fbpx

التنوع الأحيائي وتغيّر المناخ… الحلول تبدأ بتغيير عاداتنا

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كلما زاد ارتفاع درجة حرارة العالم، قلّ الغذاء ومياه الشرب. اليوم تزداد المخاوف بشأن قدرة الطبيعة على الاستدامة وإنتاج الغذاء وحماية النظم البيئية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

خلص تقرير دولي حول تغير المناخ والتنوع الأحيائي إلى أن تغير المناخ الناتج عن النشاط البشري يهدد الطبيعة ودورها في حياة الناس بشكل متزايد، بما في ذلك قدرتها على المساعدة في تخفيف تغير المناخ. وجاء التقرير الذي أعده “المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم البيئية” (IPBES) و”الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ” (IPCC)، فيما تزداد المخاوف بشأن قدرة الطبيعة على الاستدامة وإنتاج الغذاء وحماية النظم البيئية. وعمل 50 باحثاً وعالماً على إعداد التقرير الجديد، لمدة خمسة أشهر متتالية، ناهيك بأيام ورشات عمل افتراضية شهر كانون الثاني (ديسمبر الماضي) من أجل وضع التقرير، وفيه المبادرات والحلول المقترحة للحد من التدهور البيئي، أمام صناع القرار والإعلام والرأي العام. 

وخلص تقرير “التنوع الأحيائي وتغير المناخ” إلى أن السياسات السابقة عالجت إلى حد كبير فقدان التنوع البيولوجي وتغير المناخ بشكل مستقل عن بعضهما بعضاً، مؤكداً أن معالجة أوجه التآزر بين التخفيف من فقدان التنوع الأحيائي وتغير المناخ، مع مراعاة آثارهما الاجتماعية، يوفران أفضل فرصة لتحقيق أهداف التنمية العالمية وفوائدها.

وبحسب الرئيس المشارك للجنة التوجيهية العلمية التي أشرفت على إنجاز التقرير، البروفيسور هانز أوتو بورتنر، “إن تغير المناخ الذي يسببه الإنسان يهدد الطبيعة وإسهاماتها في حياة الناس بشكل متزايد، بما في ذلك قدرتها على المساعدة في تخفيف تغير المناخ. وكلما زاد ارتفاع درجة حرارة العالم، قلّ الغذاء ومياه الشرب وغير ذلك من المساهمات الرئيسية التي يمكن أن تقدمها الطبيعة لحياتنا”. وقال هانز أوتو بورتنر، “إن التغيرات في التنوع الأحيائي، تؤثر بدورها في المناخ، لا سيما من خلال التأثيرات في دورات النيتروجين والكربون والمياه”. 

وأوضح أنه لا تزال هناك إمكانية لتحقيق مستقبل عالمي مستدام للناس والطبيعة، إنما يتطلب ذلك تغييراً تحويلياً عبر إجراءات سريعة وطويلة المدى بشكل لم تتم تجربته من قبل، بناءً على التخفيضات الطموحة للانبعاثات. إن إيجاد حلول قوية وواضحة لبعض الأمور، سيستلزم مقايضات لا مفر منها بين المناخ والتنوع الأحيائي. ويقتضي ذلك تحولاً جماعياً عميقاً للقيم الفردية والمشتركة المتعلقة بالطبيعة مثل الابتعاد من مفهوم التقدم الاقتصادي القائم على نمو الناتج المحلي الإجمالي حصراً، إلى مفهوم يوازن بين التنمية البشرية وقيم الطبيعة المتعددة من أجل نوعية حياة جيدة، مع عدم تجاوز الحدود الفيزيائية الحيوية والاجتماعية.

 ” تغير المناخ الذي يسببه الإنسان يهدد الطبيعة وإسهاماتها في حياة الناس بشكل متزايد، بما في ذلك قدرتها على المساعدة في تخفيف تغير المناخ.

ويحذر مؤلفو التقرير من أن الإجراءات ضيقة التركيز لمكافحة تغير المناخ يمكن أن تضر بالطبيعة بشكل مباشر وغير مباشر والعكس صحيح، ولكن هناك تدابير كثيرة من شأنها أن تقدم مساهمات إيجابية كبيرة في كلا المجالين (تغير المناخ والتنوع الأحيائي). ومن بين أهم الإجراءات المتاحة المحددة في التقرير العلمي هي:

إيقاف فقدان وتدهور النظم البيئية الغنية بالكربون والأنواع على الأرض وفي المحيط، تحديداً الغابات والأراضي الرطبة والأراضي الخثية والأراضي العشبية والسافانا؛ النظم البيئية الساحلية مثل المنغروف والمستنقعات المالحة وغابات عشب البحر ومروج الأعشاب البحرية؛ وكذلك موائل المياه العميقة والكربون الأزرق القطبي. ويسلط التقرير الضوء على أن الحد من إزالة الغابات وتدهورها يمكن أن يساهم في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي يسببها الإنسان، من خلال نطاق واسع من 0.4 إلى 5.8 جيغاطن من مكافئ ثاني أوكسيد الكربون كل عام.

وتعد استعادة النظم البيئية الغنية بالكربون والأنواع من بين أرخص التدابير وأسرعها لتخفيف حدة المناخ القائم على الطبيعة. وتوفر هذه النظم البيئية موئلاً تشتد الحاجة إليه للنباتات والحيوانات، لأنها تعزز مرونة التنوع البيولوجي في مواجهة تغير المناخ، ناهيك بفوائد أخرى مثل تنظيم الفيضانات وحماية السواحل وتحسين جودة المياه وتقليل تآكل التربة وضمان التلقيح. وبإمكان استعادة النظم البيئية أيضاً خلق فرص العمل والدخل، لا سيما عند مراعاة احتياجات الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية وحقوق الوصول إليها. 

زيادة الممارسات الزراعية والغابات المستدامة لتحسين القدرة على التكيف مع تغير المناخ، وتعزيز التنوع البيولوجي، وزيادة تخزين الكربون وتقليل الانبعاثات. وتشمل هذه التدابير، تنويع المحاصيل المزروعة وأنواع الغابات والحراجة الزراعية والزراعة البيئية… ويرى التقرير أن تحسين إدارة الأراضي الزراعية وأنظمة الرعي بشكل مشترك، مثل الحفاظ على التربة وتقليل استخدام الأسمدة، يمكّن من التخفيف السنوي لتغير المناخ بما يتراوح بين 3 و6 جيغاطن من مكافئ ثاني أوكسيد الكربون.

ويعد تعزيز إجراءات الحفظ وتوجيهها بشكل أفضل، بطريقة منسقة ومدعومة بالتكيف القوي مع المناخ والابتكار، واحداً من مفاتيح الحلول. ومن المتوقع تحقيق نتائج إيجابية من زيادة كبيرة في المناطق المحمية السليمة والفعالة، والتي تمثل في الوقت الحالي نحو 15 في المئة من اليابسة و7.5 في المئة من المحيط. ويشير التقرير إلى أن التقديرات العالمية لمتطلبات المناطق المحمية التي من شأنها ضمان مناخ صالح للسكن وتنوع أحيائي مستدام وحياة جيدة، ليست راسخة بعد، إنما تتراوح من 30 إلى 50 في المئة من جميع مناطق سطح المحيطات والأرض. من شأن خيارات تحسين الآثار الإيجابية للمناطق المحمية زيادة الموارد، وتحسين الإدارة والتوزيع مع زيادة الترابط بين هذه المناطق. وهذه الإجراءات مدفوعة بتسليط الضوء على تدابير الحفظ خارج المناطق المحمية، بما في ذلك ممرات الهجرة والتخطيط للمناخات المتغيرة، فضلاً عن دمج أفضل للأشخاص مع الطبيعة لضمان الإنصاف في الوصول إلى مساهمات الطبيعة في حياة الناس واستخدامها.

الى جانب ذلك كله، من شأن إلغاء الإعانات التي تدعم الأنشطة المحلية والوطنية الضارة بالتنوع الأحيائي، مثل إزالة الغابات والإفراط في التخصيب والصيد الجائر، أن يدعم أيضاً تخفيف تغير المناخ والتكيف معه، وذلك جنباً إلى جنب مع تغيير أنماط الاستهلاك الفردي، والحد من الفقد والهدر، وتغيير الأنظمة الغذائية، بخاصة في البلدان الغنية، نحو المزيد من الخيارات القائمة على النباتات.

تدابير قد تضر بالتنوع الأحيائي

زراعة محاصيل الطاقة الحيوية من أجل استخدامها في مجال الوقود الحيوي على مساحة واسعة من الأراضي بالزراعة الأحادية (أي نوع واحد من النبات)، ضارة بالنظم البيئية عند انتشارها على نطاقات كبيرة جداً (مثل إنتاج الوقود من الذرة)، ما يقلل من مساهمات الطبيعة في حياة الناس، ويعيق تحقيق الكثير من أهداف التنمية المستدامة. أما على نطاقات صغيرة، جنباً إلى جنب مع التخفيضات الواضحة والسريعة في انبعاثات الوقود الأحفوري، قد توفر هذه المحاصيل المخصصة لإنتاج الكهرباء أو الوقود منافع مشتركة للتكيف مع المناخ والتنوع البيولوجي.

زراعة الأشجار في نظم بيئية لم تكن تاريخياً عبارة عن غابات وإعادة تحريجها بالزراعة الأحادية، بخاصة بأنواع الأشجار الغريبة، قد تساهم في تخفيف آثار تغير المناخ، ولكنه غالباً ما يضر بالتنوع الأحيائي وإنتاج الغذاء ومساهمات الطبيعة الأخرى في حياة الناس، فضلاً عن عدم وجود فوائد واضحة للتكيف مع المناخ، وقد يؤدي إلى نزوح السكان المحليين بسبب التنافس على الأرض.

خلاصة القول، يجب تقييم أي تدابير تركز بشكل ضيق للغاية على التخفيف من آثار تغير المناخ من حيث الفوائد والمخاطر الإجمالية، مثل بعض الطاقات المتجددة التي تولد طفرات كبيرة في نشاط التعدين أو تستهلك مساحات كبيرة من الأراضي. ينطبق الأمر نفسه على بعض الإجراءات التقنية التي تركز بشكل ضيق للغاية على التكيف، مثل بناء السدود والجدران البحرية، فهذه الإجراءات قد تترك آثاراً بيئية واجتماعية سلبية كبيرة مثل التدخل في أنواع الحيوانات المهاجرة وتجزئة الموائل. ويشير التقرير في هذا السياق إلى أن الاستجابة المشتركة لتكييف النظم الزراعية مع الجفاف الذي غالباً ما يؤدي إلى صراعات على المياه وبناء السدود وتدهور التربة على المدى الطويل بسبب التملح وزيادة قدرة الري. 

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.