fbpx

بغداد: مصادفة الإفراج عن مصلح في يوم زيارة قاآني

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

إطلاق سراح قاسم مصلح حصل قبل يومٍ واحدٍ من وصول قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني إلى بغداد، وهذه مصادفة طبعاً، لكنها مصادفة تشجع على التسرع في الاستنتاج!

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

السجال الذي شهدته بغداد بين حكومتها وقضائها حول ملابسات إطلاق سراح القيادي في “الحشد الشعبي” المقرب من الحرس الثوري الإيراني قاسم مصلح، والذي اشتبهت الحكومة بوقوفه وراء قتل الناشط الكربلائي إيهاب الوزني، فما كان من القضاء إلا أن برأه وأطلق سراحه، هذا السجال كاشف للحقيقة العراقية، المتمثلة في أن الدولة العميقة في العراق تسوقها طهران إلى حيث تريد، وما الحكومة سوى مظهر غير فاعل إذا ما وُضعت أمام امتحان القرار. فالرجل، أي قاسم صالح، ليس من قيادات الصف الأول في الفصائل الولائية، لا بل أنه ليس من قيادات الصف الثاني، وعلى رغم ذلك أبت الدولة العميقة إلا أن تعطي درساً لمن تسوله نفسه التطاول على أذرع طهران في العراق. 

وسبقت الإفراج عنه عراضة مسلحة شهدتها المنطقة الخضراء في بغداد، وهي المساحة السيادية الأشد كثافة في العاصمة العراقية، حيث أقدمت الفصائل الولائية على محاصرتها مع ما تضم من مقار سيادية وديبلوماسية وأمنية. وقال أصدقاؤنا من النشطاء العراقيين في حينها إن المسلحين انسحبوا بعد تلقيهم وعوداً بالإفراج السريع عن مصلح، ولم نصدقهم في حينها، وإذ بهم اليوم صادقون. 

الحكومة قالت بوضوح وشفافية إنها أوقفت مصلح بناء على قرائن تقدمت بها إلى القضاء، وقرار توقيفه اتخذه قاضٍ، وهذا الأخير ما كان ليوقفه لولا اقتناعه بالقرائن التي تقدمت بها الحكومة. وبعد أسبوعين، قال القضاء أن لا أدلة على تورطه بالجريمة، وأقفل التحقيق! حصل ذلك قبل يومٍ واحدٍ من وصول قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني إلى بغداد، وهذه مصادفة طبعاً، لكنها مصادفة تشجع على التسرع في الاستنتاج!

والحال أن واقعة يوم الأربعاء (9/ 6/ 2021) العراقي لا تقتصر في فظاعتها على اختلال العدالة وعلى فجيعة أم إيهاب التي قدمت شهادتها واتهمت مصلح بالتورط بقتل ابنها، إنما بما يعنيه الإفراج عن الرجل من حصانة تتمتع بها جماعات القتل في العراق. فبعد الإفراج السهل والسريع عن مصلح سيشعر الراغبون بالقتل أن الحصانة لا تقتصر على حماية فصائلهم لهم بعد ارتكاباتهم، إنما القضاء أيضاً صار موظفاً في خدمتهم. القتل سيصبح أسهل، والضجيج المُثار حوله سيكون جعجعة بلا طحين!

الحكومة قالت بوضوح وشفافية إنها أوقفت مصلح بناء على قرائن تقدمت بها إلى القضاء، وقرار توقيفه اتخذه قاضٍ، وهذا الأخير ما كان ليوقفه لولا اقتناعه بالقرائن التي تقدمت بها الحكومة.

يُحسب للحكومة العراقية بيانها الذي ألمح لعدم اقتناعها بقرار القضاء، والذي قال إنها قدمت الأدلة الموجبة لتوقيف قاسم مصلح، لكن البيان يكشف أيضاً أن الحكومة، وهي دستورياً رأس السلطة التنفيذية ورئيسها هو القائد العام للقوات المسلحة، ليس بيدها الأمر، وأن ثمة من هو أكثر قدرة منها على انتزاع القرار.

النشطاء العراقيون صاروا، بعد قرار الإفراج عن مصلح، في العراء تماماً، مكشوفي الضهر للقاتل المتجول من البصرة إلى بغداد. لن تكون أم إيهاب في مأمنٍ عن رغبة الرجل “البريء” بالانتقام، والصحافيون الاستقصائيون العراقيون الذين عملوا بدأب على توثيق الجريمة ونشر أسماء مرتكبيها ووجوههم، سيغادرون العراق كما سبق أن فعل عشرات مثلهم من أهل المهنة.

لكن السؤال في ظل هذه الحقيقة هو، إلى أين يذهب العراق في ظل هذا المشهد السافر؟ الانتخابات على الأبواب، وقاآني وصل إلى بغداد لـ”ترتيب البيت الشيعي قبل هذه الانتخابات”، على ما تسرب من أخبار! إذاً لن يكون الانتخاب سوى مناسبة لصياغة مشهد سياسي للسلطة العميقة. المشهد نفسه الذي تولى تبرئة قاسم مصلح، والكتل النيابية نفسها التي تستقبل قائد فيلق القدس وتفاوضه على أحجامها! أما انتفاضة تشرين وما أفرزته من خرائط في المدن الشيعية المنتفضة، والتي كان يفترض أن تكون الانتخابات فرصة لاختبار حجمها التمثيلي، فقد تم التعامل معها تماماً مثلما تم التعامل مع الثورة الخضراء في طهران، وعلى نحو أشد قسوة مما فعل “حزب الله” في لبنان مع انتفاضة تشرين اللبنانية.

إنه السياق السياسي لواقعة الإفراج عن قاسم مصلح.   

إقرأوا أيضاً: