fbpx

سيناء: محاربة الإرهاب في الدراما
وخطف مسيحيين وقتلهم في الواقع

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا يسمح الجيش بحمل الأهالي السلاح في شمال سيناء بهدف حماية أنفسهم، ولا يتدخل في المقابل لحماية المدنيين ولا يتفاوض لاسترجاع المختطفين ما يزيد من مخاطر تعرض آلاف الأسر في بئر العبد لتصفية رجالها بعد اختطافهم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فيما كان الصائمون يتابعون مسلسلات رمضان التي تتناول في قسم كبير منها بطولات وحكايات درامية عن انتصار مصري رسمي على الإرهاب، كان تنظيم “داعش” في شمال سيناء يبث فيديو تصفية نبيل حبشي (62 سنة) رمياً بالرصاص. 

حبشي الذي ظهر في الفيديو مقيداً وجاثياً مستسلماً لمصيره كان خُطف في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بزعم تعاونه مع الجيش المصري في محاربة التنظيم في سيناء. أعدم حبشي بدم بارد لأنه “قبطي”. هذا تماماً ما أعلنه قتلته الذين هددوا في الفيديو نفسه بمزيد من الاستهداف لأرواح وممتلكات تعود للأقباط في شمال سيناء. 

حبشي يسكن وأسرته في بئر العبد منذ سنوات طويلة ويعمل في التجارة وهو أحد المساهمين في بناء الكنيسة الوحيدة في المدينة.

فيديو “داعش” عظّم مخاوف كامنة من استهداف الأقليات الدينية من المسيحيين في سيناء، لكنه فتح المجال أيضاً للسؤال عن المفاوضات التي أجريت بين الجيش المصري والتنظيم لنحو ثلاثة أشهر، هي المدة التي أمضاها حبشي في الأسر، بل ربما السؤال الأهم: هل من مفاوضات أساساً؟

وبعد ساعات من بث فيديو تصفية نبيل حبشي، أعلنت الداخلية المصرية بالتعاون مع  جهاز الأمن الوطني المصري في بيان رسمي تصفية المسؤولين عن قتل نبيل حبشي، فتم توزيع صورة القتلى الثلاثة من دون توضيحات أو تفاصيل.

حبشي يسكن وأسرته في بئر العبد منذ سنوات طويلة ويعمل في التجارة وهو أحد المساهمين في بناء الكنيسة الوحيدة في المدينة.

نبيل حبشي

حين اختطف حبشي في تشرين الثاني، لم يعلن الأمر رسمياً ولم يتحدث أي مسؤول عن مسار أو نتيجة للمفاوضات بين الجيش والجماعة الإرهابية. حينها أعلن أحد آباء الكنيسة الأرثوذوكسية في سيناء على “فايسبوك”، “اختطفوا نبيل حبشي مؤسس كنيسة السيدة العذراء والشهيد أبانوب في بئر العبد في سيناء عايزين صوتنا يوصل للسيسي”.

بيتر نجل نبيل حبشي ذكر في شهادة سابقة لمركز سيناء لحقوق الإنسان  أن عائلته  قامت بتحرير محضر اختطاف في قسم شرطة بئر العبد، إلا أن السلطات لم تعاود الاتصال بهم وأغلقت المحضر من دون تحقيق أي تقدم حقيقي، وسجّلت واقعة الاختطاف ضد مجهول. 

ما زاد من معاناة العائلة قيام قوات الأمن بتاريخ 4 كانون الثاني/ يناير من هذا العام بترحيل أفراد أسرة نبيل من منزلهم ومنعهم من دخول المنطقة مرة أخرى، وهي التي يسكن فيها أيضاً 5 أسر من أقارب نبيل ويقطنون معه في الشارع ذاته، بحجة حماية بقية العائلة، الأمر الذي فاقم معاناتهم وفقاً لشهادة بيتر. الجريمة تأتي في سياق مسار استهداف أقباط شمال سيناء منذ عام 2011، من خلال الترهيب والاستهداف الجسدي وإحراق الكنائس والخطف، وصولاً الى ذروة الاعتداءات بالتهجير القسري والقتل على الهوية عام 2017.

وبالعودة إلى إعلان السلطات المصرية قتل المتورطين في الجريمة وهو أمر سبق أن حصل في جرائم سابقة، إذ يتم الإعلان عن قتل المتورطين ليثبت لاحقاً عدم صحة الأمر كما حدث في جريمة قتل الباحث الإيطالي جوليو ريجين.

مسعد أبو فجر وهو ناشط سياسي من سينا أوضح لـ”درج” أنه لا يستبعد قيام الجيش المصري بتصفية عناصر من “داعش”، ممن تم  القبض عليهم في السابق، وهؤلاء يطلق عليهم اسم “المخزون”، يستخدمهم الجيش في وقت الحاجة بخاصة بعد ضجة إعلامية تعقب تصفية مواطنين في سيناء، وسأل ما دام الجيش والداخلية المصرية وجهاز الأمن الوطني قادرين على تحديد أسماء المختطفين وأماكنهم بعد ساعات من الفيديو، لماذا لم يتدخلوا منذ ثلاثة أشهر لإنقاذ حياة نبيل حبشي؟

إقرأوا أيضاً:

أعداد صادمة

أعداد المختطفين في شمال سيناء صادمة وخصوصاً من منطقة بئر العبد، وفق بيانات “مركز سيناء لحقوق الإنسان”، فإن بئر العبد المنطقة التي اختطف حبشي منها، شهدت اختطاف المواطن القبطي صبحي سامي عبد النور، وتمت تصفيته على يد “داعش” قبل فترة وجيزة. ووثقت “مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان” نهاية شهر آذار/ مارس الماضي لهذا العام اختطاف  تنظيم “داعش” 15 رجلاً من قبيلة الدواغرة في قرية عمورية التابعة لمركز بئر العبد، ووفقاً لروايات الأهالي فإن الاختطاف قد يكون بمزاعم التعاون مع الأمن المصري، على رغم أنهم مدنيون يعملون في مهنة الصيد.

في واقعة أخرى في آب/ أغسطس 2020، وثقت “مؤسسة سيناء” اختطاف مواطنين قبطيين في قرية الأبطال غرب سيناء من قبل مسلحين من “داعش”، وهما: بخيت عزيز لمعي، ويوسف سمعان جرجس، أفرج لاحقاً عن بخيت بعد دفع عائلته فدية مالية كبيرة للمسلحين.

حصار اقتصادي و”داعش” يفاوض بالفدية

تعرضت منطقة بئر العبد لأقسى عملية حصار اقتصادي خلال السنوات الماضية، بحسب معلومات صرح بها مسعد أبو فجر لـ”درج”، قام الجيش بالسيطرة على بحيرة البرداويل التي كانت أهم مصدر لصيد الأسماك لأهالي المنطقة، كما أوقف الجيش مزارع الدجاج، وجرف عشرات آلاف الفدانات من مزارع منطقة بئر العبد، وفي المقابل يحاول تنظيم “داعش” في سيناء استنزاف ما تبقى من مدخرات الأهالي، من طريق اختطاف رجال القبائل ومطالبة أهلهم بالفدية.

ويضيف مسعد أبو فجر، “هناك حالات اختطاف لا تتم بهدف الفدية بل رغبة في التفاوض لتسليم عناصر من داعش لدى الجيش. المحامي “محمود سعيد لطفي” من بئر العبد جرى اختطافه منذ عام ونصف العام، وما زال مصيره مجهولاً حتى الآن.

لا يسمح الجيش بحمل الأهالي السلاح في شمال سيناء بهدف حماية أنفسهم، ولا يتدخل في المقابل لحماية المدنيين ولا يتفاوض لاسترجاع المختطفين ما يزيد من مخاطر تعرض آلاف الأسر في بئر العبد لتصفية رجالها بعد اختطافهم.

في السابق لم تكن السيدات المسيحيات معتادات على تغطية رؤوسهن بالحجاب، إلا أن المضايقات والتهديدات الأمنية، أجبرتهن على اعتماد هذا الأسلوب في التخفي.

مسيحيات ألزمهن “داعش” بالنقاب

التزمت السيدات والفتيات في منطقة بئر العبد ارتداء النقاب للتخفي عن أعين المسلحين ومنع تمييزهن عن المسلمات، في ظل الطابع العام الذي اعتادت عليه السيدات في العريش بوضع الحجاب على رؤوسهن أو تغطية وجوههن بالنقاب.

 في السابق لم تكن السيدات المسيحيات معتادات على تغطية رؤوسهن بالحجاب، إلا أن المضايقات والتهديدات الأمنية، أجبرتهن على اعتماد هذا الأسلوب في التخفي.

شددت “منظمة سيناء لحقوق الإنسان” على المخاطر المحدقة بحياة المدنيين في بئر العبد وخصوصاً المسيحيين منهم، وبعد حوادث التصفيات المتكررة أصبح واضحاً حجم التقاعس الحكومي في حماية المسيحيين أو القيام بواجبها الأمني في محاولة الإفراج عنهم، ما يعيد إلى اﻷذهان الهجمة البشعة التي تعرض لها المسيحيون هناك، والتي أدت إلى هجرتهم قسراً من مدينة العريش في شباط/ فبراير 2017، بعد إحراق بيوتهم وخطف بعضهم وقتل آخرين.

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!