fbpx

“مات يوم زفاف أخته”…
المخفيون في معتقلات الحوثيين قصص تعذيب وظلم

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يعيش أهالي المخفيين قسراً عذابات وأوجاع تشي بها جدران منازلهم التي تسكنها دموع زوجاتهم وأطفالهم…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

6 سنوات مرت على غياب محمد الصنوي عن منزله وزوجته وأطفاله مذ اختطفته “جماعة أنصار الله” الحوثية، من نقطة الهنجر الواقعة في المدخل الغربي لمدينة تعز. لم يكن الصنوي عسكري الانتماء أو حزبياً، بل كان مواطناً بسيطاً يعمل بأجر يومي يجمعه على دراجته النارية التي يستخدمها وسيلة للنقل والمواصلات العامة.

“مسكوني الحوثيون في نقطة الهنجر”، كانت هذه آخر كلمات تلقتها أم سلمى من زوجها محمد الصنوي عام 2015، عبر اتصال هاتفي قبل 6 سنوات، ليغيب بعد ذلك صوته حتى اليوم.

زوجة و8 أطفال يعيشون مأساة فقدان محمد المخفي قسراً، فيما لم تتجاوب “جماعة الحوثي” مع الأسرة، حتى أنها لم تفصح عن مكانه.

تدخل الطفلة سلمى عامها السابع وهي لم ترَ والدها بعد ولا تعرف مصيره. من جانبها أم سلمى تبكي وتتحسر كثيراً على زوجها المفقود منذ عام 2015، وعلى أطفالها الثمانية الذين يعيشون دوامة فقدان معيلهم.

ليس المعتقل وحده من يعاني مرارة الغياب، فخلف كل معتقل منزل وأبناء ملوا من ملابسهم المهترئة وزوجة تنام محتضنة أطفالها تفكر في طعام الغد وأسرة لا تجد ما تسد به رمق حاجتها وتكاليف رحلة البحث والابتزازات.

أسرة الصنوي أنموذج للكثير من أسر المختطفين والمخفيين في سجون جماعة أنصار الله، والذين لا يُعرف مصيرهم وحقيقة التهم الموجهة إليهم وإن ما زالوا أحياء أم لقوا حتفهم.

تشير الإحصاءات الأولية التي سجلتها رابطة أمهات المختطفين إلى 205 مختطفين و25 مخفياً قسراً في “سجن الصالح” وحده، جميعهم من المدنيين الأبرياء من عمال وأكاديميين ومعلمين لم يكونوا يوماً تابعين لأطراف الصراع والخصوم.

توصد جماعة الحوثي أبوابها أمام أسئلة أهالي المختطفين وتوسلاتهم لإطلاق سراح أولادهم وسط غياب تام للمنظمات المعنية بحقوق الإنسان والمعتقلين ليبقى مصير المختطفين المجهول يترنح ما بين الحياة والموت.

مصيدة الرعب “مدينة الصالح”

استحالت أحلام آلاف اليمنيين إلى معتقلات مرعبة في مدينة الصالح السكنية الواقعة في منطقة الحوبان في المدخل الشرقي لمدينة تعز، فخلف تلك الجدران أنشأ الحوثيون مرتعاً للعنف وأحد أبرز السجون سيئة الصيت في اليمن.

آلاف المواطنين اعتقلتهم جماعة الحوثي في مناطق سيطرتها لأسباب تتعلق بالرأي، فيما كثيرون قبضت عليهم عبر نقاطها الأمنية عند مرور المواطنين من مناطق خاضعة لسيطرة الجيش الوطني إلى مناطقها.

أسماء الراعي وهي رئيسة “رابطة أمهات المختطفين” التي تعمل على رصد انتهاكات الحوثيين بحق المعتقلين، تقول “الاختطافات التي تمارسها جماعة أنصار الله الحوثية بحق المدنيين في مدينة تعز عملية ممنهجة، تسعى من خلالها إلى ابتزاز المواطنين وأسرهم وأيضاً لأجل صفقات تبادل الأسرى مع الجيش الوطني التابع للحكومة الشرعية، ما يمكن الحوثيين من إعادة أسراهم عبر هؤلاء المعتقلين المدنيين القابعين في سجونهم”.

وهذا ما يثير شهية الحوثيين لتكثيف الاعتقالات، بخاصة مع غياب الرقابة والمساءلة القانونية سواء من الجهات الحكومية المختصة أو الجهات والمنظمات الخارجية العاملة في المجال الحقوقي.

لم يحظَ ملف المعتقلين والمخفيين قسراً باهتمام كبير، على رغم فداحة الانتهاكات بحق المعتقلين في سجون الحوثيين، فاهتمام المنظمات والجهات الحقوقية ينصب غالباً في قضايا أخرى منها برامج الإغاثة.

في سجن الصالح تتنوع الانتهاكات بحق المعتقلين المدنيين، ابتداءً بالإخفاء القسري ومنع زيارة العائلات عن أولئك الذين تفصح عن وجودهم في سجونها وممارسة أساليب تعذيب وحشية تنوعت ما بين التعذيب الجسدي والنفسي وحتى العنف الجنسي وصولاً إلى حد إلحاق الإعاقات الجسدية ببعض المعتقلين، وقد لقي أشخاص حتفهم  إما في السجن أو بعد إطلاق سراحهم بأيام بحسب تقارير حقوقية.

إقرأوا أيضاً:

عودة بعد انقطاع الأمل

يعيش أهالي المخفيين قسراً عذابات وأوجاع تشي بها جدران منازلهم التي تسكنها دموع زوجاتهم وأطفالهم. فالأهالي يعيشون على الأمل ويحاولون تتبع الخيوط الأخيرة لمعرفة مصائر أحبائهم، لكن ذلك يصطدم بحائط الصد المنيع والمخيف لأجهزة الأمن الخاصة بأنصار الله الحوثيين.

“أُخْفيتُ لثلاث سنوات في سجن الصالح، كان أهلي يظنون أنني توفيت وأقاموا مراسم عزاء بوفاتي”، كان هذا حديث المخفي قسراً أحمد راجح الذي يعمل أميناً شرعياً، بحسب تقرير خاص بـ”رابطة أمهات المختطفين”.

خطف راجح من منزله في مديرية المخا الساحلية التابعة لمحافظة تعز بداية 2017، عناصر من “جماعة أنصار الله الحوثية” الذين اقتادوه إلى “سجن الصالح”.

يقول “تم احتجازي في غرفة مظلمة مساحتها لا يتعدى المترين المربعين، كنت أتناول الطعام وأصلي وأتبرز وأنام فيها”.

يتابع، “تعرضت لجميع انواع الضرب والتعذيب الجسدي ولم يسمح لي بالتواصل مع أسرتي طيلة السنوات الثلاث وأفرجوا عني في صفقة تبادل أسرى أواخر 2019”.

موت بطيء

عشرات الحكايات الناضحة بالألم والأسى سجلتها كاميرا “رابطة أمهات المختطفين” في توثيق شهادات المفرج عنهم من سجن الصالح التابع للحوثيين.

لا تفرق جماعة أنصار الله الحوثية بين مدنيٍ أو عسكريٍ فكل من يقع تحت قبضتها متهم بالعمالة ونقل الأخبار والإحداثيات والارتزاق، ويتم وصف المعتقلين وأصحاب الآراء المختلفة، بصفة “الدواعش”، التي يتخذها الحوثيون شماعة قانونية في مشروعية استمرار حربهم أمام الحاضنة الشعبية الواقعة تحت سيطرتهم.

نشوان سيف (33 سنة) من مدينة تعز اعتقلته جماعة الحوثي عام 2017 من نقطة أمنية تابعة لها، بعدما أوقفت المركبة التي يستقلها أثناء سفره إلى عمله في منطقة الحوبان ليمكث حينها في السجن مدة عام و8 أشهر.

يحكي سيف في تصريحه لتقرير حقوقي للرابطة هو “رائحة الموت”، تفاصيل فترة اعتقاله قائلاً، “تم وضعي في سجن انفرادي وبدأوا التحقيق معي في اليوم التالي وأنا مغطى العينين ويداي مشدودتا الوثاق إلى ظهري”.

يتابع سيف “كل ثلاثة أيام كان يتم التحقيق معي ويرافقه ذلك عملية تعذيب بأقسى الأساليب، الكهرباء، نزع الأظافر بآلات حادة، وضربي في جميع أجزاء جسدي، على الرأس والبطن والكليتين وبخاصة المناطق الحساسة، كالخصيتين اللتين تورمتا إثر ذلك بشكل كبير”.

“بعد ثلاثة أشهر من التعذيب نقلوني إلى سجن إب وحالتي الصحية تزداد سوءاً نتيجة الجروح المنتشرة في جسمي وبعد فترة اضطروا إلى نقلي إلى المستشفى حيث طلب الأطباء إجراء عملية جراحية، نظراً إلى خطورة الورم في “الخصيتين” بعدما تكفل فاعل خير بدفع تكاليفها”، بحسب سيف.

ظلت حالة سيف الصحية تتدهور كثيراً يوماً بعد آخر، وعندما شعر الحوثيون باليأس من شفائه، بحسب تشخيص الأطباء تم الإفراج عنه بفدية مالية تكفل بها فاعل الخير ذاته.

نُقل نشوان سيف بعد الإفراج عنه إلى مستشفى وسط مدينة تعز لتلقي العلاج، بسبب حالته المرضية الشديدة التي لازمته بسبب التعذيب وتوفي في المستشفى بعد ثلاثة أشهر من إطلاق سراحه يوم 29 نيسان/ أبريل 2019، يوم زفاف أخته الذي تحول إلى عزاء.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.