fbpx

طوق تضامن حول قلب إيريكسن المتوقّف… حفاظاً على خصوصيّته

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ليس كل ما يحدث في مساحة عامة يجب أن يكون متاحاً للعموم، فإيريكسين تعرّض لعارض صحي خاص في مساحة عامة، تماماً كما قد يحصل في التظاهرات عند إطلاق النار على أحدهم أو في حادث سير تنتج عنه إصابات.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

سقط كريستيان إيريكسين أرضاً، توقف قلبه، وتوقفت معه قلوب ملايين مشجعي كرة القدم حول العالم.

حدث هذا ليلة السبت 12 حزيران/ يونيو في اليوم الثاني لافتتاح Euro2020، الذي يقام حالياً في 11 بلداً أوروبياً، بعد تأجيله 12 شهراً بسبب جائحة “كورونا”، وبعد غياب طويل عن الملاعب، عادت الجماهير تدريجاً إلى مدرجات بطولة أمم أوروبا.

المباراة كانت تجمع الدنمارك مع فنلندا في افتتاحية المجموعة في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن.

في الدقيقة 45 من الشوط الأول، وقع كريستيان أرضاً، أمام الجماهير وأمام زملائه، شعر الجميع بأن شيئاً ما في القلب حدث، فهذه حوادث تحصل أحياناً للاعبي كرة القدم، وكثر منهم لا ينجون، إلا أن السرعة التي أوقف فيها الحكم المباراة وجودة الفريق الطبي الدنماركي وسرعته، نجحت في إسعاف إيريكسين.

ركض الفريق الطبي الدنماركي إلى أرض الملعب وسط ذهول جماهيري، وبكاء اللاعبين من الفريقين، وقام بإنعاش قلبه لمدة 15 دقيقة، بعدها استطاع إيريكسين أن يفتح عينيه ونقل إلى المستشفى.

لكن الحادثة الصحية/ الإنسانية التي أصابت إيريكسين قُرئت من زوايا عدة، فخلال 15 دقيقة كان هناك نقل تلفزيوني حي للواقعة.

ماذا يفعل اللاعبون والمخرج والجمهور في هذا الحالة، أمام شخص مريض متوقف قلبه تجرى له عملية إنعاش حية، يمكن أن يموت في أي لحظة على الهواء، أمام أهله وعائلته وملايين المشاهدين حول العالم، فأين خصوصية المريض!؟

بعد وصول الفريق الطبي، قام قائد المنتخب الدنماركي وقلب دفاع فريق ميلان سيمون كيير بإشارة إلى زملائه كي يقفوا بشكل دائري حول اللاعب والفريق الطبي، فبدا وكأن زملاء إيريكسين يشكلون عيادة طبية خاصة في ظل عملية إنعاشه داخل الملعب. وكانت تلك الخطوة اللافتة تعبيراً عن أهمية حماية خصوصية اللاعب في لحظة حرجة كهذه. كما أن المخرج بدأ خلال 15 دقيقة يجول بعدساته حول اللاعبين والجمهور والفريق الطبي من دون أن يركز على اللاعب المغمى عليه أرضاً.

علق المدير التنفيذي لمنظمة “سميكس” محمد نجم على الحادثة من زاويته الخاصة قائلاً:

“ما حدث في المباراة بين فنلندا والدنمارك هو ممارسة تلقائية وسريعة للخصوصية، عندما فقد إيريكسين وعيه، تكتل الفريق حوله لحجب الرؤية في حين كان يتم إنعاشه، كذلك الأمر عندما تم حمله إلى خارج الملعب، كما أن المخرج أبعد الكاميرا سريعاً منه، بعد وقوعه أرضاً، من دون أن يزعج زوجته التي كانت في الملعب، أقول  للمواطن أو الصحافي الذي يشاهد أحداً في أزمة، فلتطغَ إنسانيتكم على الحدث، واحترموا خصوصية المريض أو الجريح أو المتظاهر، فلا تعمدوا إلى أخذ سكوب اعلامي على حساب الخصوصية”.

ويوضح نجم لـ”درج”، “ليس كل ما يحدث في مساحة عامة يجب أن يكون متاحاً للعموم، فإيريكسين تعرّض لعارض صحي خاص في مساحة عامة، تماماً كما قد يحصل في التظاهرات عند إطلاق النار على أحدهم أو في حادث سير تنتج عنه إصابات. يجب التفريق بين التوثيق وانتهاك حقوق الإنسان في التظاهرات، وبين لاعب أصابه عارض صحي في مباراة منقولة على الهواء وتجب المحافظة على خصوصيته. وما قام به زملاء اللاعب والحكم والمخرج وزوجته يبين أن الخصوصية هي مجتمعية أيضاً”.

في هذا الوقت، كان العالم الرياضي كله يتضامن مع إيريكسين، من كبار أندية الدوري الإنكليزي، وزملائه في نادي إنتر ميلانو الإيطالي، كريستيانو رونالدو أيضاً وغيرهم كثيرون.

بعد المباراة، كانت في روسيا مباراة بلجيكا وروسيا، حيث سجل المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو هدفاً في مرمى روسيا في الدقيقة العاشرة، وركض صوب الكاميرا صارخاً “كريس كريس، أحبك”.

لاعب بولتون السابق فابريس موامبا كتب “أرجوك يا رب”، وهو يعلم تماماً ما مر به كريستيان، لأنه عاش الأزمة ذاتها عام 2012 في مباراة جمعت فريقه مع نادي توتنهام في بطولة كأس الاتحاد الإنكليزي، لكنه لم يلمس الكرة من بعدها بل اضطر إلى الاعتزال. 

لا نعرف حتى الآن ما تداعيات الحادثة على إيريكسين وإن كان سيعود يوماً إلى لعب الكرة أو لا، ولكن لا شك في أن حظه أسعفه في البقاء على قيد الحياة.

لا نعرف حتى الآن ما تداعيات الحادثة على إيريكسين وإن كان سيعود يوماً إلى لعب الكرة أو لا، ولكن لا شك في أن حظه أسعفه في البقاء على قيد الحياة، بعكس اللاعب الإيفواري الشيخ اسماعيل تيوتي، لاعب نيوكاسل يونايتد السابق، والذي توفي في أرض الملعب عام 2017، خلال حصة تدريبية مع فريقه الصيني بيغينغ سبورت، عن عمر يناهز 30 سنة.

فابريس موامبا، بافيتيمبي جوميس، مارك فيفيان فويه، أنطونيو بويرتا، شيخ تيوتي ميكلوس فيهر، هؤلاء لاعبون أصابتهم أزمات قلبية خلال ممارسة كرة القدم، بعضهم عاش وعاد إلى العب من جديد، فيما اضطر آخرون للاعتزال، إلا أن هناك من فقد حياته إزاء هذه الوعكة الصحية. وهذا أحد الجوانب الحزينة من هذه الرياضة الرائعة.

إنه الجانب الذي يعبّر عنه وجه زوجة إيريكسن وهي تبكي فيما كان قائد الفريق سيمون كيير يحتضنها.

إقرأوا أيضاً: