fbpx

لبنان: الباسيليون الجدد و”الانتخابات السورية”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

المسيحيون الذين حطموا آليات نقل الناخبين السوريين، معلومو الانتماء، وهم تماماً مسيحيو الأنتي – باسيلية، لكن هؤلاء على الأرجح ضحايا نفسيين للمآل الراهن الذي وصلت إليه الحرب في سوريا…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كان جبران باسيل أكثر شخصية لبنانية تحدثت وطالبت بعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

 وبمعزل عن آليات هذه العودة التي يأتي كلام رئيس التيار الوطني الحر في أسفل مندرجاتها، وبمعزل أيضاً عن الغاية التي يستبطنها كلامه، والتي يمكن أن يُساق فيها حبر كثير، لكن باسيل رددها مراراً، فيما بدا خصومه المسيحيون تحديداً أكثر من تواطؤا على فكرته، وهذا لظن غالب في هذه القوى أن اللاجئ السوري هو بالضرورة، وغالباً، معارض للنظام، حتى نكبهم مشهد اليوم السوري الطويل المتمثل بتقاطر ناخبين سوريين لاجئين للاقتراع لبشار الأسد في الانتخابات الصورية التي جرت في السفارة فجرى الاعتداء على عدد من هؤلاء من قبل مناصرين لأحزاب مسيحية تحديداً القوات والكتائب.

     المشهد السوري لبنانياً، سينسحب بالتأكيد على مساحة هذا العالم، لكنه بيننا يتكثف أكثر بوقائع تفرضها الجغرافيا والتاريخ، واحتلال سوري ناهز الثلاثين عاماً، وهي وقائع كافية ليسلك الحدث السوري بيننا كما لو أنه أحد أقدارنا.

     بشار الأسد رئيساً لسوريا هي حتمية زمنية في السنوات القادمة، وهي حتمية لم تفض اليها الانتخابات السورية راهناً، حيث بوادرها تعود إلى اللحظة التي خسرت فيها الثورة السورية، وباعتلال ذاتي معطوفاً على “شطارة” حقيرة من النظام وحماته الإقليميين

    المسيحيون الذين حطموا آليات نقل الناخبين السوريين، معلومو الانتماء إذا ما اشتغلت السياسة على تصنيفهم، وهم تماماً مسيحيو الأنتي – باسيلية، لكن هؤلاء على الأرجح ضحايا نفسيين للمآل الراهن الذي وصلت إليه الحرب في سوريا، والتي أفرزت بالضرورة منتصراً، هو بشار الأسد، ومهزومين يقع هؤلاء في عديدهم، وها هم يُفرغون الهزيمة من جوفهم في المشهد الذي احتل ابصارنا، وبقراءة تشي غالباً باعتلال نفسي فرضته الهزيمة الناجزة للثورة السورية التي تكتب هذه الأيام آخر فصولها .

      بشار الأسد رئيساً لسوريا هي حتمية زمنية في السنوات القادمة، وهي حتمية لم تفض اليها الانتخابات السورية راهناً، حيث بوادرها تعود إلى اللحظة التي خسرت فيها الثورة السورية، وباعتلال ذاتي معطوفاً على “شطارة” حقيرة من النظام وحماته الإقليميين، حين أسقطوا على المشهد السوري تلك الفصائل الدموية التي تلاشى أمامها تباعاً ما باشره السوريون المعارضون ضد حكم الأسد على جدران درعا.

       هنا تماماً وجد السوريون أنفسهم بين إجرامين اثنين، وبتعبير أدق بين نظام قاتل لكنه محصن بوصاية دولية وفرتها روسيا سياسياً، وعسكرياً بشراكة ملتبسة مع إيران وأذرعها المذهبية، وبين معارضة اجتاحتها فصائل عدمية كانت أولى ضحاياها “الثورة” نفسها، هذا دون القفز أن الأخيرة حتى وهي توغل في وجدان الكثيرين، ظلت قاصرة عن انتاج معارضة سياسية متمرسة تتماهى مع سلمية بداياتها، او حتى في  إشهارها لعسكرتها. تأطير المعارضة في “الجيش السوري الحر”، هو قصور يتكأ بلا شك في اولى حيثياته، على ديكتاتورية مطلقة  لم تسمح بقيام احزاب سياسية معارضة يمكن أن تؤول إليها الزعامة في لحظة كالتي حاول فيها السوريون الانعتاق من “بعثهم”. وهو قصور حاولت درأه شخصيات معارضة معتبرة كرياض الترك وعارف دليلة وميشال كيلو، لكن نقاؤها الثوري توارى أمام معارضات كثيرة هي بالمحصلة صنيعة الدول التي صارت سوريا مختبراً لأطماعها، وهو ما شكل ايضاً رافداً إضافياً ونوعياً لنهاية تلك الثورة، واستقرارها في الوجدان على أسماء مدن ومناطق صنعت مهدها، وبثوريين كطراد الزهوري وعبد القادر الصالح (حجي مارع) وعبد الباسط الساروت .

     إذن، مع عدميتين متاحتين أمام السوريين، بدا أن الأخيرين اختاروا النظام قسراً كعدمية أكثر قابلية بالنسبة للعالم الذي خذل ثورتهم الوليدة وهي تعاين على ناسها مفعول “البراميل” حيناً، والسلاح الكيمياوي المحرم دولياً ألا على “غوطتهم” أحياناً، فيما انتهى “جيشها الحر” الذي تنكب الضابط حسين هرموش تأسيسه لحماية السوريين من جرائم الأسد، فصيلاً تحارب به تركيا خصومها داخل سوريا وخارجها.

      وأغلب الظن ، وحين يكون بديهياً أن يذهب مؤيدو النظام إلى بيعته في لحظة انتصاره المعلنة، فإن ما باشره سوريون كانوا حتى ماضٍ قريب يقيمون على نقيضه، وسيباشرون مثله  لاحقاً في سوريا، بتسليم أمرهم إلى جلادهم ، فإنما يذهبون إلى ذلك مدفوعين بهزيمة سكت العالم على فصولها الدموية المريعة، وهو ما يتماهى مع ما تنكبه مواطنون لبنانيون صنعوا اليوم المشهد الذي يؤشر إلى هزيمة نفسية أمام قوافل الآليات التي ستتيح لبشار الأسد أن يجثم على صدر سوريا في السنوات القادمة، ولو كواجهة شاحبة للأوصياء الذين يحكمونها في الظل.

إقرأوا أيضاً: