fbpx

لبنان: بين غادة عون وعوني الكعكي… أيهما نختار؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

نعم غادة عون تجرأت على فاسدين كباراً، وهذا ما لن نحسبه لها، طالما أنها فعلته في سياق حرب فاسدين على فاسدين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 كان يمكن للمرء أن يوافق على تغريدات المحامي نزار صاغية التي اعتبر فيها أن القرار التأديبي الذي اتخذه مجلس القضاء الأعلى بحق القاضية غادة عون يهدف إلى إقفال ملفات الفساد التي فتحتها القاضية والتي تشمل شخصيات سياسية فاسدة مثل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي وغيرهما. لكن الموافقة على مضمون التغريدة تحول دونها المشاهد المبتذلة والميلشيوية التي رافقت القاضية خلال توجهها إلى مكاتب الصرافين التي قررت “غزوها” بمرافقة الجمهور العوني، وهو ما ضاعف من هُزال المشهد القضائي، وحول قضاة لبنان إلى أمراء شوارع، أين منهم أبو خشبة وأبو هيثم والرينغو!

نعم غادة عون تجرأت على فاسدين كباراً، وهذا ما لن نحسبه لها، طالما أنها فعلته في سياق حرب فاسدين على فاسدين. وإذا كان رئيسها القاضي غسان عويدات محسوب على سعد الحريري، ويتولى حماية الفاسدين من أبناء الطائفة السنية، وزميلها المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم محسوب على نبيه بري ويتولى حماية الفاسدين من أبناء الطائفة الشيعية، فهي محسوبة على نحو معلن على ميشال عون وتتولى حماية الفاسدين المقربين منه، وهي لم تفتح ملفاً واحداً مرتبطاً بفاسد عوني، وهؤلاء ما أكثرهم. 

نعم ثمة فارق يجب أن نحسبه للقاضية عون، ويتمثل في أنها أكثر تحديداً في استهدافاتها، فملفاتها تشمل مسيحيين غير عونيين، مثل ملف شركة “سوناطراك”، ومثل مكاتب “مكتف” للصيرفة، في حين امتد “عطف” عويدات إلى خارج الحريرية فشمل رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي! هذا هو الفارق الوحيد بين النيابات العامة في لبنان، أما الفوارق الأخرى فمتصلة بطبيعة الأشخاص، وما يمثلون من حساسيات. فالعونية تنطوي على فظاظة تمثلها في القضاء غادة عون، والحريرية امتداد لسنية سياسية مدينية ومراوغة وهذه أيضاً من خصال عويدات، فيما يمارس الشيعة في القضاء تقيتهم، فلا يشهرون حقيقة ما يضمرون.

هذا هو حال القضاء في لبنان. هو صورة عن أحوال الطوائف، وهو جزء من مشهد الفساد، وحارس أمين لنظام السطو والانهيار. 

غادة عون التي يصورها الإعلام العوني والإعلام الممانع بوصفها رأس حربة “الحرب على الفساد”، تخوض حربها نيابة عن جبران باسيل، وهي لا تخفي هذه الحقيقة. جبران باسيل صاحب الـ40 مليار دولار في وزارة الطاقة، والذي يقف وراء مشاريع السدود المدمرة للبيئة، والرجل الذي استُهدف بعقوبات أميركية لأسباب لها علاقة بالفساد، والذي لوحت له فرنسا بعقوبات موازية، هذا الرجل يتولى اليوم إدارة “الحرب على الفساد” التي تقودها القاضية غادة عون! فالقاضية “الميدانية” لا ترى أن هناك فساداً في وزارة الكهرباء، على رغم المليارات التي أنفقت وعلى رغم العتمة التي نعيشها. هذه الحقيقة تجعلنا نتردد في الموافقة على ما غرد به صاغية، على رغم إشارته لخوض عون حرباً انتقائية على الفساد.

خصوم غادة عون يشفعون لها، وهنا يمكن لنا أن نفهم تغريدات صديقنا نزار. فأن يكون خصمك نقيب الصحافة عوني الكعكي، وأن يتلفظ هذا الأخير بعباراته المبتذلة بحق عون، فهذا يحسب للقاضية من دون شك، والأهم أنه يكشف جوهر المهمة التي جيء بالكعكي إلى نقابة الصحافة ليؤديها، والمتمثلة بـ”هرغلة” المهنة وبجعلها منبراً للهراء. فعوني الكعكي، نقيب الصحافة اللبنانية، ابن الطائفة السنية الكريمة، لن يقبل بأن تستهدف غادة عون (المارونية) المدعي العام السني غسان عويدات، ومن موقعه كنقيب للصحافة سيكشف لنا أنها تعاني من “أزمات نفسية” لأنها غير متزوجة. أي سفاهة هذه، وأي إهانة للصحافة ولأهلها؟

ومرة أخرى يكشف السياسيون في لبنان خِسة معهودة بهم لطالما أبدوها في لحظات مواجهتهم خصماً امرأة، فتُستحضر قيم “الذكورة” التافهة بوصفها مقياس الخيارات، تارة عبر الإشارة إلى ما تمثله قاضية عزباء من احتمالات بالنسبة لرجل صنديد مثل عوني الكعكي، وتارة أخرى بالنسبة لما يعتقده النائب العوني الفذ حكمت ذيب من أنه نقطة ضعف بولا يعقوبيان، لجهة عدم قدرتها على التصدي لبذاءته، وهو ما استدرج ابتسامات موازية بتفاهتها ارتسمت على وجه مضيفهما مارسيل غانم.

هذه صورة السياسة والقضاء والإعلام في لبنان. هذا هو لبنان، دولة الشراكة بين ميشال عون وحسن نصرالله.

إقرأوا أيضاً: