fbpx

لبنان: شربل وهبة… أو اختناقنا بالعونية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

استحضر شربل وهبة “البداوة” كنمط ذم، وقذفها في وجه خصمه، وهو استحضار يشي ككل مرة، بهزيمة نفسية للمُتَهِم، وحين يكون الأخير لبنانياً يصير وقعها أكثر قساوة إذا ما أُتيح له…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

العونيون هم أكثر من يصنع الحدث اللبناني، وحين يتعذر ذلك على كبير صناعهم، لا ضير بأن يتكفل به شربل وهبة. وزير الخارجية اللبناني صنع في الأمس الحدث مُتكلفاً إشاحة النظر عن حدودنا الجنوبية إلى الداخل، ومطلقاً كلاماً بدا معه رأس الديبلوماسية اللبنانية، كمن ينزع الأخيرة عن فمه، ويُطلق اتهامات طاولت دول الخليج العربي، وتنكبت السعودية أكثر مفاعيلها.

ما قاله وزير خارجيتنا، والذي حاول التخفيف من وقعه اليوم بإلقائه على عسر فهمنا، ينطوي من دون شك على الكثير من الحقيقة، من الإرهاب الخليجي الذي صار التصاقه بالأنظمة مشقةً يكابد الجميع للخروج من تبعاتها، أو في سردية قتل الصحافي السعودي جمال الخاشقجي، فالنظام السعودي راهناً، حاضر بتفاوت في الحالتين. ولئن كان هذا النظام يبدو واحداً من مستثمرين كثر بالإرهاب وفصائله، من ممانعين وغير ممانعين، فهو في الثانية (مقتل الخاشقجي) لم يجد ما يتخفف به من وقع الجريمة سوى إلقاء تبعاتها على أمنيين من صلب نظامه.

    لكن حقيقة ما قاله الوزير وهبة، لا يحجب بالتأكيد أن سوقه بهذه الفجاجة يندرج في أكثر من سياق يبدو رد الفعل واحداً منها، وهو ناتج على الأرجح من أن ضيف القناة التلفزيونية الأميركية الآخر، وغير الرسمي بالمناسبة،  بدا أيضاً سلبياً تجاه مرجعية الوزير، وهو ما لا تغفره السياسة لوزير من صلب عمله حسن إدارتها، وهو أيضاً مؤشر عن حال ديبلوماسية لبنانية تُساق بهذه الرثاثة، فيما وظيفتها الأساسية رتق الاعتلال بين الدول، فكيف ذلك ونحن أمام  سلطة لبنانية تبحث لنفسها عن طوق نجاة اقتصادي يبدو النظام السعودي أهم من يملك ناصيته؟

ردود فعل اللبنانيين على كلام وزير الخارجية، لم تخرج عن مسار صار معلوماً، يتمثل بانشطارهم بين حبور ممانع وغضب في الجهة المقابلة.

سياق آخر يحتمله كلام وزير الخارجية اللبناني يتمثل في أن للعونيين قناعة راسخة ومغالية بأن المحور الذي يقيمون فيه راهناً، هو الملاذ الأخير لعروض عونية دأب العهد في الفترة الأخيرة على استدراجها، وبدا أن متنها رفع العقوبات عن جبران باسيل، واحتمالات مستقبله السياسي. وبدا غالباً أن رسوها على الفشل، يشكل دافعاً قوياً لمذمة عونية جديدة عالية النبرة، وخالية من أي سياق لا يتوفر في لحظة تقارب إيراني- سعودي، لكنه في المحصلة قراءة عونية مزايدة  تتلخص في أن أي تقدم لمحور الممانعة سينعكس إيجاباً على ملحقاته، لا سيما أن مؤشرات هذا التقدم يشي به التقارب المذكور، والذي يبدو أن السعوديين أكثر حاجةً إلى مآلاته.

إذاً، وكلازِمة ممانِعة، استحضر شربل وهبة “البداوة” كنمط ذم، وقذفها في وجه خصمه، وهو استحضار يشي ككل مرة، بهزيمة نفسية للمُتَهِم، وحين يكون الأخير لبنانياً يصير وقعها أكثر قساوة إذا ما أُتيح له، وهو متاح، إقامة مقارنة بسيطة بين ما صارته “البداوة”، وما هي عليه حال لبنانيته التي هي على الأرجح أولى هزائمه.

ردود فعل اللبنانيين على كلام وزير الخارجية، لم تخرج عن مسار صار معلوماً، يتمثل بانشطارهم بين حبور ممانع وغضب في الجهة المقابلة. وفيما تستحضِر الأخيرة الاغتراب اللبناني في دول الخليج، وفي المملكة العربية السعودية تحديداً، كأبرز ضحايا كلام الوزير، يرتفع عند الممانعين منسوب الكرامة التي لا تقيم وزناً للعيش وسبله، والتي تفترِض أن يُصهر في سبيلها كل شيء.

وأغلب الظن أن الحقيقة المجتزأة عن الإرهاب وأصوله وفروعه والمستثمرين فيه كما باشرها الوزير شربل وهبة، أو الجريمة المنظمة التي تتساوى أنظمة هذا الشرق في ارتكابها، لم تكن لتصنع حدثاً لولا أنها خرجت من فم وزير يقيم على رأس وزارة كرستها الأعراف اللبنانية سياديةً. وأغلب الظن أيضاً، إن حسُنت النيات، أن الأقدار العاجلة التي ساقت شربل وهبة إلى وزارة الخارجية بعد استقالة ناصيف حتي، هي التي أعسرت عليه العبور في سلوك ديبلوماسي هو بالضرورة العلاج  للكثير من التهافت السياسي الذي يتنكبه اللبنانيون، الذي كان يُنتظر أن يكون وهبة دواءه لا داءه.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.