ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

“7 أكتوبر”… وأسئلة الكارثة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

حصيلة السنتين خسارة إنسانية كبيرة. هذا ما يجب أن يتقدم أي مراجعة لهذا الحدث. وكل من وافق على وقف الحرب فعل ذلك لضرورة الحد من أثمانها الباهظة. إذاً فلنشرع بعملية تقييم للفعل انطلاقاً من الثمن الإنساني الذي دفعناه، ولنحاسب بناء عليه.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

سنتان على الكارثة. الثمن الإنساني هو أكثر ما يمكن تسجيله. نحو 70 ألف قتيل ومئات آلاف من الجرحى، وتدمير شبه كامل لمدن قطاع غزة من شماله إلى جنوبه! هذه نتيجة من المعيب أن تُرفق بغير وصفها بالكارثة. 

لكن الألم يأتي هذه السنة محملاً بمزيد من الوقائع الثقيلة، بدءاً من غزة ومن فلسطين، مروراً بسوريا، ووصولاً إلى لبنان. 

نعم 7 أكتوبر مر على كل عواصم المشرق مخلفاً خدوشاً وصدوعاً ومآسيَ، وإذا كان سقوط مجرم دمشق استثناءً، فإن 7 أكتوبر فتح سوريا على أسئلة الوجود. أما لبنان، فقد وضعته “حرب الإسناد” في فم الوحش، وها هو يترنح تحت ضربات تقتل عائلات وتلاحق ضريراً بعدما أطفأت عيناه، وساوت شريطاً من القرى والمدن في الأرض. 

نعم إسرائيل سقطت كفكرة، وهي اليوم آلة قتل مجرّدة من أي وظيفة أخرى. أما حماس فهي بصدد الرحيل عن القطاع، والوقت بالنسبة إليها ليس وقت المراجعات، ومن المستبعد أن تُجري مراجعة. أهل غزة بدورهم، أو من بقي منهم على قيد الحياة، لن تكون نهاية الحرب بالنسبة إليهم خلاصاً، ذاك أن الدمار المديد على طول القطاع وعرضه، لم يبقِ لهم ما يشعرهم بالخلاص.

إذا صحّ أن الحرب في غزة على مشارف نهايتها، فماذا علينا أن نفعل بالسنتين العجاف؟ كيف نوظّفهما في وجداننا؟ وأي مراجعة تستلزمان؟ ثمة من يستعد لإعلان انتصاره! نعم نحن حيال هزيمة بموازاة النصر العسكري لإسرائيل. هزيمة أخرى، غير هزيمة حماس. الحرب أصابت صورة إسرائيل التي صنعتها على مدى عقود مديدة. هذا ليس تفصيلاً، ذاك أن وظيفة تلك الصورة هي ما صنع لإسرائيل قوتها في الغرب. الإصابة بليغة فعلاً، وصورة المجرم صار من الصعب فصلها عن الفكرة المتولّدة عن الجيش الذي قتل ودمّر في غزة. 

عُقّال الكيان القليلو الحيلة والتأثير مذعورون من حقيقة أن إسرائيل الجديدة هي بنيامين نتانياهو، ولا شيء غيره، لا بل هي بن غفير وسموتريتش! هذا ما يجب ألا يغيب عن بالنا نحن أصحاب الهزيمة الساحقة. إسرائيل هذه انتهت إلى غير عودة، وإسرائيل الجديدة هي ما يجب أن نترقّبه وننتظره. ماذا سيفعل العالم بمولودته هذه؟ أين سيصرف كل هذا العنف وهذه الكراهية؟

ونحن بدورنا على مشارف “نصر” مرير، على رغم أن هزيمتنا أوضح من أن تتوَّج بنصر. غزة هي ذروة الهزيمة، والـ”نصر” الذي يُعدّوننا له لن يكون سوى صدى لفشل، هو في الحقيقة المحتوى الفعلي لثقافة الامتثال، ولمضمون الاستبداد الذي رافق أنظمة الجريمة. وتلك الأصوات التي شرعت بتذكيرنا بأن 7 أكتوبر “ضرورة”، هو بالنسبة إليها، هي البعيدة عن فم الوحش، ضرورة لكي تواصل قواه ضبط تخلّفنا ضمن قواعد اشتباك نحن فيها الأضعف والأقل حيلة، لكن، وهذا الأهم، الأكثر قابلية للخضوع. 

سؤال الذكرى الثانية للكارثة التي حلت بنا بعد 7 أكتوبر هو عن الثمن الإنساني الباهظ الذي دفعناه، من بيت حانون وصولاً إلى بنت جبيل. وهو قياس خسائرنا مع الخسارة الإسرائيلية. وهل يستحق ما أصاب صورة إسرائيل كل هذه الأثمان؟ 

القول بأن 7 أكتوبر كان قدراً لا يمكن تفاديه، مردود، ذاك أن ثمة من اتخذ قراراً وأعد له ونفذه غير آبه بما سيستدرجه، ومن دون أن يسأل من يعنيهم الأمر (أهل غزة ولاحقاً أهل لبنان) رأيهم، ومن دون أن يبني لهم ملجأ يقيهم من تلك القنابل التي أحرقت عائلات بكاملها، فيما كان يبني أنفاقاً باهظة الكلفة لمقاتليه. هذا ما يجب أن نذكر به من احتفل بـ”7 أكتوبر” ثم شرع بالنحيب على ما أصاب الفلسطينيين بعده.

كل هذا كان خارج نقاش الـ”ضرورة”! بينما نحتفل بتصدّع صورة إسرائيل، وليس تصدّع إسرائيل، وهو وإن كان تصدعاً فعلياً أصاب سردية الكيان منذ نشوئه، إلا أنه قابل للترميم إذا ما لاح أفق لمحاسبة بنيامين نتانياهو، وهذا أمر ممكن وإن ليس على المدى القريب.

حصيلة السنتين خسارة إنسانية كبيرة. هذا ما يجب أن يتقدم أي مراجعة لهذا الحدث. وكل من وافق على وقف الحرب فعل ذلك لضرورة الحد من أثمانها الباهظة. إذاً فلنشرع بعملية تقييم للفعل انطلاقاً من الثمن الإنساني الذي دفعناه، ولنحاسب بناء عليه.

إسرائيل لم تعد أكثر من آلة حرب تمارس تفوّقها على من تعيش بينهم. الحرب هي المهمة الوحيدة لهذه الدولة، وأي إسرائيلي يطمح لغير أن يكون جندياً، سيكتشف أن مكانه خارجها. هذا المصير ليس من نتائج 7 أكتوبر، لا بل إن ذلك الحدث سيؤجل اكتشاف الإسرائيليين ما أوقعهم به نتانياهو ورهطه.  

جنى بركات - صحافية لبنانية | 14.11.2025

“ستارلينك” لبنان: ما علاقتها بوزير الاتّصالات وبالشبهات المرتبطة بمعاقَب أميركياً؟ 

مع دخول "ستارلينك" إلى لبنان، برزت إشكالية حول مساعي الشركة الأميركية للتعاقد مع "Connect Services Liberia" كموزّع لخدمات "ستارلينك" في لبنان، من دون فتح باب المنافسة بين الشركات الأخرى، وهي الشركة التي سبق أن ترأّسها وزير الاتّصالات الحالي شارل الحاج. 
07.10.2025
زمن القراءة: 3 minutes

حصيلة السنتين خسارة إنسانية كبيرة. هذا ما يجب أن يتقدم أي مراجعة لهذا الحدث. وكل من وافق على وقف الحرب فعل ذلك لضرورة الحد من أثمانها الباهظة. إذاً فلنشرع بعملية تقييم للفعل انطلاقاً من الثمن الإنساني الذي دفعناه، ولنحاسب بناء عليه.

سنتان على الكارثة. الثمن الإنساني هو أكثر ما يمكن تسجيله. نحو 70 ألف قتيل ومئات آلاف من الجرحى، وتدمير شبه كامل لمدن قطاع غزة من شماله إلى جنوبه! هذه نتيجة من المعيب أن تُرفق بغير وصفها بالكارثة. 

لكن الألم يأتي هذه السنة محملاً بمزيد من الوقائع الثقيلة، بدءاً من غزة ومن فلسطين، مروراً بسوريا، ووصولاً إلى لبنان. 

نعم 7 أكتوبر مر على كل عواصم المشرق مخلفاً خدوشاً وصدوعاً ومآسيَ، وإذا كان سقوط مجرم دمشق استثناءً، فإن 7 أكتوبر فتح سوريا على أسئلة الوجود. أما لبنان، فقد وضعته “حرب الإسناد” في فم الوحش، وها هو يترنح تحت ضربات تقتل عائلات وتلاحق ضريراً بعدما أطفأت عيناه، وساوت شريطاً من القرى والمدن في الأرض. 

نعم إسرائيل سقطت كفكرة، وهي اليوم آلة قتل مجرّدة من أي وظيفة أخرى. أما حماس فهي بصدد الرحيل عن القطاع، والوقت بالنسبة إليها ليس وقت المراجعات، ومن المستبعد أن تُجري مراجعة. أهل غزة بدورهم، أو من بقي منهم على قيد الحياة، لن تكون نهاية الحرب بالنسبة إليهم خلاصاً، ذاك أن الدمار المديد على طول القطاع وعرضه، لم يبقِ لهم ما يشعرهم بالخلاص.

إذا صحّ أن الحرب في غزة على مشارف نهايتها، فماذا علينا أن نفعل بالسنتين العجاف؟ كيف نوظّفهما في وجداننا؟ وأي مراجعة تستلزمان؟ ثمة من يستعد لإعلان انتصاره! نعم نحن حيال هزيمة بموازاة النصر العسكري لإسرائيل. هزيمة أخرى، غير هزيمة حماس. الحرب أصابت صورة إسرائيل التي صنعتها على مدى عقود مديدة. هذا ليس تفصيلاً، ذاك أن وظيفة تلك الصورة هي ما صنع لإسرائيل قوتها في الغرب. الإصابة بليغة فعلاً، وصورة المجرم صار من الصعب فصلها عن الفكرة المتولّدة عن الجيش الذي قتل ودمّر في غزة. 

عُقّال الكيان القليلو الحيلة والتأثير مذعورون من حقيقة أن إسرائيل الجديدة هي بنيامين نتانياهو، ولا شيء غيره، لا بل هي بن غفير وسموتريتش! هذا ما يجب ألا يغيب عن بالنا نحن أصحاب الهزيمة الساحقة. إسرائيل هذه انتهت إلى غير عودة، وإسرائيل الجديدة هي ما يجب أن نترقّبه وننتظره. ماذا سيفعل العالم بمولودته هذه؟ أين سيصرف كل هذا العنف وهذه الكراهية؟

ونحن بدورنا على مشارف “نصر” مرير، على رغم أن هزيمتنا أوضح من أن تتوَّج بنصر. غزة هي ذروة الهزيمة، والـ”نصر” الذي يُعدّوننا له لن يكون سوى صدى لفشل، هو في الحقيقة المحتوى الفعلي لثقافة الامتثال، ولمضمون الاستبداد الذي رافق أنظمة الجريمة. وتلك الأصوات التي شرعت بتذكيرنا بأن 7 أكتوبر “ضرورة”، هو بالنسبة إليها، هي البعيدة عن فم الوحش، ضرورة لكي تواصل قواه ضبط تخلّفنا ضمن قواعد اشتباك نحن فيها الأضعف والأقل حيلة، لكن، وهذا الأهم، الأكثر قابلية للخضوع. 

سؤال الذكرى الثانية للكارثة التي حلت بنا بعد 7 أكتوبر هو عن الثمن الإنساني الباهظ الذي دفعناه، من بيت حانون وصولاً إلى بنت جبيل. وهو قياس خسائرنا مع الخسارة الإسرائيلية. وهل يستحق ما أصاب صورة إسرائيل كل هذه الأثمان؟ 

القول بأن 7 أكتوبر كان قدراً لا يمكن تفاديه، مردود، ذاك أن ثمة من اتخذ قراراً وأعد له ونفذه غير آبه بما سيستدرجه، ومن دون أن يسأل من يعنيهم الأمر (أهل غزة ولاحقاً أهل لبنان) رأيهم، ومن دون أن يبني لهم ملجأ يقيهم من تلك القنابل التي أحرقت عائلات بكاملها، فيما كان يبني أنفاقاً باهظة الكلفة لمقاتليه. هذا ما يجب أن نذكر به من احتفل بـ”7 أكتوبر” ثم شرع بالنحيب على ما أصاب الفلسطينيين بعده.

كل هذا كان خارج نقاش الـ”ضرورة”! بينما نحتفل بتصدّع صورة إسرائيل، وليس تصدّع إسرائيل، وهو وإن كان تصدعاً فعلياً أصاب سردية الكيان منذ نشوئه، إلا أنه قابل للترميم إذا ما لاح أفق لمحاسبة بنيامين نتانياهو، وهذا أمر ممكن وإن ليس على المدى القريب.

حصيلة السنتين خسارة إنسانية كبيرة. هذا ما يجب أن يتقدم أي مراجعة لهذا الحدث. وكل من وافق على وقف الحرب فعل ذلك لضرورة الحد من أثمانها الباهظة. إذاً فلنشرع بعملية تقييم للفعل انطلاقاً من الثمن الإنساني الذي دفعناه، ولنحاسب بناء عليه.

إسرائيل لم تعد أكثر من آلة حرب تمارس تفوّقها على من تعيش بينهم. الحرب هي المهمة الوحيدة لهذه الدولة، وأي إسرائيلي يطمح لغير أن يكون جندياً، سيكتشف أن مكانه خارجها. هذا المصير ليس من نتائج 7 أكتوبر، لا بل إن ذلك الحدث سيؤجل اكتشاف الإسرائيليين ما أوقعهم به نتانياهو ورهطه.  

07.10.2025
زمن القراءة: 3 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية