد الثاني تكفل به الشيخ ياسر عودة المستظل مرجعية الراحل السيد محمد حسين فضل الله. حفلت خطب سابقة لعودة بالكثير مما يفترض بالطبقة المسماة “رجال دين” أنه يرفد دورها الأخلاقي والرعوي في المجتمعات التي لا يزال الدين يستأثر بوعيها، فبدا صوت المهمشين والفقراء عموماً، والشيعة خصوصاً، وبدا خارج النمطية السائدة في هذه الطبقة المسكونة بالولاء الأعمى لسلطتها السياسية. لكنه أراد أن يكون الفيديو الأخير مذهبياً خالصاً، وهذا على الأرجح ناتج عن التصاقه الوجودي بالبيئة الشيعية أكثر من غيرها، وهو بالتأكيد ما أتاح له معاينة أثر الأزمة المعيشية وحدودها القصوى على هذه البيئة، لكن صاحب العمامة البيضاء لم يجد ما يدرأ به هذا الاعتلال الإجتماعي، إلا بسلاح الثنائية الشيعية، واستدراجه إلى عمق الأزمة من باب الحل. مع أن فيديواته السابقة أصابت بجرأتها الثنائي الشيعي الذي كان الأكثر تعنيفاً للناس الذين أنزلتهم الأزمة المعيشية إلى الشارع.

مع نائب “حركة أمل” علي حسن خليل، بدا الأمر ملتبساً بالزمان والمكان، من دون فقدان الدور في إسعاف الواقع الراهن بأهم تجلياته. فالصورة التي تم تسريبها قديمة، وهي تعود لأكثر من 4 سنوات، لكن تقادمها عن بلوغ الانهيار المعيشي مراحله الراهنة، يفتح هامشاً يأتي ربما من خارج السياق الذي أراده من سربها، فرصد البيئة الشيعية من داخلها، ومعاينة حال جمهورها المتحزب عن قرب، يُفضي إلى وجع معيشي ينوء به جمهور “حركة أمل” تحديداً، وضمنه حتى الشريحة العريضة التي باشرت الحركة تسييلها في القطاع العام، منذ أكثر من 30 عاماً، والتي تتآكل قدرتها الشرائية إلى السقوف الدنيا. وهو ما كسر صمتاً مديداً لازمها، ورصد كهذا يسهل اقتفاؤه بكثافة في منصات التواصل الاجتماعي، أو في معايشة تفاصيل الحياة اليومية لهذا الجمهور في الأيام الأخيرة. وهي متاحة لمن اراد العثور على هذا الوجع الذي خرج إلى العلن دفعةً واحدة مع الارتفاع الأخير لسعر صرف الدولار، والغلاء الذي انسحب على سبل العيش، وهو ما أعسر على هذا الجمهور المثابرة على المساكنة المستحيلة بين الصمت والوجع، والذي يُفترض أن تُضاعفه الصورة القديمة المتداولة لوزير المالية السابق في احتفالية ميلاد ابنته كمؤشر وازن على الهوة العميقة بين سبل عيش السياسيين وجمهورهم .

المشهديات الثلاث صارت راسخة في مخيلتنا، وإن حاول أبطالها تدارك وقعها، كأن يحذف علي عباس منشوره لاحقاً، أو يطلُّ علينا الشيخ ياسر عودة مبرراً بالنفي ما وثقته الصورة، فيما النائب علي حسن خليل سترفده الأيام المقبلة على الأرجح بما يجُبُّ به الندوب التي تركتها صورة الميلاد، بمرثيات يلقيها على جمهور حركته الذي يكابد بين نائبتي الجوع والوباء.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.