fbpx

محاولة اغتيال نائب بالسكاكين تكشف استمرار نظام “الإدارتين” في كردستان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما يحصل مؤشر على العودة إلى نظام الإدارتين، على رغم الاتفاقيات السياسية التي تبرم بينهما باستمرار حول إدارة الحكم الموحّد في كردستان وتقاسم الإدارات أمنياً واقتصادياً وسياسياً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في نهاية شهر شباط/ فبراير الماضي، تعرّض عضو البرلمان العراقي عن “حركة التغيير الكردية” غالب محمد لمحاولة اغتيال، نفذها شخص “طويل أحمر الوجه والشعر”، أمام داره في محافظة السليمانية، وأصيب محمد بجروحٍ بالغة بعد طعنه مراراً بالسكين، ونقل إلى المستشفى. متحدّث باسم شرطة السليمانية، النقيب سركوت أحمد، أكد في تصريح أنه تم التعرّف إلى منفذ الهجوم، إلا أنه استطاع الهرب إلى مكانٍ مجهول، مع سعي الأجهزة الأمنية إلى ملاحقته واعتقاله.

محاولة اغتيال محمد فتحت حرباً كلامية واتهامات متبادلة أبرزها بـ”الخيانة” بين “الاتحاد الوطني الكردستاني” و”الحزب الديموقراطي الكردستاني”، بعدما حمّل الرئيس المشترك للاتحاد لاهور شيخ جنكي أفراداً من عائلة رئيس حكومة الإقليم مسرور بارازاني مسؤولية الإفراج عن ثلاثة عناصر موقوفين للتحقيق، وهم من الأجهزة الأمنية سهّلوا هروب المتهم الرئيس في الجريمة: “وصلت تدخّلاتهم في عمل القضاء إلى حد الإفراج عن المتهمين الثلاثة بحادثة اغتيال محمد، لذلك يا رئيس الحكومة من هنا أريد أن أقول لك إنّك فقدت الثقة تماماً، وإلا ما كان عليك القبول بذلك”.

“أنا مواطن عراقي، وممثلٌ للشعب العراقي داخل قبّة البرلمان، على الحكومة التدخل الفوري والعاجل، والنظر في حادثة اغتيالي كملفٍ سياسي، لأنّني أنتقد الفساد الدائر في كردستان”.

“محاولة اغتيالي أمام داري حدثت عند السادسة مساءً تقريباً، بعدها حصلت الجهات الأمنية على أشرطة كاميرات المراقبة وتعرّفت من خلالها إلى ملامح منفذ الهجوم”، يقول النائب غالب محمد مع وصفه الحادثة بأنّها “اغتيال سياسي”، بسبب عمله على كشف ملفات الفساد في كردستان لا سيما في ما يتعلّق بالنفط. ويبدي أسفه لفشل الأجهزة الأمنية في اعتقال المنفذ: “سمعتُ بعدها أنه تم اعتقال ثلاثة أشخاص برتبة عقيد ونقيب وملازم متهمين بالحادثة وهم منتمون للجهاز الأمني التابع للديموقراطي الكردستاني”. ثم يسأل: “كيف تمّ اعتقالهم، وكيف تم الإفراج عنهم، وبالاستناد إلى أي قانون؟”.

فشل الأجهزة الأمنية الكردية دفع محمد إلى مطالبة الحكومة العراقية الاتحادية بالتدخّل العاجل ومتابعة الملف وعدم تجاهله: “أنا مواطن عراقي، وممثلٌ للشعب العراقي داخل قبّة البرلمان، على الحكومة التدخل الفوري والعاجل، والنظر في حادثة اغتيالي كملفٍ سياسي، لأنّني أنتقد الفساد الدائر في كردستان”. ويؤكد لـ”درج” أنه لا يواجه أي مشكلات اجتماعية أو عائلية لا مع المتهم ولا مع غيره.

لم يكن النائب محمد وحده مَن نجا مِن “الاغتيال السياسي” أو المضايقة والتهديد، بل سبقه نواب محسوبون على صفوف المعارضة وشخصيات سياسية، أبرزهم النائب المعارض السابق في برلمان كردستان عن الجماعة الإسلامية سوران عمر، الذي أكد أكثر من مرّة وجود محاولاتٍ لاختطافه من مدينة السليمانية ونقله إلى أربيل من قبل جهةٍ “أمنية” بعد انتقاده اللاذع الفساد المستشري في مؤسسات الإقليم، لا سيما في ما يتعلّق بعقود النفط والمنافذ الحدودية. وهذا ما دفع البرلمان الكردي إلى سحب الثقة منه في نهاية 2020 تمهيداً لمحاكمته قضائياً، بعد طلبٍ تقدّم به رئيس الحكومة مسرور بارازاني على إثر توجيه اتهامات له في ملفات فساد فتحها النائب سوران عمر.

“إذا كانت الحركة عاجزة عن ممارسة ضغوطها، فلا يزال بامكانها، على الأقل، أن تكشف المعطيات المتعلقة بالحادثة للناس، وموقفها بهذا الشكل، في غاية الضعف”.

خلال الدورة الحالية للبرلمان العراقي، انشق كثر من النواب الكرد عن أحزابهم وأسّسوا كتلاً سياسية مستقلّة داخل قبّة البرلمان الاتحادي، آخرها كتلة “الأمل” لتتخذ من “المعارضة” منهجاً لها ضد حكومة كردستان، وأحزاب السلطة فيها، وتنتقد الفساد، وتحديداً ما يخصّ بيع النفط والمنافذ الحدودية وعمليات التهريب الحاصلة فيها، إضافة إلى عجز الحكومة عن دفع رواتب موظفيها، على رغم ارتفاع أسعار النفط. وهذا ما دفع الى شنّ حملات واسعة من “الذباب الإلكتروني” الممول سياسياً في كردستان ضدهم، فضلاً عن تعرّض كثر منهم لـ”مضايقات” للضغط عليهم للتوقف عن انتقاد “أحزاب السلطة” وعمل مؤسساتها.

ما يُثيرُ الاستغراب والجدل، أن تأزم العلاقة بين الحزبين الحاكمين في الإقليم بعد استفزاز شيخ جنكي والحرب الإعلامية والحملات المتبادلة بين الطرفين على حادثة محمد، يأتي في وقتٍ تلتزم فيه “حركة التغيير” التي ينتمي إليها النائب الصمت إزاء ما حصل. يقول القيادي السابق في الحركة اسماعيل نامق: “إذا كانت الحركة عاجزة عن ممارسة ضغوطها، فلا يزال بامكانها، على الأقل، أن تكشف المعطيات المتعلقة بالحادثة للناس، وموقفها بهذا الشكل، في غاية الضعف”.

وكانت الحركة أدانت محاولة الاغتيال، وقال المتحدث الرسمي باسمها ديلر عبد الخالق لـ”درج” إن العملية استهداف مباشر للحركة و”تُساهم في التضييق على الحريات”.

 يُفسّر متابعون للشأن الكردي، وتحديداً الخلافات التي تصل إلى ذروتها بين الحين والآخر بين الحزبين الحاكمين، أن ما يحصل مؤشر على العودة إلى نظام الإدارتين، على رغم الاتفاقيات السياسية التي تبرم بينهما باستمرار حول إدارة الحكم الموحّد في كردستان وتقاسم الإدارات أمنياً واقتصادياً وسياسياً. لكن الكاتب الصحافي الكردي إحسان ملا فؤاد يخالف هذا الرأي ويقرّ بأنّ هذا النظام لم ينته أصلاً ليعود مجدّداً: “نظام الإدارتين موجود في كل شيء، في الاقتصاد والأمن والإدارة”.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.