fbpx

مأساة مستشفى “ابن الخطيب” العراقي: الموت احتراقاً بـ…”الأوكسيجين”!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يتصرف الأهالي والمرضى على سجيتهم داخل الغرف، ويرتجلون في مسائل الاوكسيجين وسواها، ولا يخضعون لأي رقابة، وهو ما سمح لمرضى بإدخال أدوات للطهي وهو ما سبب بانفجار الاوكسيجين .

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“في كل مكان في العالم يأخذون الناس للمستشفى حتى ينقذوهم من الموت.. أما عندنا لازم ننقذ الناس من المستشفى!”، هذه التغريدة للكاتب العراقي الساخر أيمن حميّد تختصر المأساة التي حدثت في مستشفى ابن الخطيب في بغداد. عشرات المرضى بوباء كورونا لجأوا إلى المستشفيات بحثاً عن العلاج. ولم يظن أحد ممن لجأوا إلى “ابن الخطيب” ان تتحول مادة الحياة، الاوكسيجين، إلى مادة للموت حرقاً.

العشرات ممن كان يفترض بالاوكسيجين ان ينقذهم من مضاعفات كورونا، قضوا اختناقاً واحتراقاً به. فالحريق نجم بحسب مصادر طبية، عن انفجار، سببه “عدم الالتزام بشروط السلامة المتعلّقة بتخزين اسطوانات الأوكسجين، إذ وقع الحريق بسبب قيام احد اهالي المرضى باستخدام جهاز للطهي داخل احد الغرف، حتى امتد الحريق ليطال انابيب الأوكسيجين”. هكذا بسبب الإهمال وسوء الإدارة وغياب الرقابة، يتحوّل المكان الذي يفترض أن يكون من أكثر الأماكن أماناً، واهتماماً بصحة وسلامة الناس، إلى محرقة بكل ما للكلمة من معنى.

عشرات الجثث تفحمت، بحسب شهود، وبحسب الصور التي نقلتها وسائل التواصل الإجتماعي، والتي “تحرق القلوب”. الناجون، تركت النيران في أجسادهم حرائق جلدية من درجات متقدمة، زادت إلى معاناتهم من انتشار كورونا كالنار في هشيم أجسادهم. حين وقع الانفجار لم يعد هناك مكان للمنطق ولا للخوف من كورونا بين مرضى المستشفى وأهاليهم : “الحريق نشب في الطابق الثاني من المستشفى وتجمع الأهالي اعاق اخماد الحريق الذي نشب نتيجة انفجار خزان الاوكسجين السائل الرئيسي في المستشفى والتهم المستشفى بالكامل”، بحسب شهود نجوا بأعجوبة من ألسنة اللهب. 

فائز الجبوري، الذي يقطن على مقربة من المستشفى، يقول لـ”درج”، ان الوضع كان سيئاً جداً داخل مستشفى ابن الخطيب بسبب التزاحم والتدافع وعدم قدرة الأطقم الطبية على السيطرة”. وقال أيضًا: “بعض المصابين كانوا يتحولون للون الأزرق من الاختناق ويموتون في ثوان”.

الجبوري الذي يعرف المستشفى جيداً، بعد تجربة ادخال والديه قبل شهر من الآن إلى مستشفى إبن الخطيب بعد أصابتهما بفيروس كورونا، يقول إن المرضى وأهاليهم هم من يستخدمون قناني الأوكسيجين بأنفسهم، وليس عبر ممرضين”. الادارة شبه غائبة عن متابعة المرضى، ولا تجيب على اتصالات الأهالي في حال وجود طارئ. لهذا يتصرف الأهالي والمرضى على سجيتهم داخل الغرف، ويرتجلون في مسائل الاوكسيجين وسواها، ولا يخضعون لأي رقابة، وهو ما سمح لمرضى بإدخال أدوات للطهي وتسخين المياه لتحضير القهوة والشاي إلى الغرف. 

بحسب بيانات وزارة الداخلية العراقية، ناهز عدد الضحايا المئة وهناك عشرات الجرحى أصيب معظمهم بحروق بالغة. وتمكنت عناصر الدفاع المدني، التي أحضرت أكثر من عشر فرق إطفاء منها إلى مكان الحريق، بصعوبة من “إنقاذ 90 شخصاً بين مرضى وأقارب لهم كانوا في مكان وقوع الكارثة”.

آلاف العراقيين غردوا على مواقع التواصل الإجتماعي  تحت هاشتاغ #إقالة_وزير_الصحة للمطالبة بإقالة وزير الصحة العراقي حسن التميمي الذي ينتمي لتحالف “سائرون” بزعامة مقتدى الصدر

وزارة الصحة العراقية أصدرت بياناً بدأته بعرض “انجازاتها” في مكافحة وباء كورونا، “وبتعاون حكومي ونيابي وخيري لغرض الخروج بأقل الخسائر”، لتخلص إلى أن الحريق “حدث في ظروف حرجة”، وأنها ستعلن في وقت لاحق الموقف الدقيق لأعداد الضحايا والجرحى”، وان رئيس الوزراء “سحب يد كل من مدير عام دائرة صحة بغداد الرصافة ومدير مستشفى الخطيب والمعاون الاداري والفني للمستشفى ومدير قسم الهندسة والصيانة وإجراء تحقيق عاجل لاعلان نتائجه أمام الجمهور”، ولتنهي الوزارة بيانها بأنها ستستمر “في أداء دورها وعملها في جميع الميادين التي تتصدى فيها منذ بداية الجائحة مسنودة بالجهود الخيرة والواعية”.

مفوضية حقوق الإنسان الحكومية قالت إن الحادث “جريمة بحق المرضى الذين أنهكهم فيروس كوفيد -19 والذين وضعوا حياتهم في أيدي وزارة الصحة ومؤسساتها وبدلاً من تقي العلاج، ماتوا جراء ألسنة النيران”. ودعت المفوضية، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، إلى إقالة وزير الصحة و”تقديمه إلى العدالة”.

وتلتقي المفوضية مع آلاف العراقيين الذين غردوا على مواقع التواصل الإجتماعي  تحت هاشتاغ #إقالة_وزير_الصحة للمطالبة بإقالة وزير الصحة العراقي حسن التميمي الذي ينتمي لتحالف “سائرون”، الجناح السياسي للتيار الصدري بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر، الذي يطمح للحصول على كرسي رئاسة الوزراء بعد خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة: “مقتدى الصدر يبحث عن رئاسة الوزراء وهو في وزارة الصحة يقتل المرضى، إذا كان في رئاسة الوزراء سيقتل الشعب بأكمله”، يغرد الصحافي ديفيد ياسين. 

 وتحدث مغردون عما وصفوه بـ “الإهمال المتراكم في التعامل مع أزمة كورونا”، قائلين إن “ما حدث في مستشفى ابن الخطيب يعكس الحالة المتردية في المستشفيات الحكومية التي لم تعد قادرة على تحمل المزيد من عدم المبالاة”، مطالبين بـ”محاسبة المستهترين حتى لا تتكرر الفاجعة”. ووجه الصحافي العراقي منتظر العمري اللوم لرئيس الوزراء في تغريدة قال فيها: “فضيحة تلو أخرى والكاظمي يتفرج على وزير الحلفاء الصدريين”، قاصداً بذلك وزير الصحة التميمي. وقد أقر مجلس الوزرا كف يد وزير الصحة واحالته على التحقيق وكذلك الأمر بالنسبة الى محافظ بغداد ومدير صحة الرصافة واحالتهما على التحقيق.

العراق البالغ عدد سكانه 40 مليون نسمة يعاني منذ عقود من نقص في الأدوية والأطباء والمستشفيات العمومية، التي تعاني من فساد عارم كان موجودا منذ زمن نظام صدام حسين لكنه استفحل منذ سقوطه سنة 2003. يفسر النائب عن كتلة المستقبل الكردية سركوت شمس الدين هذا الوضع بعدد الوسطاء والسماسرة وعدد العقود المشبوهة الذي تجعل من تتبع مصاريف وزارة الصحة أمرا صعبا، وهي “أكثر الوزارات فسادا” وفقا للنائب.

ومع حريق مستشفى ابن الخطيب وتدمير قسم الإنعاش الكبير الموجود فيه، فقد خسرت بغداد عدداً كبير من الاجهزة الطبية المكلفة، والتي يعاني السوق العالمي من شحّها حاليا بسبب الطلب الملحّ عليها. والاسوا ان دائرة الرصافة، حيث يتواجد المستشفى المحترق، خسرت ما يقارب من15 إلى20٪ من طاقتها الاستيعابية لمرضى كوفيد19، مع تضرر أقسام العناية التنفسية الخاصة بهم خلال الحريق، الأمر الذي سيكون له انعكاسات كبيرة على امكانية توفير الخدمات الطبية للأعداد المتزايدة من مرضى وباء كورونا في بغداد خلال الموجة الحالية التي لا زالت تستمر بالتصاعد، حاصدة آلاف الأرواح.

إقرأوا أيضاً: