fbpx

كورونا يمنع التونسيين من ارتياد المقاهي : غضب واسع من اجراءات الحظر الجديدة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“لن نرضخ هذه المرة. لن نسمح بأن نموت جوعا وأن نواجه التشرد والإفلاس بسبب سوء تقدير حكومة لا تكترث إلا لمصالح رجال الأعمال والشركات والكبرى”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بالكاد تمكن رمزي بحيرة من إيجاد عمل كنادل في أحد مقاهي العاصمة التونسية، وما أن استقر في عمله حتى تلقى خبر قرار السلطات حظر التجوال الليلي طيلة شهر رمضان بسبب موجة جديدة من انتشار وباء كورونا. 

رمزي شاب وأب لرضيع ويسكن في منزل يدفع بدل ايجاره شهرياً. حظر التجول الليلي خلال شهر رمضان يعني وقف مدخوله الضئيل أصلاً وإحالته قسراً على البطالة، “لقد رضيت أن أكون نادلا في مقهى رغم تحصيلي العلمي الجيد (ماجستير) حتى لا أبقى عاطلا عن العمل ولكن يبدو أن هذه البلاد تدفعني لهذا المصير. كيف أمكن لهم اتخاذ هذه الإجراءات وهم على دراية بأن هناك آلاف التونسيين تتوقف حياتهم جراء قرارات من هذا النوع؟ من سيعيل أطفالنا وعائلاتنا إذا ما بقينا بلا عمل؟”.

يخشى رمزي أن يعيش مجددا سيناريو الموجة الأولى من وباء كورونا، عندما تم فرض الحجر الصحي الشامل لثلاثة أشهر حيث اضطر حينها للسكن مع ذويه في منزلهم الصغير لعدم قدرته وزوجته على دفع إيجار منزلهما، “في الموجة الأولى والثانية كنا دائما الحلقة الأضعف التي تحملت العبء الأكبر للوباء وفي كل مرة كنا نقبل مكرهين رغم أوضاعنا المزرية. تحملنا المرارة على أمل أن تنظر إلينا السلطة بعين الرحمة ولكنها كانت دائما تدوس فوق رقابنا، ولهذا لن نرضخ هذه المرة. لن نسمح بأن نموت جوعا وأن نواجه التشرد والإفلاس بسبب سوء تقدير حكومة لا تكترث إلا لمصالح رجال الأعمال والشركات والكبرى”.    

مشاعر المرارة والغضب التي شعر بها رمزي يمكن لمسها في أوساط تونسية عديدة، وهو ما انعكس في نقاشات غاضبة عبر السوشيال ميديا بعد أن أعلنت السلطات عن جملة من الإجراءات الصحية الجديدة، تعتزم تطبيقها على مدار شهر رمضان، بهدف الحدّ من انتشار عدوى فايروس كورونا بعد الارتفاع الكبير لأعداد المصابين. 

إقرأوا أيضاً:

بموجب الإجراءات الجديدة، والتي ستسري حتى نهاية شهر أبريل/نيسان الجاري، سيتم فرض حظر تجوال ليلي من الساعة السابعة مساء حتى الخامسة صباحا ومنع كل التجمعات والتظاهرات العامة والخاصة وغلق الأسواق الأسبوعية. كما فرضت السلطات الحجر الصحي لمدة خمسة أيام على جميع الوافدين على تونس، إبراز نتيجة فحص مخبري لا يعود تاريخها لأكثر من 72 ساعة تثبت خلوهم من الفايروس للسماح لهم بالصعود على متن الطائرة.

الإجراءات لاقت انتقاداً واسعاً، كونها تطال بتأثيراتها أصحاب المهن الهشة ممن تضرروا أصلاً من الموجتين الأولى والثانية من كورونا ولا سيما أصحاب وعمال المقاهي والمطاعم الذين أفلس الكثير منهم، في بلد بلغ تقديرات معدل البطالة فيه نحو 30%. 

وفي ظل عدم تقديم الحكومة لأي برنامج دعم أو مساعدة للطبقات الضعيفة التي ستتضرر بشدة من إجراءات الحجر الجديدة، فإنه من المرجح اندلاع موجة اعتراض واسعة ضد الإجراءات.    

الإجراءات لاقت انتقاداً واسعاً، كونها تطال بتأثيراتها أصحاب المهن الهشة ممن تضرروا أصلاً من الموجتين الأولى والثانية من كورونا ولا سيما أصحاب وعمال المقاهي والمطاعم الذين أفلس الكثير منهم، في بلد بلغ تقديرات معدل البطالة فيه نحو 30%.

وكانت وتيرة الإصابات بكوفيد – 19 قد شهدت ارتفاعاً كبيراً، إذ تم تسجيل ما معدله ألف إصابة جديدة وعشرات الوفيات يوميا، فيما بلغت نسبة إشغال أسرة العناية المركزة مستوى خطيراً يهدد في حال استمراره باهتزازة المنظومة الصحية، وقد أعلن وزير الصحة التونسي فوزي مهدي منذ أيام في أن نسبة إشغال أسرة العناية المركزة، قد بلغت 80٪ مقابل 50٪ بالنسبة، واصفا الوضع الوبائي في البلاد “بالحرج جدا”. وبالنظر إلى العدد التراكمي، فقد تجاوز عدد الإصابات المؤكدة بالفايروس 266 ألف إصابة فيما تجاوزت حالات الوفاة الـ9000 حالة، وتم إدراج نحو  17 محافظة و95 معتمدية ضمن تصنيف “خطير جدا”، أي ما نسبته مئة إصابة لكل مائة ألف ساكن. 

في خضم هذه التطورات، أطلق أطباء تحذيرات عالية اللهجة من تداعيات الموجة الجديدة للوباء، وانتقدوا ما اعتبروه تهاون السلطات في التعاطي مع الوضع. 

قطاع المقاهي والمطاعم في تونس تضرر بشكل كبير جراء الإجراءات مواجهة وباء كورونا، التي قضت بالغلق في البداية ثم بتقييد ساعات عمله وبطاقة استيعاب لا تتجاوز 30 بالمئة، حيث اضطر نحو 2000 مقهى لغلق أبوابهم بعد إعلان إفلاسهم وتسريح العمال، علما أن 20 ألف تونسي ينشطون في قطاع المقاهي والمطاعم ويعمل جزء كبير منهم من دون تغطية اجتماعية حسب إحصائيات غير رسمية. 

ومع إقرار حظر التجول الليلي طيلة رمضان سيجد أصحاب المقاهي والمطاعم أنفسهم مجبرين على غلق أبواب محلاتهم، وبالتالي الإحالة على البطالة قسرا بعد أن كانوا ينتظرون انفراجة لأوضاعهم خلال هذا الشهر الذي يشهد عادة إقبالاً كبيراً على المقاهي والمطاعم ليلا. 

ونفذ عدد من أصحاب وعمال المقاهي وقفات احتجاجية في أغلب مناطق البلاد، عبروا خلالها عن رفضهم لقرارات الهيئة الوطنية لمجابهة فيروس كورونا.

إقرأوا أيضاً:

صدري بن عزوز نائب رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المقاهي أكد أن القرارات التي اتخذتها الحكومة، لم تأخذ بالاعتبار الوضعية الاجتماعية للعاملين في المقاهي والمطاعم الذين سيحالون على البطالة دون توفر أي مورد آخر، وقال لـ”درج” “نحن لا ننكر أن الحكومة قد اتخذت اجراءات بهدف التصدي لتفشي الوباء وأنها تحاول وقف نزيف موت يومي، لكنها فكرت في الجانب الوقائي ولم تكترث للوضع الاجتماعي للطبقات المتأثرة مباشرة بقراراتها. لقد أسقطت سهوا أو عمدا قرارات كفيلة بتجنيب الناس الموت جوعا”، وأضاف “هناك 80 بالمئة من المقاهي قد أعلنت إفلاسها بسبب الإجراءات السابقة التي فرضت جراء الوضع الصحي وكذلك الشأن مع المطاعم، ورغم ذلك تواصل الحكومة لامبالاتها وهي تتخذ إجراءاتها في كل مرة. كيف تسنى لهؤلاء المسؤولين إقرار إجراءات تقضي ببقاء أصحاب وعمال المقاهي والمطاعم بلا عمل؟”.

ودعا بن عزوز الحكومة للتراجع عن قراراتها لأنها مجحفة وأنه لن يكون بوسع أصحاب المقاهي والمطاعم تنفيذها “ستفتح المقاهي مع تطبيق البروتوكول الصحي القاضي بمنع استعمال الكؤوس البلورية والشيشة واحترام التباعد الجسدي”.

كشف استبيان أنجزته المنظمة الوطنية لرواد الأعمال عن تداعيات الموجة الثانية لفيروس كورونا أن 41 بالمئة من أصحاب المقاهي والمطاعم في تونس يفكرون في تغيير نشاطهم جراء كورونا، وأكد 93.60 بالمئة من أصحاب المؤسسات الصغرى والحرفيين والمهن الحرة المستجوبين أن الدولة لم تدعمهم. وأعلن 40.61 بالمئة من المستجوبين خلال هذا الاستبيان أنهم غير قادرين على الحفاظ على العملة حتى في حالة إقرار الإعفاء من معاليم الضمان الاجتماعي، وأبدى 60.33 بالمئة عن تخوفهم من مستقبل الاقتصاد في تونس خلال الثلاث سنوات المقبلة. كما ذكرت المنظمة أن أزمة كورونا تسببت في إفلاس 5000 مؤسسة صغرى، وأن نحو 35 بالمئة مؤسسة صغرى أخرى مهددة بالإفلاس.

من المتأثرين بقرارات الحجر الأخيرة  بلال (29 سنة)، وهو شاب تمكن من افتتاح مقهى صغير في أحد أحياء العاصمة المعروفة بحركيتها الدائمة أملا منه بإنقاذ نفسه من بطالته ولكنه اضطر بعد سنوات قليلة من بدء العمل لإعلان إفلاسه والتخلي عن مشروعه بسبب الإجراءات التي فرضت بسبب كورونا،”كنت أعتقد أنني قد أنقذت نفسي من البطالة عندما أقدمت على الاستدانة لفتح مقهى في مكان مناسب جدا وكلي ثقة بأنني سأقوم بخلاص ما في سنتي الأولى من العمل. كانت بدايتي موفقة إذ سرعان ما أصبح للمقهى رواد كثر وبدأت أشعر بأنني قد وفقت في خياري ولكن تهاوى كل شيء منذ ظهور فايروس كورونا”.

واجه بلال صعوبات كثيرة بعد ذلك حيث ظهر الدائنون يطالبون بأموالهم، ولا يدري كيف سيردها وكاد أن يسجن لولا مساعدة أحد الأقارب، وهو الآن عاطل عن العمل ولا يدري كيف سينقذ نفسه “أشعر بإحباط كبير، كنت أريد تحدي بطالتي وتأسيس مشروع صغير أعيش من عائداته فأوقعت نفسي من حيث لا أدري في مطب لا أعلم كيف سأنجو من تبعاته”.     

موجة الإغلاق الجديدة تأتي في وقت قارب عدد متلقي اللقاح المئة ألف، فيما بلغ عدد المسجلين في منظومة التلقيح أكثر من مليون شخص. وأطلقت تونس في الـ13 من مارس/آذار حملة التطعيم ضد كورونا باستخدام لقاح “سبوتنيك 5” الروسي، بعد أن اقتنت 500 ألف جرعة منه. كما تلقت في الثاني من أفريل/نيسان الجاري 84 ألف جرعة من لقاح “فايزر – بيونتيك” الأميركي – الألماني من أصل مليوني جرعة.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.