fbpx

بحثاً عن زنزانة لـ”الترانس”:
حكايات عن “جحيم” العبور الجنسي في مصر

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“أتمنى من مشايخ التلفزيون أن يديروا حملة لتعريف الناس بأن العبور الجنسي ليس حراماً”… لا يريد العابرون والعابرات – الآن – أكثر من أن يعيشوا حياة عادية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

انكسر ذراع ملك بعد حادث، وانتقلت إلى المستشفى، الوجه والشعر والجسد لأنثى، لكن المستشفى حجز ملك في عنبر الرجال. فوجئ مدير المستشفى، وسأل: لماذا تحجزونها هنا؟ فعاجله معاونوه بالإجابة: تحمل بطاقة “ذكر”.

كان المشهد، الذي مرّ سريعاً عام 2018، مريباً بالنسبة إلى مدير مستشفى كبير، على رغم أنه طبيب ويعرف ماهية العبور الجنسي، وأن الإنسان يمكن أن يكون ذكراً ويحمل في داخله أنثى ثائرة تجبره على الخروج لتقلب حاله من “ذكر” في البطاقة إلى أنثى شكلاً وروحاً وصوتاً، فما كان منه إلا أنّ هدد بالذهاب إلى النيابة العامة. 

الحالة المصابة التي بين يديه – كما يرى – تستدعي تدخلاً قانونياً سريعاً، وليس تدخلاً جراحياً عاجلاً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في جسد “إنسان” سقط من الطبقة الخامسة، ويرقد بين الحياة والموت. تروي ملك لـ«درج» أنها أشهرت تقارير طبية تتناول ما يعرف حديثاً بـ”انزعاجها الجنسيّ” الذي يسمح بعبورها من جسد ذكر إلى جسد أنثى، من مستشفى تابع للأزهر الشريف، لتثبت أنّ ما حدث كان قانونياً، لكن مدير المستشفى لم يعترف بها. 

لا تحمل ملك بطاقة شخصية تثبت نوعها الحالي “أنثى”، على رغم مرورها بجميع الخطوات الرسمية اللازمة للعبور الجنسي، التي أقرتها نقابة الأطباء، والأزهر.

رحلة العبور

تبدأ رحلة العابرين جنسياً من نقابة الأطباء، تحديداً “لجنة تصحيح الجنس”، التي تخضعهم لفحوص طبية وتحاليل ثم تعرضه على طبيب مسالك وأمراض تناسلية وطبيب نفسيّ، ولجنة طبية تضم أستاذ فقه وشريعة.

استخرج بعض العابرين جنسياً رسمياً في مصر بطاقات شخصية جديدة بعد مسيرة طويلة انتهت بموافقة الأزهر على عبورهم، لتثبت البطاقة شيئين، الأول تغيير أسمائهم، والثاني اعتراف الدولة بأنواعهم الجندرية الجديدة، فاندفع آلاف المصابين بانزعاج الهوية الجنسية إلى خط السير القانونيّ للعبور، على أمل أن يحصلوا على جسد جديد، وبطاقة هوية تسمح لهم بحياة أخرى، لكن الاعتراف الرسمي لم يكن سهلاً.

ملك الكاشف… الباحثة عن “زنزانة للعابرات”

صاحبة القصة هي ملك الكاشف، أشهر العابرات جنسياً في مصر. كان الخامس من آذار/ مارس 2019 يوماً فاصلاً في حياتها. حين ألقت قوات الأمن القبض عليها، ووجهت لها النيابة – في ما بعد – تهمتي الانضمام لجماعة إرهابية، واستخدام حسابها الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» للإخلال بالنظام العام، وفوجئت ملك بأنها مضطرة للاحتجاز في زنازين وعنابر الرجال مرة أخرى، فالقانون أعمى، ولا يرى في ملك إلا البطاقة الشخصية التي تقول إنها «ذكر».

أبسط حقوق الإنسان، حين يُحبس أو يسجن، أن يمضي مدته في عنابر مناسبة جندرياً، ففي الأقسام والسجون تجد مسجلين خطراً ومتهمين بقضايا تبدأ من السرقة ولا تنتهي بالاغتصاب والقتل، وفي هذه الحالة، تدخل السجينة الأنثى زنازين الرجال لتصبح تحت تهديد الاعتداءات البدنية والجنسية، وغير ذلك من أنواع العنف.

يبدو استخراج بطاقة وأوراق جديدة، مع تغيير بعض البيانات عملاً سهلاً يستغرق أياماً، لكن موظفاً واحداً في قسم أو سجل مدني إذا لم يقتنع أن الفرد الذي يقف أمامه ذكراً أو أنثى بالشكل الذي يرضيه، يمكن أن يعطل الأوراق طويلاً.

تروي ملك الكاشف لـ«درج» أنها خرجت من الحبس في تموز/ يوليو، محمَّلة بغبار التجربة القاسية، وبعد نحو شهر ونصف الشهر، حركت دعوى قضائية للإلزام بإنشاء أماكن احتجاز للعابرين جنسياً، فإذا كان العابرون يعجزون عن استخراج بطاقات شخصية بهوياتهم الجنسية الحقيقية، فليخلقوا عالماً موازياً يستوعب وجودهم بأمان، لكن القضاء الإداري رفض الدعوى. 

القانون المصريّ لا يزال قاصراً عن استيعاب قضايا وحقوق العابرين جنسياً، فالمستشفيات الحكومية تسمح لهم بإجراء الجراحات، ونقابة الأطباء توافق، ليصطدموا بالقوانين المتهالكة، التي لا تعيرهم اهتماماً، ولا تخلق تكييفاً قانونياً يسمح لهم بمواصلة حياتهم، فالبطاقات الشخصية لا تسمح لهم بالعمل «بعد العبور»، أو الحصول على تأمين اجتماعيّ، أو المعاملات المصرفية، أو استخراج جوازات سفر، أو التعامل داخل المؤسسات الحكومية.

العابر جنسياً “نصف مواطن” يبحث عن هويته الكاملة، والعابرون – في نظر المجتمع – درجات، وهذه قصة أخرى، بطلاها فريدة رمضان ونور هشام سليم.

تقول سمر، وهي عابرة جنسياً، إن «الحصول على وظيفة بعد العبور من أصعب الأمور، والاستمرار فيه من رابع المستحيلات»، وتضيف لـ«درج»: «عملت في شركة لأشهر، واستقلت، فزملائي لم يقبلوني وكانوا يتجنبونني ويخافون مني». 

تجربة سمر ليست الوحيدة، تحدد ملك الأماكن التي تقبل تشغيل العابرات:  «فودافون (UK) أو أمازون أو المكاتب العالمية الكبيرة في مصر، لا تهتم بالنوع الاجتماعي أو الميول الجنسية، لكن العمل فيها صعب لأنها تحتاج شخصاً مؤهلاً ويجيد لغات عدة، فما يهمها هو الإنتاجية وليس الشخص، لكن الشركات والمؤسسات المصرية ترفض تشغيلنا لأن المجتمع محافظ»، وهي المشكلة الأكبر التي تواجه العابرين، عدم التمكين اقتصادياً، فهم محرومون من التوظيف، وبالتالي يواجهون إفقاراً متعمَّداً.

يبقى المعانون من “اضطراب الهوية الجنسية”– الذي تغير اسمه وفق منظمة الصحة العالمية إلى «عدم الانسجام مع النوع الاجتماعي» – تحت سيف الجميع، ما داموا لم يحصلوا على أوراق العبور الجنسيّ الرسمية. 

تهمة “الفجور” حين وصلت القاهرة، عام 2001، أصبحت حكراً على الرجال المثليين، والنساء العابرات. إذا دفع سوء الحظ أمين شرطة أو ضابطاً في طريق أحد العابرين جنسياً، ووجد في حقيبته مساحيق تجميل أو ملابس نسائية، يمكن أن يحرر ضده محضراً بـ«الفجور والدعارة» ليعاقب بالغرامة والحبس لمدة تصل إلى 3 سنوات.

لا يكتفي أفراد الأمن بتعقّب العابرين من الشوارع… يبحثون عنهم على الإنترنت، فالحسابات الشخصية والصفحات العامة، التي تدافع عن حرية المثليين أو العابرين/ العابرات جنسياً، ينطبق عليها قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، وصاحب الحساب أو الصفحة – إذا كان يمارس حريته فقط على الإنترنت – يعاقب بتهمة «نشر الفسق والفجور».

تطبيقات المواعدة أيضاً، أصبحت أكثر الطرائق الحديثة شيوعاً للبحث عن شريك، وترتيب اللقاءات برضا الطرفين، لكن «شرطة الأخلاق» عرفت طريقها، فأصبحت مستخدماً رئيسياً لـ«تندر» وغيره من تطبيقات المواعدة… يستدرجون العابرين والعابرات بصور مزيفة وكلام مخادع، وفي الموعد المحدد، يتحول اللقاء الجميل إلى خبر في الصحف: القبض على شبكة لـ«نشر الفسق».

العابر جنسياً «نصف مواطن» يبحث عن هويته الكاملة، والعابرون – في نظر المجتمع – درجات، وهذه قصة أخرى، بطلاها فريدة رمضان ونور هشام سليم.

فريدة رمضان… العابرة المحجبة أفضل عند الله والناس!

أعد موقع إخباري مصري تقريراً إنسانياً يتناول قصة فريدة رمضان، وهي عابرة جنسياً من محافظة دمياط الريفية، وتبلغ من العمر 50 سنة.

كانت فريدة تعمل في إحدى المدارس، لكن قرار العبور أفقدها وظيفتها، أسرتها وأصدقاؤها القدامى هجروها، ولم يبقَ لها أحد… لا الأهل ولا الأصحاب ولا العمل. بحجابها، وعباءتها الفضفاضة، تقول فريدة إنها تعيش أسعد أيام حياتها، على رغم ما فقدته، وتطلب – في شكوى إلى وزير التربية والتعليم – العودة إلى عملها في مديرية التربية والتعليم في محافظة دمياط، أو الحصول على مستحقاتها المالية، بعد فصلها عام 2006. 

وتطالب وزير التربية والتعليم بالتدخل لحل أزمتها، فهي تستحق العودة إلى العمل، لكن مسؤولي الوزارة في المحافظات يمنعون عودتها. 

إقرأوا أيضاً:

تحوّلت فريدة إلى حالة مثيرة للتعاطف، قنوات إخبارية وقنوات وصحف مصرية – كانت تستحي من مجرَّد ذكر اسم أي عابرة– تتداول قصتها، وتدافع عنها، وتأتي بوزير التعليم لتعرض عليه «قضية فريدة» وتوصيه بالحل لإنقاذ إنسان يعاني، حتى وصلت كرة النار إلى الإعلامي المصري عمرو أديب. 

يعرض – بكثير من الشفقة – الأزمة على وزير التربية والتعليم المصري، طارق شوقي، الذي يرد قائلاً: «أفضل يا عمرو أن نبحث عن تقبل المجتمع للمتحولين جنسياً، أقصد أساتذة علم النفس ورجال الدين والأطباء يشرحوا للناس عشان نقضي على التنمر بالمتحولين جنسياً».

لماذا لا يقدم وزير التعليم هذه التوصية إلى زميله في مجلس الوزراء، وزير الداخلية، ليقيم أماكن احتجاز مخصصة للعابرين جنسياً؟ ومنذ متى، والإعلام المصري يقف بجوار العابرين جنسياً ويطالب بحقوقهم؟ 

فلنبحث عن السر

بدا الدعم الذي حصلت عليه فريدة لكونها سيدة على المزاج المصري الخالص، ريفية، ومحجبة، وتمشي ناظرةً في الأرض، ولا تتحدث عن الحرية الجنسية، وتستجدي قراراً بعودتها إلى وظيفتها، ولا تدافع عن قضايا العابرين أو المثليين جنسياً، هي فقط تريد قُبلة حياة.

تضامن مستحق  مع فريدة لكنه لم يشملْ أياً من العابرين جنسياً الآخرين، ودوائر دعم مزيفة بدا أنها تزفّ فريدة «المحجبة» التي ما أن تخلع الحجاب ستنقلب الدنيا على رأسها، ليرميها الناس بالحجارة ويحاسبوها من جديد، فلم يكن سبب المساندة أنها عابرة جنسياً تستحق دعماً نفسياً ومهنياً كي تعود إلى حياتها الطبيعية، كما يحدث في دول أخرى أكثر تسامحاً مع الأمر، إنما تعد نموذجاً «وسطياً جميلاً» يمكن أن يثبت المجتمع على حسابه أنه متصالح ومتسامح ومؤمن بالحرية، وترى ملك الكاشف هذا الدعم «مشروطاً»، وتقدم دليلاً على ذلك: «لمّا بدأت أتبادل التعليقات مع فريدة، بدأ الناس يتخلون عنها ويشتموها».

هل كسبت فريدة شيئاً من وراء هذا التضامن؟

لنعد إلى القصة من البداية. عُينت فريدة في وزارة التربية والتعليم عام 1982، كمدرس بالمرحلة الابتدائية باسم محمد رمضان، فُصلت عام 2004 للتغيُّب عن العمل، وهذا التغيب كان نتيجة للتنمر عليها ولعبورها الخارج عن إرادتها، ثم عادت إلى العمل في 2006 بعد تحقيق قانونيّ، لكن الغياب تكرر مرة أخرى، فأنهت الوزارة خدماتها، ويقول الوزير طارق شوقي، إنه لا يستطيع إعادتها إلى العمل.

الوزير المصريّ، الذي دعا إلى احتواء العابرين جنسياً والتوعية بعدم التنمُّر عليهم، لم يحاول إصدار استثناء لمدرّسة تضررت وتغيبت لظروف تتعلق بكونها عابرة جنسياً كي لا يتورّط في دعم فعلي للعابرين جنسياً يؤخذ عليه، أو يصبح سُنة فيمن يأتي بعده، ولم يلجأ لـ«روح القانون» الذي يمكن أن يعفو عن فريدة ويعيدها إلى وظيفتها.

نور هشام سليم… «الحمد لله أنه أصبح ذكراً»!

الدعم المشروط تلقاه – بشروط أخرى – نور سليم، نجل الفنان المصري هشام سليم. بدا شديد الذكورة في اللقاء، الذي أذاعته فضائية «دويتشه فيلله» الألمانية، فتصالح الناس مع كونه عابراً موقتاً، بخاصة أنه عابر من أنثى إلى ذكر، وليس العكس، فالعكس كان يمكن أن يكلفه ثمناً هائلاً قد يصل إلى اغتياله معنوياً هو وعائلته، لكن عبوره إلى رجل شفع له كثيراً عند المصريين، ففي الأجواء التقليدية المصرية كان من ينجب بنتاً يقيم عزاءً، فاعتبروا العبور الجنسي لنور تصحيحاً لوضع خاطئ، حتى والده هشام سليم، على رغم أنه ابن أسرة فنية ورياضية، والده كان لاعباً وممثلاً ورئيساً تاريخياً للنادي الأهلي، «صالح سليم»، اعترف بأنه حمد الله لأن نور طلب العبور من أنثى إلى ذكر وليس من ذكر إلى أنثى، فالخيار الثاني «أصعب كثيراً قوي لأن الذكر أحسن وظهر للعائلة ومستقبلها».

بقي الدعم محدوداً لنور هشام سليم، حتى قال إنه لم يعانِ خللاً هرمونياً، فانقلب الناس عليه، وانطلقت الحملة لتنال منه، لأنهم اعتبروه يرتكب خطيئة دينية بتغيير “خلق الله”، و”الإيمان” الذي يجعل كثراً يجرون جراحات التجميل سراً، ويرسمون الوشوم في أماكن غير ظاهرة بالجسد خوفاً من التصنيف الديني، أو يمنعون الاثنين خوفاً من «المعصية والذنوب». المرة الثانية حين ظهر مرتدياً قرطاً في أذنه، فهاجموه مرة أخرى، لأنه لم يعد يشبه الرجال المصريين، فنقض أحد الشروط الشائعة، وأصبح مختلفاً.

مفاجأة.. الأزهر يمنع لجنة «تصحيح الجنس» من الانعقاد 

ينقل تقرير حقوقي بعنوان «معاناة العبور الجنسي في مصر» صادر عن مركز «هردو» لدعم التعبير الرقمي، أن 600 طفل طلبوا من أسرهم إجراء جراحات عبور جنسي، وأعمارهم لا تزيد عن 12 سنة، وفق د. غادة أنور، مديرة وحدة الغدد الصماء بمستشفى أبو الريش في القاهرة.

وبخلاف الأطفال، يعاني الآلاف من الكبار. يتعاطف معهم المجتمع والجهات المعنية، ويحاول علاجهم نفسياً وجنسياً طوال عامين ونصف العام، عبر أدوية الاكتئاب والحقن بالهرمونات… رحلة طويلة ومكلفة تفرضها الدولة على المعانين من “اضطراب الهوية الجنسية “،كي يرهقوا صحياً ونفسياً ومادياً، و«يتوبوا» عن رغبتهم.

ومن يقرر أن يكمل مسيرة «العبور الجنسي» يصطدم بالاعتراض الضمنيّ للأزهر على ذلك. وتؤكد مصادر طبية لـ«درج» أن لجنة تصحيح الجنس، التابعة لنقابة الأطباء، توقفت عن الانعقاد منذ 5 سنوات، فلم تعُد تمنح موافقات لأشخاص راغبين في العبور، والسبب «تغيُّب مندوب الأزهر»، ويبقى هؤلاء على «قائمة الانتظار».

لجنة طبية، وتضم شيخاً معمماً ممثلاً عن الأزهر يشارك في تقرير مصير الشخص من الناحية الطبية… ملحوظة عجيبة، تثير تهكّم الواقفين في طوابير الانتظار، مع سؤال ساخر: إذا ذهب شخص لإجراء جراحة قلب، هل يستشير شيخاً في الأزهر أولاً؟

“الحصول على وظيفة بعد العبور من أصعب الأمور، والاستمرار فيه من رابع المستحيلات”.

يقول تقرير لمجلة «فورين آفيرز» الأميركية، إن الأزهر «يحرم المرضى من تصاريح جراحة تغيير الجن، ويقول لهم إن المعاناة هي إرادة الله، وعليهم أن يتحمّلوها لبقية حياتهم»، وهو ما يفسّر حصول 10 في المئة فقط من الحالات على موافقة اللجنة، بينما تُجبر الحالات الأخرى على الرضا بـ«إرادة الله». 

كان العابرون يبحثون عن جهة تسهل حياتهم… ومطلع عام 2018، ظهر على موقع «فايسبوك» كيان للمعانين من “اضطرابات الهوية الجنسية”، يقول إن مقره مدينة السادس من أكتوبر على أطراف القاهرة، ومؤسسها لا أحد يعرف عنه سوى اسمه الأول «محمد». هرولت صحف ومجلات المصرية لإجراء حوارات معه، فالأمر جديد، وأخيراً سيكون لـ«العابرين جنسياً» مظلة يمكن أن تصبح ممثلاً رسمياً لهم. 

قال محمد لصحيفة «الصباح» المصرية – في ذلك الوقت – إنه حصل على جميع الموافقات، والجمعية تهدف إلى جمع العابرين/ العابرات جنسياً، وتأهيلهم وتوفير الدعم اللازم لهم، في مواجهة المضايقات التي يتعرضون لها من المجتمع والأهل والأطباء أنفسهم، وحتى الآن، بلغ عدد الأعضاء 130 عضواً، لكن ما حصل كان يشير إلى عدم الرغبة في حياة «شبه عادية» للعابرين جنسياً. اختفى المقر، واختفت الصفحة من «فايسبوك»، ولم يظهر محمد مرة أخرى، وكأن هناك من كان يعترض فأنهى وجود الجمعية إلى الأبد.

ماذا يريد “الترانس”… مبدئياً؟

لا يريد العابرون والعابرات  – الآن – أكثر من أن يعيشوا حياة عادية.

تراقب سمر مخاوفها النفسية، وترى أن التوعية بحقيقة حياة العابرين، وموافقة الدين على جراحاتهم لتصحيح الجنس: «أتمنى من مشايخ التلفزيون أن يديروا حملة لتعريف الناس بأن العبور الجنسي ليس حراماً». ترى أن هذا هو الحل الوحيد ليصبح العابرون بشراً عاديين يتعايشون مع الآخرين من دون خوف، أو شعور دائم بالذنب.

ترى ملك الكاشف المطالبة بـ«عدالة تعويضية» خيالاً في الوقت الحالي، وشيئاً لا يمكن تحقيقه: «من المهم أعرف أنا واقفة فين ومكاني في التاريخ والحاضر، وحسب ما أرى، فمن الصعب أن نطالب حالياً بمميزات إضافية للعابرين جنسياً كمنحهم عملاً، وتحسين فرصهم في التعليم أو الانتخابات… هذا خيال». 

ما الذي تريده ملك؟  حقوق المواطنة وحسب كالترشح للمناصب أو المشاركة في أي انتخابات، والتأمين الصحي وعدم التمييز، طبقاً للمادة 53 بالدستور المصري، «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر»، وتضيف: «أتمنى أن أكون كأي مواطن طبيعي».

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.