fbpx

حيّا على الكراهية
عن مشكلة الدين واللائـكيّـة الفرنسية (4)

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تريد اللائكية من الدين ألا يقترب من السلطة، لأن خطابه مغامِر وخطير، ولأنه لا يستطيع أن يهرب منه بُحكم أنه يؤمن بسُلطة النقل على العقل، فهو لا يستطيع أن يضع حدّاً لتأويلات نصوصِه والتلاعب بها…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا يمكن أن يتوقف النقاش حول الدين والسلطة طالما أنّ الإنسان بطبيعته يُولد جاهلاً، وطالما أن السلطة هي التي تتولى- عبر أدواتها- أمرَ تعريفه بالعالم، وتعريفه بنفسه، وطالما أن هذه المعرفة التي تلقّننا إياها السلطة هي التي تُشكّل هويتنا الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية؛ بعبارة أخرى: تُشكّل حاضِرنا ومستقبلَنا.

لا يمكن أن يتوقف هذا النقاش طالما أنّ الإنسان يميل إلى التسليم واليقينيّات التي تُريحه من عذاب البحث والشك والتجريب، وطالما أنّ هناك سُلطة تَحكُم وتتحكّم بمصائر الملايين من الناس باستخدام الدين، وطالما أن هناك شعوباً يتم تكريس جهلها وإفقارها وإذلالها والتضحية بها باسم الدين، وطالما أن هناك مَن يتحارب ويَقتُل ويُقتَل لأجل الدين.

هذه المادة هي جزء من سلسلة مقالات تتناول هذا الموضوع: لماذا على السياسي ألا يستغلّ الدين في رحلة بحثه عن السلطة، وألا يستخدمه في ممارستها؟ ولماذا على الدين بدوره أن يتبرّأ من خِطابه السياسي كلّياً في المجال العالم، ويتعهّد بألا يتطلّع نحو السلطة؟ 

ولنقاش هذا الموضوع، تناولَت المقالات السابقة موضوعات: 

١- المعرفة، كيف أنها تُشكّل هويّتنا؛ وكيف أنها خاضعة للسلطة، ثم الدور الذي تلعبه المعرفة الدينية في منح السلطة مشروعيّتها وقوتها.

٢- الجهل، بوصفه أصل الشرور كلها، تُريد السلطة تكريسه لضمان حكمها، الأمر الذي يفعله الدين.

٣- الخوف، باعتباره الشلل الذي يَسلب المجموعة البشرية كل قواها مِن أن تأخذ بزمام المبادرة للتفكير والتغيير، وعلاقة ذلك بالدين.

وفي سياق ذلك، سيتحدث هذا المقال عن الكراهية. 

السلطة هي المسؤول الأوّل دائماً  

السلطة هي كل شيء، إنها تلك القوة المُنبثَّة في كل أرجاء عالمنا، في منازلنا، شوارعنا، مدارسنا، وجامعاتنا، في العمل، والإذاعة، والتلفزيون، والسينما، وحتى في الأدب، والشعر، والفن، والموسيقى.  

جميعنا يَخضع للسلطة، إنها تُشكِّل العالَم الذي نعيش فيه، فمن خلال سيطرتها على كل ما يُحيط بنا، تُسخّر الواقع -بما فيه نحن- لخدمتها.

والسلطة -عبر أدواتها التي لا يمكن حصرها بسهولة- هي التي تَصوغ جملة أفكارنا وتصوّراتنا عن العالم وعن أنفسنا، وهي التي تُحدّد النمط وقواعد السلوك التي “تُنظّم” حياتنا، وهي التي تُحيط بشكوكنا، وأوهامنا، ومخاوفنا، ومشكلاتنا، وأحلامنا، وآمالنا، وتطلّعاتنا، وحتى ظروف صحّتنا العقلية والجسدية والنفسية… إنّ سخّان الماء في حمامات منازلنا نفسه يخضع لتأثير السلطة. 

ما يَحدث على مستوى السلطة يَطرأ تأثيره على كل شيء؛ لكن لا يعني هذا بالضرورة أن السلطة هي الداء فقط، إنما الدواء أيضاً، فهي حين تُدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، وحين تكون واعية لحجم الضرر الذي يمكن أن تُحدِثَهُ مُمارستُها على كل جوانب حياتنا، وحين تكون على عِلم ودراية بطرائق تحسين حياة الناس وسبل عيشهم، وحين تريد فعلاً أن تنهض بالمجتمع والدولة، تستطيع أن تفعل ذلك. 

لكن، حين تكون السلطة جاهلة بكل هذا، أو تحاول إنكاره والتعالي عليه، وقتها تُغامر بحياة كل الخاضعين لها، وتُعرّض المؤسسة البشرية لخطر الفوضى والانقسام والحرب والموت. 

جميعنا يَخضع للسلطة، إنها تُشكِّل العالَم الذي نعيش فيه، فمن خلال سيطرتها على كل ما يُحيط بنا، تُسخّر الواقع -بما فيه نحن- لخدمتها.

الخير والشر

تخيّل أسرة مكونة من بضعة أشخاص بالغين عاقلين راشدين، وحاول أن تَسُنّ لها قانوناً يُنظّم علاقاتها ، شرط أن يضمن هذا القانون أن يظل جميع الأفراد في مَأمن مِن أن يُصيبهم مكروه يُهدد حياتهم، وأن يكونوا قادرين على تطوير مهاراتهم للبقاء أحياء أطول فترة ممكنة، وأن تُتاح لهم بسهولة فرصة البحث وتحصيل السعادة. 

 إنّ الشرط الأول لتحقيق هذه المجموعة من الأهداف هو ألا تكون السلطة في الأسرة محصورة بالأب أو الأم أو الأكبر سنّاً، إنما أن يتم تداولها بين الأفراد جميعهم وفق قانون يُحدد تلك الآلية.

والشرط الثاني هو ألا تكون هناك أفضليّة للأفراد على بعضهم بعضاً، فالأم والأب والذكور والإناث جميعهم يتساوون في الحق والواجب.  

والشرط الثالث، أن يكون الجميع أحراراً، أي أن يحافظ القانون على الاختلافات بين الأفراد بلا استثناء؛ فحين يكون هناك رأي واحد في الأسرة، تسير كلها نحو الهلاك بخطى ثابتة من دون أي معارضة. 

أما الشرط الرابع -والأهم- فهو أن يتعهّد أفراد المجموعة بأن يظلوا (متآخين، منسجمين، ومتماسكين) داخل حيّزها، وألا يُعرّضوا أنفسهم أو الآخرين لخطر يهدد وجودهم واستمرارهم.

ليس الحبّ هو ما يُشكّل خطراً على المؤسسة البشرية، إنما الدعوة إلى الكراهية، فمن خلالها لا تتماسك المجموعة ولا تنسجم، تصير أكثر ضعفاً وانعزالاً وخوفاً وغضباً، وتصير أكثر قابلية للجوء إلى الدفاع عن نفسها بالعنف، وبهذا الأخير تنعدم شروط بقائها على قيد الحياة، وينعدم تطلّعها نحو الحياة والسلم، فتنحطّ، وتفنى، ولا يظل لوجودها بعد ذلك معنى. اللهم إلا إن كان المعنى أصلاً هو أن تموت!

إنّ الدعوة إلى الكراهية هي تَجاوُز للحدّ الفاصِل بين الخير والشرّ في العالم. وذلك طالما أن الخير يعني الحياة والاستمرار، والشر هو ألّا تتعاضَد المجموعة البشرية، وتَنقسِم فَتَتَحَارَب وتموت وتَفنى.

إقرأوا أيضاً:

الكراهية والسلطة

ماذا لو كان البرنامج السياسي للسلطة يَعتمد أساساً على كل ما يُخالف هذه الشروط آنفة الذّكر وينتهكها؟ برنامج سياسي يرى مثلاً أن السلطة التي تَحكم باسمه هي الوحيدة المخوّلة والصالحة والقادرة على الحكم، برنامج سياسي لا يثق بتداول السلطة، ولا يثق بقدرة الشركاء في المجموعة على تولّي القيادة دونه، ولا يُساوي بين الشركاء في الحق والواجب، ولا يَرى أنهم أحرار إنما أتباع وعبيد، برنامج سياسي لا يَثِق بمن يُعارضه، يَتّهمُ المخالفين بأنهم يَمكُرون، ويُخادعون، ويُنافقون، يدعو إلى كراهيتهم بُغية النيل منهم، ويُهددهم بالرعب والعذاب الشديد والعنف؟! 

هذا يعني أنّ الدعوة إلى الكراهية هي ممارسة سياسية لإقصاء الخصوم والتفرّد الشرّير بالسلطة.

لكن، ألا تنطبق هذه المواصفات آنفة الذِّكر على البرنامج السياسي للدين؟ ألا يدّعي الدين أنه مصدر التشريع الأول والوحيد القادر على ضمان أمن الإنسان وسلامته والأخذ به إلى منتهى الخير والسعادة؟ ألا يُفرّق الدين بينه وبين أتباعه، ويَدّعي أنه أعلم منهم، ويتّهمهم بالقصور، ويُسخّف من قُدرتهم الاعتماد على أنفسهم خارج تقديراته ونصائحه؟ ألا يُميّز الدين بين الناس ذكوراً وإناثاً، ويرفع من شأن الذكر ويُعليه، ويَتّهم المرأة بالقصور ويحتقرها ويُقلل من شأن قدرتها على تحمّل المسؤولية؟ ألا يُجرّم الدين المعارضة والاختلاف؟ ألا يُهدد ويتوعّد بالرّعب أولئك الخارجين عن سلطته وسلطانه؟ ألا يُحذّر أتباعه من المخالفين المتآمرين، ويُحرّضهم على كراهيتهم، ويُشرعن لهم اللجوء إلى ممارسة العنف؟

الكراهية والدين

قطعاً، لا يستطيع الدين حين يُمارس السياسة أن يبني دولة قادرة على الحب والانسجام والاستمرار بعدالة ومساواة من دون تمييز أو كراهية أو عنف.  

يدفع الدين باتجاه الكراهية، حين يصنع الجهل، صَدِّق أو لا تُصدّق، تبدأ القصة بالجهل دائماً. إنّ الدين إذ يُحيط بي، ويُغرقُني بـ”علومه” و”معارفه” فيَخْلُب لُبّي، ويُصور لي العالَم بالطريقة التي يُريدها لا كما أراه بعينيّ وأدركُه بعقلي وحواسي، إنما هو بذلك يَجعل من العالم بالنسبة إلي مجهولاً.

وكنتيجة حتميّة لهذا الجهل الذي يُكرّسه الدين، يصير العالم مُثيراً للريبة والقلق الدائم والخوف، فمن جهة أستشعِرُ وأتحسّس قسوة الواقع على عقلي ونفسي، ومن جهة ثانية يُكذِّبُني الدين ويَدعوني إلى التوقّف عن التفكير والشك، ويَعِدُني بجنات عرضها السماوات والأرض -إنْ أنا آنسْتُ واسْتأنَست- سأتَحَصّل عليها بعد الموت.

ولأنّي لا يُمكن أن أنكر عقلي، ولا أن أتجاهلَ البرهانَ في حياتي، أُدركُ وقتها أنّ الدين قد أوقَعَني في سرديّته، وعَلَّقَني- مِن عُرقوبي- بين الطاعةِ والعقوبة، بين السعادةِ المؤجَّلة والسقوطِ الجهنميّ اليومَ وغداً، وأنه وَرّطني لخدمته والانتماء إليه صَاغراً ذليلاً حتى الموت، وأنه يَدفعني إلى تحقير عقلي، والاستخفاف بتجاربي، والاستغفار عن شكوكي، ويَدفعني إلى كبح جماح نفسي، وإنكار حاجاتها ورغباتها الأكثر طبيعية باسم الحاكِم الربّ. كما يُحرّم عليَّ الشكوى والتذمّر، ويَدفعني رغماً عن أنفي إلى  أن أحمَدَهُ وأشكُرَه.

خطابُ الجهل واللاعقل، خطاب التمييز بين الناس، وعدم المساواة بينهم، وإكراههم على الاتّباع والتبعّية لسُلطة واحدة مُطلقة من دون قيد أو شرط، وتحذيرهم وتخويفهم من بعضهم هو خطاب الكراهية الدينية، وهو خطاب خطير يُشكّل هويّته الأيديولوجيّة التي تستدعي إقصاءه عن ممارسة السياسة.

حينها، يدفعني الدين بذلك- من حيث يدري ولا يدري- إلى كراهية نفسي، وكراهية أنّ “القَدَر” اختارني لأكون موجوداً ومتورّطاً في عالم قانونه العبوديّة غير المشروطة، ويدفعني الدين بذلك إلى كراهية واقعي، وكراهية علاقتي بالوجود الإنساني، وكراهية علاقتي بالآخرين من حولي.

هكذا تجعل السلطة الدينية من أتباعها ناقمين على ورطة الوجود والعقل، ناقمين على الحاجة للحرية والخوف منها.

حين لا يستطيع عقلي أن يُنكر الواقع من حولي، بينما يُرغمني الدين على أن أعيد صياغة تصوراتي بما يتوافق وإياه، وحين أراه يتحدث عن الحرية، في حين أنه يذكّرني بأنني محكوم بقَدَر مُسبق مَحسوم لا رادَّ له، وقتها لا بد أن أكره نفسي وحاجاتي وآمالي وتطلّعاتي. 

إنّ عقلاً يثق بالمسموع على حساب المرئي، والمُجرَّب، والمعاش، هو عقل قاصر ومَعلول؛ إنّ عقلاً يتصالح يوميّاً مع هذا الاصطدام الحادّ والمؤلم بين الوعي الإنساني النقدي (الشكّ)، وبين التجربة التراجيدية المُذلّة للحياة التي يُصوّرُها ويفرضها الدين، هو عقل مجنون.   

لا يقف الأمر عند هذا الحدّ، فالدين لا يدفع فحسب باتجاه أن نكره أنفسنا، إنما أيضاً يُحرّضنا على ممارسة الكراهية بيننا، ويفعل ذلك بتكريسه الجهل أيضاً. 

إنه يُمارِس عليَّ إملاءاتِه، ويدعوني إلى أن “أتعهّد وألتزم” بـتحييد عقلي؛ يُعرّفُني بالعالم مقسوماً إلى قسمين: “نحن” و”الآخرون”، يَدّعي أننا مُتفوّقون به (أي بالدّين) على سائر الأمم والشعوب، أننا محظوظون، أننا نحن الأَعلون، وغيرنا الأذلّون، أننا “نشربُ إن وَرَدنا الماءَ صَفواً، ويَشربُ غيرنا كدراً وَطِينا”، أننا “خير أمة أخرجت للناس”، وما دوننا هم أناس وضيعون، فاسدون، ظالمون.

يتحدث عن أن الواقع حالِك ومُظلم، وأن المستقبل مجهول لا يَعلمه إلا القويّ الذي يجلس في الأعلى، وأنه من الضروري الإبقاء على كل شيء على ما هو عليه، وتوكيل الأمر لوالي الأمر الذي هو وَحده من يستطيع السير بنا إلى برّ آمن.

 وبعد هذه الجملة من التعريفات المختصرة للعالم، والتي يتبنّاها الدين والآيديولوجيا عموماً، يبدأ الحديث عن وجود مؤامرة تُكال وتُحاك وتُدَبَّر في الخفاء، بأنّ أولئك الآخرين/ الأعداء يتآمرون و “يَمكُرُون، ويَمْكُرُ اللهُ، واللهُ خَيرُ الماكِرين”. 

هكذا يُحاصِر الدينُ أتباعه وسط حالة من الحذر والترقّب وانعدام الثقة والأمان، فيفرّقُ بين الناس، ويَفتِنُهم، ويُخيفُهم من أولئك المختلفين عنهم، ويَدعُوهم إلى الشك بهم والحذر منهم، وذلك حتى يُحافظ على عزلتهم، فلا يكون لهم تصوّر أن هناك مُخلّصاً عَداه، فتنعدم جرأتُهم على البحث عن ملجأ آخر سواه، وهكذا تتعطّل قُدرتهم على تَغيير واقِعهم خارج المنظومة المعرفية التي يَفرضُها عليهم.

وهنا، نرى كيف تكون الدعوة الدينية/ الآيديولوجيّة إلى الكراهية، والتي تقوم على مبدأ “نحن- الآخرون” هي دعوة سياسية أصلاً، فقوله “اتّبعوني أدلّكم”، وتحذيرهُ ممن يُخالِفون، وادّعاؤهُ بأنه الصادق الوحيد في عالم كاذب… هي ممارسة سياسية، أبعد ما تكون من مُجرد معتَقَد حيادي وبريء.   

اللائكية والدين

النص الديني يَدفع باتجاه الكراهية، ويُحرّض على ممارستها، لذا ترى اللائكية فيه خصماً، وترى في مشروعه السياسي خَطراً يُهدد مصير المجموعة البشرية؛ فعَبر تقسيم تلك المجموعة إلى مؤيدين حُلفاء، ومُعارضين أعداء، يَضرب الدين أحد أهم شروط بناء الدولة وهو “المواطَنَة”، أي التساوي أمام القانون في الحق والواجب. 

خطابُ الجهل واللاعقل، خطاب التمييز بين الناس، وعدم المساواة بينهم، وإكراههم على الاتّباع والتبعّية لسُلطة واحدة مُطلقة من دون قيد أو شرط، وتحذيرهم وتخويفهم من بعضهم هو خطاب الكراهية الدينية، وهو خطاب خطير يُشكّل هويّته الأيديولوجيّة التي تستدعي إقصاءه عن ممارسة السياسة.

لا يمكن أن تستمر الدولة من دون أن نتجاوز خطاب الكراهية، ولا يمكن أن نتجاوز خطاب الكراهية من دون التعرّف إلى الآخرين، والانفتاح على ما عندهم، لذلك ترى اللائكية أنّ الدين إذا ما أراد أن يظلّ مُعززاً مُكرماً فعليه أن يتعقّل لمصلحته بأن يُقدِّم العقلَ على النقل، وأن يتجرّأ بعقله وضميره على تخيّل واقع أفضل، وأن يمنع السياسيين من استخدامه والعبث به، وأن يمتنع هو نفسه عن ممارسة السياسة أو التطلّع نحو السلطة، وأن يبتعد من المجال العام، ويكتفي بأن يكون هناك، في المنازل والقلوب. 

تريد اللائكية من الدين ألا يقترب من السلطة، لأن خطابه مغامِر وخطير، ولأنه لا يستطيع أن يهرب منه بُحكم أنه يؤمن بسُلطة النقل على العقل، فهو لا يستطيع أن يضع حدّاً لتأويلات نصوصِه والتلاعب بها، إن خطابَه وعجزه عن ضبط الفوضى يُشكّلان هويته، خطابُه لا يُساوي بين المواطنين، يُميّز بين الذكر والأنثى، يميز بين مؤمنين وكفار، بين من يدخل الجنة ويدخل النار… خطابه يُعرض سكان الدولة لخطر الحرب الأهلية الداخلية والخارجية.

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!