fbpx

عمّال العراق في عيدهم محاصرون بين الوباء وسياسات الحكومة!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا توجد احصائيات، حتى الآن، حول أعداد الموظفين في القطاع الخاص الذين فقدوا أعمالهم في السنة الماضية بسبب جائحة كورونا، لكن تقديرات خبراء اقتصاديين عراقيين تتحدث عن صرف ما يزيد على 40% من موظفي القطاع الخاص وإنهاء خدماتهم …

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

هذا العام، 2021، كان الأسوء على الإطلاق في حياة الشاب عدنان حميد صاحب الـ34 ربيعًا. كورونا حرمهُ من العمل، لأول مرة في حياته، وحال دون قدرته على إعالة أسرته المكونة من أربعة أشخاص ودفع 300 الف دينار (250 دولار أميركي)، لإيجار سكنه البالغ مساحته 50 مترًا.

فجر كل يوم يأتي حميد من الراشدية، التي تبعد عن مركز العاصمة 14 كم، إلى ساحة الطيران في بغداد لعل شخصاً ما يقوم بتوفير عمل له في البناء والترميم: “خسرت عملي منذ انتشار الجائحة في العام الماضي ولا يزال الأمر مستمراً لغاية الآن مع تفاقم الأزمة الصحية”.

عاملون بلا عمل 

أما عامل البناء في منطقة الباب الشرقي وسط بغداد رائد علوان فيقول إنه”وبقية زملائه العاملين يعانون من مزاحمة في سوق العمل، قبل انتشار كورونا، بسبب تعاقد المصانع الصغيرة والمتوسطة والمطاعم والشركات التجارية مع العمالة العمالة الأجنبية من دول بنغلاديش والنيبال وسيرلانكا”، معللًا تفضيل العامل الأجنبي على نظيره العراقي بأن الأول “يعمل بأجور أقل بكثير عن أجور الأخير”. ويزيد عدد العمال الأجانب الذين يعملون في الشركات الاجنبية في العراق عن مليون عامل، بحسب احصائيات لمنظمة العمل الدولية. 

بدورهِ محمود عبد الرحمن عاملٌ في منطقة القصر الأبيض وسط بغداد والمتخصصة في مجال تصليح التبريد والتدفئة للسيارات، يلقي اللوم على الطبقة السياسية لأنها “تتناحر فيما بينها وتبحث عن العقود والصفقات بملايين الدولارات وتساعد دول الجوار بالعملة الصعبة وتتناسى العامل العراقي الذي لا يسد رمقهِ رغم عملهِ من شروق شمس كل يوم إلى غروبها”.

بينما يشعر العامل رازق علي بالندمِ على انتخاب من يمثله في الحكومة التشريعية، لأن “الحكومة لم تلب أي من متطلبات الشعب العراقي المظلوم بمعظمه منذ العام 2003 والذي ينتظر كل مرة أملاً جديداً من حكومة جديدة، ويصاب بخيبة الأمل”.

مجموعة من عمال إحدى الشركات الصناعية العراقية في القطاع الخاص التقوا تقريباً عند نقطة واحدة خلال حديثهم لـ”درج”، بأن الأزمة الصحية المتمثلة بفيروس كورونا ضربت جميع مفاصل سوق العمل العراقي مما أضطر العمال إلى الجلوس في البيت بعد الاستغناء عن خدماتهم العام الماضي.

ولم يحصل هؤلاء العمال على تعويضهم من الضمان الاجتماعي وذلك بعدما تبين لهم عدم تسديد الشركة التي يعملون معها الاستقطاعات الشهرية من رواتبهم إلى دائرة الضمان في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية، مطالبين الجهات الحكومية باسترداد حقوقهم المسلوبة.

أبواب المصانع مغلقة

منذ تغير نظام الحكم في العراق عام 2003، أغلقت أغلب الشركات والمعامل أبوابها، مما تسبب بوجود بطالة عند الملايين من العمال غير المضمونين بسبب عدم توفر فرص عمل، كما يقول رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال العراق كريم لفتة سندال. 

كان من واجب الحكومات ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية، بحسب سندال، القيام بتسجيل كافة العمال العاطلين وتضمين حقوقهم في الضمان الاجتماعي “من خلال دفع تعويضات شهرية لشريحة العمال العاطلين عن العمل”. لكن هذا طبعاً لم يحدث.

قام الاتحاد العام بمطالبة وزارة العمل في زيادة التقاعد للعمال والقيام بالبحث عن عمل للعمال الذين فقدوا أعمالهم، ومحاولة حل مشاكل البطالة جذريًا بعيدًا عن الحلول الترقيعية مع توفير الضمان الصحي للعامل مجانًا إضافة إلى حماية الصناعة الوطنية وتقليل الاستيراد العشوائي وفرض رسوم جمركية عالية على المستورد الأجنبي، لتشجيع وحماية الصناعات المحلية. لكن هذه المطالب تبدو أقرب إلى أحلام في ظل الكوابيس التي يعيشها العمال العراقيون منذ سنوات.

إقرأوا أيضاً:

8 مليون عامل في القطاع الخاص

ووفقًا لمستشار الحكومة العراقية مظهر محمد صالح فإن”أعداد العاملين في القطاع الأهلي(الخاص) العراقي تصل 8 ملايين عامل والتي يشكل الشباب منها حتى عمر 35 عام حوالي 60% من حجم التوظيف، وهي طاقة كبيرة يمكن الاستفادة منها في الخلق والأبداع والإنتاج”. ولا توجد احصائيات، حتى الآن، حول أعداد الموظفين في القطاع الخاص الذين فقدوا أعمالهم في السنة الماضية بسبب جائحة كورونا، لكن تقديرات خبراء اقتصاديين عراقيين تتحدث عن صرف ما يزيد على 40% من موظفي القطاع الخاص وإنهاء خدماتهم بسبب إفلاس بعض الشركات، او تقنين المصاريف النقدية وتقليص عدد العمال مع الابقاء على آخرين بمرتبات أقلّ، أو عجز شركات عن سداد قروض استثمارية بسبب كورونا، ما تسبب في وقف مشاريعها.

لكن صالح يرمي معاناة الشباب العراقي من البطالة؜، والتي ارتفعت نسبتها بشكل كبير بعد كورونا، على القطاع الخاص بسبب “ضعف مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي”. فيما يضم القطاع العام في العراق 6,5 مليون موظف، دخل معظمهم إلى الملاك عبر النفوذ الحزبي والتنفيعات والرشاوي، وهو ما يستهلك ميزانية الدولة. وتقدّر أعداد الموظفين “الفضائيين” اي الذين اسقطتهم الأحزاب في مواقعهم من “الفضاء”، ويتلقون رواتب حكومية من دون القيام بأي عمل، بحوالي نصف مليون موظف، ينهكون كاهل الدولة، ويتسببون ببطالة نصف مليون شاب عراقي كفوء، على أقلّ تقدير.

يشير صالح إلى أن” 37٪؜ من القوى العاملة العراقية في القطاع الخاص وبعض المشاركات الحكومية لاتساهم في الإنتاجين الزراعي والصناعي الكلي للعراق إلا بنسبة 6٪؜ من الناتج المحلي الإجمالي، معنى ذلك أنها تعمل بإنتاجية هابطة وحصتها من الدخل الوطني ضعيفة، بسبب اعتمادها على الاستيراد. 

المستشار الاقتصادي للحكومة يرى بان”مطالب الطبقة العاملة في عيدها في الأول من أيار  هو توفير قانون متجدد للعمل والضمان الاجتماعي بما فيها صندوق التقاعد الوطني الموحد ليشمل القطاعين الأهلي والحكومي بالامتيازات نفسها إضافة إلى تأسيس صندوق تنمية وطني للعراق تصب الموارد الريعية مستقبلاً فية ليكون رافعة تمويلية تنهض بسوقي العمل  والاستثمار بغية رفع مساهمة القطاع الخاص في الدخل الوطني إلى أكثر من 50٪؜ في نهاية العقد الحالي بدلاً من واقعه الحالي الذي لايتعدى 37٪؜ من الدخل الوطني للعراق”.

صالح يرى في صندوق التنمية الوطني العراقي “ثروة سيادية  يمكن الاستفادة من موارده في الاستثمار في الداخل العراقي وزيادة النشاطات الإنتاجية للعمل والتشغيل  عند الإنتاج”.

لكن كل ذلك يبقى في سياق التمنيات، والكلام المعسول المدعّم بأرقام احصائية، والذي اعتادت الحكومات ومستشاريها إسماعه للشعب العراقي، في وقت تنصّلت الحكومة الأخيرة، ممثلة بوزارة العمل، من مسؤولياتها في صرف اي منح طارئة لتعويض أضرار حظر التجول والاقفال العام على العمال الذين يعتاشون من الدخل اليومي، كما لم تفرض الحكومة اي اجراءات على أصحاب العمل والشركات التي راحت تستقطع من رواتب موظفيها الشهرية بسبب التعطيل الذي فرضه انتشار الوباء والسياسة الصحية للحكومة. كما لم تحم وزارة العمل آلاف العمّال الذين سرّحوا من أعمالهم بسبب الأزمتين الصحية والاقتصادية. 

إقرأوا أيضاً: