fbpx

نوال السعداوي : سقطات امرأة شجاعة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الأرجح أن موقفها من نظام عبد الفتاح السيسي الذي امتدحته ودافعت عنه، ليس سقطة من مسيرتها بقدر ما هو استجابة لطريقتها في التفكير، حيث اتخاذ المواقف، يهبط ويصعد، دون معيار محدد…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

السجال حول نوال السعداوي لحظة رحيلها، بين “علمانيين”، اعتبروها رائدة التحرر النسوي ومناضلة شرسة دافعت عن أفكارها، وإسلاميين وصفوها بالمسيئة للإسلام وتعاليمه وشرائعه، هو استكمال لمسار هذه الكاتبة. فهي غالباً ما كانت في صدارة المواجهة ضد القوى المحافظة والمتدينة، لاسيما في المسائل التي تتعلق بالمرأة وحضورها في المجتمع.

لكن،السعداوي، وإن واجهت، خصوماً محافظين بشجاعة، فهي لم تمتلك وعياً واضحاً في معركتها. على العكس، تبدّت أفكارها خليطاً من يسارية شعبوية، تستخدم العدالة لإنكار ديمقراطية الغرب، ونظرة للإسلام تنتقد بعض الشكليات فيه، دون النفاذ إلى ما هو أعمق وأكثر جدوى، فضلاً عن نسوية ناقدة لحداثة الآخر، دون أن تؤسس لبديل يرتبط بشروط الذات، إضافة لإيديولوجيا “تنويرية” تكتفي بأفكار كلاسيكية غير قابلة للتطوير. وضمن هذا الخليط ضاع ما قدمته الكاتبة الراحلة من حقائق علمية صحيحة بما يتعلق بالجنس والختان وغيرها من القضايا، حيث التركيب الفكري المشتت يبتلع ما هو علمي ودقيق، ويحوله، رغم أهميته، إلى هامش.

الخليط المعرفي الذي اعتمدته السعداوي، لم يتسبب فقط في توسيع القضايا وانسداد أفقها، بل انعكس على نتاجها، الذي تضخم كمياً على حساب القيمة

ما كانت تصفه الراحلة بالربط بين مجالات المعرفة، كان عملياً تفكيراً غير منتظم، ويسفر غالباً عن نتائج هزلية، فالختان وفق ما ذكرت الكاتبة في إحدى مقابلاتها مرتبط بزيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى المنطقة، وتحرر المرأة العربية مرتبط بإسقاط النظام الذكوري الإمبريالي الطبقي العالمي. والحال فإن هذا الربط، عدا عن عدم علميته، يرفع سقف القضايا، ويحيلها إلى مستحيلات، بدل أن تكون نضالات متواصلة وتحصيل مكاسب، أي أن نوال المناضلة، هي معادل للطوبى انطلاقاً من تشبيك القضايا الذي عملت عليه. وهذا ما يفسّر، على الأرجح، تسمية الراحلة بـ”الأيقونة”، ذاك أن من أطلق عليها هذا اللقب، لا يملك، في جعبته إنجازات تتعلق بالقضايا التي دافعت عنها السعداوي. بديهي أن التغيير مرتبط بتحول، في البنى والأنظمة والقوانين، وليس بكاتبة تحارب وحدها، لكن بناء موقف حيال القضايا، انطلاقا من تفكر موضوعي ومحدد ودقيق ويتعلق بشروط المجتمع موضوع التغيير، يساعد أكثر من توسيع القضايا وربطها بتحولات كونية.

والخليط المعرفي الذي اعتمدته السعداوي، لم يتسبب فقط في توسيع القضايا وانسداد أفقها، بل انعكس على نتاجها، الذي تضخم كمياً على حساب القيمة، فصرنا نقرأ لها كتب في الطب والرواية والقصة والمقال والسيرة والسياسة والفكر والثورات، ضمن تكرار ممل، تندر فيه المعرفة وتكثر الكليشيهات عن التنوير وحقوق المرأة والثقافة والعدالة. عدا عن أن هذا النتاج لم يخضع للتدقيق، انطلاقا من شروط كل جنس أدبي، فلم ينظر مثلاً لرواياتها أو قصصها من منظور النقد الأدبي لتحديد جودتها، إذ إن السعداوي، باتت ظاهرة، تتجاوز شروط النوع الكتابي، لتحوله حاملاً لأفكارها التكرارية.

وعليه، فإن المعرفة والأدب، أصبحا تفصيلين بلا قيمة أمام المناضلة والأيقونة والظاهرة، التي تتجاوز النضال من أجل النساء في بلدها، نحو إسقاط النظام الذكوري الطبقي العالمي، محولة كل ما يخطر على بالها إلى نصوص، دون مشاق، تتعلق بإنتاج الأفكار التي تأتي جاهزة عند السعداوي من تركيب شعبوي، يساري، وتنويري كلاسيكي.

والأرجح أن موقفها من نظام عبد الفتاح السيسي الذي امتدحته ودافعت عنه، ليس سقطة من مسيرتها بقدر ما هو استجابة لطريقتها في التفكير، حيث اتخاذ المواقف، يهبط ويصعد، دون معيار محدد، إذ إن المعايير هي أقرب للكلام العام لدى السعداوي، أي الخير والعدل والحرية، وهذه، واسعة مثل القضايا التي آمنت بها الكاتبة الراحلة، ويمكن ببساطة أن يحققها السيسي، تماما، كما يمكن أن تنتظر المرأة تحررها في مصر لحين إسقاط النظام الذكوري الطبقي العالمي.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.