fbpx

“انقلاب” الأمير حمزة في الأردن… لا شيء سوى رواية السلطة!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

حظر النشر في قضية الأمير حمزة ليس سابقةً في الأردن، لكنه بات يكرس نهجاً يقلق الكثير من الصحافيين والحقوقيين والنشطاء…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

على رغم أنه لا يزال مقيماً في عمّان، لكن وكأن الزمن بالنسبة إلى عبد الرحمن الشديفات انقلب بحسب التوقيت الأميركي. فقد انقضى نحو أسبوع على واحدة من الأزمات الكبرى التي هزّت الأردن، بات خلالها عبدالرحمن الناشط السياسي منكباً على متابعة ما تقوله وسائل الإعلام الأميركية المتابعة، والتي أصبحت منذ السبت 3 نيسان/ أبريل المصدر شبه الوحيد لمعرفة تداعيات الحدث الأردني.

 ضبط الشديفات ساعته بحسب التوقيت الأميركي، ومثله فعل كثيرون من الأردنيين/ات بعدما فجرت صحيفة “وول ستريت” الأميركية، الخبر الأول عن الأزمة التي حصلت بين الأمير حمزة بن الحسين وأخيه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، عندما ذكرت الصحيفة في عددها في الثالث من نيسان، أن الأجهزة الأمنية الأردنية اعتقلت أفراداً من حرس الأمير حمزة وأجبرته على الإقامة الجبرية في منزله، بعد ورود معلومات تتحدث عن محاولات حمزة الانقلاب على الحكم بمشاركة أطراف أخرى.

وفي الوقت الذي استوطن فيه خبر “وول ستريت”، مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن، كانت الوسائل الإعلامية الأردنية كما يقال شعبياً في الأردن “غايبة فيلة”، ففي ظل انتشار الخبر ذاته، كان وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال صخر دودين يصرح لقناة أردنية محلية عن أن “القطايف ستصل عبر الديلفري للأردنيين في شهر رمضان”، ناهيك بأخبار الفن والطقس ولقاحات فايروس “كورونا” التي كانت الهم الأعظم لدى معظم المواقع الإلكترونية الأردنية.

ليس الأمر محصوراً في أن وسائل الإعلام الأردنية كانت “غايبة فيلة”، وقت “القنبلة” التي رمتها صحيفة “وول ستريت” ذلك المساء في الساحة الأردنية. ليس هذا السبب الوحيد الذي جعل عبد الرحمن الشديفات ومعظم الأردنيين يضبطون ساعاتهم بحسب التوقيت الأميركي فقط، فقد أصدر نائب عمّان الدكتور حسن العبد اللات يوم الثلاثاء 6 نيسان قراراً يحظر على وسائل الإعلام المحلية النشر في موضوع الأمير حمزة بن الحسين. وجاء ذلك بعد تسريب تسجيل صوتي على مواقع التواصل الاجتماعي وثق حديثاً بين الأمير حمزة ورئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء يوسف الحنيطي الذي جاء إلى منزل الأمير، وظهر صراحة في التسجيل طلبه منه التوقف عن أنشطته الاجتماعية وزياراته إلى مجالس عشائرية والاكتفاء بزيارة عائلته، إضافة إلى التوقف عن التغريد على “تويتر”.

إلا أن قرار النائب العام لم يصمد 24 ساعة، ليس “حباً لعلي” واستجابة للاستنكار الشعبي الأردني إزاء القرار، بل لأن وزير الخارجية الأردني نائب رئيس الوزراء أيمن الصفدي لصحيفة “وول ستريت” في المساء ذاته قال: “جهود الوساطة مع الأمير حمزة تعثرت بعد تسريب التسجيل الصوتي”، هذا تصريح أجهض جدية القرار الذي تحول بين ليلة وضحاها بتصريح من النائب العام إلى: “يسمح بنشر ما يعبر عن الآراء وحرية التعبير ضمن إطار القانون وأحكام المسؤولية في الموضوع المتعلق بالأمير حمزة”.

سألنا الناشط الشديفات عن سبب الدعوات التي يشارك فيها على “تويتر” لمتابعة الصحف العالمية بدلاً من المحلية لمعرفة تطورات ما يحدث في موضوع الأمير حمزة بن الحسين، فأجاب: “كوادر الوسائل الإعلامية الأردنية تتبع أسلوب الرقابة الذاتية والتوجه لتضليل الحقيقة”. “الصحافة في الأردن بوق للسلطة بشكل مستفز”، يقول الشديفات. وعلق على سبب ارتفاع نسبة التفاعل الأردني راهناً على تطبيق “كلوب هاوس”: هذا التطبيق هو بمثابة متنفس لنا للتعبير عن آرائنا، خصوصاً بعد القيود التي تفرض على النشر وقرارات حظره، وغيرها من أشكال التضييقات، ناهيك بأن كلوب هاوس ومن خلال النقاشات التي تحدث في غرفه الصوتية أثبت أن السلطة لا تريد نشر إلا روايتها”.

حظر النشر في قضية الأمير حمزة ليس سابقةً في الأردن، لكنه بات يكرس نهجاً يقلق الكثير من الصحافيين والحقوقيين والنشطاء. الحقوقي والصحافي محمد شمّا، اعتبر أن قرارات حظر النشر أصبحت تشكل ظاهرة في الأردن، و”تصدر بشكل متتابع مع كل قضية فيها يتفاعل معها الرأي العام الأردني، وهذه القرارات لا تشكل عقبة على الصحافيين وحسب، بل على المواطنين لناحية حقهم في الحصول على المعلومة ومعرفة الحقيقة، هذا انتهاك صريح لحق الناس في المعرفة”.

يشعر أردنيون بالخيبة لجهة إقفال مجال النقاش العام عبر الإعلام ومنع النشر في قضية شغلت الرأي العام الأردني.

المفارقة أن حظر النشر الأخير حصل فيما كان الأردن يحتفل باليوم العالمي للحقيقة والمعرفة وهو أمر اعتبره شمّا مفارقة تثير السخرية، “هذا الاحتفال لا يستوي مع التضييق على الحق في الحصول على المعلومة ولا يستوي مع رؤية الدولة التي تتحدث عنها في المحافل الدولية في حمايتها الديموقراطية والحريات”.

يشعر أردنيون بالخيبة لجهة إقفال مجال النقاش العام عبر الإعلام ومنع النشر في قضية شغلت الرأي العام الأردني، “اليوم ليس المواطن الأردني وحده المحبط من الإعلام المحلي، بل الصحافيون أنفسهم يعيشون هذا الإحباط وهم ينظرون إلى القيود التي تكبل عملهم”.

منظمة “مراسلون بلا حدود” نددت بقرار “حظر النشر الذي فرضه النائب العام بخصوص قضية الأمير حمزة”. وأكدت أن “ذلك يعد انتهاكاً جديداً لحق المواطنين في الحصول على معلومات”.

حظر النشر فرض غياباً لأخبار المخطط المزعوم الذي أُعلن أنه استهدف المملكة الأردنية على وسائل الإعلام المحلية بعد قرار حظر النشر المتعلق بالقضية. وحصل هذا فيما يحيي الأردن الذكرى المئوية الأولى لتأسيسه من دون احتفالات كبرى، ويمرّ بإحدى أسوأ الأزمات في تاريخه بسبب خلافات غير مسبوقة داخل العائلة الملكية.

إقرأوا أيضاً: