fbpx

الهند تختنق ولا خطط لمواجهة الفايروس المتحور

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

على رغم ردود الفعل الدولية على ما يحصل في الهند، لا تبدو الحكومة الهندية معنية بما يحدث ولا خطط حقيقية للخروج من الكارثة الحتمية ما إذا استمرت الأمور على ما هو عليه.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

الهند، البلد حيث يتم تصنيع عدد من لقاحات “كوفيد- 19″، بات محط أنظار العالم إذ يشهد حالياً كارثةً وبائيةً ممتدة. هذا ويتطلع العالم نحو الهند بقلق خوفاً من انتشار متحورة “هندية” للفايروس إلى دول أخرى من العالم.

أسباب كثيرة والنتيجة الكارثية واحدة

انتشر على المواقع الإخبارية الهندية كما على وسائل التواصل، فيديو لشاب هندي “انش جويال” يبلغ من العمر 17 سنة، وهو يبكي ويتوسل على ركبتيه رجال شرطة ليعيدوا إليه أنبوبة أوكسيجين، كان قد استحصل عليها لإنقاذ أمه المصابة بـ”كورونا”. ما لبثت أن توفيت الأم بعد ساعتين بسبب مضاعفات الإصابة. 

هذه حال مئات آلاف المواطنين في الهند اليوم، إذ تصارع المستشفيات والمراكز الصحية لاستيعاب الأعداد الهائلة لحالات الإصابات اليومية في ظل نقص في المعدات وأنابيب الأوكسجين اللازمة. حتى أماكن إحراق الجثث اكتظت بالموتى ولم تعد تستوعب المزيد. ما خلق حالاً من الفوضى والتخبط، دفع المواطنين إلى الاعتماد على “أنفسهم” أو على بعضهم بعضاً، عبر وسائل التواصل لتأمين أنبوبة أوكسيجين على أمل إنقاذ عزيز بأي ثمن.

في هذه الأثناء، يجتاح “كوفيد- 19” الهند في موجةٍ ثانية وأعداد وصلت إلى 400 ألف إصابة جديدة مسجلة في حصيلة يومية، هي الأعلى على مستوى العالم. هذا عدا آلاف الإصابات غير المسجلة، نظراً إلى عدم توفر القدرة المادية لإجراء فحوص بسبب الفقر، إضافة إلى غياب تتبع دقيق للحالات والمتوقع في ظل أعداد الإصابات الهائلة. فحتى اليوم سجلت الهند منذ بدء أزمة الوباء، ما يزيد على 19 مليون والنصف مليون إصابة على أراضيها مع مئات آلاف الوفيات. 

نحن أمام كارثة وصفتها بعض الصحف العالمية كصحيفة “الغارديان” البريطانية بجريمة ضد الإنسانية. هذا والعالم يتفرج بينما الحكومة الهندية لا تحرك ساكناً. وهنا الأسباب كثيرة، منها الاكتظاظ السكاني الذي قارب المليار والنصف مليار نسمة في تعداد السكان، ما يجعل إجراءات التباعد الاجتماعي عملية شبه مستحيلة على أرض الواقع، بخاصة في بلد، تعاني مدنه وقراه عموماً من الفقر والعشوائية. أضف إلى ذلك الفقر المدقع الذي يحتم على المواطن الهندي العمل بشكل يومي لتوفير قوت عائلته، وبالتالي لا يملك ترف الانقطاع عن العمل لأيام تنفيذاً لإجراءات العزل الصحي والإغلاق.

في المقلب الآخر، تطاول الاتهامات الحكومة الهندية، بمواجهة الكارثة باستهتار وإجراءات غير كافية. حيث تم السماح في إجراء سباقات انتخابية كبيرة في الكثير من المدن الهندية، كما الاحتفالات الدينية الشعبية، والتي في دولة كالهند تعني تجمع مئات الألاف في مكان واحد في وقت واحد، المسرح المثالي لـ”كوفيد- 19″.

علاوةً على ذلك، ما زاد الطين بلةً، ظهور لمتحورات جديدة مقلقة من “كوفيد- 19″، تبدو أكثر فعالية في الانتشار والعدوى على الأراضي الهندية، كان أبرزها المتحورة B.1.618 التي أثارت قلقاً عالمياً خشية انتقالها إلى دول أخرى.

لنفهم سبب نظر العالم بحذر إلى المتحورة الهندية الجديدة من “كوفيد- 19″، علينا أن نفهم خصائص هذه المتحورة والطفرات التي تحملها. طبعاً، وكما هو متوقع ونظراً للتداول العالي للفايروس في المجتمع، هنالك عدد من المتحورات الجديدة لـ”كوفيد 19″ في الهند، بعضها نعرف عنه وبعضها الآخر ربما لم نتعرف إليه بعد. ولكن من المنطقي الاعتقاد أن للمتحورة B.1.618 دوراً في هذه الموجة الثانية العنيفة لـ”كورونا” في الهند، إذ باتت تنتشر بشكل متسارع في الآونة الأخيرة ومع تزايد عدد الإصابات.

الظهور الأول لهذه المتحورة كان في ولاية غرب البنغال على الحدود الشرقية للهند مع بنغلادش والتي تشهد حالياً حملات انتخابية محلية، على رغم انتشار الوباء. ما يميز هذه المتحورة هو اكتسابها عدداً من الطفرات المهمة في بروتين السبايك الأساسي في عملية العدوى كما المناعة. ما هو أكثر إثارة للاهتمام أنها تجمع فيها طفرات كنا رأيناها سابقاً كالطفرة E484K، الموجودة في المتحورة جنوب الأفريقية والتي بحسب الأدلة الأولية تلعب دوراً في إكساب الفايروس قدرة على التهرب من الجهاز المناعي. أضف إلى ذلك طفرة D618G البريطانية الأكثر فعالية في الانتشار. كما تتميز المتحورة البنغالية في حذف اثنين من الأحماض الأمينية على بروتين السبايك، وهو ما لم يتم فهم تأثيره الهيكلي بالكامل بعد.

إذاً ها نحن أمام تطور جديد لـ”كوفيد- 19″ هذه المرة إلى نسخة “هندية” لا نعرف مدى خطرها بعد. الدراسات على قدم وساق لفهم هذه المتحورة الجديدة. وعلى رغم تخوف بلدان كثيرة من دخول هذه المتحورة إليها، إلا أن المتحورة B.1.618 الهندية قد تم رصدها بالفعل حتى الآن في كل من بريطانيا وسنغافورة على سبيل المثال.

ما السبيل للخروج من الأزمة؟

على رغم ردود الفعل الدولية على ما يحصل في الهند، لا تبدو الحكومة الهندية معنية بما يحدث ولا خطط حقيقية للخروج من الكارثة الحتمية ما إذا استمرت الأمور على ما هو عليه. على ما يبدو تعول السلطات الهندية على عمليات التلقيح كحل، ولكن ما إذا نظرنا على أرض الواقع فإن نسبة التلقيح حتى اللحظة بجرعة واحدة على الأقل من لقاح “كوفيد- 19″، لا تتجاوز 11 في المئة من تعداد السكان في الهند. هذا الرقم غير كاف طبعاً لتأمين أي نوع من حماية مجتمعية في دولة ذات اكتظاظ سكاني عالٍ كالهند، وبخاصة مع ظهور متحورات جديدة من “كوفيد- 19” على أراضيها. هذه المعطيات تعكس حال الهند التراجيدي، تلقيح أكثر من مليار هندي سيأخذ سنوات!

 في هذه الأثناء، تنشط حملات دولية لمساعدة الشعب الهندي مادياً عبر جمع تبرعات، بخاصة لناحية تأمين إمدادات كافية من الأوكسيجين. منظمات مثل الصليب الأحمر البريطاني وحتى “يونيسيف” انضمت إلى هذه الحملات. على رغم ذلك، فقد رفضت الهند عرض الأمم المتحدة سلسلة التوريد المتكاملة الخاصة بها للمواد المتعلقة بـ”كوفيد- 19″، قائلة إن لدى البلاد “نظاماً قوياً” للتعامل مع اللوجستيات المطلوبة بحسب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة. فكيف ستمر هذه الموجة الوبائية على الهند وما ستكون تبعاتها؟ الأسابيع المقبلة ستكشف لنا ذلك.

إقرأوا أيضاً: