fbpx

“ضربوه بظهر البندقية على صدره حتى مات” :
وقائع قتل “راوي” آخر على يد ضابط شرطة في مصر

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“الضابط ضرب عم محمد بضهر البندقية على صدره لحد ما وقع على الأرض، وضربه كتير على وشه وهو بيقوله كفاية تمثيل، لكن عم محمد كان مات خلاص”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
الضحية محمد يوسف

شهد ماجد منير” 14 عاماً” على واقعة تعذيب قاسية تعرض لها جاره محمد يوسف “34 عاماً”، على يد ضابط شرطة “27عاماً” ومعاونيه في مقر عمله بمنطقة شبين القناطر في محافظة القليوبية قبل أيام. 

الشاهد الأصغر في الواقعة أصرّ على الإدلاء بتصريحاته أمام النيابة وأمام الإعلام، لفضح أحدث واقعة تعذيب ممنهجة يقوم بها ضابط شرطة بحق مواطن أمام أعين جيرانه وزوجته. 

تذكر هذه الجريمة بواقعة قريبة حدثت في تشرين الاول/ اكتوبر الماضي حيث قتل عويس الراوي على يد الشرطة أمام أعين أسرته وجيرانه في منطقة الأقصر.

يوم الأربعاء الماضي انتشرت فيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي لمظاهرات حاشدة نشبت بقرية “منشأة الكرام” بمنطقة شبين القناطر  التابعة لمحافظة القليوبية. كان الأهالي يرددون هتافات”الداخلية بلطجية” و”عايزين حق محمد يوسف”.

كانت هذه التظاهرات بمثابة السبيل الوحيد في كسر حاجز التعتيم على واقعة قتل مواطن على يد ضابط شرطة. الأرجح أن الضابط كان يعتقد أن حادث القتل سيمر دون محاسبة، كما سبق وحصل في جرائم مماثلة، فقد تم تفكيك كل كاميرات المراقبة المحيطة بواقعة القتل، لكن انتشار الفيديوهات فضح ماحاول الأمن مواراته.

يدرك الأهالي الذين شهدوا واقعة الضرب حتى الموت التي حصلت لمحمد أنها لم تكن الجريمة الأولى في منظومة بات الاعتداء والتعذيب وامتهان الكرامة الانسانية جزء من آليات الحكم والضبط الأمني.

قتيل ..مات من تلقاء نفسه!

بعد انتشار الفيديوهات نشرت عدد من الصحف  المصرية مثل “المصري اليوم” و “الأهرام” و “البوابة نيوز”، نفي للواقعة على لسان مصدر أمني مجهول لم تحدد هويته. بحسب هذا المصدر وكما نقلت الصحف فإن، “ما تم تداوله في هذا الشأن عارٍ تمامًا من الصحة، وأن ذلك يأتى ضمن محاولات نشر الأكاذيب ومحاولة تأليب الرأى العام”.

لكن شهود عيان من أهالى وجيران القتيل رووا لـ”درج” وقائع مغايرة. (ه .ع) يسكن على بعد 40 مترًا من محل البقالة الذي يعمل فيه جاره محمد يوسف، وهو خرج من محله على أصوات شجار ، “لم يتعدى الشجار داخل المحل دقائق معدودة بعد خروجي حتى وجدت محمد يوسف يسقط على الأرض مغشيًا عليه، والضابط يصر على التمادي في ضربه، كان يظن أن محمد “بيمثل” لكنه قد مات بالفعل، تجمع الأهالي وعلت أصوات النحيب، فقام الضابط بضرب طلقتين في الهواء لتفريق الأهالي وأمر بتجميع كل كاميرات المراقبة المحيطة بالمحل وأقربها كانت كاميرا مراقبة لجار فاكهاني”… 

يضيف (ه.ع) أن الاعتداء بدأ عندما وصل الضابط وأمناء الشرطة للقبض على صاحب قهوة، وهذه القهوة ملاصقة لمحل محمد يوسف. حينها قال غفير القرية للضابط : “الواد دا بيشرب مخدرات يا باشا” مشيرا إلى محمد يوسف، بعدها قرر الضابط ومعاونيه تفتيش محمد وضربه داخل محله أمام زوجته التي استنجدت بشقيقها عبد الفتاح عبد الرازق عبد الفتاح، “حاول نسيب محمد أن يفديه، مؤكدًا للضابط أن محمد مريض قلب، لكن الضابط أصر وبدأ في ضرب محمد بضهر البندقية على صدره، حتى سقط ميتًا”.

جريمة قتل محمد سببت غضباً واسعاً وخرجت مظاهرات شاجبة في القرية، وبدأت القضية تحرك الرأي العام. يقول (أ.د) وهو من سكان المنطقة التي وقعت فيها الجريمة لـ”درج”: “ياسر الهضيبي مرشح مجلس الشيوخ عن منطقة شبين القناطر، حضر إلى القرية يوم الجمعة الماضية، وحاول تهدئة الأهالي، بعدما علم أهالي القتيل أنه لم يتم القبض على الضابط ومعاونيه حتى الآن، وجرى نقله فقط من شبين القناطر وأن الداخلية قالت في بيانها أن محمد يوسف سقط من تلقاء نفسه”.

يضيف (أ.د): “البلد اشتعلت بالغضب لأن الظلم كبير وقتل محمد حدث مفجع خاصة أننا قد نتعرض جميعنا لهذا الظلم على يد ضباط شرطة غير رحماء، حاول  المستشار محمود عبد المجيد (رئيس محكمة ومن أهالي القرية) تهدئتنا وأكد أنه سيتابع التحقيقات بنفسه”.

إقرأوا أيضاً:

ترسيخ ممهنج للقهر

لم يطلق محمد يوسف بحسب رواية الشهود لـ”درج” صيحات الألم من الضرب والإهانة، ولا من الألم البدني جراء ضرب قلبه العليل، ربما بسبب ذلك الكتمان لم تتحمل شرايين قلبه وامتد سكوته للأبد رغم محاولات دفاعه عن نفسه. 

(م. م) من أهالي القرية ومن شهود الواقعة، وقال لـ”درج”: “عاملوه وضربوه  بإسلوب كله إهانة وهو عيّان، وبعد ما وقع على الأرض، حركه الضابط بقدمه وقال ده بيمثل ابن الــ… وتمادى في سبه رغم موته. محمد كان عنده تسليك شرايين في القلب، وعنده 4 أبناء، أكبرهم عمره 6 سنوات، والأصغر عمره 7 شهور ، احترمنا المسؤولين وقررنا تهدئة المظاهرات لكن لن نسكت ،احنا عايزين حقه عشان ممكن أبقى انا اللي بعده وحد تاني بعده”.

يدرك الأهالي الذين شهدوا واقعة الضرب حتى الموت التي حصلت لمحمد أنها لم تكن الجريمة الأولى في منظومة بات الاعتداء والتعذيب وامتهان الكرامة الانسانية جزء من آليات الحكم والضبط الأمني.

تحقيق مع الشهود والجناة طلقاء

المحامي شادي محمود، كان محامي الضحية محمد يوسف قبل الحادثة، والآن هو محاميه بعد مقتله. يقول لـ”درج”: “محمد يوسف  لا توجد لديه سوابق جنائية، وكان يعمل مندوب شرطة في قسم مدينة العبور قبل ثورة 25 يناير، وما أن قامت الثورة حتى بدأ في الغياب المتكرر، مما استدعى فصله من وزارة الداخلية، كنت أتابع له قضية عودته للعمل، لكن الآن أنا أتابع قضية مقتله على يد الشرطة التي كان يرغب في استئناف عمله بها” 

ويضيف المحامي : “محمد يوسف كان يعاني منذ عامين من مشاكل صحية في القلب والصدر، وقبل مقتله بخمسة أيام كان قد أجرى أشعة رسم قلب، وكانت حالته مستقرة ويتناول أدويته بانتظام، لكن ما تعرض له من ضرب عنيف بظهر البندقية على صدره تسبب في تعجيل وفاته. تقرير الطب الشرعي لم يصدر حتى الآن ، فلا يزال متوقفاً على نتائج عينة السموم التي أخذت من أحشاء القتيل وفي انتظار تقرير المعمل  الكيمائي”.

المفارقة بحسب المحامي محمود هو أن التحقيقات الجارية حالياً تحصل مع الشهود الذين رأوا الجريمة لكنها لم تشمل الجناة والمرتكبين، “لم يتم توقيف الضابط ومعاونيه حتى الآن، كما أن تفريغ كاميرات المراقبة جرى تحريفه باقتطاع مشاهد من التسجيلات وقد حذف الضابط كل المشاهد التي تدينه قبل أن يسلم تفريغات كاميرات المراقبة الى النيابة”.

يقول المحامي شادي محمود أن التحقيقات مع أهل المجني عليه، ومع آخر شهود القضية وهما ماجد منير الذي صرح أمام النيابة “ضرب محمد بضهر الطبنجة في صدره حتى مات” ، وعماد الجندي الذي قال “شفته بيضربه بضهر البندقية وبايديه وبعدها بعشر دقايق مات”.

يضيف شادي محمود أنه يتهم الشرطة بالتلاعب في الفيديوهات، لأن بعض المقاطع المعروضة على الشهود هي لواقعة لم تحدث في بلدنا أصلا وليست واقعة قتل محمد يوسف. وسأل المحامي شادي محمود وكيل النيابة لماذا لم يتم القبض على الجناة، رد عليه وكيل النيابة أن القضية تمضي بتعليمات من النائب العام مباشرة ولم تصلنا حتى الآن تعليمات بالقبض عليهم، إذا أردت تقديم ورقة رسمية  أكتب طلب وسنرفعها للنائب العام.

إقرأوا أيضاً:

قتل المواطنين بزعم الأمن الوقائي

حادثة ضرب قتل محمد يوسف ليست حادثة معزولة في ظل ارتكابات ممنهجة يقدم عليها الأمن والشرطة في مصر من خلال اعتقال واهانة وتعذيب وقتل مواطنين منهم كثيرون ليسوا مدانين أصلاً. 

هناك لائحة من أسماء لضحايا لم تتحقق لهم العدالة ولا المحاسبة بحق المعتدين عليهم. فقبل جريمة قتل “الراوي” و”محمد يوسف” كانت حادثة قتل “إسلام الاسترالي”  وقبلها قتل أحمد طه المسلماني في منطقة كرداسة، وقتل وليد محمد فتحي في منطقة الموسكي، وقتل طارق محمد الجبري في منطقة البحيرة. 

الثورة المصرية اشتعلت قبل عشر سنوات بالضبط رفضاً للتعذيب في السجون ومراكز الاعتقال، وفعلاً فقد كان الضابط محمد محفوظ المستقيل من وزارة الداخلية والذي نقد نظام الداخلية في مصر قد حذر من هذه الظاهرة المتجذرة في مصر في عشرات المقالات.

يقول محمد محفوظ :” هاجس الأمن الوقائى ؛ الذى تمارسه الداخلية المصرية يتمثل فى الممارسات الآتية : قيام ضباط المباحث والمخبرين بالقبض على المواطنين للاشتباه لمجرد عدم حملهم لبطاقات تحقيق شخصية – أو لتواجدهم فى أوقات متأخرة من الليل بالطريق العام – أو لسابق اتهامهم فى قضايا رغم عدم إدانتهم فيها – أو القيام بضبط عدد كبير من الأشخاص عند وقوع جريمة سرقة كبرى أو جريمة قتل والضغط على المضبوطين جسدياً ونفسياً لانتزاع أى معلومة .كما يعلم كل المعارضين السياسيين ؛ مدى تغول هاجس الامن الوقائى السياسى ؛ إلى حد المراقبة غير القانونية للتليفونات والتحركات والاجتماعات .. الخ .ولعل تضخم هاجس الأمن الوقائى يمثل أحد الوجوه القبيحة لجهاز الأمن ؛ لكونه يؤدى إلى ترويع المواطنين دون مقتضى ؛ وإلى تنمية الإحساس لدى الناس بالخوف – وليس الاطمئنان – لدى تواجد أجهزة الأمن فى الشارع ؛ بدلاً من الشعور الطبيعى الذى يفترض الإحساس بالخوف عند غياب هذه الأجهزة “.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.