fbpx

هل يكون إسلاميو اسرائيل حبل نجاة نتنياهو؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا يجدر إغفال جانب أساسيّ وهو أنّ هذه الانتخابات الإسرائيليّة الرابعة في خلال سنتين وأنّ نتانياهو، وبعد فرز جميع الأصوات، لم يتمكّن من حصد الأغلبيّة في الكنيست والتي تمكّنه بدورها من تشكيل الحكومة الجديدة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“أنا لست في جيب أحد”، تختزل هذه الجملة لقائد القائمة العربيّة الموحّدة، منصور عبّاس، القوّة المتنامية للتيار الإسلاميّ في إسرائيل.  

فلا شكّ في أنّ إحدى  مفاجآت الانتخابات الإسرائيليّة الرابعة خلال سنتين، والتي عقدت في الأسبوع الثالث من آذار/ مارس 2021، هي وصول التيار  الإسلامي الذي انفرد في لائحة واحدة إلى  الكنيست الإسرائيليّة. الّا أنّ الدور الإسلامي في هذه الإنتخابات جاء على حساب الدور العربي. فإنّ أبرز المستفيدين من انقسام اللائحة العربية المشتركة إلى لائحتين: القائمة المشتركة المناهضة لرئيس الوزراء الحالي، بنيامين نتانياهو، والقائمة العربيّة الموحّدة التي آثرت الحياد حتى اللحظة، هو نتنياهو نفسه. فقد نجح نتنياهو في “تفكيك القائمة المشتركة وتفكيك العرب كقوة في الكنيست”، بحسب ما قالت الإعلاميّة المتخصّصة في الشأن الإسرائيلي، آمال شحادة، لـ”درج”.

بينما يُهمّش الناخب العربي في معظم انتخابات الدول العربية الديكتاتوريّة، فهو يلعب  دوراً مهماً في الانتخابات الإسرائيليّة و”يُحسب له حساب”. فلافت هو الاهتمام الكبير بالناخبين العرب، وكان موقع “درج” نشر صوراً ولافتات تظهر كيفيّة استخدام المرشّحين شعارات باللغة العربيّة لجذب الناخبين العرب أي عرب 48 الذين باتوا قوّة انتخابيّة لا يستهان بها في الدولة، “ولهم تجربة حقوقيّة غنيّة… قد تكون لها انعكاسات على المدى البعيد… على من يدير دفّة القضيّة الفلسطينيّة أو يحمل الهمّ الفلسطيني”، بحسب ما قال الباحث السياسي في “مركز كارنيغي للأبحاث”، مهنّد الحاج علي لـ”درج”.

الدور الإسلامي العربي لا يقتصر على قوّتهم وأصواتهم كناخبين، بل تعدّى ذلك ليصبحوا فئة قد تحدّد هويّة رئيس الوزراء المقبل.

ولكن الدور الإسلامي العربي لا يقتصر على قوّتهم وأصواتهم كناخبين، بل تعدّى ذلك ليصبحوا فئة قد تحدّد هويّة رئيس الوزراء المقبل. فبعد احتدام المعركة الانتخابيّة والتي تجرى للمرّة الرابعة خلال سنتين، بات لكل مقعد في الكنيست وزن وأهميّة وخصوصاً مقاعد تلك الكتل أو الأحزاب التي لم تحدّد بعد موقفها من الكتلتين الأساسيّتين: الكتلة الداعمة لرئيس الوزراء الحالي، بنيامين نتانياهو، والكتلة المناهضة له.

وأبرز هذه الأحزاب هي: “حزب يامينا اليميني”، بقيادة نفتالي بينيت، و”القائمة العربية الموحدة” بقيادة منصور عباس. وبالتالي يبدو أنّ المعركة قد يحسمها بينيت وعبّاس.

وفي هذا السياق، كتبت جريدةهآرتسالاسرائيليّة “يبدو أن نفتالي بينيت…  يواجه أهم قرار في حياته السياسية – وفي تاريخ إسرائيل”، “لأن كل مقعد في الكنيست في اتجاه أو آخر يمكنه تغيير الصورة تماماً”، وبالتالي فإنّ “بينيت هو الشخص الذي يمكنه أن يقرر بنفسه وجهة البلد إما “لليمين الكامل” أو نحو “حكومة عاقلة””، خصوصاً أنّه لطالما سوّق لنفسه أنّه “اليمين العاقل”.
أمّا موقع دويتشه فيله، فوصف التيار الإسلامي بـ”صانع ملك إسرائيل” وبـ”بيضة القبان” التي قد ترجّح الكفّة لكتلة نتانياهو، خصوصاً أنّ حظوظها كانت منخفضة، لا بل تقريباً معدومة، إلّا أنّها فاجأت الجميع واستطاعت حصد 4 مقاعد من مجموع 120 مقعداً في الكنيست.

وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الانتخابات أتت على خلفيّة فشل البرلمان الإسرائيلي في الاتفاق على ميزانية في كانون الأوّل/ ديسمبر، وبالتالي أنهت تقاسم السلطة القائم بين نتانياهو ومنافسه الرئيسي في الانتخابات الثلاث السابقة بيني غانتس في ظلّ حالة من الجمود السياسي (political deadlock) التي سادت الدولة في السنتين الماضيتين.

هل يرجّح التيار الإسلامي الكفّة لمصلحة نتانياهو؟

بعكس التوقّعات، استطاعت القائمة العربيّة الموحّدة والتي تتألّف من الجناح الجنوبي للحركة الإسلاميّة من الوصول إلى عدد الأصوات المطلوب لدخول الكنيست وحصلت على 4 مقاعد. وعلى رغم عدد مقاعدها المحدود، إلّا أنّ القائمة ستلعب دوراً مهمّاً، إضافة إلى “حزب يامينا”، في تحديد رئيس الوزراء المقبل. فعنونت الـ”فاينناشل تايمز” “رئاسة نتانياهو للوزراء تعتمد على تحالف غير مرجّح مع الإسلاميين”، وعنونت فرانس 24 “حزب إسلامي صغير قد يحدد شكل الحكومة الإسرائيلية المقبلة”، هذا فضلاً عن الكثير من وسائل الإعلام الغربيّة والإقليميّة التي سلّطت الضوء على أهميّة دور التيار الإسلامي في تحديد هويّة رئيس الوزراء القادم.

وتكمن أهميّة هذه اللائحة في انفصالها عن اللائحة المشتركة المؤلّفة من 3 أحزاب عربيّة مناهضة لنتنياهو والتي كان من المتوقّع أن تحصد 8 إلى 9 مقاعد ولكنّها حصدت 6 مقاعد. وبينما تقف اللائحة المشتركة في وجه نتنياهو، لم تظهر الحركة الإسلاميّة الجنوبيّة موقفاً واضحاً في هذا المجال ولكن عبّاس سابقاً كان قد امتنع عن التصويت لحلّ البرلمان في كانون الأول/ ديسمبر في خطوة اعتُبرت داعمة لنتنياهو، وكان مؤيّداً لاتفاقيّات التطبيع بين إسرائيل وبعض الدول العربيّة.

“ورغم أنّ نتنياهو وعد عبّاس بالكثير من الميزانيّات ومواجهة العنف في المجتمع العربي وغيرها من الوعود… لكن السؤال يبقى كيف سيتعاون نتنياهو مع منصور عبّاس، الذي أصبح نجماً إعلاميّاً بعد صدور نتائج الانتخابات”، وفقاً لشحادة، مرجّحة أن “يتعامل نتنياهو مع الأخير كما يتعاملون مع الحامضة: يعصروها وثمّ يرموها، فهذه هي سياسة نتنياهو”، فهناك معارضة شديدة لمنصور عبّاس بين الأحزاب اليمينيّة الداعمة لنتنياهو.

في المقابل، الباحثة السياسيّة المتخصّصة في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومديرة شركة Brehon Advisory لحلّ النزاعات، د. شيلي دين، توضح لـ”درج” أنّ “الانقسام بين القائمة العربية الموحّدة والقائمة المشتركة مؤسف ولكنّه ليس مفاجئاً، فهيكليّة السياسة الانتخابية الإسرائيلية تفسح المجال لتكتيكات المزايدة بين الأحزاب والفصائل”.

والجدير ذكره أنّ الحركة الإسلاميّة الجنوبيّة هي حركة دينيّة تحمل فكر جماعة الإخوان المسلمين لكنّها لا تتبع لها. وانفصلت عن الحركة الإسلاميّة العامة،التي تأسّست في إسرائيل عام 1971، بسبب مقاطعة الحركة الإسلاميّة الشماليّة انتخابات الكنيست في مقابل مشاركة الحركة الجنوبيّة فيها ودعوتها إلى الاندماج في المجتمع الإسرائيلي.

وفي سياق الحديث عن التيارات الإسلاميّة، كتب محمد شحادة في “هآرتس” أنّه “في تاريخ إسرائيل، أجرى ثلاثة رؤساء وزراء فقط محادثات معترف بها علناً مع حماس. وقد أثبت واحد منهم فقط أنه شريك براغماتي موثوق للحركة الإسلامية: بنيامين نتانياهو. فبقدر ما قد يبدو الأمر متناقضاً ومحيّراً ، فإن حكام غزة ينظرون إلى نتنياهو، العدو المعلن لحركة حماس، على أنه أفضل السيئين، والأقل شرّاً في الانتخابات الإسرائيلية”.

إضافة إلى ذلك، وبحسب موقع Times of Israel، تُظهر مراجعة النتائج شبه النهائية أن جهود “حزب الليكود” لجذب الناخبين العرب حقّقت بعض أهدافها، مع تضاعف الدعم لحزب نتنياهو في المجتمعات العربية وكانت الأصوات العربيّة أكثر بأربع، خمس وحتى ثمان مرات أعلى مما كانت عليه خلال انتخابات آذار/ مارس 2020. “ولكنها أيضاً كانت قليلة جداً من حيث الأعداد الفعلية – نتيجة انخفاض الإقبال بين الجمهور العربي وحقيقة أن دعم الليكود ، حتى تضاعف، ظل ضئيلاً في هذه المجتمعات”.

أفق مسدود؟

لا يجدر إغفال جانب أساسيّ وهو أنّ هذه الانتخابات الإسرائيليّة الرابعة في خلال سنتين وأنّ نتانياهو، وبعد فرز جميع الأصوات، لم يتمكّن من حصد الأغلبيّة في الكنيست والتي تمكّنه بدورها من تشكيل الحكومة الجديدة. وعلى رغم أنّ نتانياهو هو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول خدمة في تاريخ إسرائيل، إلّا أنّ ظاهرة إجراء أربع انتخابات في ظلّ سنتين هي أيضاً جديدة على التاريخ الإسرائيلي.

وبينما من المحتمل، أو المرجّح، أن ينقذ اليميني نفتالي “حزب الليكود” ونتانياهو في اللحظات الأخيرة إلّا أنّ تردد نفتالي ووصول الانتخابات إلى هذه الدقّة هو بحدّ ذاته نقطة مهمّة.

وممّا لا شكّ فيه أن وضع اليسار الإسرائيلي في تحسّن، وإن كان بطيئاً، خصوصاً أنّ حزبي “ميرتس” و”حزب العمل” أصبحا أقوى من أي وقت مضى، ولكن يبقى الواقع أنّ اليسار بعيد جدّاً من الوصول إلى سدّة الحكم في أي مرحلة قريبة فـ”اللعبة الآن هي بين حكومة يمينية وحكومة يمينية. لا فرصة ليتمكن اليسار وحده من تشكيل أي حكومة في السنوات المقبلة”، بحسب هآرتس، التي تشدد على ضرورة “بناء معسكر ديموقراطي جديد من الألف إلى الياء، بما في ذلك شراكة حقيقية مع المجتمع العربي”.

وبينما شكر نتانياهو جمهوره راهناً قائلاً “لقد أعطيتم انتصاراً كبيراً لليمين والليكود تحت قيادتي. الليكود هو أكبر حزب على الإطلاق”، مفاخراً بأن “معظم الإسرائيليين يمينيون ويريدون حكومة يمينية قوية ومستقرة”، قال زعيم المعارضة الرئيسي يائير لبيد، الذي فاز حزبة بـ 17 مقعداً في الكنيست، إنه “فخور” بالإنجاز “الهائل” لحزبه.

كل الحديث عن “مقاومة” إسرائيل هو حديث فارغ من المضمون وهو خطاب شعبويّ استقطابي، بدليل مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، فالجماعات الموالية لإيران، “عدوّها الأوّل والوحيد هو الخليج العربي”.

ولكن تبقى المعضلة الأكبر اليوم هي تشكيل الحكومة، فهل يستطيع نتانياهو تشكيل حكومة فاعلة ومستقرّة؟ أم سيتّجه إلى انتخابات خامسة؟ تستبعد دين “أن يرغب نتانياهو في العودة إلى صناديق الاقتراع في انتخابات خامسة، بسبب انخفاض نسبة المشاركة الانتخابية”، وتضيف أنّ “الصفقات الضرورية لأي ائتلاف ستؤدي إلى خيارات وزارية مثيرة للاهتمام، وتسمح باتخاذ قرارات بشأن قانون الدولة القومية، والتسويات غير القانونية من قبل أمثال حزب نفتالي بينيت “يامينا”. سيتعين على نتانياهو أن يتذكر أن بينيت قد تعلّم من تجارب يائير لابيد في التعامل مع نتانياهو ، ما يعني أنه بغض النظر عن صانع الملوك في هذه الانتخابات، سيتم قطع أجنحة صنع القرار في نتنياهو”.
وفي هذا السياق، يقول الحاج علي إنّه “في حال كان نتانياهو مرتاحاً في آلية اتّخاذ القرار داخل الحكومة، فسينعكس هذا على الملف الإيراني وقد يفكّر بالتحرّك عسكريّاً وبتوجيه ضربة إلى إيران أو حزب الله…. فقد أصبحت مواجهة التهديد الإيراني وتهديد حزب الله أكثر جديّة”.

إنّما هذا أيضاً يرتبط بالعلاقة الأميركيّة – الإيرانيّة واحتمال توقيع اتفاق نووي جديد، وفقاً للحاج علي. وفي هذا السياق، تقول دين أنّ “إدارة بايدن تطالب بالمزيد من إسرائيل وهذا سيؤثّر في مقاربة نتانياهو للعلاقات الإقليمية”.

الانعكاسات على المنطقة

عملاً بمبدأ نظريّة الدومينو (Domino Theory) في العلوم السياسيّة، فإنّ خضوع دولة واحدة في منطقة ما لتأثير أيديولوجيّة معيّنة (الشيوعية في ذاك الوقت)، فإن الدول المجاورة ستتبعها تحت ما يُعرف بتأثير الدومينو، فإنّ فوز اليمين الإسرائيلي في الانتخابات للمرّة الرابعة سيزيد من التمسّك باليمين السياسي في الدول المجاورة لإسرائيل. ولكن الباحث السياسي في كارنيغي، مهنّد حاج علي، يعتبر أنّ لا ثنائيّة قطبيّة في المنطقة اليوم، خصوصاً بفعل وجود الكثير من القضايا والأزمات المختلفة مثل “الهموم السوريّة، اليمنيّة، العراقيّة والليبيّة وغيرها” وبالتالي لم تعد القضيّة الفلسطينيّة هي الوحيدة.

ويشاركه الرأي  الباحث السياسي وأستاذ العلوم السياسيّة في الجامعة الأميركيّة في بيروت، د. عماد سلامة، الذي يرى أنّ الشرق الأوسط يشهد صراع قوى طائفيّة بتروليّة بشكلٍ أساسيّ بين “البتروليّة السنيّة المتمثّلة بالمملكة العربية السعوديّة والبتروليّة الشيعيّة المتمثّلة بجمهوريّة إيران الإسلاميّة”. ويرى أنّ فوز نتانياهو يعمّق من التحالف الإسرائيلي- العربي في وجه المحور الإيراني المدعوم من روسيا والصين، وبالتالي هو بالطبع ليس من مصلحة المحور الإيراني الذي يهدف إلى إضعاف القوّة الخليجيّة، ولكن كلّه على حساب القضيّة الفلسطينيّة.

وبالنسبة إلى سلامة، كل الحديث عن “مقاومة” إسرائيل هو حديث فارغ من المضمون وهو خطاب شعبويّ استقطابي، بدليل مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، فالجماعات الموالية لإيران، وفقاً له، “عدوّها الأوّل والوحيد هو الخليج العربي”. ويرى سلامة أيضاً أنّ الحركة اليساريّة شبه معدومة في العالم العربي باستثناء بعض الجماعات والأفراد القلائل وهم بالأغلب من “البرجوازيّة المتوسّطة”. وتبقى الضحيّة الكبرى لا بل الوحيدة، هي القضيّة الفلسطينيّة التي تندثر يوماً بعد يوم في ظلّ  استغلالها لمصالح سياسيّة تارةً والتخلّي عنها تارةً أخرى.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.