fbpx

العراق يصرخ: “من قتلني” هو نفسه سرقني!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

“من قتلني”، سؤال يوجهه هشام الهاشمي اليوم إلى صديقه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وسؤال توجهه، أم إيهاب الوزني، آخر شهيد في المحراب الحسيني في كربلاء إلى صاحب فتوى “الجهاد الكفائي”…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“من قتلني”!… هل من عبارة أوضح يمكن أن يوجه عبرها شباب ساحات الاحتجاج في العراق سؤالهم إلى حكومة بلدهم؟ فمنذ ثورة تشرين الأول/ أكتوبر 2019 إلى اليوم، نفّذ 33 اغتيالاً لنشطاء، و21 محاولة اغتيال، هذا غير قتل أجهزة الأمن والشرطة، وقناصة مجهولو الهوية، مئات المشاركين في التظاهرات خلال أيام الاحتجاجات. وتركز الاغتيال والقتل في بغداد وفي مدن الفرات الأوسط والجنوب. هم لا يوجهون اتهاماً للحكومة، لكنهم يوجهون إليها سؤالاً شديد السهولة، ومن المرجح ألا تجيبهم عليه.

اليوم قرر ثوار العراق معاودة النزول إلى الساحات وتوجيه هذا السؤال الواضح المباشر، والذي لا ينتظر جواباً، ذاك أن الجواب واضح ومعروف، إنما وظيفة السؤال الكشف عن تواطؤ السلطة، وحمايتها القتلة المعروفين بالأسماء وبالجهات التي تقف خلفهم، بالأسماء أيضاً. لا بل أنهم معروفو أماكن الإقامة، ومكشوفو الوجوه، وأوراقهم الثبوتية يتداولها العراقيون على هواتفهم الجوالة.

“من قتلني”، سؤال يوجهه هشام الهاشمي اليوم إلى صديقه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وسؤال توجهه، أم إيهاب الوزني، آخر شهيد في المحراب الحسيني في كربلاء، إلى صاحب فتوى “الجهاد الكفائي” التي امتدت مفاعيلها إلى ما بعد القضاء على “داعش”، والجميع يعلم أن الفتوى عينها صارت أحد حصون القتلة الذين يختبئ بعضهم خلف الحدود، وبعضهم الآخر في مراكز الفصائل الولائية في بغداد.

لن تنجح لجان مكافحة الفساد في عملها طالما أن الفاسدين تحميهم المعادلة الطائفية التي يقع “الحشد” في صلبها.

حال القتلة في العراق هي غير حالهم في بيروت، ذاك أنهم في بلاد الرافدين أقل حرصاً على إخفاء وجوههم، وبهذا المعنى لا ينتظر سؤال “من قتلني” جواباً يكشف هوية القتلة، فهو يقول إن السلطة قتلتني، والسلطة هناك مركب من صمت الحكومة وضعفها، والدور العميق لإيران، والأداة التنفيذية المتمثلة بفصائل يسميها العراقيون “ولائية”. لكن “من قتلني” يجب أن يتعدى ذلك، فالبلد، أي العراق، صار محكوماً اليوم بمعادلة “الحشد”، تماماً مثلما صار لبنان محكوماً بمعادلة “سلاح المقاومة”. الحشد صار أكثر أهمية من العراق نفسه، علماً أن الفتوى التي أنشأته فقدت مفاعيلها بعد هزيمة “داعش”. هذا الاستعصاء يواصل تذكيرنا بالاستعصاء اللبناني. فالتظاهر ضد الفساد سيشعر “الحشد” بأنه مستهدف، تماماً مثلما شعر “حزب الله” بأنه مستهدف بالتظاهر ضد الفساد في لبنان، فتوالت خطب أمينه العام، محذرة اللبنانيين من مغبة إسقاط السلطة. ذاك أن الدولة هنا وهناك هي دولة السلاح قبل أن تكون دولة المواطنين، وإسقاط سلطة الفساد سيعني لأهل السلاح، إسقاطاً للدولة التي تحتضنهم.

لن يكون العراق بلداً مستقراً في ظل معادلة “الجيش- الحشد”. لن تنجح لجان مكافحة الفساد في عملها طالما أن الفاسدين تحميهم المعادلة الطائفية التي يقع “الحشد” في صلبها. الفساد الذي قال رئيس الجمهورية برهم صالح بالأمس أن نحو 150 مليار دولار هي حجم فاتورته منذ سقوط دولة صدام حسين. وهنا نعود إلى حقيقة أن من يحمي القتلة يحمي أيضاً الفاسدين، وهذا تماماً ما ينطوي عليه السؤال العراقي المتمثل بـ”من قتلني”، أي أن الجواب هو أن “من قتلني” هو نفسه “من سرقني” وهو من رهنني إلى الخارج ومن منعني من التظاهر، ومن لقاء أهل محافظات الشمال والغرب. هذا ما يقوله المتقاطرون إلى ساحة التحرير في يوم السؤال العراقي الكبير: “من قتلني”؟        

إقرأوا أيضاً: