fbpx

أردوغان جنّد العدد الأكبر منهم: “المرتزقة خنجر في ظهر ليبيا”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تركيا صاحبة العدد الأكبر من المرتزقة في ليبيا لم تقدم حتى أي مؤشر عن عزمها سحب مقاتليها من هذا البلد ولا يبدو أنها عازمة على الإقدام على هذه الخطوة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

جدد تسلم حكومة الوحدة الوطنية الليبية الجديدة مهماتها، الأمل بأن عقداً كاملاً من الحرب الأهلية ومن نفوذ الميليشيات قد ولى، وأن حقبة أخرى مقبلة سينتهي معها الانقسام ويعاد خلالها بناء الدولة وإعمارها بعد سنوات من الفوضى. ولكن لا يبدو أن الطريق ستكون سالكة أمام الماسكين الجدد بالسلطة في ظل التحديات والعقبات الكثيرة التي تتصدرها معضلة خروج المرتزقة والإرهابيين والمقاتلين الأجانب، والذين تقدر أعدادهم بالآلاف، من البلاد. رهان كبير تصدر أولويات الحكومة الجديدة وتلقفته دول أوروبية ساعية للعودة إلى المشهد الليبي، كفرنسا وإيطاليا وألمانيا إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية، بعدما باتت ليبيا ساحة للتدخلات العسكرية من تركيا وروسيا ودول خليجية مثل قطر والإمارات. 

هل من أمل؟

تشكلت أخيراً حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا البالغ عدد سكانها نحو سبعة ملايين نسمة، بعد مسار تفاوضي ليبي – ليبي، رعته الأمم المتحدة في عواصم عربية وأوروبية. تم اختيار عبد الحميد دبيبة رئيساً للحكومة ومحمد المنفي رئيساً للمجلس الرئاسي، على أن تتولى الحكومة الجديدة إدارة البلاد تمهيداً لإجراء انتخابات عامة في نهاية كانون الأول/ ديسمبر المقبل.     

وعلى رغم أهمية هذه الخطوة التي أعادت الأمل لليبيين، لا سيما في ظل التراجع الكبير للعمليات العسكرية وانتعاش مبيعات النفط، القطاع الحيوي للاقتصاد الليبي، إلا أن مهمة الحكومة صعبة جداً. فتهيئة الأرضية لإجراء انتخابات عامة في بلد ظل لسنوات مسرحاً لحروب بالوكالة بين أطراف داخلية وخارجية، لن تكون يسيرة. وستتحتم على الحكومة مواجهة معضلات كبيرة أهمها مسألة إخراج المرتزقة من البلاد، الذين وصفهم الدبيبة بـ”الخنجر في ظهر ليبيا”، وعياً منه بتعقيدات هذا الملف الكبيرة نظراً إلى ارتباطاتها المتداخلة مع أطراف عدة.

وبحسب تقرير “مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان” (ذات المركز الاستشاري بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة) عن نشاط المرتزقة في ليبيا الصادر في آذار/ مارس 2020، ينشط في ليبيا عدد كبير من المرتزقة من جنسيات مختلفة كالروس والسوريين والسودانيين والأفغانيين وغيرهم، يتوزعون على معظم جهات البلاد. وينتمي بعضهم إلى حركات مسلحة أو هم تابعون لشركات كشركة السادات التركية ومجموعة “فاغنر” الروسية، أو يستفيدون من دعم منظمات الإغاثة كـ”منظمة قطر الخير” المشتركة في تهريب المقاتلين والأسلحة إلى الداخل الليبي.

وبحسب التقرير، فإن عدد مرتزقة مجموعة “فاغنر” الروسية تتراوح بين 600 إلى 800 مقاتل روسي، تنفذ مهمات قتالية إلى جانب المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي وتحمي مصالح النظام الروسي. في حين يقول تقرير لوزارة الدفاع الأميركية أن أعداد المرتزقة الروس في ليبيا، قد ارتفع من 200 في أيلول/ سبتمبر 2019، إلى ما بين 800 و1400 مرتزق في نهاية عام 2019.

علماً أن مجموعة “فاغنر” هي شركة أمنية خاصة تأسست عام 2014 لمساعدة الحكومة الروسية في صراعاتها الخارجية المختلفة، ويقوم رجل الأعمال الروسي “يفغيني بريجوزين” بتمويل هذه المجموعات داخل ليبيا. 

عدد المجندين الموالين لتركيا بلغ حوالى 18 ألف سوري جندتهم المخابرات التركية، بينهم 350 طفلاً دون سن الـ18، عاد منهم نحو 10750 إلى سوريا، بعد انتهاء عقودهم.

كما يوجد عدد من المقاتلين الروس التابعين لمجموعة System Security Russian الروسية، للقيام بمهمات قتالية داخل ليبيا، إلى جانب حماية بعض الشخصيات الأمنية والعسكرية وحماية موارد النفط المختلفة.

وكشف تقرير “مؤسسة ماعت”، أن بعض المقربين من حكومة الوفاق الوطني في مصراته من “قوات فجر ليبيا”، تعاقدوا مع شركات من دول أوروبا الشرقية لجلب مقاتلين مرتزقة للقتال في الساحات الليبية المختلفة من بينهم ضباط صرب وأوكرانيون كانوا شاركوا في النزاعات المختلفة في أفريقيا.

أما بالنسبة إلى المرتزقة الذين أرسلتهم تركيا فهم “لواء المعتصم” و”فرقة السلطان مراد” و”لواء صقور الشمال” و”فيلق الشام” و”فرقة الحمزات” و”لواء سليمان شاه” و”السمرقند”. وتدفقت هذه المجموعات لدعم حكومة الوفاق الوطني ضد قوات حفتر بعد موافقة البرلمان التركي على إرسال قوات عسكرية تركية إلى ليبيا في الثاني من كانون الثاني/ يناير 2020 في سياق الاتفاق العسكري الأمني الذي تم توقيع بين الطرفين في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019. لهذه المجموعات علاقة بتنظيمات إرهابية كالقاعدة وجبهة النصر وداعش كما أن العديد منهم مدرج على قوائم مكافحة الإرهاب.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن عدد المجندين الموالين لتركيا بلغ حوالى 18 ألف سوري جندتهم المخابرات التركية، بينهم 350 طفلاً دون سن الـ18، عاد منهم نحو 10750 إلى سوريا، بعد انتهاء عقودهم.

وتقول البعثة الأممية إلى ليبيا أن هناك نحو 20 ألفاً من القوات الأجنبية والمرتزقة في ليبيا.

وأجج انخراط المرتزقة في الحرب الدائرة بين الفرقاء الليبيين وفاقم الوضع المحتقن أساساً، لا سيما في ظل توثيق الأمم المتحد والمنظمات الحقوقية ارتكابها جرائم حرب وانتهاكات كبيرة. ولهذا يسود اعتقاد بأن نجاح المرحلة الجديدة في ليبيا مرهون برحيل المرتزقة، وقد علت الأصوات المطالبة بذلك داخل ليبيا وخارجها. لكن لا يبدو أن الدول الراعية لهذه المجموعات ستستجيب بسهولة للدعوات والضغوط التي باتت تطلقها دول أوروبية والولايات المتحدة الأميركية، من دون ضمان موطئ قدم راسخ في هذا البلد الغني بالنفط والغاز، وقبل أن حجز مكانها في ملف إعادة إعمار ليبيا الذي يسيل لعاب الجميع اليوم. 

تركيا: العدد الأكبر من المرتزقة

تركيا صاحبة العدد الأكبر من المرتزقة في ليبيا لم تقدم حتى أي مؤشر عن عزمها سحب مقاتليها من هذا البلد ولا يبدو أنها عازمة على الإقدام على هذه الخطوة، بخاصة في ظل إعلان المرصد السوري لحقوق الإنسان عن إرسالها دفعة جديدة من المرتزقة السوريين مؤلفة من 380 عنصراً.

 ويشكك المتابعون في إمكان خروجها بسبب إشارات أردوغان المتكررة ودعواته  للالتزام بالاتفاقيات التي عقدها سابقاً مع حليفه رئيس حكومة الوفاق فايز السراج والتي جددها الإثنين 12 من نيسان/ أبريل 2021 مع ورئيس الوزراء الليبي لدى زيارة الأخير لأنقرة. 

وكانت أنقرة وقعت عام 2019 اتفاقاً لترسيم الحدود البحرية في شرق البحر المتوسط مع حكومة الوفاق الوطني، إضافة إلى اتفاق تعاون عسكري أرسلت تركيا بموجبه مستشارين ومدربين عسكريين إلى طرابلس، على رغم معارضة أطراف ليبيين وكذلك دول الجوار. كما قضت الدائرة الإدارية بمحكمة الاستئناف في مدينة البيضاء الليبية، أواخر كانون الثاني/ يناير الماضي، بإلغاء هذه الاتفاقيات واعتبارها غير شرعية.

ولهذا تبدو مهمة ترحيل المرتزقة بمختلف جنسياتهم في غاية التعقيد في ظل عدم إعلان أي جهة على الأرض عزمها المغادرة وتمسك الجميع بالبقاء حتى ضمان نصيبهم من الكعكة الليبية. 

إقرأوا أيضاً:

قرار دولي بالرحيل

المحلل السياسي الليبي محمود زاقوب، يرى أن مسألة رحيل المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا لن يتم بمجرد التعويل على مبادرات فردية من تركيا أو روسيا أو غيرها من المجموعات الناشطة في هذه البلاد للخروج بل يحتاج قراراً دولياً، يلزم الجميع بالرحيل.

وقال لـ”درج”: “على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولية حل معضلة المجموعات المسلحة برمتها في ليبيا. الدول الكبرى ودائمة العضوية في مجلس الأمن مطالبة بإصدار قرار ملزم يقضي بإخراج المرتزقة وتفكيك الميليشيات مع إرسال بعثة دولية تشرف على إتمام العملية. عدا ذلك، فإنها ستكون تحركات بلا فائدة ولن يكون لها تأثير كبير في الأرض فدول مثل تركيا الآتية بكامل ثقلها إلى ليبيا لن تغادر إذا لم تمارس الدول الكبرى ضغوطاً كبيرة ضدها، كذلك روسيا الطامحة للانتشار في شمال إفريقيا لن تغادر لمجرد مطالبتها بذلك”.

ويشدد زاقوب على ضرورة التحرك الدولي عاجلاً لقطع الطريق أمام الدول التي تدعي دعم المسار السياسي الجديد في ليبيا في الوقت الذي تعزز فيه من وجودها عبر استقدام المزيد من المرتزقة. “تحركات تركيا تطرح الكثير من الأسئلة وتثير الريبة، ففيما ينادي الجميع بضرورة رحيل المرتزقة من الأراضي الليبية تواصل نقل السلاح ومرتزقتها إلى البلاد… وهذا من شأنه تأكيد أن القوات الأجنبية المتمركزة في ليبيا لا تنوي الرحيل، وبالتالي هذا سبب آخر كي تتحرك الدول الكبرى بجدية أكبر من قبل وإلا لن يخرج الشعب الليبي من مأساته”. 

عودة أوروبا

وفي الأثناء عادت فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا واليونان والولايات المتحدة الأميركية إلى الساحة الليبية بحماسة كبيرة واتفقت للمرة الأولى على ضرورة رحيل كل المرتزقة بعد اختلافاتهم الكبيرة سابقاً بشأن الأزمة الليبية. وهي خطوة اعتبرها متابعو الشأن الليبي محاولة من هذه الدول لاستدراك فشلها السابق في التعامل مع الملف الليبي.

وفي 25  آذار/ مارس، زار وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا، طرابلس في إطار مبادرة دعم أوروبية لإنجاح المسار السياسي الجديد الذي تعيش على وقعه ليبيا في الآونة الأخيرة.

وخلال مؤتمر صحافي عقده الوزراء الثلاثة عبروا عن موقف أوروبي بدا صارماً هذه المرة من مسألة التدخلات الأجنبية التي فاقمت الوضع في ليبيا. وشددوا على ضرورة إخراج المرتزقة الأجانب من ليبيا كشرط أساسي للإعداد للانتخابات المقبلة ولتحقيق السيادة والاستقرار والوحدة للبلاد مستبعدين أي حل عسكري للأزمة الليبية، ومجددين دعم الاتحاد الأوروبي للانتقال السلس للسلطة في هذا البلد. لتكون بذلك المرة الأولى التي يظهر فيها هذا القدر من التوافق الأوروبي حول التعامل مع الأزمة الليبية، بعد التنافر الكبير الذي كان حاضراً بقوة خاصة بين روما وباريس، والذي أدى إلى إفشال المسار السابق للتسوية السياسية وأخرجهما من الساحة الليبية لمصلحة تركيا وروسيا.

فعلى مدار سنوات لم توحد الدول الأوروبية جهودها في التعاطي مع الأزمة الليبية، واصطف كل بلد وراء أحد أطراف الصراع في ليبيا من دون الاتفاق حول جهة واحدة. ففرنسا وقفت إلى جانب قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، ودعمت إيطاليا غريمه فايز السراج رئيس حكومة الوفاق السابق في إطار السباق بين البلدين، من أجل أدوار أكبر على الساحة الليبية ولكن فشل كلاهما. في الأثناء، دعمت بريطانيا السراج أيضاً ولكن من دون انخراط كبير، بينما سعت ألمانيا للبقاء على الحياد وعدم الانحياز لأي طرف وهو ما أهلها لتكون أحد العواصم التي احتضنت الحوار الليبي– الليبي.

ويبدو أن الترويكا الأوروبية (فرنسا، إيطاليا، ألمانيا) قد أدركت أن استمرار الخلافات وتضارب الرؤى بشأن الملف الليبي ستقصيها مجدداً وتفسح المجال لتركيا وروسيا للتفرد بالكعكة الليبية وتهديد أمنها في ظل الحضور الكبير للمجموعات الإرهابية على حدودها بخاصة إيطاليا. 

المحلل السياسي الليبي محمود زاقوب يرى أن توافد الأوروبيين إلى ليبيا له أهداف أهمها إدراكهم أهمية موقع ليبيا الاستراتيجي بالنسبة إليهم باعتبارها بوابتهم الخلفية وبالتالي يجب تأمينها لحماية أنفسهم، وثانياً العامل الاقتصادي.

ويقول لـ”درج” “إن دول أوروبا وبخاصة المطلة على البحر الأبيض المتوسط، معنية أكثر من غيرها بتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا. فهي مهددة بعمليات الهجرة غير النظامية التي تزداد معها مخاطر تسرب الإرهابيين إلى سواحلها وبالتالي فهي ستتمسك بذلك وستضغط من أجل رحيل المقاتلين الأجانب من ليبيا وستكون أكثر جدية هذه المرة”. 

ويضيف: “تمثل ليبيا كنزاً من الناحية الاقتصادية لهذه الدول باعتبارها دولة نفطية فضلاً عن ثروات الغاز المكتشفة وغير المكتشفة، هذا إلى جانب مشروع إعادة إعمار ليبيا الذي سترصد له المليارات وتسعى كل الأطراف لأن تكون لها الأولوية في ذلك. وتعرف الدول الأوروبية أن استمرار الحضور العسكري الكبير لتركيا وروسيا يعني نصيباً محدوداً من الكعكة الليبية”.  

أما الولايات المتحدة الأميركية فقد دعمت هي الأخرى موقف الترويكا الأوروبية على لسان مندوبتها في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، التي أكدت وجوب الانسحاب الفوري لجميع الأطراف الخارجية المشاركة في هذا الصراع من ليبيا. ورفضت واشنطن أن يكون هناك أي استثناءات لأي جهة مهما كانت الدوافع في إشارة إلى تركيا التي تماطل بذريعة الاتفاقيات التي عقدتها مع السراج، لا سيما أن الروس لا يريدون الخروج ما لم يغادر الأتراك. 

ويرى زاقوب أن ملف إخراج المرتزقة من ليبيا، سيكون اختباراً كبيراً “للإدارة الأميركية الجديدة التي تدرك أن رحيلهم ليس محصوراً بيد الأطراف الليبية وحدها، بل تحركه وتحكمه المناورات الروسية – التركية المتطلعة لوضع خارطة النفوذ جديدة في المنطقة. وبالتالي إما أن تمارس ثقلها ونفوذها لإتمام مهمة إخلاء ليبيا من المرتزقة ووقف هذا المخطط، أو الاكتفاء بالمتابعة السلبية والتواطؤ”. 

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.