fbpx

قمة هلسنكي : المقدمات والنتائج

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يتوجّه دونالد ترامب إلى هلسنكي لملاقاة فلاديمير بوتين كما تتوجّه فتاة، في مجتمع محافظ جدّاً، لملاقاة حبيبها

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يتوجّه دونالد ترامب إلى هلسنكي لملاقاة فلاديمير بوتين كما تتوجّه فتاة، في مجتمع محافظ جدّاً، لملاقاة حبيبها: من جهة، تذهب تسلّلاً خوفاً ممّن أسماهم الشعر العربيّ “الوشاة والحسّاد والعواذل”، ومن جهة أخرى، تصدر عنها إشارات وحركات، لا تسيطر عليها، تفضح قصدها.

دونالد ترامب يحبّ بوتين. هو معجب به. ينوي عقد صفقات معه. لكنّه يخاف الأعين المفتوحة عليه، وكذلك الملفّات المفتوحة ضدّه وضدّ احتمالات تورّطه مع الروس في الانتخابات التي أوصلته إلى الرئاسة. لكنّه أيضاً لا يتمالك التعبير عن أنّ اللقاء ببوتين “أسهل” من اللقاء بقادة دول الحلف الأطلسيّ (الناتو) في بروكسل. هؤلاء الأخيرون لا ينفقون على دفاعهم ما يُفترض أن ينفقوه، وفوق هذا يفرضون رسوماً جمركيّة مرتفعة على السلع الأميركيّة. وهو كان، في مؤتمر كيبك قبل أسابيع، قد عبّر عن شيء من هذا القبيل حين دعا مجموعة الدول السبع إلى إعادة ضمّ روسيا.

الدخول في مناقشة أقوال ترامب عمليّة لا جدوى منها، فهو قادر على قلب الحقائق رأساً على عقب: مثلاً، الرسوم التي فرضها الاتّحاد الأوروبيّ جاءت ردّاً على رسوم فرضها ترامب. لكنّ الأمر ليس هنا: إنّه افتعال مشكلة مع قادة الأطلسيّ قبل لقائه بوتين. هذه ستكون هديّة للرئيس الروسيّ لا يحلم بمثلها: تصديع الناتو بعد تصديع مجموعة الدول السبع. ولكي يضمن الرئيس الأميركيّ ذلك، هاجم المستشارة الألمانيّة أنغيلا ميركل على نحو غير متوقّع، معتبراً ألمانيا خاضعة بالكامل لروسيا تبعاً لعلاقاتهما التجاريّة.

لكنْ مع هذا قد يكون من الخطأ إسباغ منطق ما على سلوك ترامب. فهو إذ يخوض حربه التجاريّة والسياسيّة مع أوروبا، يخوض حرباً تجاريّة مع الصين قد تنتهي بكساد عالميّ لا يتحمّله الاقتصاد الدوليّ كلّه. فوق هذا، يخوض حرباً تجاريّة مع جاريه الشماليّ، كندا، والجنوبيّ، المكسيك. والحرب مع هذه الأخيرة أكثر من تجاريّة إذ تطال العمالة والهجرة والتلويح الموسميّ بالجدار الشهير. أمّا وصول رئيس يساريّ – شعبويّ إلى رئاسة المكسيك مؤخّراً فلا يُتوقّع منه إلاّ أن يزيد في تسعير الخلافات.

ماذا يفعل ترامب؟ ماذا يريد؟ قد تأتي بعض الإجابة ممّا ستتمخّض عنه قمّة بروكسل، لكنّ بعضها الأهمّ ستتمخّض عنه قمّة هلسنكي. فبوتين يمارس، على ما يبدو، سياسة تقوم على ابتزازه تمهيداً للقاء: يتباطأ في تنفيذ سحب إيران من سوريّا، ويوحي لبنيامين نتانياهو بأنّه قد يقدم على خطوة كهذه إذا أمكن إسقاط العقوبات الغربيّة عن روسيا.

في الحالات جميعاً، تبدو العشيقة أقلّ ذكاء بلا قياس من عشيقها البارع.