fbpx

هل نكون حصة طهران للعودة عن “حمق ترامب”؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

إطاحة بنيامين نتانياهو في الانتخابات الإسرائيلية ليست سهلة وبدهية، وللعودة عن العقوبات على إيران أثمان باهظة سندفعها نحن الذين يعيشون في هلال النفوذ الإيراني…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 في سياق حضه الحكومة الإسرائيلية على ضرورة تلقيح الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، كتب أحد معلقي “هآرتس”: “لقحوهم حتى تتمكنوا من دخول منازلهم واعتقالهم”، والحال أن معلق “هآرتس” لم يسق هذه العبارة لحض الحكومة على اعتقال فلسطينيين، لكنه ساقها مذهولاً من تنصل دولة إسرائيل من مسؤوليتها عن صحة السكان الذين تحتل أرضهم ومدنهم وقراهم. لكن العبارة أيضاً تصح بوصفها المعادلة غير الأخلاقية التي خلفتها المرحلة الترامبية من حياة هذا الكوكب البائس! فالسياسة كما خلفها الرجل الذي غادر البيت الأبيض هي المصلحة العارية من أي بعد أو ملمح أخلاقي. وهنا تضيق المصلحة وتنحسر لتصبح مصلحة صاحب المشروع لا مصلحة الدولة وبالتالي المجتمع! مصلحة جاريد كوشنير في أن يبني للسلام منتجعات ومدناً على سبيل المثال، لا مصلحة إسرائيل أو الفلسطينيين في السلام.

وإسرائيل التي دعاها معلق “هآرتس” إلى تلقيح الفلسطينيين لأن ذلك يصب في مصلحتها، كانت ذهبت إلى ما هو أبعد من حقيقة خلو السياسة من الأخلاق ومن الحد الأدنى من القيم، فهي نزعت المصلحة عن السياسة بعدما كانت وضعت الأخلاق جانباً. لا تريد تلقيح الفلسطينيين كتدبير عقابي حتى لو تسبب ذلك بانتقال الفايروس إلى داخل الخط الأخضر! ثمة من أفسح مكاناً لهذا المقدار من السوء، وجعله ممكناً! دونالد ترامب وصهره كوشنير والأيتام الذين خلفوهما وراءهما في مشرق هذا الكوكب وفي مغربه. لقد كانت حقبة بنيامين نتانياهو وفلاديمير بوتين وبشار الأسد، وأمراء الجيل الجديد من حكام إمارات الخليج وممالكه. ولعل أصعب ما يواجهنا اليوم هو التعامل مع إرث هذه الحقبة المنقضية.

الوقائع التي رسمها زعيم العالم بين الأعوام 2016 و2020، ما زالت جاثمة. رعى مقايضة قميئة بين اعتراف المغرب باحتلال القدس واعتراف إسرائيل باحتلال الصحراء الغربية. تبادل اعتراف بين احتلالين! هذه حقيقة لم تنقض بانقضاء الحقبة الترامبية. القدس اليوم هي عاصمة إسرائيل باعتراف دولي، والصحراء الغربية جزء من المملكة المغربية. معادلة مأساوية ذهب ضحيتها أكثر من 200 ألف فلسطيني من سكان القدس، ونحو 350 ألفاً من أهل الصحراء الغربية! الإدارة الأميركية الجديدة هي أمام هذا الواقع الذي قد تفوق كلفة العودة عنه كلفة الإبقاء عليه.

معادلة مأساوية ذهب ضحيتها أكثر من 200 ألف فلسطيني من سكان القدس، ونحو 350 ألفاً من أهل الصحراء الغربية!

العقوبات على إيران في لحظة مراجعة إدارة جو بايدن لملف العلاقة مع طهران لا تخلو بدورها من بعد مأساوي. فطهران شريك مراوغ في المفاوضات، وتسعى إلى توظيف “الظلامة الترمبية” لتعزيز وضعها التفاوضي. وهي كانت استثمرت في هذه العقوبات لتشحن خطاب المواجهة مع “أشرار امبرياليين”، وفي هذا السياق ذهبت في مد نفوذها الإقليمي إلى ما هو أبعد مما تقتضيه التسوية. طهران اليوم لن تعود عن المواقع التي كسبتها أثناء المواجهة، وفي الوقت نفسه تريد إلغاء العقوبات! هذا الخلل تسببت به “امبريالية حمقاء” لا تجيد إدارة المصالح ورسم وجهة للنزاع. لقد عاش العالم لأربع سنوات على وقع رعاية مصالح مباشرة لجاريد كوشنير، ولدى هذا الأخير من الحمق ما يكفي لتحويل السياسة إلى صفقات والسياسيين إلى سماسرة.

لن تكون إدارة هذا الإرث الثقيل والقبيح مهمة سهلة. الأفعال التصويبية ستحفها مخاطر والصعوبات. إطاحة بنيامين نتانياهو في الانتخابات الإسرائيلية ليست سهلة وبدهية، وللعودة عن العقوبات على إيران أثمان باهظة سندفعها نحن الذين يعيشون في هلال النفوذ الإيراني. أما المهمات الأصعب فهي من عيار تفكيك السفارات في القدس والعودة عن اعتراف واشنطن بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، ناهيك بضم المغرب للصحراء.

لكن الغريب في هذا الإرث المؤلم الذي خلفه ترامب، هو أن أميركا قررت عدم التجديد له، ولدى الإسرائيليين فرصة ولو ضئيلة للإطاحة بنسخته الإسرائيلية، أما نحن فلا أفق أمامنا سوى قبول الحقائق القبيحة التي تركها لنا. فالنسخ العربية من الأصهار تتكاثر وليس آخرها صهر الجمهورية اللبنانية جبران باسيل، و”السلام غير الشجاع” بين تل أبيب ودول الخليج لن تُستنفد صوره القبيحة، وسيبقى فلاديمير بوتين يرعى المقايضة بين بقاء بشار الأسد في قصر المهاجرين، وبين حق نتانياهو في قصف دمشق ساعة يشاء. وفوق ذلك كله، من المرجح أن يقرر العالم أن الحد من طموحات طهران النووية ربما يكون بالاعتراف بحصة كبيرة لها في دولنا ومجتمعاتنا.    

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.