fbpx

عشرة أسباب لنقد السلطة الفلسطينية… بل والقطع معها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الحقيقة أن السلطة الفلسطينية، مثل أي سلطة عربية، لا تسمح بنشوء بديل…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ثمة تشويش كبير على الآراء السياسية النقدية في الوسط الفلسطيني، وتبرّم منها، وأحياناً غضب، أو تحريض عليها، من اتجاهات كثيرة، ضمنها أوساط السلطة الفلسطينية ذاتها، بأجهزتها، وأوساط مواليها، لا سيما من مثقفين وإعلاميين ونشطاء، يلتفون حولها لسبب أو لآخر، غالباً لا يكون من داخل السياسة. 

هذا يفترض بداية توضيح مسائل عدة، أولها، أن النقد السياسي ينأى بنفسه عن أي مسألة شخصية، كما عن شخصنة النقد، فموجه لظاهرة سياسية، أو لكيان سياسي، وفق حيثيات محددة، تتعلق بمصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه ومسارات حركته الوطنية، وفقا للواقع، وللخيارات المعتمدة، دوناً عن غيرها. ثانياً، إن الحركات السياسية، والنظم السياسية، تستحق النقد، بداهة، لأن ذلك جزء من ضرورات إثرائها وتطورها وتصويب مساراتها وخياراتها، ناهيك بأن ذلك من طبيعة السياسة ذاتها. ثالثاً، إن تلك الحركات، أو السلطات، أو الأنظمة، أو الخيارات، السياسية هي أفراد، وهؤلاء ليسوا معصومين من الخطأ، أو من السير في اتجاهات لا تخدم المصلحة الجمعية، أو الوطنية، لأن مواقفهم وممارساتهم وخياراتهم، تكون محكومة بأمزجتهم، وثقافتهم، ونمط تجربتهم، ومصالحهم الخاصة، لا سيما إذا كنا إزاء ظاهرة تحكم فرد، أو بضعة أفراد في حقل سياسي معين. رابعاً، في عالمنا العربي، وضمنه تجربتنا الفلسطينية، غالباً ما يتم التماهي بين الأنظمة والسلطات والحركات السياسية والأفراد المهيمنين عليها، وهذا نتاج سيادة الأنظمة البطركية (مع ظاهرة الأبوات في الحقل السياسي الفلسطيني)، ونتاج سيادة الزبائنية والمحسوبية، إذ يغيب التمييز غالباً، بين الأجسام السياسية والأفراد المهيمنين عليها (الرئيس، أو الزعيم، أو الأمين العام، أو القيادة).

الملاحظ أن النقد السياسي الحقيقي، البعيد من الشخصنة والمصالح الشخصية، ومن روح الشماتة والشتم، والاتهام والتخوين، هو النادر، وهو ما يحتاجه الحقل السياسي الفلسطيني. أولاً، بسبب الافتقاد إلى إطارات جامعة (مجلس وطني ـ مجلس تشريعي)، في واقع يتحكم فيه فرد أو بضعة أفراد التقرير بكل شيء. ثانياً، بحكم الإخفاقات التي مرت بها الحركة الوطنية الفلسطينية، من الأردن إلى لبنان إلى الأرض المحتلة، ومن العمل المسلح إلى العمل السياسي، ومن الانتفاضة إلى المفاوضة، ومن بناء المنظمة إلى بناء السلطة. وثالثاً، لأن مجمل الخيارات التي تم اتخاذها كانت من دون إجماع وطني، هذا ينطبق على النقاط العشر (1974) التي تم فيها الانزياح من برنامج التحرير أو فكرته، إلى فكرة إقامة سلطة في جزء من أرض فلسطين من دون توفر أي سند أو مبرر، كما ينطبق ذلك على اتفاق أوسلو (1993)، بعد إزاحة الوفد التفاوضي برئاسة حيدر عبد الشافي لمصلحة مفاوضات سرية أدت إلى الاتفاق المذكور، ما نجم عنه إزاحة المنظمة وإحلال السلطة محلها، وهيمنة فرد (أبو عمار ثم أبو مازن) لأخذ الرئاسات الثلاث (المنظمة والسلطة وفتح)، والسلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية) بين يديه، مع المالية طبعاً. 

تلك السلطة حولت الفدائيين والمناضلين إلى مجرد شرطة مرور، وأجهزة أمن، وموظفين، وتابعين.

هكذا، فكل شيء، في العمل الوطني الفلسطيني، يستحق النقد، ويحث عليه، والحديث هنا عن النقد السياسي البحت، لذا فإنني أعلل رفضي السلطة الفلسطينية القائمة بالأسباب الآتية:

أولاً، اختزالها قضية فلسطين وشعبها بجزء من الأرض لجزء من الشعب مع جزء من الحقوق.

ثانياً، قطعها مع طبيعة الحركة الوطنية الفلسطينية باعتبارها حركة تحرر وطني، بعلاقاتها ومبادئها وخطاباتها وروحها الوطنية الكفاحية.

ثالثاً، انزياحها عن الرواية التاريخية المؤسسة للصراع مع إسرائيل، والتي تشكل عصب الهوية الوطنية الفلسطينية، والقائمة على النكبة وإقامة إسرائيل وتشريد معظم الشعب الفلسطيني (1948) لمصلحة الرواية المتأسسة على حرب حزيران/يونيو (1967) واحتلال إسرائيل الضفة والقطاع؛ علماً أن الحركة الوطنية الفلسطينية كانت انطلقت قبل ذلك!

رابعاً، لأن تلك السلطة همّشت منظمة التحرير الكيان السياسي للشعب الفلسطيني في كل أماكن من وجوده.

خامساً، لأنها كسلطة أضحت قيداً على تطور الحركة الوطنية الفلسطينية (المنظمة والفصائل).

سادساً، لأنها سلطة على شعبها فقط، وسلطة تحت سلطة الاحتلال، أي بات شعب فلسطين يقبع تحت سلطتين (إضافة إلى سلطة المستوطنين)، إلى درجة بات يمكن القول معها إن الفلسطينيين في الضفة والقطاع كانوا أكثر وحدة وتحرراً وتصميماً في مقاومة إسرائيل وتحدي سياساتها، قبل إقامة السلطة من بعد إقامتها.

سابعاً، لأن تلك السلطة حولت الفدائيين والمناضلين إلى مجرد شرطة مرور، وأجهزة أمن، وموظفين، وتابعين.

ثامناً، لأن لرجال السلطة امتيازات ليست للفلسطينيين في الأرض المحتلة، اخترعت إسرائيل الـVIP لرشوة الطبقة المهيمنة في السلطة، وعزلها عن مصالح شعبها، وهذه الطبقة استمرأت ذلك، ولم تفطن إلى مخاطره.

تاسعاً، لأن تلك السلطة عمقت الانقسام بين الفلسطينيين، بين الداخل والخارج، وحتى بين الداخل ذاته (الضفة، القطاع، القدس، 48).

عاشراً، بحكم شيوع علاقات الفساد في جسم السلطة، مع غياب التمييز بين السلطات، وغياب علاقات المساءلة والنقد والمحاسبة، بواقع نشوء طبقة سياسية لا يهمها سوى مكانتها وامتيازاتها في السلطة.

هذا باختصار، فالسلطة أضحت عبئاً على الشعب الفلسطيني، وحركته الوطنية، وما إصدار مراسيم الانتخابات بالطريقة التي تمت بها، ثم مراسيم تأجيلها، سوى تفصيل، أو نتاج لكل ما تقدم من أسباب. 

أما عن سؤال البديل، الذي يشهره البعض، بين حين وآخر، عن حق، أو ككلمة حق يراد بها باطل، أي لتأبيد الوضع الراهن، فبدهي أن الأسباب المذكورة أعلاه، هي التي تحول دون إمكانية نهوض بديل، علما أن كثراً من كتاب فلسطين ومثقفيها طرحوا بدائل، منذ عقود. والحقيقة أن السلطة الفلسطينية، مثل أي سلطة عربية، لا تسمح بنشوء بديل (وهذا حصل في سوريا واليمن والعراق وكل البلدان العربية)، فتلك ليست بحجة، ذلك أن السلطة هي التي تسيطر على الموارد، وعلى الفضاء العام، وتمتلك أجهزة القمع، وعدا كل ذلك، فإذا كانت حالنا خراباً، ونعجز عن توليد بديل، فهل البقاء في تلك الحال يشكل بديلاً؟! 

إقرأوا أيضاً: