fbpx

اللبنانيون وطوابير البنزين: “وصفولي الصبر”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“وصفولي الصبر لقيتو خيال…”، هذه الجملة لأم كلثوم تصلح لأيامنا هذه، ولكن ليس للغزل بشخص نعشقه ونذوب في غرامه، بل للاستماع اليها فيما ننتظر دورنا وسط صفوف طويلة تمتد أحياناً لساعات .

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فمنذ أيام تسيطر على بيروت والمناطق زحمة سير خانقة والسبب ليس مظاهرة أو قطع طريق أو زحمة عادية كالتي تعانيها البلاد منذ عقود، بسبب بنيتها التحتية السيئة جداً، بل هي ناتجة عن انقطاع مادة البنزين.

عشر ليترات هي الحصة اليومية للمواطن اللبناني في هذه الأيام الصعبة التي تنقطع فيها مادة البنزين في لبنان. لا نعرف سبباً معلناً ودقيقاً لهذه الأزمة، لكن تتضافر عوامل عدة أهمها تهريب المحروقات ورفع الدعم التدريجي وأيضاً بسبب التأخير في تشكيل حكومة منذ ما يزيد عن 8 أشهر. كل هذه الأمور إضافة إلى الأزمة المالية الممتدة، جعلت من لبنان ساحة لعشرات الطوابير الممتدة أمام محطات البنزين أو تلك التي ما زالت تعمل.

 ولنتخيل من الآن أننا واقفون أمام طوابير المياه، والإنترنت والشمع، حتى ورق الحمام سيأتي يوم ونقف في الصف كي نحصل عليه، ففي بلاد المقاومة والمصارف، كل شيء وارد، وإلى حين وصول ذلك اليوم غير البعيد، لنشترِ الصبر ممن يملكه.

ويبدو أن الطابور مؤشر مهم، يجب أن يدخل في علم الاقتصاد، تماماً كالناتج المحلي وميزان الاستيراد والتصدير ومعدل دخل الفرد السنوي، فكلما رأيت طابوراً طويلاً علمت أن الآتي أصعب، وأن الحصول على المادة التي تريدها سيكون بكميات قليلة، وبصعوبة.

وما تشهده بيروت كانت مناطق الشمال وسواها تشهده منذ أشهر عدة بسبب تهريب مادة البنزين. ففي مناطق شمالية نادراً ما ترى محطة وقود فاتحة أبوابها، معظمها بدل بيع البنزين، تهرّبه إلى سوريا، لجني مبالغ مضاعفة، فيما الدولة تتفرج. 

انقطاع البنزين جعل الناس ينتظرون لساعات طويلة أمام المحطات، للحصول على عشرة ليترات أو عشرين ليتراً كحد أقصى للسيارة، فأغلقت طوابير السيارات طرقاً عدة.

تفتح معظم محطات البنزين عند الثامنة صباحاً الآن، فيما يعمد كثيرون إلى الانتظار أمامها منذ السادسة صباحاً كي لا يتأخروا على أعمالهم.

ترافق الانهيار الاقتصادي، مع طوابير الانتظار، بدءاً بأبواب المصارف حيث كان المواطنون يصطفون للحصول على ما تيسر من دولاراتهم المصادرة، بعدها اختفت تلك الطوابير حين أضربت المصارف عن دفع أي دولارات. وبعدما استسلم المودعون للأمر الواقع، ظهرت طوابير الأفران، ثم طوابير السوبرماركت للحصول على المواد المدعومة، وكانت يتخلل تلك الطوابير مشاكل بين المواطنين أو مع رجال الأمن والموظفين.

“لبنان دولة نفطية” هكذا قال رئيس الجمهورية ميشال عون في شباط/ فبراير من العام الماضي، بعد بدء التنقيب عن الغاز في البحر، إلا أن لا غاز إلى الآن ولا نفط، لا شيء سوى الطوابير في البلاد المنهكة بأزماتها الاقتصادية المتلاحقة.

وبما أن الأزمة الاقتصادية لا تعرف جدول زمنياً واضحاً لانتهائها، فهي تتفاقم يوماً بعد يوم، مع فقدان مصرف لبنان احتياطه من العملة الصعبة، ومع التخبط السياسي في البلاد وفشل تشكيل حكومة منذ جريمة تفجير مرفأ بيروت، فإن الأزمات والطوابير ستتوالى، ولنتخيل من الآن أننا واقفون أمام طوابير المياه، والإنترنت والشمع، حتى ورق الحمام سيأتي يوم ونقف في الصف كي نحصل عليه، ففي بلاد المقاومة والمصارف، كل شيء وارد، وإلى حين وصول ذلك اليوم غير البعيد، لنشترِ الصبر ممن يملكه.

إقرأوا أيضاً: