fbpx

إسرائيل: جمهورية يعقوب قد تكرر مشهد الكابيتول

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

إذا ما تكرر مشهد مبنى الكابيتول في واشنطن، بعد إعلان هزيمة دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية، في الكنيست الإسرائيلي أثناء تقديم نفتالي بنيت تشكيلته الحكومية، وهو ما توقعه جنرال في الشرطة الإسرائيلية، فإن العالم سيتيقن أن ترامب لم يكن عارضاً طارئاً يمكن تجاوزه ما أن يخسر الانتخابات.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 ما وجه جاكوب، المستوطن الذي غزا حي الشيخ جراح، سوى امتداد لوجوه الرجال البيض الذين حطموا قاعة الكابيتول في ذلك اليوم الحالك في حياة أميركا. فالسنوات الأربع التي أمضاها الرجل في البيت الأبيض كادت تأتي على قيم دأب العالم على تثبيتها على مدى قرون. 

احتمال أن يتكرر المشهد في الكنيست الإسرائيلي ليس ضئيلاً في ظل خطاب بنيامين نتانياهو التكفيري، والذي اتهم فيه بنيت بعبارات لا تقل سوقية عن تلك التي ساقها دونالد ترامب بحق جو بايدن في ذلك الوقت. كل العناصر متوافرة لأن يتكرر المشهد. رجل شعبوي وخطاب تعبئة لا يقيم وزناً لشيء سوى لمحاولة تفادي الخسارة، واحتقان سياسي بعد الحرب على غزة، وقطعان من مستوطنين جشعين ولاهثين وراء منزل يقتنصونه من أصحابه، وخسارة المنصب بالنسبة إلى الرئيس الخائب تعني احتمال مثوله أمام المحكمة ودخوله السجن.

وإسرائيل أقل حصانة من الولايات المتحدة من الحمى الترامبية، ذاك أن واشنطن أصيبت فيها على وقع توترات داخلية لا يتعدى عمرها عمر ولاية ترامب، أما تل أبيب، فمنذ دحرها اليسار، ومباشرتها الحرب على اتفاقيات أوسلو، وقتلها إسحاق رابين، وهي تؤسس للوعي “الجاكوبي”. وما نتانياهو إلا أحد عوارض هذه الحمى، وبنيت نفسه ليس بعيداً منه، فهو يريد إسرائيل الكبرى وتعزيز الاستيطان، ويريد القدس، كل القدس. وبهذا المعنى بنيت ليس تجاوزاً لنتانياهو، إنما امتداد له وتجديد لخطابه.

ما وجه جاكوب، المستوطن الذي غزا حي الشيخ جراح، سوى امتداد لوجوه الرجال البيض الذين حطموا قاعة الكابيتول في ذلك اليوم الحالك في حياة أميركا.

إسرائيل اليوم تمر بمرحلة عصيبة فعلاً، والاستجابة الدولية النادرة لمشهد الضحية الفلسطينية خلال مواجهات الشيخ جراح وحرب غزة، ستلاقي مزيداً من الأصداء في ضوء تكريس جاكوب صورته بوصفه الإسرائيلي العادي، وبوصف وظيفته كمستوطن تفوق بأهميتها وظيفة ابن تل أبيب بعدما فقد الأخير قيمته السياسية. وإذا ما تكرر مشهد الكابيتول في تل أبيب سيتسارع المسار الانحداري لما تمثله الدولة العبرية للعالم الغربي.

ويبدو أن إسرائيل لم تلتقط بعد حقيقة أن العالم باشر أعمال تفكيك الإرث الترامبي. موقف واشنطن خلال حرب غزة كان مؤشراً على أن ثمة فرصة للثأر من رجل ترامب الأول في الشرق الأوسط، أي بنيامين نتانياهو. وترامب “الخارج” لا يقل خطراً على أميركا من ترامب “الداخل”. عملية التفكيك لن تقتصر على استئناف مفوضات فيينا حول الملف النووي الإيراني. فلنراقب ما يحصل في تركيا، وبداية تبدد أحلام رجب طيب أردوغان بالبقاء في السلطة، ولنراقب أيضاً الفتور في العلاقة بين واشنطن ودول الخليج العربي. 

نتانياهو ليس بمنأى عن هذا المسار الانتقامي، لكن إسرائيل أمام مأزق آخر يتمثل في جاكوب، ذاك أن الأخير هو المواطن في حكومة بنيت أيضاً، ورئيس الحكومة العتيد لا يملك أفقاً آخر يقترحه على العالم، والعلاقة “الخاصة” بين إسرائيل وبين العالم بدأت فعلاً تتعرض لاهتزازات وأسئلة، وبدأت أجيال جديدة تفقد قناعتها بهذه العلاقة. 

دولة المستوطنين ستواصل مهمتها في ظل الحكومة الجديدة، وبنيت ليس لديه شيء مختلف ليعرضه على الشريك الفلسطيني، هذا في وقت بدأنا نلتقط مؤشرات مختلفة لدى هذا الشريك. لدينا جيل فلسطيني جديد عابر للخط الأخضر، ولدينا دور مختلف لمصر وموقع متحرك لـ”حماس”، والأهم من هذا كله، رأي عام عالمي قابل للتوظيف في حال استطاع الفلسطينيون صياغة شروط عودتهم إلى حل الدولتين. المهمة الفلسطينية ليست سهلة، لا بل هي شديدة التعقيد، ولكن دونها مزيد من تقهقر القضية.    

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!