fbpx

العراق أعطى الفلسطينيين الكوفية وحرمهم حقوقاً كثيرة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مع أن الفلسطينيين في العراق يجدون أنفسهم في محيط قابل للتواصل والتحابب والعون، إلا أن القوانين العراقية، التي لم تعمل الحكومات المتعاقبة على تطويرها وإصلاحها، تجعل منهم مواطني درجة ثانية…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فوجئ الشاب العراقي أحمد حميد بأن الفنان الكوميدي المشهور محمد حسين عبد الرحيم ليس عراقياً بل من أصل فلسطيني. ولولا خروج عبد الرحيم لمطالبة رئيس الحكومة العراقية بمنحه الجنسية العراقية، لما عرف أحد من العراقيين أن نجم الكوميديا الذي تربوا على أعماله ونكاته فلسطيني الأصل، ويعيش منذ طفولته في العراق، حيث ولد عام 1955 في محلة “قنبر علي” التي تعد واحدة من المناطق التي تجمع فيها اللاجئون الفلسطينيون بعد هربهم من جرائم الاحتلال. 

مطالبة عبد الرحيم بالجنسية العراقية كشفت مدى تقهقر حقوق الفلسطينيين الذين يعيشون في العراق. فهم لا يتمتعون بكامل الحقوق التي يتمتع بها المواطن العراقي، والقانون العراقي لا يسمح بمنح الفلسطينيين الجنسية، ولهذا صوّت مجلس الوزراء على منح عبد الرحيم جواز السفر العراقي، لا الجنسية، وذلك لضمان حق عودته، وغيره من الفلسطينيين إلى وطنهم.

محمد حسين عبد الرحيم ليس الفنان الوحيد ذات الأصول الفلسطينية. هناك فنانون فلسطينيون آخرون لهم وجود فاعل في الساحة الفنية العراقية ولهم شعبية عالية في المجتمع العراقي، كجلال كامل الذي اشتهر في مسلسل “ذئاب الليل” وكان يلقّب بـ”أبو علج”، وبقي هذا اللقب متداولاً حتى اللحظة بين العراقيين، والفنان الكوميدي زهير محمد رشيد، المولود في العراق من أصول فلسطينية. 

الفلسطينيون جاؤوا إلى بغداد برفقة الجيش العراقي الذي شارك في الدفاع عن فلسطين في وجه هجوم العصابات الصهيونية، ومع انسحاب الجيش العراقي رافقه من فلسطين قرابة 3500 فلسطيني من حيفا وجنين واستقروا في العاصمة بغداد. 

نبيل محمد سمارة، المولود عام 1975، أب وأم فلسطينيين في بغداد، يروي معاناة ابيه الذي كان في الرابعة حين رافق جده وجدته للاستقرار في بغداد. يستذكر نبيل مفتاح بيت جده الذي بقي معلقاً في رقبة جدته حتى مماتها إذ حفرت قبيل هجرتها حفرة صغيرة أمام منزلها في حيفا ودفنت فيه ذهبها وبعض الأوراق الثبوتية على أمل العودة. أقفلت باب البيت ومفتاحه بقي معلقاً في رقبتها منذ ذلك الحين وحتى وفاتها في بغداد. 

ومع أن الفلسطينيين في العراق يجدون أنفسهم في محيط قابل للتواصل والتحابب والعون، إلا أن القوانين العراقية، التي لم تعمل الحكومات المتعاقبة على تطويرها وإصلاحها، تجعل منهم مواطني درجة ثانية. 

اندماج الفلسطينيين في المجتمع العراقي وصل إلى حد المصاهرة، فكثر من العراقيين تزوجوا من فلسطينيات والعكس بالعكس، ما انعكس بشكل ايجابي في السنوات الأخيرة مع إصدار قوانين تقر بحق العراقية بإعطاء الجنسية لابنائها من زواج فلسطيني أو أجنبي.

فالحكومات المتعاقبة لم توجد حلاً لسكن الفلسطينيين، بشكل ملائم، إلا ما قام به عبد الكريم قاسم، أول حاكم فعلي للعراق بعد الملكية، حين أنشأ 300 دار سكنية بمساحة 50 متراً مربعاً، ومن بعده الرئيس العراقي الأسبق احمد حسن البكر، الذي أنشأ مجمعاً سكنياً على نفقة وزارة البلديات، وكان الفلسطينيون خلال تلك الفترة يعيشون في بعض المدارس والمؤسسات الحكومية المهجورة. حتى أولئك الذين سمحت لهم أوضاعهم المادية بأن يسكنوا في منازل مستأجرة على حسابهم الخاص، لم يسمح لهم حتى بامتلاك خط هاتف أرضي حكومي، إلا من طريق مواطن عراقي وبقوا على هذه الحال حتى أصدر الرئيس الأسبق صدام حسين عام 2001، قراراً ينص على معاملة الفلسطيني كالعراقي، وجاء هذا القرار نتيجة ضغوط شخصيات فلسطينية منتمية إلى حزب البعث في العراق، طالبت بأن ينعم الفلسطينيون بحق التعامل والعمل في المؤسسات الحكومية وغيرها.

اندماج الفلسطينيين في المجتمع العراقي وصل إلى حد المصاهرة، فكثر من العراقيين تزوجوا من فلسطينيات والعكس بالعكس، ما انعكس بشكل ايجابي في السنوات الأخيرة مع إصدار قوانين تقر بحق العراقية بإعطاء الجنسية لابنائها من زواج فلسطيني أو أجنبي، لكن القانون لم يسمح بإعطاء الجنسية للفلسطينية المتزوجة من عراقي.

لكن بعض الحقوق البدهية للفلسطينيين غير مضمونة في كثير من القوانين العراقية، فإذا ما تعرض أي فلسطيني لعمل إرهابي أدى إلى مقتله أو إصابته بجروح فلن يشمله قانون ضحايا الإرهاب والأخطاء العسكرية كما هي الحال مع العراقي. 

يقول حسين خالد وهو شاب فلسطيني، إنه من العوائق التي تواجههم في العراق هي القوانين التي لا تتيح لهم حرية الحركة فالعشرات منهم ولدوا في بغداد إلا أن القانون الحكومي يعاملهم معاملة المقيم الاجنبي المطالب بتجديد إقامته كل شهرين. وعلى رغم أن حسين قد تخرج من كلية الإدارة والاقتصاد عام 2005، إلا أنه لم يجد فرصة عمل حكومية، وإن وجد فإن قانون التقاعد بعد إكمال خدمته لن يشمل أولاده في حال وفاته.

لكن أكثر ما يجمع الفلسطينيين والعراقيين هو الكوفية التي يقال إن تاريخها يعود إلى السومريين في أهوار العراق، وهو ما يؤكده الباحث أمير دوشي، الذي يقول إن السومريين كانوا يعيشون عند الأنهر والمسطحات المائية حيث استوطنوا، وصنعوا أغطية لرؤوسهم بشكل أشبه بالمشبك في رمزية إلى شباك صيد الأسماك باللونين الأسود والأبيض.

انتقلت هذه الكوفية بعد ذلك عبر التجار إلى بعض الدول العربية ومنها فلسطين وبدأ الفلسطينيون خلال فترة الانتداب البريطاني يشكلون خلايا جهادية يقاتلون فيها البريطانيين والعصابات الصهيونية، وقامت هذه الخلايا بارتداء الكوفية لتغطية الرأس والوجه ما عدا العينين، ولقب أعضاء هذه الخلايا بالفدائيين، وصار البريطانيون يطاردون كل من يلبس هذه الكوفية بسبب رمزيتها السياسية والعسكرية. وكرسها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات رمزاً للقضية الفلسطينية عبر ارتدائها بشكل دائم في المؤتمرات الدولية وخلال لقاءاته مع رؤساء العالم. ولم يفت ثوار حراك تشرين الأول/ أكتوبر 2019 في العراق أن يستخدموا هذه الكوفية نفسها، رمزاً للثورة، وللتخفي من عيون الميليشيات واستخبارات السلطة القمعية. 

إقرأوا أيضاً: