fbpx

“نووي” الزهراني: السلطة فاسدة ومهملة وكاذبة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الحكومة إمّا تتعمّد أن تدبّ الذعر في نفوس المواطنين أو أنها ترى في المشهد اللبناني المثقل بالأزمات متسعًا لاختلاق أزمات إضافية تشغل بها الرأي العام…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في وقت يرزح فيه لبنان تحت أعباء أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ عقود وفيما تواصل عاصمته وحيدةً لململة أشلائها بعد انفجار المرفأ في 4 آب من العام الماضي، خرج رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بعد اجتماع المجلس الأعلى للدفاع ليبشّر اللبنانيين “بفضيحة جديدة”.

القضية تشكّل “خطرًا داهمًا” على البلاد وفق تقرير أعدّته شركة  Combilift الألمانية أشارت فيه إلى وجود مواد خطرة في مستودع تابع لمنشآت النفط التي كشفت عليها في منطقة الزهراني جنوبي لبنان. دياب قال إن الخبراء في الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية أكّدوا أن هذه المواد “هي مواد نووية عالية النقاوة وخطيرة جدًّا”، ويجب أن يتم التعامل مع الملف بأقصى درجات الاستنفار الرسمي.

جاء النفي سريعاً من الجهة المعنية نفسها التي استند دياب إلى تقريرها في تصريحه، إذ أكّدت الهيئة أن المواد ليست خطيرة أبدًا كما أشاعت الحكومة في بيانها، ولكنّها تُصدر إشعاعات بنسب ضئيلة جداً وبالتالي يجب التعامل معها بطريقة علمية تتوخّى السلامة، بحسب ما أفاد مدير الهيئة الدكتور بلال نصولي لـ”درج”.

 لا يزال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ومعه السلطة بكل أركانها، يلهثون وراء “إنجاز” آخر يضيفونه إلى “كتاب إنجازاتهم” يستمرّ اللبنانيون في إحصاء الأزمات والمآسي المتتالية التي تبدأ بالسعي اليائس وراء لقمة العيش ولا تنتهي عند الذعر اليومي من تكرار الكارثة التي شهدتها بيروت في 4 آب 2020.

يقول نصولي الذي حضر اجتماع المجلس الأعلى للدفاع إن المواد التي وُجدت في مصفاة الزهراني هي عبارة عن كيلو و450 غرامًا من مادة أملاح اليورانيوم، وهي مادّة مشعّة تستخدم في البحوث العلمية التي تجريها المختبرات، ولها استخدامات سلمية مخبرية عدة، وهي تستخدم بالفعل في العديد من المختبرات الجامعية ومراكز الأبحاث في لبنان كعيّنات معيارية لتعيين تراكيز اليورانيوم في المياه والتربة والهواء، في إشارة إلى عدم خطورتها، وإمكانية الاقتراب منها، بأمان، من دون التعرّض لأي أذى. 

يؤكّد نصولي أن خبراء الهيئة قاموا بالكشف الميداني على منشأة الزهراني بكلّ أقسامها، وتأكدوا من عدم حدوث أيّ تلوّث إشعاعي داخلها. وبناءً على ذلك، ستُنقل المواد إلى مختبرات الهيئة للكشف عليها مجدّدًا وستُخزّن بعدها في منشأة الزهراني وفق التوصيات العلمية التي ستقدّمها الهيئة، أو ستبقى في مختبرات الهيئة نظرًا لأهميّتها الكبيرة في مجال البحث العلمي، ويرجّح نصولي اللجوء إلى الخيار الثاني لعدم توافر الإمكانيات اللازمة في الزهراني، وستقوم الهيئة بالتصريح عنها للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

يوضّح نصولي أن عبارة “عالية النقاوة” الواردة في تقريره المُرسل لوزارة الطاقة والتي أثارت بلبلة واسعة في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، لا تعني أن المواد عالية الخطورة، بل تعني فقط أن المواد هي ذات جودة عالية ولم تتعرّض للتأكسد أو الرطوبة ويمكن استثمارها بما يفيد البحوث العلمية لا أكثر، ولكنّه لا يلوم اللبنانيين الذين لم يستفيقوا بعد من أهوال انفجار المرفأ على حالة الهلع التي أصابتهم، بل يستغرب، الطريقة التي أعلنت فيها الحكومة عن الملف للبنانيين. بحسب نصولي فإن الحكومة إمّا تتعمّد أن تدبّ الذعر في نفوس المواطنين أو أنها ترى في المشهد اللبناني المثقل بالأزمات متسعًا لاختلاق أزمات إضافية تشغل بها الرأي العام، وهو ما حصل أيضّا لدى انتشار تقارير تفيد بوجود نفايات مشعة قد تكون قابلة للانفجار بالقرب من المطار، الأمر الذي تنفيه الهيئة “فهناك مواد مشعّة في مخزن مبنى الهيئة على طريق المطار القديم، موضبة بشكل آمن وهي غير قابلة للانفجار وليست خطيرة.”

يعلّل نصولي استغرابه بأن المراسلات الرسمية بينه وبين وزارة الطاقة حول مواد مصفاة الزهراني بدأت منذ أوائل الشهر الجاري، وهو حرص فيها على التأكيد بأن الهيئة تتعامل مع الملف بحرفية عالية، وقدّم شرحًا تفصيليًا حول كيفية التعاطي السليم مع تلك المواد، ليتفاجأ بقيام وزير الطاقة ريمون غجر بإبلاغه بإدراج الملف كبند على طاولة اجتماع المجلس الأعلى للدفاع.

وفي معرض تلميحه إلى سعي الدولة لتسجيل انتصارات وهمية عبر إعلانها عن الملف بهذا الشكل، ينفي نصولي كل ما يتم تداوله من شائعات حول مصدر تلك المواد والغاية من تخزينها في الجنوب مؤكّدًا أنه ونظرًا لضآلة كميتها، لا يمكن استخدامها في صناعة الأسلحة أو القنابل الصغيرة أو في استخراج اليورانيوم الذي يحتاج لتقنيات يُصعب امتلاكها، وأن وجودها ولوقت طويل في مصفاة الزهراني يعود للإهمال الرسمي الكبير لا أكثر، مضيفاً: “يمكن هني نفسهم بالزهراني ما بيعرفوا مصدرها.” 

المواد التي كشف عنها أُدخلت إلى المصفاة في الخمسينيات، بحسب مدير منشآت النفط في الزهراني زياد الزين، الذي يؤكد أن المنشأة حينها كانت بإدارة الشركة الأميركية Medrico، وقبل إصدار معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية فلا يكون بذلك لبنان مخالفًا للمعاهدات الدولية، ويشير إلى أن الكشف عنها جاء بعد أن قامت المديرية العامة للنفط بجردة شاملة في منشآت الزهراني من خلال تفويض الشركة الألمانية المتخصصة التي استُقدمت بعد انفجار مرفأ بيروت. وبعد اطّلاعها على محتويات منشأة الزهراني، أبلغت الشركة الدولة اللبنانية أنّه ونظرًا لوجود ملصقات تحمل عبارة “مشعّة” على العقاقير التي تحتوي تلك المواد، فهي لن تنظر فيها كونها تتعامل مع المواد ذات الطبيعة الكيميائية فقط. الأمر الذي يؤكّد من جديد أن ما نسبته الحكومة للشركة من معلومات حول خطورة المواد المُكتشفة، يقع في إطار التهويل غير المبرر.

وتعليقًأ على ذلك، يقول نصولي “لو عم يصير جردات دورية بهالأمكنة مثل ما لازم، ما كان انفجر المرفأ” ليعود ويستدرك “يمكن لو ما انفجر المرفأ وخافوا من إنفجار غيره، ما كنا عرفنا شو مخزّن بهالمنشآت.” 

هذه هي المعادلة المميتة التي ترسيها الدولة اللبنانية بفشلها الذريع في إدارة كل الملفات هي الأخطر على اللبنانيين. ففيما لا يزال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ومعه السلطة بكل أركانها، يلهثون وراء “إنجاز” آخر يضيفونه إلى “كتاب إنجازاتهم” يستمرّ اللبنانيون في إحصاء الأزمات والمآسي المتتالية التي تبدأ بالسعي اليائس وراء لقمة العيش ولا تنتهي عند الذعر اليومي من تكرار الكارثة التي شهدتها بيروت في 4 آب 2020.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.