fbpx

التهريب عبر الحدود اللبنانية: استنزاف آخر ما تبقى من ودائع اللبنانيين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

منذ إعلان النابلسي عن موقف الحزب الرسمي من مسألة التهريب، تدور نقاشات حول أدوار “حزب الله” في قضايا التهريب. بحسب منطق الحزب فإن تشريع التهريب و”كسر بعض القوانين”، يأتيان من باب تجنّب العقوبات الأميركية على لبنان وسوريا.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يعيش لبنان حالياً تحت وطأة تداعيات انكشاف تفاصيل تهريب شحنات حبوب الكبتاغون المخدرة التي ضبطتها السعودية على أراضيها، وهي آتية بحراً من لبنان، فعلّقت استيراد الفواكه والخضار منه. مسار تهريب المخدرات من لبنان أو عبره يضع البلاد في عين عاصفة المقاطعة والعقوبات بوصفه بلداً غير منضبط وغير خاضع لنظام إدارة ورقابة آمنة لمن يتعامل معه وطبعاً لمن يعيش فيه.

قضية شحنة الكبتاغون المخبأة في الرمّان أتت بعيد انكشاف تبني “حزب الله” رسمياً مبدأ التهريب، ففيما يرزح لبنان تحت أقصى ضائقة مالية واقتصادية في تاريخه، خرج مسؤول محسوب على “حزب الله” ليعلن عن “شرعية” تهريب المواد الأساسية المهددة برفع الدعم عنها في لبنان، كالمازوت والطحين والدواء. ففي مقابلة تلفزيونية على قناة “فرانس 24″، قال الشيخ صادق النابلسي، أن “التهريب جزء لا يتجزّأ من عملية المقاومة والدفاع عن مصالح اللبنانيين”.

من يدفع ثمن التهريب؟

منذ إعلان النابلسي عن موقف الحزب الرسمي من مسألة التهريب، تدور نقاشات حول أدوار “حزب الله” في قضايا التهريب. بحسب منطق الحزب فإن تشريع التهريب و”كسر بعض القوانين”، يأتيان من باب تجنّب العقوبات الأميركية على لبنان وسوريا. 

في جملة النابلسي إشارة معبّرة وصادقة عن مقاربة الحزب، وخطابه المتجاوز للدولة ومؤسساتها وقوانينها وبدهيات خرق القانون في أي بلد ذي سيادة ويحترم نفسه ومصالح مواطنيه وأمنه الاقتصادي والاجتماعي.

إذاً، بات واضحاً أن “حزب الله” لا يعلم بعمليات التهريب ويتستّر عنها فقط، لكونه القوة الفاعلة في المنطقة الحدودية، بل هو مشارك فيها. وهذه العمليات التي تقودها شبكات منظّمة أغلبها يتمتّع بغطاء سياسي من جهة، أو أفراد متفرّقون من جهة أخرى، عبر المعابر اللبنانية، هي عملية سرقة موصوفة.

استنزف التهريب المستفحل على الحدود اللبنانية احتياطي مصرف لبنان مع انهيار العملة الوطنية بأكثر من 85 في المئة، فأجهز على المواد المدعومة، لا سيما الأولية منها (المدعومة على سعر صرف بقيمة 1515 ليرة)، من محروقات وطحين وأدوية، فضلاً عن السلع الغذائية والمواشي، فحرم اللبنانيين منها وأهدر ودائعهم.

يقدّر الاقتصادي روي بدارو حجم عمليات التهريب بملياري دولار أميركي، وهي تشمل تهريب المحروقات والأدوية والسلع الغذائية. ويوضح أن “تلك العمليات لا تكون حصراً عبر المعابر التي تربط لبنان وسوريا، والتي تذهب عبرها السلع غالباً إلى أولياء النظام، بل أن الفروقات الواسعة في سعر صرف الدولار ساعدت على تطور أشكال التهريب، إذ بات يُمارس بشكل فردي عبر حقائب السفر، لا سيما عبر تهريب الأدوية إلى أفريقيا”. علماً أن التهريب نشط خلال العام الماضي مع استفحال الأزمتين المالية والاقتصادية في البلاد، وعمّق هوّتها.

كيف تطاول عمليات التهريب ودائع اللبنانيين؟

يوضح بدارو أن عمليات التهريب تنعكس بشكل مباشر على المودعين اللبنانيين، إذ إن الدولة تقتطع من ودائعهم لدعم المواد الأساسية، لتُباع على سعر صرف 1500 ليرة، أو 3950 ليرة كحدّ أقصى. بينما تهرّبها “مافيات” إلى خارج لبنان وتبيعها على سعر صرف السوق السوداء، وهو ما يساوي نحو 13 ألف ليرة حالياً، لتستفيد هي منها، بينما يتقاتل مواطنون على ما تبقى من تلك السلع على أرفف المتاجر.

وبشرح مبّسط لطريقة سير العملية، فإن ودائع اللبنانيين في القطاع المصرفي بالعملة الأجنبيّة تساوي 110.23 مليار دولار أميركي. أما الاحتياطي الإلزامي لدى المصرف لبنان، وهو ما يُمنع المس به تحت أي ظرف لاعتباره ضمانة للمودعين، يساوي وفق تعاميم مصرف لبنان 15 في المئة من قيمة الودائع، أي 16.53 مليار دولار. 

عملياً، ما بقي من سيولة لدى مصرف لبنان، بحسب آخر ميزانية نصف شهريّة صدرت في منتصف شهر نيسان/ أبريل، هو نحو 16.9 مليار دولار فقط. وهو ما يعني أن لدى مصرف لبنان هامش للتصرّف بـ370 مليون دولار فقط، وبعدها سيتّجه إلى صرف الاحتياطي الإلزامي، وهو آخر ما تبقى من أموال المودعين. يرتبط هذا مباشرة بعملية الدعم والتهريب، إذ إن الإنفاق من أموال الاحتياطي الإلزامي يتمّ من أجل دعم استيراد السلع، فيما تهرّب تلك السلع إلى الخارج.

اتجاه إلى رفع الدعم قريباً؟

فيما تتزايد المخاوف من استمرار انهيار الدولة وعدم القدرة على استيراد الدواء والغذاء والمحروقات، وتتزايد معها التحذيرات من انفجارات أمنية وشعبية مع اقتراب رفع الدعم في الأشهر المقبلة، يبدو أن لا مبادرات يُبنى عليها لإيجاد حلّ للأزمة الاقتصادية، لا سيما أن رئيس الجمهورية ميشال عون يرفض رفع الدعم عن المواد الأساسية قبل تأمين البطاقة التموينية، التي لا بوادر للاتفاق على إقرارها حتى الآن. 

فهناك توجّه إلى اعتماد خطّة لتوزيع نحو 750 ألف بطاقة على 750 ألف عائلة، فيما الخلاف لا يزال حول قيمة المبلغ الذي ستستفيد منه الأسر، إضافة إلى مصدر تمويلها. وزير الاقتصاد راوول نعمة يريد أن يقتصر المبلغ الشهري لكل عائلة على مليون و300 ألف ليرة لبنانية، بينما يطالب الوزراء بمبلغ مليون و800 ألف ليرة. وإلى الآن، يواجه مشروع هذه البطاقة مشكلة غياب مصادر التمويل.

يصف بدارو البطاقة التموينية بأنها مجرّد “حقنة تخدير” للوضع الراهن، مؤكداً أن “رفع الدعم في الظروف التي يعيشها لبنان خيار سيئ، بينما عدم رفع الدعم خيار أسوأ، وبذلك فإن الدولة تخيرنا بين السيئ والأسوأ”. 

وبهذا فإن مجاهرة “حزب الله” بتأييده أعمال التهريب غير الشرعي، يفتح الباب أمام التكهنات التي تدور منذ سنوات حول أدواره في زراعة المخدرات وتصنيعها وتهريبها كأحد موارده لتمويل نفسه وحروبه.

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!