fbpx

“أربعون عاماً من السلام مع نظام الأسد”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“لم نجد أي مشكل مع نظام الأسد لـ40 عاماً ولم تُطلَق رصاصة واحدة في مرتفعات الجولان”. قالها نتانياهو بالأمس قبل مغادرته إلى موسكو للقاء فلاديمير بوتين. الرجل لم يكشف سراً. لقد أعاد تذكيرنا بواقعٍ، لكن دلالات ما قاله رئيس حكومة الدولة العبرية تكمن في كلامه، إذ يكشف عن الصفقة الجديدة في جنوب سوريا

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“لم نجد أي مشكل مع نظام الأسد لـ40 عاماً ولم تُطلَق رصاصة واحدة في مرتفعات الجولان”. قالها نتانياهو بالأمس قبل مغادرته إلى موسكو للقاء فلاديمير بوتين. الرجل لم يكشف سراً. لقد أعاد تذكيرنا بواقعٍ، لكن دلالات ما قاله رئيس حكومة الدولة العبرية تكمن في كلامه، إذ يكشف عن الصفقة الجديدة في جنوب سوريا، والتي تضمن لإسرائيل أمنها في مقابل السماح لجيش النظام السوري بالسيطرة على الجنوب السوري وصولاً إلى الحدود مع الأردن.

لكن نتانياهو كشف أمراً آخر في تصريحاته، وهو أن الحرس الثوري الإيراني و”حزب الله” تراجعا عشرات الكيلومترات عن الحدود مع إسرائيل، وهذا وإن لم يكن كافياً لتل أبيب إلا أنه مؤشر يبعث على الارتياح. والتراجع الصامت عشرات الكيلومترات عن الحدود مع إسرائيل لا يملي على من اتهم السوريين حين انتفضوا على نظامهم بأنهم “أداة بيد المستعمر”، على ما أطنب الخطاب الممانع منذ اليوم الأول للاحتجاجات السورية.

فجأة لم يعد التراجع عشرات الكيلومترات عن الحدود هزيمة! لا بل هو علامة نصرٍ وحذاقة ديبلوماسية. النصر على السوريين هو القضية، وهو ما تم إنجازه. أما الدرس “الديبلوماسي” الكبير على هذا الصعيد، فيتمثل في تفوق النظام على معارضيه في مفاوضة الإسرائيليين وفي تقاضي الأثمان، وهو فعل ذلك محصناً بخطاب الممانعة وببنادق “المقاومة” وبعواصم الصمود والتصدي.

المسألة لم تكن يوماً أكثر من صراعٍ مذهبي. وهنا لا بد من استعادة حقيقة أن الثقافة “الأقلوية” أكثر قدرة على المراوغة وعلى التخفف من الثوابت. هنا تماماً نجح النظام السوري ومن ورائه طهران في تحقيق الإنجاز، وهنا تماماً فشلت المعارضة “الأكثروية” في اختراق حاجز “الثوابت”. طهران والنظام ومن ورائهما موسكو، قدموا الضمانات المطلوبة لتل أبيب، وتحملوا قسوتها عليهم، والغارات اليومية المكلفة والمهينة، فيما اشتعلت الميديا السورية المعارضة في وجه بسما كظماني لمجرد أنها التقت مصادفة بإسرائيليين.

الدرس “الديبلوماسي” الكبير على هذا الصعيد، فيتمثل في تفوق النظام على معارضيه في مفاوضة الإسرائيليين وفي تقاضي الأثمان، وهو فعل ذلك محصناً بخطاب الممانعة وببنادق “المقاومة” وبعواصم الصمود والتصدي.

ما حصل في جنوب سوريا كان صفقة كبرى على حساب السوريين. ووحدهم أهل هذه المنطقة من سيتحمل أكلاف الصفقة. في تصريحات نتانياهو صفاقة تتوج الصفقة. اسرائيل تستقبل هاربين من تمدد نظام الأسد في جنوب سورية وتعالج جرحى الغارات الروسية، لكنها من جهة أخرى تكشف عن أنها مرحبة بقدوم جيش النظام إلى جنوب سوريا. وليست إسرائيل وحدها من مارس الصفاقة، فطهران غارقة حتى أذنيها في ابتذال قضايانا على مذبح همومها “الامبراطورية” والمذهبية، بدءاً من فلسطين، مروراً بحماية المراقد الدينية، وصولاً إلى “حربها على التكفيريين”. وعمان ليست بريئة من دم أهل الجنوب، فرغبتها في فتح حدود الاستيراد والتصدير عبر سورية تفوق رغبتها في حماية من تبقى من أهل الجنوب السوري من نظامٍ قادمٍ حتماً لقتلهم. أما واشنطن، وهي العاصمة التي ما كان للصفقة أن تنجز من دون موافقتها، فلها تاريخ طويل في التخلي عن الجماعات التي أوهمتها بأنها تحميها، وسريعاً ما أبلغ الجيش الأميركي الفصائل المقاتلة في الجنوب السوري بأن الحماية قد رفعت عنهم وبأن “خفض التوتر” لم يعد قائماً.

وقال نتانياهو من بين ما قاله بالأمس، إن بلاده لن تكتفي بالإنجاز. ابتعاد الحرس الثوري من الحدود عشرات الكيلومترات لا يكفي. المهمة في الأيام المقبلة ستكون التحرك لإخراج إيران من سوريا، وفي مقابل ذلك، ليس لإسرائيل تحفظات على بقاء بشار الأسد في السلطة. نتانياهو توجه إلى موسكو بالأمس، ليناقش هذه القضية. وما بينه وبين الرئيس الروسي من ود ومن مصالح اقتصادية مشتركة، كفيل بتسهيل المهمة عليه.

لكن بيد نتانياهو هذه المرة ورقة أخرى الأرجح أنها ستساعد نظيره الروسي في سعيه للقول “في سوريا الأمر لي”. إنها ورقة العقوبات الأميركية على طهران. فالأخيرة ستكون أكثر مرونة في تقديم التنازلات، وأولويتها ستكون من دون شك استقرار نظامها. حصتها في الجبنة السورية لن تكون هي نفسها هذه المرة. إخراجها من سوريا مع خطوات لحفظ ماء وجهها، هو الخطة التي من المرجح أن بوتين أن عرضها على ضيفه الإسرائيلي.

لن يكون ذلك على صورة نصرٍ إسرائيلي على إيران، فدوي الانتصارات هو آخر هموم الدولة العبرية. الإنجاز يتقدم الانتصار في ثقافة هذا الكيان، وأن تُهدى الممانعة نصراً في مقابل إهداء تل أبيب إنجازاً، فهذا كل ما يتمناه نتانياهو. لنتذكر حرب تموز في لبنان، ولنتذكر “السنوات الأربعين من السلام الواقعي” في الجولان. النصر الوحيد الذي تم إنجازه في هذه المحطات هو نصر علينا، نحن مغلوبو هذا المشرق.       

 

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!