fbpx

فلسطين: تضامن الفنانين والمؤثرين
أشدّ مضاضة على إسرائيل من وقع الصاروخ “المهنّد”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كثر يخوضون هذه “الحرب” على الجبهات الافتراضية، التي لم تعد “افتراضية”، بل لها تأثيرها الفعلي الحاسم في الرأي العام العالمي، خصوصاً مع طاقة الصوت الفلسطيني الناطق بالإنكليزية…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تتعلّم إيفاي هاموند في فيلم “V for Vendetta”، أن الفكرة أهم من الشخص. تقول في أحد حوارات الفيلم: “تعلّمنا أن نتذكر الفكرة، لا الإنسان. لأن الإنسان يمكن أن يفشل. يمكن أن يُعتقل، أو يقتل أو يُنسى. لكن بعد 400 سنة تستطيع فكرة أن تغير العالم”. تعيش الفكرة في الفيلم الذي يمجّد الثورة ضد الأنظمة الشمولية العنصرية المحكومة من اليمين المتطرف. والفيلم يقول لنا على لسان المقنّع “في”، إن الأفكار مضادة للرصاص، ولا يمكن قتلها.

 ناتالي بورتمان، إسرائيلية الأصل، تلعب دور إيفاي هاموند في الفيلم، واضطرت، لتصوير أحد مشاهده، إلى حلق شعرها بالكامل. ويبدو أن الممثلة الأميركية تحمل قيم الفيلم في حياتها، وليس في السينما فقط. وتحاول أن تقول إن فكرة الحق الفلسطيني حيّة لا تموت. ولا تستطيع الآلة العسكرية الإسرائيلية قتلها. كان موقف ناتالي بورتمان واضحاً في مناصرة القضية الفلسطينية، عبر مشاركتها منشورات تتعلق بقضية حي الشيخ جراح، وهي المولودة في القدس والمنتقلة إلى الولايات المتحدة الأميركية في سن الثالثة.

ليس بسيطاً الأثر الذي تتركه مشاركات كهذه على الرأي العام العالمي. لبورتمان، كما لغيرها من المشاهير الذي يقفون إلى جانب الفلسطينيين في محنتهم، ملايين المتابعين الذين يتأثرون بآرائهم. بورتمان لديها 7.4 مليون متابع على “إنستاغرام”. بيلا حديد مثلاً لديها أكثر من 42 مليون متابع على “إنستاغرام”. تحمل أصولاً فلسطينية. والدها محمد حديد من أصل فلسطيني. مواقفها مع القضية الفلسطينية، ووقوفها إلى جانب الفلسطينيين في نضالهم ضد الاحتلال، ومشاركتها في تظاهرات منددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة مرتدية الكوفية الفلسطينية، أزعجت وزارة الخارجية الإسرائيلية، فهاجمتها بقسوة عبر  حساب رسمي مرتبط بها، واتهمتها بأنها تنظم حملات لاستئصال الدولة اليهودية، و”رمي اليهود في البحر”. 

ولا يبدو أن بيلا تهتم. تتابع بكل ما أوتيت من تأثير، عملها على تظهير المأساة الفلسطينية، ونقل معاناة الفلسطينيين إلى العالم. وما كان هذا الأمر ليكون ذات أثر كبير قبل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي بهذا الشكل الكبير. كان المشاهير سابقاً يسجلون مواقف لا تصل بالضرورة إلى الجميع. وكانت تحتاج هذه المواقف إلى أحداث ضخمة لتحميلها ومحاولة إيصالها إلى العالم. المنتخب الإيطالي في كرة القدم أهدى الكأس الذي فاز به في العام 1982 إلى لبنان، تضامناً معه في وجه الاجتياح الاسرائيلي. في حدث عالمي ككأس العالم، وبغياب السوشيل ميديا، أمكن لصوت كهذا الوصول، لكن ليس للجميع. اليوم بات الأمر أسهل مع اتصال معظم سكان الأرض بالسوشيل ميديا. لم يعد الأمر يحتاج إلى “منصة” حدثية لإطلاق المواقف المتضامنة. معظم الشعوب المؤثرة متصلة بالتراند اليومية على تويتر وفايسبوك وانستغرام وتيك توك وغيرها. وهذا يقلق الإسرائيليين. يقلقهم حتى عسكرياً. وزير الدفاع الاسرائيلي ترك الجبهة العسكرية وخصص وقتاً لنقاش مع ادارتي “فايسبوك” و”تيك توك” حول المحتوى الذي “يحرّض على العنف أو يشجع على الإرهاب وينشر معلومات مضللة”. هذا المحتوى الذي يزعج اسرائيل، يتلخص بمجرد التضامن مع الفلسطينيين. وطبعاً الإزعاج يتأتى من المؤثرين والمشاهير الذين يستطيعون الوصول إلى ملايين المتابعين للتأثير فيهم. 

اليوم، تستطيع طفلة صغيرة، في العاشرة أن تؤثر في العالم كله عبر فيديو قصير، يتداول بكثرة، لمجرد أن هناك كاميرا تلفون قادرة على نقل دموع الطفلة الفلسطينية الذكية والشجاعة نادين عبد اللطيف ورسالتها، من أمام أنقاض الدمار في غزة، وهي تتحدث الإنكليزية بطلاقة إلى العالم بأسره. باريس هيلتون شاركت الفيديو مع 14 مليون من متابعيها على “إنستاغرام”، وكتبت: “هذا يفطر قلبي، يجب ألا يعيش أحد في خوف. قلبي مع هذه الطفلة الصغيرة”. ديلان اوبراين، نجم Teen wolf، شارك الفيديو على “إنستاغرام” مع 5.5 مليون متابع، مع تعليق بالإنكليزية “موجع للقلب”، مع “هاشتاغ”: الحرية لفلسطين.

فنانون ومشاهير من مجالات مختلفة يخوضون هذه الحرب الإعلامية ضد آلة القتل والقمع العنصرية الإسرائيلية. ممثلون وممثلات، رياضيون ورياضيات، مغنون ومغنيات، عارضات وعارضو أزياء، رسامون ورسامات، مصممو ومصممات غرافيكس، منتجو ومنتجات أفلام. ايريك كانتونا سدد في “المرمى” الإسرائيلي، على عادته الإنسانية دائماً. هو أكثر من لاعب كرة قدم. يعرف تماماً كيف يهدّف باتجاه الإنسانية وكيف يهزم أعداءها بمواقفه. خافيير بارديم وزوجته بنيلوبي كروز أكثر من ممثل وممثلة. يخوضان معركة ضد التنميط الإسرائيلي الذي يتهم كل من يقف مع القضية الفلسطينية بأنه معاد للسامية. ولا يخشيان في الحق لومة لائم. وينتورث ميلير كسر قضبان السجن الذي تفرضه إسرائيل على التضامن مع الفلسطينيين، شارك منشورات وفيديوات تدعم الحقوق الفلسطينية. مارك روفالو يبدو فلسطينياً أكثر من “الكسول” والمتلكّئ محمود عباس. يتخطى في أفعاله ما يجب أن يقوم به رئيس دولة. نظّم حملة تواقيع لعريضة تطالب بإنزال عقوبات دولية على إسرائيل وحماية أهالي حي الشيخ جراح، نالت إلى الآن أكثر من مليون و700 ألف توقيع. 

هؤلاء وغيرهم كثر يخوضون هذه “الحرب” على الجبهات الافتراضية، التي لم تعد “افتراضية”، بل لها تأثيرها الفعلي الحاسم في الرأي العام العالمي، خصوصاً مع طاقة الصوت الفلسطيني الناطق بالإنكليزية، كما هي الحال مع الطفلة نادين عبد اللطيف أو مع الشاب محمد الكرد الذي أدهش كثيرين بقدرته على إخبار القصة الفلسطينية بطلاقة على شاشة “سي أن أن”. فهذا الصوت قادر على الوصول إلى الرأي العام الغربي، في أوروبا وأميركا تحديداً، والتأثير فيه خصوصاً مع مشاركة المشاهير هذه الأصوات المحكمة في قدرتها على سرد الألم الفلسطيني بوضوح وسلاسة وذكاء من دون تعقيدات ايديولوجية أو “لغوية”. وهذا كله لا يقلّ تأثيراً في الحرب عن الصاروخ والحجر والاشتباك المباشر. بل قد يكون أشدّ مضاضة على الإسرائيليين من “وقع الحسام (الصاروخ؟) المهنّد” على حد قول الشاعر العربي.

إقرأوا أيضاً: