fbpx

السعودية: ما يظهر في مقاطع الفيديو ليس الحقيقة الكاملة!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا تعد الأماكن المقدسة مصدراً مهماً للدخل في المملكة وحسب، فهي أيضاً عنصر جوهري في خطط التنويع الاقتصادي الذي يسعى ولي العهد محمد بن سلمان إلى تحقيقه في إطار “رؤية السعودية 2030″…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يمضي التجار والمستوردون والمسلمون عموماً السنة بأكملها في الاستعداد لشهر رمضان، الذي بدأ في 13 نيسان/ أبريل، وإجازة عيد الفطر التي تعقبه. في الأوقات العادية، يتزايد استهلاك الطعام خلال شهر رمضان، وتتخطى القروض المصرفية حدودها القصوى، وتكون الأماكن الترفيهية والفنادق مشغولة بالكامل، وتعج المساجد بمئات الآلاف من المصلين.

هذا العام، كانت استعدادات المملكة العربية السعودية، التي تحتضن أقدس البقاع الإسلامية، لشهر رمضان والعيد ثم موسم الحج، تنطوي على قدر كبير من الوجل. مع احتمال دخول المملكة في الموجة الرابعة من فايروس “كورونا” عمّا قريب. 

ولمواجهة هذا الخطر، اتخذت الحكومة السعودية تدابير مشددة على التنقل داخل المملكة وخفضت أعداد المصلين في المساجد وحظرت الدخول إلى الحرمين والأماكن المقدسة من دون إصدار تصريح خاص وفرضت غرامة تصل إلى 2500 دولار على من يخالف تلك الإجراءات الاحترازية.

وبالفعل أقامت قوات الأمن بالتعاون مع آلاف المتطوعين حواجز على الطرق السريعة المؤدية إلى المدينة المنورة ومكة، وسيتولى مفتشون مهمة فحص أوراق الحجيج للتحقق من تصاريح دخولهم إلى المشاعر المقدسة، التي لن تُمنح سوى للحاصلين على جرعة كاملة من لقاح “كورونا”. خلال السنوات الأخيرة استثمرت المملكة مبالغ طائلة في تطوير الطرق وتوسعة الحرمين ومراقبة ملايين الزوار الوافدين إلى المملكة. وتضمن ذلك تثبيت آلاف كاميرات المراقبة الأمنية، وتزويد طرق المشاعر المقدسة  بأعمدة الرذاذ التي تعمل على تلطيف الأجواء وتخفيف حرارة الطقس، إضافة إلى توفير عيادات طبية متنقلة لخدمة الحجيج.

لا تعد الأماكن المقدسة مصدراً مهماً للدخل في المملكة وحسب، فهي أيضاً عنصر جوهري في خطط التنويع الاقتصادي الذي يسعى ولي العهد محمد بن سلمان إلى تحقيقه في إطار “رؤية السعودية 2030” التي وضعها لتقليل اعتماد البلاد على عائدات النفط.

يشتمل مشروع رؤية على تأسيس مدينة المستقبل “نيوم”، التي من المقرر أن تمتد عبر ثلاث دول: السعودية ومصر والأردن، وينص كذلك على مضاعفة حجم الاقتصاد وعدد السكان في العاصمة الرياض وتحويلها إلى مركز تجاري دولي ينافس دبي بل وربما يتفوق عليها، باعتباره أهم مركز تجاري  في الشرق الأوسط. تهدف الخطة أيضاً إلى “سعودة” القوى العاملة في المملكة.

بحسب التقديرات، من المقرر أن تستثمر السعودية 7.2 مليار دولار في تلك المشاريع الفارهة بحلول عام 2030، لكن من المستحيل تحديد مدى واقعية هذا الرقم – أو ما إذا كانت الخطة قابلة للتحقيق. علماً أن المملكة قلصت ميزانية الحكومة هذا العام بنحو 7 في المئة للحد من العجز في الميزانية الذي يبلغ 12 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. 

تدين المملكة بمليارات الدولارات للشركات الأجنبية التي بنت شبكة قطار الرياض الكهربائي (مترو الرياض)،  الذي يعد جزءاً من البنى التحتية الضرورية لجعل المدينة مركزاً دولياً للتجارة. وسوف تتعين على الحكومة مواصلة الاعتماد على النفط بوصفه مصدرها الرئيسي للدخل على مدار السنوات القليلة المقبلة لتمويل نفقاتها المستمرة وحتى يمكنها تخصيص مبالغ ضخمة للتنمية، لكن سعر النفط الحالي، الذي يبلغ 64 دولاراً للبرميل، أقل بـ12 دولاراً مما تحتاجه السعودية لسد العجز في ميزانيتها. 

من المرجح أن تؤدي إعادة فتح عدد من الاقتصادات الرائدة عالمياً عقب فترة الركود التي سببتها جائحة “كورونا”، إلى زيادة الطلب على النفط، وزيادة أسعار النفط أيضاً.

يترأس وزير الطاقة السعودي حالياً مجموعة “أوبك بلس”، التي تتكون من الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وكذلك البلدان المنتجة للنفط التي ليست عضوة في المنظمة. ولا تزال المجموعة حائرة بين رغبة عدد قليل من أعضائها في زيادة حصص الإنتاج أو الالتزام بالحصص الحالية المحددة من أجل زيادة سعر النفط. لمَّحت المملكة في الفترة الأخيرة إلى أنها قد توافق على زيادة الحصص بمعدل بطيء وبصورة حذرة، وهو ما يعني أنه بحلول تموز/ يوليو سترتفع حصص إنتاج الدول الأعضاء في المجموعة بمعدل تراكمي يبلغ 2.1 مليون برميل في اليوم.

من المرجح أن تؤدي إعادة فتح عدد من الاقتصادات الرائدة عالمياً عقب فترة الركود التي سببتها جائحة “كورونا”، إلى زيادة الطلب على النفط، وزيادة أسعار النفط أيضاً. لكن إذا توصلت القوى العالمية إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، وما يترتب على ذلك من رفع العقوبات النفطية المفروضة على طهران، فسوف يزيد إنتاج النفط في السوق العالمية بمعدل مبدئي إضافي يبلغ مليوني برميل يومياً. من المتوقع عندئذ أن تتراجع أسعار النفط، وهو ما سيسهم بالتبعية في إبعاد المملكة أكثر عن تحقيق أهدافها.

وفي سبيل تحقيق إيرادات إضافية، قرر الأمير محمد أن يطلب من -أو لنكن أكثر دقة أن يأمر- الشركات الكبرى في المملكة تجميد دفع توزيعات الأرباح وتوفير الأموال اللازمة للمشاريع المدنية. وقد وافقت بضع شركات ضخمة على هذا الطلب، بما في ذلك شركة “أرامكو السعودية”، ولكن على أرض الواقع، يعني ذلك أن الحكومة التي تُعد أحد المساهمين في هذه الشركات، ستحصل أيضاً على إيرادات أقل من الأرباح والعوائد. وفي حالة شركة “أرامكو”، تبلغ خسائر إيرادات الحكومة نحو 75 مليار دولار.

للتعويض عن بعض هذه الخسائر، قررت الحكومة بيع حصّة الأقلية التي تمتلكها في مشروع خطوط أنابيب الشركة إلى مجموعة من المستثمرين الأجانب بقيادة الشركة الأميركية “إي آي جي غلوبال إنيرجي بارتنرز” (EIG Global Energy Partners). ومن شأن هذه الخطوة أن توفر 12 مليار دولار. ولكن على رغم حجم هذه الصفقة، فإنها لا تزال تعجز إلى حد كبير عن تزويد المملكة بالاستثمارات الأجنبية التي تحتاج إليها.

في العام الماضي، بلغ حجم الاستثمارات الأجنبية في المملكة 5.5 مليار دولار، وهو أقل بكثير من الـ500 مليار دولار التي يأمل الأمير محمد باستقطابها بحلول نهاية العقد. ولذا لسد هذه الفجوة الهائلة، قررت الحكومة وضع خطة استراتيجية لتشجيع الاستثمار الأجنبي، بما في ذلك سن تشريع يمنح الشركات الأجنبية التي تنقل مقراتها الإقليمية إلى المملكة إعفاءً ضريبياً لمدة 50 عاماً. هذا فضلاً عن الإعفاء من قانون السعودة ومنحها الأولوية عند التقدم بعطاءات لتنفيذ الأعمال الحكومية.

وفي الوقت نفسه، يحظر قانون تم اعتماده راهناً، تعاقد حكومة المملكة والهيئات والمؤسسات والصناديق التابعة للحكومة أو أي من أجهزتها مع أي شركة أو مؤسسة تجارية أجنبية، لا يقع مقرها الإقليمي في الشرق الأوسط، بالمملكة. ومن هذا المنطلق، تأمل المملكة دفع الشركات الأجنبية إلى فتح مقر إقليمي لها في السعودية وجعل الرياض مركزاً تجارياً دولياً.

في العام الماضي، بلغ حجم الاستثمارات الأجنبية في المملكة 5.5 مليار دولار، وهو أقل بكثير من الـ500 مليار دولار التي يأمل الأمير محمد باستقطابها بحلول نهاية العقد.

هذه السياسة يمكن أن تؤثر بصفة رئيسية على دبي، التي تعتبر حالياً المركز الرئيسي للأعمال التجارية الدولية في الشرق الأوسط، لكنها قد تُلحق الضرر أيضاً بتركيا ومصر. ففي الربع الأخير من عام 2020، ازداد عدد تراخيص الأعمال السعودية الممنوحة للمستثمرين الأجانب ازدياداً كبيراً ليصل إلى 466 ترخيصاً، وهو الأعلى منذ عام 2005. لكن ما زال من غير الواضح من الأرقام الرسمية من هم هؤلاء المستثمرين وما هو الحجم المتوقع لِاستثماراتهم.

أما المرحلة الثالثة من رؤية 2030، وهي سعودة القوى العاملة، فيبدو أنها أيضاً مجرد طموح في الوقت الراهن. نظراً إلى أن القانون يُحدد حصصاً صارمة لعدد الموظفين الأجانب الذين قد توظفهم الشركات، إضافة إلى فرض حد أقصى على نسبة السعوديين مقابل الأجانب. فضلاً عن أن القرار الجديد يقضي بأن توظف الأماكن التجارية المغلقة مثل مراكز التسوق السعوديين فقط – وهو قرار يًمكن نظرياً أن يوفر أكثر من 50 ألف وظيفة للمواطنين السعوديين. بيد أن الاشتراطات التي فُرضت منذ عام 2018 على 12 قطاعاً من قطاعات الصناعة والخدمات، تتسم بالكثير من الإعفاءات بحسب الحاجة، أو العلاقات الحكومية، أو لأن العمال السعوديين غير مهتمين أو غير قادرين على استبدال العمال الأجانب.

على سبيل المثال، الإعلان الرسمي هو أن المملكة تأمل توطين 20 في المئة من المهـن الهندسية كافة، و30 في المئة من المهن المحاسبية. إلا أن ما لا يذكره الإعلان هو، من أين سيأتي كل هؤلاء المهندسين والمحاسبين ومديري الحسابات السعوديين في وقت تعجز فيه الأقسام المعنية في الجامعات السعودية عن تلبية الطلب؟ إذ يُفضل المواطنون السعوديون دراسة التخصصات “السهلة” التي تُقدم لهم شهادة جامعية بسرعة ومن دون مشقة، ثم تمكنهم من الحصول على وظائف حكومية لا تتطلب منهم العمل بكد.

حتى لو حدثت معجزة وتوفرت الأعداد الكافية من المهندسين والمحاسبين السعوديين، فإنهم في أفضل الأحوال سيستبدلون عشرات الآلاف من الموظفين الأجانب، في وقت يوجد فيه أكثر من 10.5 مليون موظف أجنبي مقابل 3.1 مليون موظف سعودي فقط. وعلى غرار مشروع رؤية برمته، تبدو الحياة واعدة وأكثر ازدهاراً على الورق وفي مقاطع الفيديو الاحترافية التي تنتجها شركات العلاقات العامة

السعودية.هذا المقال مترجم عن Haaretz.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا  الرابط التالي.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.