fbpx

شربل خوري: وجهة نظر أخرى

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

حالات كحالة شربل خوري ستبقى ماثلة في حياتنا، وستبقى قيداً على حرّيّاتنا، ما لم يحصل نهوضٌ مستنيرٌ ونقديّ في بيئة الأكثريّة، نهوضٌ يراجع ويتحمّل النقد والسخرية. هذا ما لا يزال بعيداً جدّاً. أغلب الظنّ أنّ الانتصار الظافر للثورات المضادّة العربيّة سيجعل البعيد أبعد.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كلّ التضامن مع الشابّ شربل خوري (والصحافيّة جوي سليم). كلّ الحقّ ينبغي أن يكون مصاناً للذي ينقد أو يسخر من أيّ شيء بالمطلق. الأنبياء والقدّيسون أنفسهم نقدوا ما كان مقدّساً قبلهم وسخروا منه.

معاقبة شربل خوري على ما فعلَ عملٌ يجمع بين السخافة والتخلّف والنوازع القمعيّة. منعه بقرار قضائيّ من الحضور على مواقع التواصل الاجتماعيّ واستدعاؤه إلى “مكتب مكافحة جرائم المعلوماتيّة” فيهما من المأساويّ ما فيهما من الملهاويّ. أن لا يُعاقَب مُهدّدوه يرشّ ملحاً كثيراً على الجرح.

هذا لا ينبغي أن يُعمينا عن حقائق أعرض يقود عدم الانتباه إليها إلى الاكتفاء بترديد عموميّات صائبة في ما خصّ الحرّيّات، وبترديد صرخات مُحقّة على مواقع التواصل. إنّه يقود أيضاً إلى وعي يشبه وعي منظّمات الأمم المتّحدة: صائب وأخلاقيّ إنّما مبسّط وغافل عن الظروف المحيطة. في هذه الغضون تتكرّر معاناة شربل خوري في معاناة آخرين. العجز عن تلافيها يتكرّر أيضاً.

فلنُسمِّ الأمور بأسمائها الصريحة: إنّ القوّة التي يكتسبها الوعي القمعيّ والمتخلّف في البيئة المسيحيّة، والذي تستجيب له مؤسّسات رسميّة، ناتجة عن شعور بالاستهداف، بعضه فعليّ وبعضه مضخّم أو متخيّل. وراءنا “التهميش المسيحيّ” ثمّ “التحالف الرباعيّ”: هذا إذا لم نكن ممّن يصدّقون أنّ “العهد القويّ” والسياسات الباسيليّة أعادت أمور الطوائف إلى نصابها. أصحاب هذا الإحساس بالاستهداف يُحيلوننا مباشرة إلى “أوضاع المسيحيّين في الشرق الإسلاميّ”. وبالضبط لأنّ استهدافهم سهل يصير استهداف مقدّساتهم أسهل. يقارنون بين استسهال التجرّؤ على الرموز الدينيّة للمسيحيّين وصعوبة التجرّؤ على الرموز الدينيّة للمسلمين. يذكّرون بالرسوم الكاريكاتوريّة الدانمركيّة وما حصل في بيروت يومذاك. يذكّرون بشريط طويل يبدأ بسلمان رشدي ويستمرّ في التفاقم يوماً بعد يوم.

قد يقال إنّ هذا سباق في التخلّف وفي القمعيّة: مَن منّا يحرز قصب السبق في الانحطاط؟ صحيح. لكنّ هذا هو ما تفعله الهويّات وصراع الهويّات ممّا يجثم على منطقتنا وأبنائها بكلّ ثقله. الهويّات وحروبها لا تنتج شيئاً أفضل، ولا يُتوقّع منها شيء أفضل.

في هذا المناخ، يغدو استهداف رموز المسيحيّين، وهم الأقلّية التي ينتابها الشعور بالاستضعاف، مقدّمة لمزيد من التشنّج المسيحيّ. لمزيد من البارانويا المسيحيّة. إنّه يغدو سبباً لقوّة إضافيّة تكتسبها الأطراف الأشدّ رجعيّة وتخلّفاً وطائفيّة في أوساط المسيحيّين. الباسيليّة في مقدّم المستفيدين.

التأويل المبسّط لكلام كهذا هو الذي يختصره إلى معادلة من نوع: الطريق إلى نقد مار شربل تمرّ بالضرورة بنقد عليّ بن أبي طالب وعمر بن الخطّاب. المقصود شيء آخر أعقد: المقصود أنّ حالات كحالة شربل خوري ستبقى ماثلة في حياتنا، وستبقى قيداً على حرّيّاتنا، ما لم يحصل نهوضٌ مستنيرٌ ونقديّ في بيئة الأكثريّة، نهوضٌ يراجع ويتحمّل النقد والسخرية. هذا ما لا يزال بعيداً جدّاً. أغلب الظنّ أنّ الانتصار الظافر للثورات المضادّة العربيّة سيجعل البعيد أبعد.

إنّ قابليّة الأقلّيّة لأن تُصاب بعدوى الأكثريّة كبيرة جدّاً. ما يصحّ في الجزيرة المسيحيّة قياساً بالمحيط المسلم يصحّ في لبنان قياساً بعالمه العربيّ. تحسُّن الأخير يحسّن الأول. تراجعه يجعل لبنان، ويجعل الأقلّيّات، أشدّ تراجعاً. افتراض أنّ المسيحيّين يمكنهم أن يُقلعوا تقدّميّاً وسط هذا الانحطاط الشامل هو مجرّد وهم، وهو أحياناً يعبّر عن عنصريّة مقلوبة تفترض في المسيحيّين قوّةً وقدراتٍ لا يملكونها. المنطقة وحدها هي التي تملكها. شربل خوري وآخرون، قبله وبعده، يدفعون أكلاف هذا التخثّر الذي يصيب الوعي الإسلاميّ للمنطقة، واستطراداً، وبالتالي، وعيها المسيحيّ.

 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.