fbpx

عن الأردن ومعارضيه المنفيين إلى الخارج

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“ليس هناك شيء اسمه معارضة خارجية أردنية، بل هناك تيار وطني معتبر من المعارضة الأردنية في الخارج، ولديه أدبيات واضحة وخطوط عامة يلتزم بها الطيف الأكبر من المعارضين الأردنيين…”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“المعارضة الخارجية”. تعبير تردد كثيراً في الآونة الأخيرة في الأردن، إذ كان أحد عناوين أزمة الأمير حمزة بن الحسين مع أخيه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.

في أكثر من مؤتمر وتصريح رسمي، استُخدم هذا التعبير في سياق اتهامي بالمسؤولية عن “الانقلاب الناعم” على ملك الأردن، كأن خلف الستار شخصاً يحرّك الدمى على المسرح.

على عكس دول عربية كسوريا ومصر واليمن التي تملك تاريخاً من المعارضة الخارجية، فهذا المصطلح دخل حديثاً إلى الأردن، وتحديداً بعد ثورات الربيع العربي، التي مرت رياح التغيير فيها على الأردن مع الحراك الشعبي الذي طالب بإصلاحات سياسية واقتصادية.

المصطلح ما زال حديثاً حتى الآن، ولا يستسيغه المتمسكون بفكرة أن الأردن مختلف أمنياً عن الدول العربية الأخرى، ولا “يليق به” أن تتجاوز أصوات كل السقوف وتنتقد الأردن وعلى رأسه الملك، ذلك أن هناك قناعة لدى شريحة واسعة في الشارع الأردني حتى المحتج منه، بأنه مهما تردى حال الحريات والوضع الاقتصادي، يبقى الملك منزّهاً عن الانتقاد.

وكانت الصدمة الأولى بظهور مفهوم المعارض الخارجي في الأردن، عام 2013، عندما سافر الصحافي علاء الفزاع والذي كان ناشطاً في الحراك الشعبي الأردني آنذاك إلى السويد، وفور وصوله طلب لجوء سياسياً وهو ما حصل عليه. فكرة أن يحتاج مواطن أردني إلى لجوء سياسي شكلت صدمة حقيقية وربما غير متوقعة في الشارع المحلي، أي أن يتخلى أحدهم عن العودة إلى بلده مقابل أن يحصل على لجوء سياسي.

وفي استعراض سريع لأبرز التصريحات الرسمية التي تنتقد المعارضة الخارجية الأردنية في الخارج، نشير إلى وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال صخر دودين في 21 من شهر نيسان/ أبريل الذي قال إن هناك “120 ألف حساب وهمي ضخ على تويتر ومواقع تواصل اجتماعية، لتشكيل رأي عام وهمي بعد قضية الفتنة (قضية الأمير حمزة)”.

وأضاف أن المعارضة الخارجية “تمارس حملة سوداء على البلد، وهي أقل من أن تسمى معارضة، هم أشخاص راكبون على الموجة ومستغلون لأي قضية، وساهموا مع غيرهم بتثوير الناس”.

إلا أن وزير الخارجية الأردني نائب رئيس الوزراء أيمن الصفدي وفي مؤتمر صحافي عقده بداية أزمة الأمير حمزة مع أخيه الملك، استكثر أن يسمي المعارضين الأردنيين في الخارج “معارضة”، وقال عنهم: “هناك أشخاص محيطون بالأمير حمزة وكانوا يتواصلون مع جهات تصنف نفسها معارضة”.

وفي أكثر من مرة انتقد وزير الداخلية الأسبق حسين المجالي المعارضة الخارجية على “تويتر” حتى قبل أزمة الأمير حمزة، ومن الواضح جداً أنها تستفزه (المعارضة) جداً، وقال في إحدى التغريدات: “مكتبي كان مفتوحاً لمن كانوا يطالبون بإصلاح النظام ولمن يقولون يعيش جلالة الملك”، ملمحاً إلى أن الأردن يتسع للاختلافات والأيديولوجيات السياسية كافة.

فيما استهزأ في الفيديو خاصته “بمن يسمون أنفسهم معارضة خارجية”، وقال ساخراً مما يذكرونه من انتهاكات كانوا يتعرضون لها في الأردن جعلتهم يسافرون إلى الخارج: “إذا كانوا يرون أن السيف كان على رؤوسهم في الأردن كما يدعون، فكيف غادروا الأردن؟ خاصة أن الحدود والمنافذ الأخرى التي يمكنهم الخروج منها مغلقة والمنفذ الوحيد هو مطار الملكة علياء”.

“النملة لا تستطيع أن تخرج من مطار الملكة علياء من دون موافقة الدولة على ذلك… فلا داعي لبيع الوطنيات” ختم المجالي وهو يستسخف المعارضة الخارجية.

ليالي الخميس

كما يقول المثل الشعبي: “ترمي الإبرة بتسمع رنتها” هكذا كان الوضع في الأردن قبل نحو الأربعة أعوام مع مساء كل خميس، عندما كانت تتوجه أصابع الأردنيين للنقر على صفحة الصحافي الأردني نايف الطورة الذي يعيش في أميركا منذ نحو 25 عاماً بعد مغادرته الأردن. كان السكون سيد المشهد في سهرات الخميس وصوت واحد يعج المكان، صوت الطورة وهو يتحدث بصوت عال عبر خاصية البث المباشر على “فايسبوك”، ويبدأ بالكشف عن “كواليس” كما كان يصفها القصر الملكي، والصراعات التي تحدث داخله.

المعلومات التي كان وما زال يسردها الطورة من خلال بثه الفايسبوكي، كانت تشعرك بأنه كان يعيش داخل القصر الملكي، ويعرف النملة متى دخلت وكيف خرجت من القصر. وكان التفاعل الشعبي الأردني مع فيديواته لافتاً والمشاهدات كانت تصل إلى الملايين، لأن ما قدّمه كان شيئاً جديداً، إذ لم يعتد الأردنيون أن يخرج مواطن أردني قبل أن يكون صحافياً، ويعزف على أوتار التابوهات والمحرمات وينتقدها، لا سيما مؤسسة العرش والمؤسسة العسكرية وقتها.

لكن مع مرور الوقت باتت حدة التفاعل مع ليالي الخميس التي كان يرعاها الطورة، تخف ذروتها، لأسباب عدة منها بدء التشكيك بصدقية معلوماته، حتى إن بعض الأردنيين لقبه بـ”الحكواتي”، والسبب الثاني كان زيارته الأردن بعد غياب 21 عاماً. تلك الزيارة التي توقع الأردنيون أن تشهد تقييد الطورة واعتقاله لحظة وصوله داخل سجون المخابرات، لكن ما حصل عكس ذلك تماماً إذ تم استقباله بحفاوة وأمضى أسبوعين في بلده بسلام.

لكن عادت ذروة التفاعل مع فيديوات الطورة بعد الأحداث الأخيرة، وعادت نسبة مشاهدة فيديواته ترتفع من جديد، وعاد ليقول إنه كان على علم مسبق بما سيحدث.

في المقابل، لا يحظى الصحافي واللاجئ السياسي الفزاع بالتشكيك الشعبي الأردني كما هو الحال بالنسبة إلى الطورة، فمنذ لجوئه في السويد يحظى باهتمام شريحة واسعة من الأردنيين، سواء في ما يبثه عبر خاصية “اللايف” على “فايسبوك” أو في برنامجه “المنفي” الذي يبثه على “يوتيوب”.

المعارض الخارجي الأردني رحال صبيحات المقيم في فرنسا يقول لـ”درج”: “ليس هناك شيء اسمه معارضة خارجية أردنية، بل هناك تيار وطني معتبر من المعارضة الأردنية في الخارج، ولديه أدبيات واضحة وخطوط عامة يلتزم بها الطيف الأكبر من المعارضين الأردنيين الذين اضطروا للخروج من بلدهم بسبب نهج تكميم الأفواه والقوانين العقابية القاسية للتعبير عن الرأي”.

ونوه أن هذا التيار ليس وليد مصادفة، بل إن كثراً من المعارضين في الخارج لهم نشاطهم وتاريخهم في الأردن قبل إجبارهم على الخروج بشكل أو بآخر، ومطالب المعارضة الأردنية في الخارج واضحة ولا يستطيع أحد شيطنتها، وتتمثل بتعديل الدستور قبل أي شيء وقانوني الانتخاب والأحزاب وصولاً إلى تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية.

وعن الاتهامات التي تتحدث عن إنشاء المعارضة الخارجية حسابات وهمية، قال الصبيحات: “هناك مبالغة في موضوع الحسابات الوهمية التي خرجت على لسان مسؤولين أردنيين بشكل واضح في قضية الأمير حمزة بن الحسين، ومعظم من أشارت إليهم الدولة كحسابات وهمية هم مواطنون أردنيون اضطروا نتيجة القمع إلى التعبير عن آرائهم إنشاء حسابات لا تحمل أسماءهم الحقيقية”.

وجود معارضة أردنية في الخارج هو نتاج أفعال سياسية على مدار حكومات متعاقبة، أدت إلى وجود معارضين داخل الأردن وخارجه.

واعتبر أن الدولة أحق بتهمة إنشاء حسابات وهمية أكثر من أي أحد آخر، وقال: “كلنا نعلم أن الحسابات الوهمية التي نشطت في مهاجمة أي قضية وطنية كانت تنطلق من مركز إدارة الأزمات بتوجيه من الدولة وتحظى برعاية رسمية، إضافة إلى أن الأعداد التي تحدثت عنها الحكومة في قضية الأمير حمزة غير مدعمة بأي إحصاء صادر عن مركز دراسات، فبالتالي لا صدقية في موضوع حسابات وهمية تعمل على زعزعة الأمن”.

سألنا النائب صالح العرموطي، في حال عاد أحد المعارضين الأردنيين في الخارج هل سيشكل ذلك خطورة عليهم؟ أجاب، “من الطبيعي جداً فور وصولهم إلى الأردن أن يتم اعتقالهم”، مقارناً ما يصدر عنهم من معلومات وكلام يتجاوز السقوف مع من يتم اعتقالهم من نشطاء في الأردن بسبب تعبيرهم عن آرائهم، ويتم إسناد تهم كتقويض نظام الحكم، والتجمهر غير المشروع ويحولون إلى محكمة أمن الدولة، “فما بالك في حال زار أحد المعارضين في الخارج الأردن؟”.

واعتبر العرموطي، أن وجود معارضة أردنية في الخارج هو نتاج أفعال سياسية على مدار حكومات متعاقبة، أدت إلى وجود معارضين داخل الأردن وخارجه.

الخبير في الإعلام الرقمي الحقوقي الدكتور يونس عرب أوضح أن “ما تنشره المعارضة الخارجية الأردنية من معلومات، مصدره من داخل الأردن وبشكل أساسي من الأجهزة الأمنية نفسها”، وأضاف: “لو كان الإعلام الرسمي الأردني ذكياً لكان بدلاً من أن ينكر ما تنشره المعارضة الخارجية من معلومات، لكان يرد عليها ويثبت عدم صحتها”.

ورأى أن التصريحات الحكومية حول المعارضة الخارجية يراد بها تخفيض مستوى ثقة الرأي العام بما تنشره المعارضة من معلومات، فبدلاً من أن يصرح المسؤولون بأن هناك حسابات وهمية تنشئها المعارضة الخارجية كان من الأولى أن ترد على ما تعتبره معلومات مغلوطة تهدف إلى زعزعة أمن البلد، وقال: “نسب المشاهدات العالية لفيديوات المعارضة الخارجية مؤشر أساسي على عدم ثقة المواطن الأردني بإعلامه”.

إقرأوا أيضاً: