fbpx

على رغم هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية لا يزال العراق يُمثل جحيماً للمثليين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يقول عمر وهو شاب مثلي الجنس يبلغ من العمر 28 سنة، ويعيش الآن في لبنان، “لقد قُتل صديقي عام2017. كنا سوياً لمدة عامين، وكان سندي الوحيد في هذه الدنيا. بعد مقتله بوقت قصير، اضطررت إلى الهروب لإنقاذ حياتي”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يقول عمر- وهو شاب مثلي الجنس يبلغ من العمر 28 سنة، ويعيش الآن في لبنان- “لقد قُتل صديقي عام2017. كنا سوياً لمدة عامين، وكان سندي الوحيد في هذه الدنيا. بعد مقتله بوقت قصير، اضطررت إلى الهروب لإنقاذ حياتي”.

عمر وشريكه الراحل ليسا الوحيدين اللذين عانيا من ذلك. فقد تعرض ما يقرب من 96 ٪ من المثليين العراقيين إما إلى العنف اللفظي أو الجسدي، وفق ما أكّدت الدراسة الأولى من نوعها عن طبيعة حياة المثليين في العراق.

وفقاً لتقديرات الدراسة، فقد قُتل أكثر من 220 شخصاً مثلياً في العراق عام 2017. وتُشير الدراسة إلى أن “حملات قتل” سنوية شُنت في العراق استهدفت الأشخاص المثليين منذ عام 2003.

تعد تجربة عمر واحدة من 257 شهادة للمثليين العراقيين، والأشخاص ذوي الميول الجنسية المختلفة الذين يشكلون أساس “النضال من أجل الحق في الحياة”، وهي منظمة لحماية حقوق المثليين في العراق.

جُمعت التقارير من قبل منظمة “عراق كوير”  IraQueer إضافة إلى مجموعة من الشركاء الذين يرغبون في البقاء مجهولين، لأسباب تتعلق بالسلامة. أجرى المشروع البحثي الذي استمر لمدة سنة، مقابلات مع 11 مسؤولاً وموظفاً حكومياً و16 إماماً دينياً، و201 عضو من أعضاء المجتمع المدني العراقي، وسعى إلى جمع المعلومات حول الخبرات العراقية التي تتعلق بالمثليين بين عامي 2015 و2018.

تُعد “مُنظمة عراق كوير”، المنظمة الأولى والوحيدة المعنية بشكل حصري بالمجتمع المثلي في العراق وإقليم كردستان، وتأسست عام 2015.

 

صرح أمير عاشور، المؤسس والمدير التنفيذي للمنظمة، لصحيفة “دايلي بيست”، قائلاً، “تعد تلك الدراسة الأولى من نوعها في العراق. فلم يسبق أن نشرت الإحصاءات الخاصة بمجتمع المثليين في العراق من قبل على الإطلاق”.

“قد يبدو هذا الرقم صغيراً عند مقارنته بدراسات أخرى في بلدان مثل المملكة المتحدة، لكن بالنسبة إلى دولة مثل العراق، قد تؤدي مشاركة مثل تلك المعلومات علناً إلى إثارة مواجهات عنيفة وربما التعرض للقتل، لذا فهذا الرقم يثير الدهشة بشكل إيجابي”.

يشير التقرير إلى أن الجماعات المسلحة مثل تنظيم الدولة الإسلامية وجماعة إسلامية أخرى مثل “عصائب أهل الحق”، هما من بين الجماعات التي تهدد مجتمع المثليين في العراق، مع الاضطهاد من قبل تنظيم “القاعدة” بشكل خاص الذي يجيز إلقاء من يُعرف عنهم أنهم مثليون من أعلى البنايات.

ذكرت منظمة “عراق كوير”، أن الجماعات المسلحة استخدمت أيضاً الحجارة وزجاجات الغاز والبنادق وغيرها من الأسلحة لقتل المثليين.

وقد وقعت عمليات القتل هذه في الآونة الأخيرة في شهر أيلول/سبتمبر عام 2017. كما أفاد كثر من المثليين بأنهم تعرضوا لاعتداءات جنسية من قبل أفراد تلك الجماعات. كما تعرض المثليون للمضايقات الجسدية واللفظية من قبل أفراد الأسرة والقبيلة، الذين يتهمونهم بتلطيخ “شرف” عائلاتهم بالوحل.

وتقول الإحصاءات إن 31٪ من الانتهاكات ضد المثليين تقع من قبل الميليشيات المسلحة و27٪ من أفراد الأسرة و22٪ من قبل الحكومة و10٪من قبل تنظيم الدولة الإسلامية و10%من قبل “آخرين”.

ووفقاً لمنظمة عراق كوير و”مؤسسة أوترايت” Outright International غير الربحية، فقد ارتكب تنظيم الدولة الإسلامية نحو 30 جريمة قتل لرجال مثليين.

ووجدت الدراسة أن ما يقرب من النصف من أعمال العنف ضد المثليين حدثت في مناطق وسط العراق، و32 % في كردستان العراق، و26 % في جنوب العراق.

وقال عاشور أثناء المقابلة التي أجراها مع صحيفة “ديلي بيست”، “يواجه المثليون في العراق خطراً يهدد حياتهم”. وأضاف: “لا تزال حملات القتل السنوية التي تحدث منذ أكثر من عقد من الزمان غير معترف بها من قبل الحكومة، ولم تتم حتى مساءلة شخص واحد عن قتل شخص مثلي”.

وأردف: “الحقيقة أن 96 % من الذين استجابوا لهذا الدراسة من المثليين، واجهوا عنفاً، وهذا الأمر مروّع. ليس فقط لكون المرء لا يستطيع الإفصاح عن ميوله، بل أيضاً مجرد الشعور بأن هناك شخصاً مثلياً أو حتى تسرب شائعة بسيطة عن ذلك، يمكن أن يؤدي إلى تعرض ذلك الشخص إلى القتل. ويتضمن التقرير تفاصيل الانتهاكات المختلفة التي يواجهها مجتمع المثليين، وجميعهم يشتركون في الشعور ذاته بانعدام الثقة في الحكومة العراقية”.

تعيش الغالبية العظمى من المثليين المشاركين في الدراسة التي أجرتها منظمة “عراق كوير” في العراق، ولكن شارك أيضاً بعض طالبي اللجوء خبراتهم. كما كان 61.5% ممن شملهم الاستطلاع من الرجال المثليين، و26.1 في المئة % مثليات، و2.6٪ من ثنائيّي الجنس، و8.3 ٪ من المتحولين جنسياً، و1.5٪ يعرفون أنفسهم بأنهم “آخرون”.

وأضاف التقرير أنه منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عام 2003 على العراق، يواجه جميع العراقيين ظروفاً تُهدد بقاءهم على قيد الحياة. “لكن الوضع بالنسبة إلى الأفراد ذوي الميول الجنسية المثلية أسوأ وأكثر خطورة، لأنهم يفتقرون إلى أي حماية قانونية من أي نوع، وحتى الآن لا توجد إرادة سياسية من جانب الحكومة للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان ضد المثليين. وترفض الحكومة الاعتراف بالمثليين باعتبارهم مواطنين عراقيين لهم حقوق، كما أنها غير مستعدة لحمايتهم”.

“تُعتبر حاجات المثليين العراقيين أساسية للغاية”، وفق ما قال عاشور لصحيفة “ذا ديلي بيست”. وتابع: “نحن في حاجة إلى حقنا في الحياة. نحن في حاجة إلى حقنا في الصحة. نريد أن نشعر بالأمان في كل مرة نخرج فيها من منازلنا. نحتاج إلى الحماية من غارات الشرطة غير القانونية على منازلنا، والعنف الذي ترتكبه الجماعات ضدنا. في الوقت الراهن، نريد ببساطة أن نشعر بأن لحياتنا معنى”.

يستعرض التقرير عدداً من أصوات المثليين من داخل العراق.

قالت رنا من بابل: “سأموت من دون أن يعلم أحد بأنني مثلية. كل المشاعر التي لديّ، وجميع الفتيات اللواتي أُعجبت بهن، سيبقى كل ذلك أسراراً سوف آخذها معي إلى قبري. لا أعتقد أنني سأعيش إلى أن أرى العراق يرحب بأشخاص مثلي”.

وقال مازن، وهو رجل مثلي الجنس يعيش في بغداد، أثناء مقابلة أجراها مع منظمة “عراق كوير”، “هربت من منزل عائلتي منذ ستة أشهر. يعمل والدي ضابط شرطة ونمى إلى علمه أنني مثلي. ومنذ ذلك الحين وهو يُهدد بقتلي. ولذلك أقيم في منزل صديقي، ونادراً ما أخرج”.

وقال روا، وهو شاب مثلي الجنس يبلغ من العمر 26 سنة، إنه غير قادر على الاستمرار في عمله بسبب تعرضه للعنف والتحرش الجنسي. “لقد اُغتصبت من قبل رئيسي عندما كنت أعمل نادلاً. ثم هدد بأنه سيبلغ عني الشرطة إذا فضحت أمره. لم يكن لدي خيار سوى الهرب.”

وقالت هنا التي تبلغ من العمر 31 سنة وتعيش في إقليم كردستان العراق “كل يوم أقضيه مع زوجي يموت جزء آخر مني. فقد أجبرني أبي على الزواج من ابن عمي. لم أعد أتعرف إلى نفسي في المرآة”.

ووفقاً لما ذكره التقرير، يواجه أعضاء مجتمع المتحولين جنسياً خطراً من نوع خاص، “وجودهم مهدد”. إذ لا يعتبر العلاج بواسطة الهرمونات قانونياً، وبالتالي يزيد هذا من خطورة التحول الجنسي. إضافة إلى أن القانون لا يسمح بإجراء عمليات جراحية لتغيير الجنس، وإذا ما تمكن بعض الأشخاص من إجراء العملية الجراحية خارج البلاد، فإنهم يواجهون صعوبات في الحصول على وثائق قانونية تعكس هويتهم الجنسية. وأفادت منظمة “عراق كوير” بأن المتحولين جنسياً يتعرضون إلى إساءات لفظية وجسدية وجنسية عند مرورهم على نقاط التفتيش المختلفة في أنحاء بغداد والمدن الأخرى.

كما تعرض أفراد آخرون ينتمون إلى مجتمع المثليين، لاعتداءات جسدية في شمال العراق في ظل حكومة إقليم كردستان. وألقت الشرطة القبض على سزجار التي تبلغ من العمر 41 عاماً مرات عدة، “هدد ضابط الشرطة باغتصابي وقال إنه قد يجعل ذلك مني امرأة حقيقية”.

“لا يحتاج مجتمع المثليين في العراق سوى إلى نشاط حقوقي للمثليين”، وفق قول عاشور لصحيفة “ديلي بيست”. وتابع حديثه، “نحن في حاجة إلى منظمات حقوق الإنسان، وإلى مجموعات حقوق المرأة ونشطاء حقوق الأطفال وغيرهم ممن يركزون على التعليم والصحة ويتعين عليهم أن يلتزموا بالشمولية عند عملهم في مجال حقوق الإنسان. نحتاج إلى أن يدرك المجتمع أن الدعوة إلى حقوق الإنسان لا تتجزأ. إما أن نحصل على المساواة أو لا”.

قال 89 ٪ ممن شملهم الاستطلاع إن التغطية المستمرة لوسائل الإعلام العراقية ضد المثليين، قد أثرت سلباً في إدراكهم لذواتهم.

 

يضطر طالبو اللجوء الجنسي من المثليين داخل العراق إلى الفرار من ديارهم لحظة يُكشف أمرهم سريعاً لدرجة أنه لا يتوفر لهم الوقت لجمع الوثائق المهمة. قال عمار، وهو أحد طالبي اللجوء إلى ألمانيا لمنظمة عراق كوير، “لقد هربت من المنزل بعد أن وجدني والدي مع صديقي في غرفتي. لو كنت قد بقيت لجمع مستنداتي، لكنت ميتاً الآن”.

خلصت الدراسة إلى الآتي، “لضمان حقوق الإنسان لمجتمع المثليين، لا يحتاج العراق إلى إصدار أو تعديل التشريعات. بل تحتاج الحكومة العراقية ببساطة إلى احترام وتنفيذ التزاماتها الخاصة بالدستور والقوانين الوطنية، والوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان”.

ووفقاً لما قاله عاشور لصحيفة “ديلي بيست”، “إن أهم ما نطلبه هو حماية مجتمع المثليين من حملات القتل المنظمة ضده، ومحاسبة الجناة على جرائمهم. فمن دون الحصول على حقنا في الحياة، ليس هناك جدوى من الحديث عن أي من حقوقنا الأخرى”.

ينبغي على الحكومة العراقية احترام القوانين العراقية والدولية وتطبيقها، وكلاهما يجب أن يكون كافياً لحماية المثليين من جرائم القتل وانتهاك حقوق الإنسان.

“كما أننا نريد أن يدرك الناس كم الصعوبات التي نواجهها كمجتمع وكمنظمة، ونأمل أن يحفزهم ذلك على دعمنا مالياً وسياسياً. للأسف، ليس لدينا الكثير من المساحة للقيام بأي من ذلك داخل العراق، ليس علناً وبأمان على الأقل. نحن في حاجة إلى الاعتماد على داعمينا على مستوى العالم لمساعدتنا في بناء قاعدة أقوى تمكننا من تعزيز مجهوداتنا داخل العراق”.

كثيرون من الذين تحدثت إليهم المنظمة أصبحوا بلا مأوى أو يعيشون في ظروف موقتة، إذ تطاردهم جماعات مختلفة ولا يملكون الوسائل الكفيلة لإعالة أنفسهم، وفق عاشور.

“يُمكن أن تنقذ تبرعات الأشخاص حياة المثليين العراقيين، وتساعدنا في توفير السكن الآمن والخدمات الطبية وغيرها من الاحتياجات الأساسية”.

وقال عاشور: “لا يتضمن التقرير قصص أولئك الذين قُتلوا ولم يتمكنوا من مشاركة قصتهم، كم عدد القصص التي كان من الممكن توثيقها لو كنا نعمل في بلد أكثر أماناً لا نخاف فيه من إجراء مثل هذه الأبحاث ولا يخاف الناس فيه من مشاركة قصصهم؟”.

قصة شاب مثلي كما يرويها

 

“لقد ولدت في عائلة كردية من الطبقة المتوسطة.

كان والداي وما زالا يشغلان مناصب حكومية. عندما كنت طفلاً، كنت فضولياً واجتماعياً، وكنت أتوق دائماً لبناء معرفة حول الأشياء والأشخاص. تعلمت العربية من خلال مشاهدة الرسوم المتحركة قبل بدء الدراسة بفترة طويلة. كنت متفوقاً في دراستي وكان والداي يفخران بي.

على رغم أنني كنت أشعر دائماً بأنني مختلف عن أصدقائي، إلا أن مشاعر الاختلاف والعزلة بدأت تزداد عندما اقتربت من سن البلوغ. كان بعض الأصدقاء يرونني صوراً وفيديوهات إباحية، وسرعان ما أدركت أنني أميل إلى الذكور. في البداية، لم أكن أعرف الاسم الذي يطلق على هذه الحالة ولم أكن أعرف أيضاً أن المجتمع يرفضها.

ومع ذلك، لم يستغرق الأمر طويلاً حتى تعرفت إلى معنى الكلمة من الإنترنت. الحالة التي كنت فيها تسمى “مثلي الجنس”. علمت أن كونك مثلياً أمر غير مرحب به في المجتمع، وكنت أقضي ساعات كل ليلة أبحث في غوغل عن “كيف أتوقف عن كوني مثلي”.

الإجابات التي حصلت عليها لم تكن هي ما رغبت في إيجاده. تضرعت وصليت إلى الله طالباً منه أن يغيرني، لكن من دون جدوى، تقبلت في نهاية المطاف فكرة أنني لا أستطيع تغيير هويتي الجنسية، لكنني لم أتقبلها. وكنت مصمماً على إخفائها وأن أبقى عازباً إلى الأبد.

عندما دخلت المدرسة الثانوية كانت مدرسة للذكور فقط، وقعنا أنا وزميلي في حب بعضنا بعضاً. لم نتحدث أبداً عن كوننا مثليين لكننا كنا نحب بعضنا. لم تنته التجربة بشكل جيد، وغرقت بعدها في ما تم تشخيصه الآن بأنه اكتئاب سريري.

استغرق الأمر مني بضع سنوات حتى أتحسن، وحتى الآن ما زلت أعاني من الاكتئاب. بدأت أتقبل هويتي الجنسية مع الوقت. كنت محظوظاً جداً لأن لدي أصدقاء منفتحين. لقد أفصحت بتمهل عن هويتي الجنسية لأصدقائي المقربين، وقدموا لي الدعم جميعاً ودعموا هويتي الجنسية أيضاً.

وبالعودة إلى واقعنا اليوم، فقد تقبلت هويتي بالكامل وأنا محاط إما بأصدقاء مثليين أو بأصدقاء يدعمون المثلية بشكل كبير وأعتبرهم عائلتي. بعضنا يعيش في بلدان مختلفة، ونزور بعضنا بعضاً بقدر ما تسمح الظروف.

-ماذا حدث لك؟

لم أتشاجر سوى مرة واحدة مع الشرطة. كنت في ذلك الوقت في موعد غرامي مع رجل وكنا نقود السيارة متجهين إلى الجبال هرباً من الواقع. كان الوقت متأخراً جداً وكانت سيارة شرطة تلاحقنا. أوقفونا وأخبرونا أنهم رأونا نتبادل القُبل. ثم بدأوا إهانتنا وانهالوا علينا بالضرب. لكنهم سمحوا لنا بالذهاب في النهاية.

-ما الذي حدث بعد ذلك؟

لم أذهب إلى الجبال مرة أخرى.

-أين أنت حالياً؟

أدرس في الجامعة في كردستان / العراق.

-كيف حالك الآن؟

أنا في مكان مظلم للغاية. أعاني من الاكتئاب الذي أثر في جوانب حياتي كلها. على رغم أن لدي الكثير من الأصدقاء الذين يدعمونني، ما زلت أشعر بالغربة.

 

هذا المقال مترجم عن موقع the daily beast ولقراءة المقال الاصلي زوروا الرابط التالي