fbpx

بعد وقف عرضه: الجماهير تطيح بـ”الملك” وتُحِرج مخابراته

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الحملة على المسلسل بدأت منذ آب/ أغسطس 2020 بعدما أطلق المؤرخ بسام الشماع تحذيرات بشأن الأخطاء التاريخية والثقافية في المسلسل الذي لم يُعرض السيناريو الخاص به على المؤرخين قبل بدء تصويره…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كان “سقنن رع”  والد الملك “أحمس ” أول المومياوات في الموكب الذهبي لنقل  22 مومياء لملوك الفراعنة ,وملكاتهم من المتحف المصري بميدان التحرير إلى متحف الحضارة المصرية في الفسطاط. 

اليوم أصبح ابنه الملك أحمس، “التريند” الأبرز في مصر. نجح الموكب في تعزيز  روح “الانتماء” المتعاظمة لحضارة العسكريين القدماء، هذه العراضة التي شغلت المصريين كلفت الدولة مليارات الجنيهات، واليوم كاد مسلسل “الملك” يضيعها هدراً، بعد موجة السخرية الواضحة على السوشيال ميديا المصرية.

ظهور الممثل الشهير عمرو يوسف على الإعلان الترويجي (بوستر) الخاص بالمسلسل لتجسيد دور “أحمس” بعينين خضراوين وشعر ملون ولحية طويلة موضة 2021، أجج السخرية، ما دفع الشركة المنتجة إلى أخد قرار سريع بالاستجابة للانتقادات بوقف تصوير المسلسل في اليوم التالي للموكب الملكي. كان القرار مفاجئاً في ظل الخسائر الهائلة التي يتكبدها جهاز المخابرات بعد الإنفاق على المسلسل الذي كاد ينتهي تصويره .

 يدور المسلسل حول الفرعون المصري أحمس الذي قاد المصريين إلى تحرير البلاد من الهكسوس وأمّن حدود مصر الشرقية في فلسطين، وأسس بذلك الأسرة الثامنة عشرة التي مثلت ذروة مجد تاريخ مصر القديم. ولم يكن بالإمكان تجنب المقارنة بين الصورة المبهرة لإخراج موكب الملوك والملكات والاحتفالية المصاحبة له والتي عبرت الغالبية عن سعادتها بها، وبين الإحباط والانزعاج اللذين تسببا فيهما قصور مسلسل “الملك” عن بلوغ ما تخيله المشاهدون وما توقعوه منه.

لا تخفي شركة “المتحدة للخدمات الإعلامية” التابعة لجهاز المخابرات المصري رسالتها الواضحة في مسلسلات الموسم الرمضاني، فقد حرصت الشركة على استخدام الفن كمظلة حشد الجماهير  سياسيًا وعاطفيًا بما ينسجم مع سياسات النظام. تكرر ذلك في المواسم الرمضانية والدرامية السابقة. وهذا العام تنتج الشركة الجزء الثاني من مسلسل “الاختيار” الذي ركز على شخصية ضابط في الجيش المصري، ومسلسل “الملك” الذي يجسد سيرة “أحمس” القائد العسكري الفرعوني الذي حارب الهكسوس ممن استوطنوا مصر لأكثر من قرن.

بداية الأزمة

 الحملة على المسلسل بدأت منذ آب/ أغسطس 2020 بعدما أطلق المؤرخ بسام الشماع تحذيرات بشأن الأخطاء التاريخية والثقافية في المسلسل الذي لم يُعرض السيناريو الخاص به على المؤرخين قبل بدء تصويره، وبمجرد نشر التسريبات من المسلسل حتى صدقت تحذيرات الشماع! خصوصاً بعد ظهور ممثلات يرتدين عباءات سود وغطاء طويل على الرأس، فيما ظهر الممثل عمرو يوسف بلحية طويلة، على رغم أن الفراعنة اعتادوا على حلق شعر ذقونهم وشعر جسدهم بالكامل كنوع من التطهر.

الفنانون منحازون للقمة العيش ضد الجمهور

الجدل حول المسلسل على السوشيل ميديا لم يتوقف بعد قرار الشركة بوقف المسلسل، بدأ عدد من الفنانين التعبير عن استيائهم لتوقف العمل، ووجهوا هذا الاستياء  ضد جمهور السوشيل ميديا ، ونشر فنانون مصريون رسالة موحدة “نتفرج بعدين نحكم”، أهم عناصرها تأكيد أن الغرض من إنتاج عمل فني هو محاولة إسعاد الجمهور وتسليته ودفعه إلى التفكير؛ وينبغي ألا يحكم الناس على عمل فني قبل مشاهدته كاملاً.

المفارقة أن الفنانين الذين أطلقوا انتقادات حادة لم يجدوا  في الواقع حاجة إلى الرد على كل انتقادات الجمهور، ولم يوجهوا انتقادات للشركة المنتجة للعمل، “المتحدة للخدمات الإعلامية” المعروف أن ملكية معظم أسهمها تملكها المخابرات المصرية، بل حاولوا حصر الانتقاد بالتعليقات السلبية التي انتشرت عبر السوشيل ميديا.

إقرأوا أيضاً:

تخلق السيطرة الكاملة لأجهزة الدولة السيادية على مجال إنتاج الأعمال الدرامية بصفة خاصة عبر جميع مراحله وضعاً مختلاً، ينعكس في هذا الموقف المتناقض. فهؤلاء الفنانون اعتادوا أن يكون الحكم على أعمالهم هو جهة الإنتاج التي تملي عليهم موضوعاتهم والطريقة التي عليهم معالجتها بها، هذا الواقع أضعف الشعور بالمسؤولية تجاه رأي عام يتابع وينتقد، ويفترض أنه مستهدف أصلاً بالأعمال. 

مارست شريحة الفنانين هذه سلطة تقريعية بحق الجمهور، فلربما باتوا يستمدون هذه “السلطة” من الجهات التي تسمح لهم بالعمل وتحدد لهم ما عليهم تمثيله. 

أعمال فنية كثيرة تثير جدلاً واستقطاباً بين المرحبين بها والرافضين لها، قبل طرحها للجمهور. يحدث ذلك في كل مكان من العالم. وفي الغالبية العظمى من الحالات تعتبر جهة الإنتاج هذا الجدل دعاية إضافية مجانية للعمل، تضمن معه إقبال المشاهدين على متابعته متى طُرح فعلياً. ولكن ليس هذا هو الحال بالنسبة إلى جهة منتجة تأتي الأرباح المالية بالنسبة إليها في المرتبة التالية. وهي لا تكتفي بالإقبال على المشاهدة في حد ذاتها، ولكنها ترغب أولاً في تحقيق أثر معين للعمل. في حالة مسلسل “الملك”، لا يستطيع العمل الذي يقدم نموذجاً للبطل الذي ينقذ مصر من أعدائها أن يتحول من بث الحماسة الوطنية إلى موضوع للسخرية، فهذا يتناقض مع الغرض منه. وبالتالي لا شك في أن ما يشكو الفنانون منه هنا لا تتحمل مسؤوليته الجهة المنتجة فقط، إنما يعود إلى طبيعة هذه الجهة وأهدافها والأسباب التي لأجلها أقدمت في الأساس على الاستحواذ على العملية الإنتاجية للدراما في جميع مراحلها.

الموقف الحقوقي من وقف المسلسل”موقتاً/ نهائياً

يغيب في خضم الجدل والمداخل المختلفة التي يتبناها أطرافه التوصيف الحقوقي الصحيح لوقف العمل (موقتاً أو بصفة نهائية) على المسلسل أو فرض تعديلات للسماح بمواصلة العمل عليه ومن ثم عرضه، في رمضان المقبل، أو ربما في وقت لاحق، بحسب ما قد يتطلبه تنفيذ هذه التعديلات من وقت. لقد تحدث البعض، على استحياء، عن أن وقف العمل على المسلسل، أو منع عرضه، هو انتهاك للحق في حرية التعبير، يقع على كل صناعه أو بعضهم، ولم يتطرق أحد إلى ما إذا كان فرض تعديلات من أي نوع يمثل بدوره انتهاكاً لحق صناع المسلسل في حرية التعبير. البعض اعتبر الأمر بكامله يقع خارج إطار الحق في حرية التعبير، طالما أن الجهة المنتجة للعمل هي نفسها أوقفته، وهو ما يراه حقاً طبيعياً لها. 

في نصوص المواثيق والمعاهدات الدولية وبخاصة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، يندرج الحق في حرية الإبداع تحت المظلة العامة للحق في حرية التعبير. وكغيرها من النصوص القانونية لا تلتفت النصوص الحقوقية إلى السياق، إنما تتعامل مع الحق المجرد، وذلك لضمان مساواة الجميع في التمتع بحقوقهم. وفي هذا الإطار، لا ينبغي الخلط بين الحقوق التعاقدية لجهة الإنتاج وصانع العمل الفني وبين حق صانع العمل الفني في حرية التعبير. بمعنى أن الحقوق التعاقدية هنا تنتمي إلى السياق الذي لا تلتفت إليه نصوص حقوق الإنسان. في الأعمال الدرامية يتمتع كل من كاتب السيناريو ومخرج العمل باعتبار كل منهما صانع منتج تعبيري بالحق في حرية التعبير الذي يتجسد في وصول عمله إلى الجمهور. الفنانون المؤدون يعتبر أداء كل منهم لدوره في العمل الفني ممارسة لحقه في حرية التعبير أيضاً. كل حجب أو منع لوصول المنتج الفني لجمهوره هو انتهاك للحق في حرية التعبير يقع على هؤلاء جميعاً، بغض النظر عن الجهة التي حجبت أو منعت أو أوقفت استكمال العمل. طالما أن محتوى العمل لم ينطوِ على ما يسوغ بشكل استثنائي تعطيل الحق في حرية التعبير وفق قوانين واضحة تطبق بواسطة القضاء.

قصور قانوني

 في الوقت الحالي، لا تتضمن القوانين المصرية نصوصاً تحمي الحق في حرية التعبير في حالات مماثلة، وأغلب الظن أن هذا القصور سيحتاج إلى وقت طويل، حتى تتاح مناقشة أوضاعه، ولكن من المفيد على الأقل إيضاح أن حقوق العاملين في مجالات الإنتاج الفني لا تقتصر بأي حال على تلك التي تحميها التعاقدات، وأن كل عمل فني ينطوي بالضرورة على الحق في حرية التعبير لصناعه، يتخطى مستحقاتهم المالية كمتعاقدين مع جهة الإنتاج، وحقوقهم كعاملين من حيث ظروف العمل.

الواقع الحالي لمجال الإنتاج الدرامي وكذلك في مجالات الإنتاج الثقافي بصفة عامة هو بالتأكيد أبعد ما يكون عن توفير بيئة مناسبة لمناقشة مثل هذه المواثيق، وهذا يعيدنا إلى ما طرحه البعض على مواقع السوشيل ميديا في مواجهة الحملة الأخيرة للفنانين، دعماً لزملائهم صناع مسلسل الملك، وهو أن السنوات الأخيرة قد شهدت تعديات عدة على مبدعين وفنانين لأسباب سياسية. كما أن احتكار جهة واحدة للجانب الأكبر من سوق الإنتاج الدرامي قد نتجت عنه خسائر مادية فادحة للعاملين بهذا السوق، تتخطى كثيراً تلك التي يشكو منها هؤلاء الفنانون على خلفية وقف العمل بمسلسل واحد. لم يرفع أي من هؤلاء الفنانين صوته دعماً لزميل شطب اسمه من نقابة المهن التمثيلية أو غيرها، ولم يعترض أي منهم على تخفيض أعداد المسلسلات المنتجة أو خفض المقابل المادي الذي يحصل عليه العاملون في هذه المسلسلات، إلى آخر تلك الممارسات الاحتكارية لجهة الإنتاج “السيادية”. ويمكن بالتأكيد تفهم أعذارهم، فلا أحد مطالب بأخذ مواقف مبدئية تعرضه للضرر في مجال عمله أو سلامته الشخصية، ولكن في المقابل ربما يحق لكثيرين أن يروا أن هؤلاء الفنانين ليسوا في موقف يحق لهم فيه ادعاء مساندة زملائهم خاصة إذا اختاروا أن يوجهوا انتقاداتهم إلى جمهور مارس حقه الطبيعي في التعبير عن رأيه، بما اختار صناع عمل فني بأنفسهم أن يقدموه له كدعاية لعملهم. واستلهاماً للمثل الشعبي المشهور، ربما لا ينبغي أن تفرغ همك في مهاجمة البرذعة، ما دمت لا تجرؤ على إزعاج الحمار.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.