fbpx

حظر التجوّل في بغداد… بعض الهواء النقي لذوي الأمراض التنفسية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لم تعتد أجواء بغداد على الهواء النقي والسماء الصافية شبه الخالية من التلوث الهوائي، ولكن منذ فرض الحكومة العراقية حظراً شاملاً للتجوال، يشمل السيارات والمركبات، إلى جانب توقف معظم المصانع والمعامل والدوائر الأخرى، أصبح الهواء أكثر نقاء وصفاء.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تعاني منار حيدر (21 سنة) منذ أكثر من عقد من مرض الربو، وتلزم البيت في جميع الأوقات لتجنب تراجع حالتها الصحية بسبب التلوث في الهواء؛ بخاصة أنها تعيش في منطقة الزعفرانية جنوب شرقي بغداد، وهي منطقة صناعية محاطة بعدد من محطات الكهرباء، وقريبة من مواقع إحراق القمامة. لقد حُرمت منار الخروج الى الهواء الطلق جراء نسبة التلوث العالية في الهواء، إنما تغير شيء ما أثناء الحجر الصحي بعد تفشي وباء “كورونا”، وأصبح بإمكانها الخروج والاستمتاع بالهواء. “لم اعتَد خلال الأيام العادية الخروج صباحاً إلى حديقة منزلنا، ولم أتمكن من الدراسة في الهواء الطلق، وذلك بسبب رائحة الدخان المنبعثة من محارق الازبال في معسكر الرشيد والتي كانت تملأ الهواء في الصباح الباكر وفي ساعات الليل المتأخرة، إلا أنني أستطيع الآن التنفس بحرية مطلقة صباحاً ومساء، بسبب توقف معظم عمليات إحراق القمامة وإشغال المصانع القريبة منا خلال أيام الحظر التي تبدأ من يوم الجمعة وتنتهي الأحد”.

كان لانحسار النشاط البشري في عموم العاصمة خلال ايام الحظر أثراً واضحاً على انخفاض نسب التلوث الهوائي إلى أكثر من نصف الدرجات المسجلة في الأيام الاعتيادية.

التلوث والأمراض التنفسية

 لم تعتد أجواء بغداد على الهواء النقي والسماء الصافية شبه الخالية من التلوث الهوائي، ولكن منذ فرض الحكومة العراقية حظراً شاملاً للتجوال، يشمل السيارات والمركبات، إلى جانب توقف معظم المصانع والمعامل والدوائر الأخرى، أصبح الهواء أكثر نقاء وصفاء. ولعل أكثر من يشعر بالفرق هم ذوو الأمراض التنفسية مثل سميرة فليح حسن، التي أصيبت بمضاعفات في الرئة بعد علاجها من “كورونا”، وهي تجد صعوبة بالتنفس خلال الأيام العادية بسبب معامل الطحين ومعامل البلاستك مثل معمل النسور لصناعة البلاستيك، القريبة من المساكن.

يسكن حسين مع والدته في منطقة طوبجي شمال العاصمة، يحدثنا كيف ساهم الانخفاض في التلوث في تحسن صحة والدته، “لقد أصبح بإمكانها الخروج والصعود إلى سطح المنزل، حيث تفضل الجلوس وتناول الشاي صباحاً خلال فترة الحظر”. تشعر سميرة فليح بان الهواء أكثر نقاء من الأيام التي لا تشمل حظر التجوال. 

“انخفاض مؤشر معيار التلوث في الهواء، سمة الدول النامية التي تهتم لصحة مواطنيها وحمايتهم من الأمراض والأوبئة التي قد تصيب الجهاز التنفسي”

كان لانحسار النشاط البشري في عموم العاصمة خلال ايام الحظر أثراً واضحاً على انخفاض نسب التلوث الهوائي إلى أكثر من نصف الدرجات المسجلة في الأيام الاعتيادية. هذا ما سجلته مواقع قياس التلوث العالمية من خلال قراءات PM 2.5 في الهواء الذي تتخذه السلطات والمنظمات البيئية كمؤشر لجودة الهواء، والذي يشكل مصدر قلق لصحة الإنسان عندما تكون مستويات قراءاته مرتفعة، بحسب “منظمة الصحة العالمية”.

تنوع مصادر تلوث الهواء في بغداد

تعاني العاصمة بغداد من مصادر كثيرة ومتنوعة للتلوث الهوائي، فالغازات السامة التي تنبعث من المنشآت الحكومية كمحطات الكهرباء ومصفى الدورة وبقية المصانع والمعامل الموزعة في أنحاء بغداد وأطرافها، تشكل خطراً كبيراً على صحة سكّان بغداد وضواحيها، إلى جانب ذلك فإن العاصمة شهدت توسعاً سكانياً كبيراً نسبياً في السنوات الأخيرة، وصل الى ما يزيد عن 8 ملايين نسمة. وترافق زيادة عدد السكّان بطبيعة الحال زيادة في متطلباتهم الحياتية مثل أعداد السيارات والمولدات الكهربائية، التي تشكل مصدراً لأطنان من ثاني أوكسيد الكاربون. إضافة إلى ما تقدّم هناك تلوث ناتج عن إحراق القمامة أو طمرها في مواقع غير مناسبة بالقرب من الأحياء السكنية في بغداد  أو داخلها، مع تقلص في المساحات الخضراء وعدم استحداث أي مشاريع جديدة لتوسيع الغطاء الأخضر.

تشير تقديرات “منظمة الصحة العالمية” إلى أنه عام 2016، كانت حوالي 58 في المئة من الوفيات المبكرة المرتبطة بتلوث الهواء بسبب أمراض القلب والسكتات الدماغية، في حين أن 18 في المئة من الوفيات كانت بسبب مرض الانسداد الرئوي المزمن والتهابات الجهاز التنفسي السفلي الحادة على التوالي، و6 في المئة من الوفيات، كانت بسبب سرطان الرئة. 

يقول الدكتور عبد الله الدليمي بروفسور واستشاري الأمراض الباطنية والقلبية والصدرية – أستاذ واستشاري في كلية الطب الجامعة العراقية، إن انخفاض التلوث في أيام الحظر كان له مردود إيجابي على الذين يحتاجون العناية الخاصة لأجهزتهم التنفسية، ويضيف: “انخفاض مؤشر معيار التلوث في الهواء، سمة الدول النامية التي تهتم لصحة مواطنيها وحمايتهم من الأمراض والأوبئة التي قد تصيب الجهاز التنفسي”. 

ستعود السماء الصافية، والأجواء النقية التي شهدتها العاصمة العراقية خلال أيام الحظر، عاجلاً أم آجلاً ستعود إلى سابق وضعها بعد انتهاء الجائحة، وسيخيم بدخان المصانع والمعامل وعوادم السيارات من جديد على الأجواء، ما لم تضع الحكومة حداً لأزمة تلوث الهواء، وتعمد إلى اتخاذ إجراءات ضد الانتهاكات البيئية داخل بغداد، ناهيك بالمعايير العالمية التي تُلزم الجهات المولدة للملوثات الالتزام بالشروط البيئية. حول كيفية معالجة هذه الازمة البيئية وإيجاد حلول مستدامة لها، المعاون العلمي لكلية علوم البيئة والطاقة في جامعة الكرخ الدكتور إبراهيم السوداني، يقول: “عندما نتحدث عن تلوث الهواء في بغداد وكيفية إيجاد حلول واقعية لهذه المشكلة، هناك بروتوكول عالمي متبع للحلول يتضمن تقليل نسبة التلوث من المصادر ذاتها وإلزامها بالمعايير البيئية، وإبعاد الدوائر الصناعية عن المناطق السكنية، والعمل على زيادة المساحات الخضراء المساهمة بشكل كبير في تنقية الهواء، وإيجاد حلول جدية لمشكلة تضخم أعداد السيارات في العاصمة والالتفات إلى تطوير قطاع النقل العام الذي بدوره سيحد من تفاقم هذه المشكلة بشكل نسبي”. 

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.