fbpx

جازي- الجزائر: من “التحول الرقمي” إلى تحويل العملة الصعبة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بشرائها شركة “جازي”،ظنت الدولة الجزائرية أنها وضعت يدها على شركة اتصالات كبرى. لكن الصفقة انتهت بامتلاك هيكل ضخم و فارغ.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

الشركة الأم لجازي منحت لنفسها في صفقة مع ” إيريكسون” هامشاً قدره 5 ملايين دولار وأخفت أمره عن السلطات الجزائرية، كي تتمكن من تحويل العملة الصعبة. 

أعلنت “فيمبلكوم”، في 13 حزيران/ يونيو 2016، الشركة الأم لـ”جازي” منذ 2011 (والتي صار اسمها فيون في 2017)، عن شراكة بقيمة مليار دولار مع عملاق الاتصالات السويدي إريكسون، وهذا لغرض عصرنة البنى التحتية للمعلوماتية. وهو الاتفاق الذي ترجمه الفرعان الجزائريان لكل من “فيون” و”إريكسون” إلى عقد محلي.

قال المدير العام ماتيو غالفاني، في بيان جازي، الذي صدر وقتها، مُهنّئاً: “بهذه الشراكة، ستواصل جازي وضع برنامج التحويل الذي بدأته في 2015 والمدعّم من طرف الصندوق الوطني للاستثمار، بهدف الوصول إلى مرتبة رائد حقيقي للرقمنة في الجزائر، وكي تساهم شركتنا بقوة في صعود اقتصاد رقمي قادر على خلق قيمة مضافة“.

في الأثناء، أثار هذا التحول الاستراتيجي عند عمال جازي قلقاً، تزايد مع الوقت عندما صيغت منحة المغادرة الطوعية وتم تقديمها لمئات العمال، وبخاصة لمهندسي التكنولوجيا والمعلوماتية.

فبمجرد المرور تحت لواء الشركة الهولندية فيون، بدأت جازي تحولها الرقمي بالتخلص من أدواتها التكنولوجية. وتعاقدت مع إريكسون لتسيير نظامها التكنولوجي- المعلوماتي في مقابل نسبة مئوية من عائداتها السنوية.

وفي حديث دار يوم 19 كانون الأول/ ديسمبر 2017، مع رئيس النقابة هشام خيشان وكذا رئيس لجنة المساهمة، أشار الرئيس المدير العام فينسنزو إلى أنهم “لم يعبروا عن أي تحفظ بخصوص عرض المغادرة الطوعية، والذي تعهدنا بتقديم كل تفاصيله والذي أعلنا عنه أمس خلال الاجتماع مع ممثلي العمال“. لترد النقابة: “يؤكد الشركاء الاجتماعيون للشركة مرة أخرى مساندتهم عموم العمال كي يتوصلوا بحقوقهم التي يضمنها لهم القانون الجزائري“.

أخمِد الجدل الذي حصل بين الرئيس المدير العام ونقابة الشركة عبر بيانات متضاربة. ليتم البدء في خطة التحول لدى جازي.

إقرأوا أيضاً:

مغادرة طوعية أم تسريح؟

ينص العقد بين جازي وإريكسون الجزائر على “زرع نظام BDSS الجديد الذي يضمن تسيير العلاقة بالزبون (الفوترة والتسعير والعروض التجارية وتحيينها)”.

ويندرج هذا الأمر في إطار الشراكة العالمية، الذي وُقّع في حزيران 2016، بين مجمع فيون وإريكسون والذي كان هدفه وضع وتيسير تحويل البنى التحتية المعلوماتية لفيون في 11 دولة بغرض رقمنة نظامها “بيزنس سيبورت سيستم” (BSS).

من أجل هذا، قلّصت جازي حجم قسم المعلوماتية والتكنولوجيا وتخلت عن جزء من مهندسيها لمصلحة الشركة التي ستقوم بالخدمة. وبهذا، تمّ تسريح ثلاثة أرباع مهندسي قسم المعلوماتية والتكنولوجيا.

كان هدف جازي الاحتفاظ بـ 40 مهندسا من أصل 185، وذلك بصياغة عرض مغادرة طوعي لتدارك تسريح الآخرين، الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على العمل لصالح الشركة المُناولة لمدة 12 شهرا على الأقل قبل أن يستلموا تعويضا عن رحيلهم.

هذه الطريقة لفسخ عقد العمل ولأنها غير مقوننة في الجزائر– سوى في حالة صرف التعويضات عند المغادرة الطوعية- انطلقت جازي في مناورة لخداع عمالها. و هو خلل في الاتفاق يمكن بسهولة اعتباره تسريحاً من العمل.

فبما أنه لا يمكن جازي إرغام عمالها، المجبرين على ترك الشركة، على العمل لمصلحة شريكها التقني الذي لا يُلزمه العقد بأخذ سنوات العمل وخبرة العمال في الاعتبار، قامت جازي بصرف التعويضات على مرحلتين: 75 في المئة عند فسخ عقد العمل و25 في المئة بعد 12 شهراً من العمل لدى الشريك إريكسون.

الـ25 في المئة من المنحة كانت بالنسبة إلى جازي بمثابة الضمان الذي سيسمح لإريكسون بتسيير التحول بدون مشكلات. كلّفت هذه الخطة الاجتماعية 129 مليون دينار جزائري. 

لم يسر عقد إريكسون كما كان مخططاً له. و تم الاستغناء عن جزء من الخدمات، التي أُطلِقت عام 2016 من طرف الشركة السويدية والتي اعتمدتها جازي، وهذا بسبب ضعف الطلب عليها في السوق.

و إذ واصلت شركة إريكسون العمل على ترقية النُظم المعلوماتية لفيون باستعمال البرامج الموجودة في إطار اتفاقية جديدة، فإن الشراكة بين فيون وإريكسون– والمقدرة في بادئ الأمر بمليار دولار- فشلت.

عام 2019، عوّضت إريكسون 350 مليون دولار لفيون بعدما ألغت هذا النوع من النُظم المعلوماتية والتي كانت جزءاً من جهود التحول الرقمي لفيون.

إقرأوا أيضاً:

 تخفيض لا تعلم عنه السلطات المالية في الجزائر شيئاً

كم كلّف هذا التحول الرقمي لجازي؟ تُمثل عائدات جازي نحو 8.5 في المئة من عائدات فيون. كما كانت تستخدم تكنولوجيات إريكسون حتى قبل أن تعقد شركتها الأم الجديدة شراكة عالمية معها. وهذا ما جعل فيون تحصل على تخفيض قدره 5 ملايين دولار عند التفاوض على العقد للمصلحة جازي. فقد أجريت المفاوضات فرعاً بفرع. 

بحسب ما جاء في العقد، الذي فحصته “توالى”، لم تتم الإشارة إلى هذا التخفيض في العقد المسجل في الجزائر، والذي يربط جازي بالفرع المحلي لإريكسون.

في التفاصيل، كان على جازي أن تدفع 15594 مليون دولار مقابل وضع النظام الجديد: 4.313 مليون دولار مقابل نقل البيانات و850000 دولار مقابل إغلاق النظام المستعمل سابقاً. 

في الحقيقة، في العقد بين إريكسون وفيون والذي يُحدد أسعار الخدمات في كل بلد نرى أن التكلفة العامة للخدمة مع جازي كانت تقدر بـ20.7 مليون دولار بالنسبة إلى الجزء الثابت يزاد عليه جزء متغير يقدر بـ0.932 في المئة من إجمالي العائدات العملياتية للفرع، و70 في المئة منها بالعملة الصعبة، تُدفع كل ثلاثي ولمدة 8 سنوات، من 2016 حتى 2024.  

ويمنح هذا العقد جازي تخفيضاً قدره 5 ملايين دولار على التكلفة الإجمالية للنظام الجديد. و لكن العقد المسجل في الجزائر لا يشير إلى هذا التخفيض. 

وتشرح الرسالة التي ترافق العقد طريقة الحساب ودفع الجزء المتغير بالعملة الصعبة لتفادي الرقابة الجزائرية للتحويلات المصرفية.

يتعلق الأمر، في الرسالة التي اطلعنا عليها، بحساب المجموع الذي يجب دفعه على أساس توقعات عائدات جازي و التصحيح -في حال احتاجوا إلى ذلك- السنة المقبلة، ما يُبقي الدفع مقابل تقديم الخدمات بالعملة الصعبة ثابتاً ومذكوراً بوضوح في العقود.

كمثال، قيمة الفاتورة التي يجب دفعها على أساس توقعات عائدات جازي لعام 2018 هي 1.3 مليون دولار كل فصل. لكن، نجد أن مجموع ما دُفِع لإريكسون وبتطبيق شروط العقد هو 1.313 مليون دولار. وتمّ  حساب الـ13000 دولار الزائدة على فواتير عام 2019.

هذا ولم يرد السيد سليم تماني، المكلف بالإعلام والاتصال لدى جازي، على رسالتنا الإلكترونية ولا على اتصالاتنا الهاتفية.

للتذكير، فإن الدولة الجزائرية كانت اشترت، عام 2014، 51 في المئة من أسهم جازي المملوكة وقتها من طرف رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس بقيمة 2.6 مليار دولار وذلك من طريق الصندوق الوطني للاستثمار، مستعملة حق الشفعة.

باع نجيب ساويرس، عام 2011،  شركته الجزائرية لفيمبلكوم قبل رفع دعوى للتحكيم أمام المركز الدولي لتسوية الخلافات المتعلقة بالاستثمارات، والتابع للبنك الدولي، متهماً الدولة الجزائرية بتعطيل تطوّره دولياً. لكن حكم المركز لم يستجب لمطالبه.

هذه المادة نشرت في موقع “توالى” الجزائري

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!