fbpx

حين سأل ميشال عون: “مين سمير قصير”؟!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“مين سمير قصير؟” يصير إذاً تهافتاً عونياً كان المغدور أول من باشر تقصيه حين كتب مقالته “عودة الأب الضال”، حيث شرِّح فيها شخصية ميشال عون العائد حينها من منفاه الباريسي، والتي تحولت بتقادم الزمن إلى سلوك عوني عام يملأ يومياتنا.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 يندر أن يتقاطع التوق إلى الحرية في لبنان وسوريا وفلسطين في شخصٍ كما في سمير قصير، إذ أتاحت الأبوة الفلسطينية، والأمومة السورية، رابطين بيولوجيين معطوفَين على انتماء لبناني بالهوية، أسست جمعاً، وفي تماس جغرافي مثقل بالاستبداد، باتت اتحاداً نحو الحرية في الجسد الذي تشظى اغتيالاً في الثاني من حزيران/ يونيو 2005.

16 عاماً، هو عمر ذلك الاغتيال الذي أتى ضمن مسار دموي عرفه لبنان بين العامين 2005 و2008، والذي استهدف شخصيات لبنانية مؤطرة في ما عرف حينها بقوى 14 آذار، لكن اغتيال سمير قصير بدا الأكثر جذرية في مسار الحرية التي أقام قصير رابطاً حتمياً لمآلها الذي يستحيل إنجازه، إلا من خلال مباشرة وقائعه جذباً بين لبنان وسوريا.

 هذا الاتحاد في شخص من خارج النمط السياسي السائد في لبنان، هو ما دفع النائب حينها ميشال عون إلى طرح سؤال مثقل بالسخرية أكثر مما يفترض السؤال من جهل بقصير، الذي كان بالضرورة شخصية أكثر من عامة، ومعروفة حتماً، إلا إذا أحلنا السؤال على عطب في ذاكرة عون، وحينها يصير الاستفهام مشروعاً طالما صدر عن ذاكرة مثقوبة.

واغتيال سمير قصير يأتي غالباً عن هذه المواءمة بين مساري الحرية في البلدين التي كانت تشكل الفكرة العميقة في عقله، وهو أعطاها بعدها العملي حين أتاح مع صديقه الياس خوري لمعارضين سوريين منصة إعلامية في ملحق جريدة “النهار”، الذي تحول إلى ما يشبه النشرة السورية التي تؤرخ للاستبداد الأسدي.

16 عاماً، هو عمر ذلك الاغتيال الذي أتى ضمن مسار دموي عرفه لبنان بين العامين 2005 و2008.

     وتقصي  التأثير الذي باشرته “النهار” على النظام السوري يعثر عليه المرء في الأمر السوري لرفيق الحريري بوقف مساهمته المالية في الجريدة، وهو ما فعله، وكان الأمر  على الأرجح أقسى ما كان يملكه نظام الأسد في تلك الفترة، قبل أن يُستباح لبنان اغتيالاً، والذي كان جبران تويني وسمير قصير ضحيتين في مساره الدموي، والمفارقة أن تويني تحديداً تم ذكره بالاسم من قبل بشار الأسد، وهو ما يستدعي استنتاجاً راجحاً أن سمير قصير هو بالضرورة مقيم  في صورة الغضب، التي أقامها الأسد على أصحاب الرأي الذين صارت “النهار” ملاذهم التعبوي ضد النظام السوري وملحقاته اللبنانية، وهذا تماماً في تماس زمني مع سؤال ميشال عون “مين سمير قصير؟”      .

“مين سمير قصير؟” يصير إذاً تهافتاً عونياً كان المغدور أول من باشر تقصيه حين كتب مقالته “عودة الأب الضال”، حيث شرِّح فيها شخصية ميشال عون العائد حينها من منفاه الباريسي، والتي تحولت بتقادم الزمن إلى سلوك عوني عام  يملأ يومياتنا. وهذا بلا شك ما يرفع جداراً سميكاً بين “الثوري”، الذي باشره لبنانيون كثر كسمير قصير، وبين سياسيين آلت إليهم سيادة المشهد حينها، ثم لم يلبثوا أن تواطأوا مع الجزء الآخر من الانشطار، وبين مؤسسين للقعر الذي نعيشه راهناً، وهو ما لمسه قصير حين دعا إلى “انتفاضة داخل الانتفاضة”.

     في الثاني من حزيران 2005، وكتكرار لمضبطة الاتهام التي لا تني الممانعة وصنوفها على الإدلاء بها، كانت إسرائيل حاضرة. الأخيرة هي التي اغتالت سمير قصير، والمؤشرات هذه المرة كانت بلا شك تسعف الممانعين حين يكون المغدور مقيماً في هوى فلسطين وحريتها، والذي تحفل به سيرته الفكرية والثقافية منذ يفاعته، لكن الأمانة تقتضي القول إن هذا الهوى تراجع أمام مثيليه السوري واللبناني، وهو ما فرضه على الأرجح تدني المنسوب الثوري في القضية الفلسطينية لمصلحة “الدولة الصغيرة” التي نتجت عن اتفاق اوسلوا، ثم تغول النظام الأمني في سوريا ولبنان مع وصول بشار الأسد إلى حكم سوريا، وإميل لحود في  لبنان، وهو ما أتاح لشخصية سمير قصير المسكونة بالثورة، سلوك مسارها حتى الموت.

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!