fbpx

فلسطين : عنف جنسي على فتيات من ذوي الاحتياجات الخاصة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“الاعتداءات الجنسية بالذات أثرها صعب جداً على الفتيات من ذوي الإعاقة؛ لأن فاعلها غالباً هو شخص تعرفه الضحية، قد يكون قريباً أو من العائلة أو جاراً.”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في التاسع والعشرين من آذار/ مارس الماضي، تلقت المحكمة المركزية في حيفا لوائح اتهام ضد ثلاثة أشقاء وابن عمهم من سكان قرية الرامة بالجليل، وصديق لهم من قرية البعنة أيضاً، بتهمة “ارتكاب اغتصاب جماعي” بحق فتاة قاصر من ذوي الاحتياجات الخاصة بعد تخديرها، وذلك بعد إعلان الشرطة الإسرائيلية نتائج التحقيق في القضية بعد 26 يوماً من وقوع الجريمة.

أشعلت الجريمة غضباً في الشارع الفلسطيني، وعادت إلى الذاكرة حالات مشابهة لفتيات تعرّضن لاستغلال إعاقتهنّ وواجهن اعتداءات جسدية وجنسية. 

عام 2019 تعرضت فتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة، للاغتصاب على يد ثلاثة شبان، ولاحقاً تدخلت العشائر لحلّ القضية بما يسمى “العطوة العشائرية”، وذلك بدفع عائلة المتهم مبلغ 200 ألف دينار أردني (282 ألف دولار)، بينما وافق القضاء على إخلاء سبيل المتهمين في شباط/ فبراير الماضي، بكفالة مالية مقدارها ألف دينار أردني نقدي (1410 دولارات)، و2000 دينار أردني عدلي (2820 دولاراً). 

وعام 2018 تعرضت فتاة من بلدة السموع في الخليل، كانت تبلغ 13 سنة في حينها، وتعاني من إعاقة جسدية وعقلية، للاغتصاب على يد شابين، التقى بها أحدهما في شارع فرعي وقام بجرها إلى مخزن تملكه عائلته واغتصبها برفقة شقيقه، وهددها بقتلها وقتل شقيقها في حال تحدثت عن الأمر. ومنذ ذلك الوقت ما زال أحد المتهمين موقوفاً والآخر هارباً، وتؤجل جلسات المحكمة في كل مرة. وفي العام ذاته حكمت المحكمة على شخص آخر متهم من مدينة نابلس باغتصاب شقيقته (من ذوي الاحتياجات الخاصّة)، والتي أنجبت منه طفلاً، بالأشغال الشاقّة الموقتة لمدة 15 سنة.

عنف جنسي وجسدي 

أظهر مسح العنف المجتمعي الفلسطيني لعام 2019 أن 85 في المئة من النساء ذوات الاحتياجات الخاصة في الضفة الغربية وقطاع غزة، تعرضن لأشكال متعددة من العنف: نسبة 65.3 في المئة تعرضن للعنف الجسدي، و92.3 في المئة للعنف النفسي، و13.3 في المئة للعنف الجنسي، بينما 85.3 في المئة يتعرضن للعنف الاقتصادي. 

وأكثر أنواع العنف الجسدي انتشاراً بحسب المسح ذاته هي: الضرب بنسبة 81.1 في المئة، والدفع بنسبة 80.3 في المئة، والعنف الجنسي بنسبة 13.3 في المئة. تقول رئيسة مجلس إدارة مركز نجوم الأمل لتمكين النساء من ذوي الإقاعة، صفية العلي، إن العنف الجسدي يتحول إلى عنف جنسي، ففي المراحل الأولى تتعرض الفتاة للضرب الذي يعتبر عنفاً جسدياً، ثم الاعتداء عليها جنسياً، أو التحرش بها واغتصابها.

أشارت مديرة “مركز تنمية وإعلام المرأة” (تام)، سهير فراج، إلى أن الاعتداء الجنسي والجسدي على الفتيات من ذوي الإعاقة لا يقتصر على الضرب أو التحرش والاغتصاب، بل إن قضية “استئصال الأرحام” تعتبر أيضاً من أنواع العنف بحقهن، تقوم بها عائلات لفتيات من ذوي الإعاقة، وتعتمد طرائق غير قانونية للحصول على إجازة استئصال رحم الفتاة، وذلك حرصاً على عدم حصول حمل في حال الاعتداء عليها. تقول فراج: “هذا بما معناه تصريح لإباحة الاعتداء سواء داخل الأسرة أو خارجها”. وتعتبر أن الإجهاض أيضاً من أنواع العنف الجسدي، في حال تم الاعتداء عليها وحَملت؛ لأن الإجهاض في هذه الحالات يتم بطريقة وحشية وغير إنسانية ومن دون إشراف طبي للتخلص من الجنين في معظم الحالات.

وفي ما يتعلق بجرائم الاغتصاب في أراضي الداخل المحتل عموماً وبحسب صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» فإن 9 من أصل 10 قضايا اغتصاب يتم إغلاقها من قبل النيابة من دون توجيه اتهامات. وأشار التقرير الصادر عن اتحاد مراكز المساعدة لضحايا الاعتداءات الجنسية والتحرّش الجنسي في إسرائيل إلى أنه عام 2018 فتحت الشرطة 6220 تحقيقاً في جرائم جنسية وتحرش مزعومة، من بينها 1166 تحقيقاً في جرائم اغتصاب مفترضة، بارتفاع 40 في المئة من عام 2013. ووسط ارتفاع عدد حالات الاغتصاب الجماعي في المدارس، وجد التقرير أن معظم الضحايا (63 في المئة) في حالات الاغتصاب الجماعي المبلغ عنها في 2018، هن فتيات تتراوح أعمارهن بين 12-18 سنة.

التحليل النفسي للمتهم والضحية

توضح الاختصاصية النفسية، يُعاد غاندري، أن الاعتداءات الجنسية تكثر على الفتيات من ذوي التحديات الذهنية، لأن المعتدي يشعر بأنهن ضعيفات وهو أقوى منهن، ويمكنه بسهولة الإفلات من فعلته، والتي تعاني من إعاقة عقلية لن تستطيع حماية نفسها أو حتى التعبير عما تعرضت له.

هذه الاعتداءات تترك أثراً شديداً في النفس وجروحاً وندبات، قد لا تشفى أبداً وتقول غاندري: “الاعتداءات الجنسية بالذات أثرها صعب جداً على الفتيات من ذوي الإعاقة؛ لأن فاعلها غالباً هو شخص تعرفه الضحية، قد يكون قريباً أو من العائلة أو جاراً. فعدا الأذى الجسدي الشديد، يسبب الاعتداء تشوّهاً في النظرة إلى الحياة والإيمان بالخير بين الناس، ويصعّب مسألة بناء الثقة مع الآخرين، والخوف الشديد مما حصل يمنع الفتيات أحياناً من تعلم مهارات حياتية جديدة، ويصرن أسيرات العزلة والرهاب”. 

قصور القانون والرعاية

في معظم حالات الاعتداء أو الاغتصاب، لا يرغب الأهالي بتقديم أي شكاوى ضد المتهم، ويعود ذلك إلى عدم ثقتهم بالقضاء والقانون، وعدم رغبتهم في الذهاب إلى مراكز الشرطة والمحاكم، فيفضلون الحلول العشائرية، تقول فراج: “عندما يكون الاعتداء من داخل أفراد الأسرة، تتم لفلفة القضية، وهناك عائلات تنتهك حقوق هؤلاء الفتيات وتعذبهن وتغتصبهن، لأنهن من الفئات الأضعف”. وتضيف أن ما هو أخطر من عدم لجوء الأهل إلى القانون هو الوصمة المجتمعية التي تلاحق العائلة والفتاة، وقلة البيوت الآمنة التي يجب أن تحمي الفتيات ذوات الإعاقة من العنف.

اغتصاب الفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة في تزايد بسبب عدم التعامل مع قضاياهن بما تستحقه من حساسية وجدية، وتقول العلي: “الاغتصاب بحد ذاته صعب جداً على كل الفتيات؛ لكنه على ذوات الاحتياجات الخاصة أصعب لحساسية وضعهن، فالقانون لا يتعامل مع قضاياهن بتمييز إيجابي، كما أنه لا يفرض أي عقوبات رادعة، وحتى في موضوع التحرش، الشرطة والنيابة العامة لا تتعاملان مع الموضوع بمنحى جدي”.

المجتمع ونظم التربية والقانون هي التي يجب أن تعمل على منع هذه الجرائم الفظيعة بحق هؤلاء الفتيات، وتؤكد غاندري أن المطلوب “تنشئة جيل يؤمن بالعدالة، يتعاطف، يحمل قيم إنسانية، يرفض العنف، يحترم الحدود ويدافع عن الضعيف، إضافة إلى التكفل بإعطاء أدوات للحماية الذاتية لذوات الاحتياجات الخاصة ووضع قوانين صارمة تنبذ المعتدي وتحاسبه بشدة من دون أي تبريرات أو تردد”. 

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!