fbpx

12 قيادي إخواني رقابهم في يد السيسي: هل يفكّ حبل المشنقة؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أحكام الإعدام على 12 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين منتصف حزيران/يونيو الجاري، وهو حكم نهائي لا يحتمل الطعن به، ما لم يصدر رئيس الدولة قراراً بالعفو أو تخفيف عقوبة الإعدام خلال 14 يومًا من إصدار الحكم النهائي.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تستمر أحداث محاكمات المشاركين في اعتصام رابعة حتى اليوم. منذ عام 2013 يصدر القضاء المصري أحكاماً تتراوح بين السجن المؤبد والحبس المشدد والإعدام. آخرها تأييد محكمة النقض، أعلى محكمة استئناف في مصر، أحكام الإعدام على 12 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين منتصف حزيران/يونيو الجاري، وهو حكم نهائي لا يحتمل الطعن به، ما لم يصدر رئيس الدولة قراراً بالعفو أو تخفيف عقوبة الإعدام  خلال 14 يومًا من إصدار الحكم النهائي.

يوم الاثنين المقبل 28 حزيران/يونيو هو آخر يوم، يحدد فيه مصير هؤلاء، الذين باتت حيواتهم مرهونة بقرار من الرئيس. 

من بين الذين أيّدت محكمة النقض إعدامهم قيادات بارزة في جماعة الإخوان المسلمين مثل العضو البرلماني السابق محمد البلتاجي (58 عاما)، والوزير السابق أسامة ياسين (56 عاما)، وأحمد عارف (40 عاما)، وعبد الرحمن البر (58 عاما)، والداعية الإسلامي البارز والمؤيد للإخوان صفوت حجازي (56 عاما). 

تراوحت التهم الموجهة إلى المتهمين في المحاكمة الجماعية بين المشاركة في احتجاجات عنيفة وقتل أو محاولة قتل العديد من عناصر الشرطة والجنود والجمهور أثناء الاعتصام الذي استمرّ ستّة أسابيع في تموز/ يوليو وآب/اغسطس 2013.

المتّهمون معزولون صوتياً داخل المحكمة

أصدرت منظمة “هيومان رايتس ووتش” تقريرًا يشبه الاستغاثة كشفت فيه عن حجم الخروقات التي مورست على المتهمين ونقلت ظروف محاكمتهم، التي “تؤثر على سير العدالة”. يقول التقرير إن “المحاكمة الجماعية في محكمة الإرهاب اتسمت  بالفوضى، وشابتها خروقات في جميع مراحلها. حيث  تمّ تكديس المتهمين في زنزانة ذات قواطع عازلة للصوت داخل قاعة المحكمة، ما صعّب على المراقبين رؤيتهم أو سماعهم، ومنعهم من التفاعل كما يجب مع القضاة. احتُجز الكثير من المتهمين في “سجن العقرب” سيء السمعة، حيث يُحرم السجناء لأشهر أو لسنوات من مقابلة محامييهم وأقاربهم والتواصل معهم، مما يقوّض حقهم في الدفاع بشكل كبير، كما أن ما لا يقلّ عن 22 ممن صدرت ضدّهم أحكام بالسجن كانوا أطفالا حينما ألقي القبض عليهم، لكنهم حوكموا مع البالغين، في انتهاك للقانون الدولي “.ونقلت المنظمة عن أحد أقارب محمد البلتاجي انه “لم يحظ بزيارة واحدة من أسرته أو محاميه منذ آذار/مارس 2017”. 

في 13 آب/اغسطس 2020، توفي عصام العريان، قيادي بارز آخر في الإخوان، في سجن العقرب في ظروف مريبة بعد إصابته بنوبة قلبية. كان العريان (66 عاما) قد اشتكى للقضاة في جلسات المحاكمة في 2017 و2018 من ظروف السجن، وقال إن وزارة الداخلية منعته من تلقي العلاج بعد إصابته بالتهاب الكبد الوبائي “سي” في السجن. أجبرت قوات الأمن أسرته على دفنه سرّا.

العدالة “مسيّسة” والمحامون مقيّدون

المحامي نبيه الجنادي يرى أن الأهم في مسألة تحقق العدالة هو “طمأنينة المتهم نفسه للمحاكمة، وعقيدة الطمأنينة هذه أهم من عقيدة القاضي نفسه وثقته في إطلاق الأحكام”، ويتابع الجنادي: “بالطبع كما هو واضح بعد الخروقات التي تحدث في محاكمات اعتصام رابعة  فإن المتهمين لا يشعرون بالطمأنينة من خط سير محاكمتهم،التي تأخذ خط سير آخر معروف سلفًا ويفضي إلى طريق واحد وهو إعدامهم”. ويضيف الجنادي لـ”درج” أن “القضايا ذات الطابع السياسي يجري التعامل معها باعتبارها جرائم جنائية تحت اتهامات عدة منها الإرهاب أو الانضمام لجماعة محظورة بخلاف القانون أو نشر أخبار كاذبة وسواها”.

يوم الاثنين المقبل 28 حزيران/يونيو هو آخر يوم، يحدد فيه مصير هؤلاء، الذين باتت حيواتهم مرهونة بقرار من الرئيس. 

مسار تقويض العدالة يبدأ بالمتهمين ويشمل المحامين والقضاة أيضاً، ويقول الجنادي إن حجم التضييقات على المحامين في الجرائم الجنائية ذات الطابع السياسي يبدأ من تجريدهم من الهواتف ومقتنياتهم الشخصية داخل محكمة “معهد أمناء الشرطة” وعزلهم عن العالم الخارجي، مرورا بعزل المتهمين في قفص زجاجي عازل للصوت لمنع التواصل بين المحامين والمتهمين “نتواصل مع موكلينا بلغة الإشارة من بعيد”، وانتهاءً بالتضييق المبالغ فيه في إصدار تصاريح المحامين لزيارة الموكلين/المتهمين.

 ولا يجوز، بحسب الجنادي، فصل المحامي عن موكله لأن ذلك يؤثر على سير العدالة: “نيابة أمن الدولة تتعنت في استخراج تصاريح  زيارة المحامي للمتهم لموكله منذ 2013 في اجراءات استثنائية ظالمة. نفسي ارجع لمحكمة طبيعية اتواصل مع المتهم والموكل بتاعي دي مطالب طبيعية”.

متى تهدأ وتيرة المشانق؟

بالنسبة إلى نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش جو ستورك، “محاكمة رابعة كانت مهزلة، ومن المخزي أن تؤيد أعلى محكمة في البلاد أحكام الإعدام الـ12 هذه. يجب على الرئيس السيسي استغلال هذه الفرصة لإبطال إعدامهم، ووضع حدّ لتفشي استخدام عقوبة الإعدام في مصر”.

وفي ظل المطالبات الدائمة بإيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام، نفذت مصر 9 احكام اعدام في الشهرين الماضيين في قضية اقتحام مركز شرطة كرداسة، بعدما رسّخ المسلسل الرمضاني “الاختيار” لمشروعية فض اعتصام ميداني رابعة والنهضة بالقوة المسلحة، كما نفذت حكم إعدام بالراهب أشعياء المقاري التي تبدو قضيته أيضا ذات طابع سياسي. 

الحق في الحياة ..

يدور في العالم جدل لا يتوقف حول مشروعية أحكام الإعدام ومدى مطابقتها لحقوق الإنسان، وباشرت دول عديدة إلغاء الإعدام واستبداله بالمؤبد باعتبار أن هذه العقوبة تنتهك الحق في الحياة. 

يصبح الأمر أكثر تعقيداً حين تكون الأحكام صادرة عن محاكمات ذات خلفية سياسية في ظل استقطاب حاد، وفي ظل عدالة مبتورة، وقد ظهر واضحاً من خلال جلسات المرافعة والأحكام أن القضاة فيها يجاهرون بانحيازات سياسية. 

بحسب الموقع الرسمي لمفوضية حقوق اﻹنسان التابعة للأمم المتحدة “حوالي 170 دولة عضو باﻷمم المتحدة ذات نظم قانونية، وتقاليد، وثقافات، وخلفيات دينية متنوعة إما قد ألغت عقوبة اﻹعدام أو لم تعد تمارسها”. واحتلت مصر الموقع الثالث بين الدول التي نفذت أكبر عدد من أحكام اﻹعدام في العام الماضي (2020)، بـ107 إعدامات، 23 منها كانت تنفيذاً ﻷحكام في قضايا على خلفية سياسية. وهي بذلك زادت عدد أحكام اﻹعدام ثلاثة أضعاف مقارنة بالعام السابق.

في العام الحالي (2021) بحسب “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية” على موقعها، نفذت السلطات المصرية 7 أحكام باﻹعدام خلال شهري كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير. إعدامات أحداث “كرداسة”  رفعت الإجمالي إلى 16 حكماً منفذاً باﻹعدام، وقد تصل الأعداد إلى 38 إذا لم يصدر السيسي قرارا بالعفو عن الـ 12 متهما في قضايا الإخوان الاسبوع المقبل. 

المحامي نبيه الجنادي يقول إن إلغاء عقوبة الاعدام في مصر لن يتحقق في المستقبل القريب، فمنذ عام 2014 يصدر مجلس الأمم المتحدة توصيات بتخفيف عقوبة الإعدام في مصر وإعادة المحاكمات أو تخفيف الأحكام لكن مصر لا تنصت لهذه الدعوات، كما تفعل دول أخرى، كالمكسيك مثلاً، التي استجابت لهذه التوصيات وأوقفت عقوبة الإعدام واستبدلتها بالحبس المشدّد: “هناك في مصر مئات السجناء يرتدون البذلة الحمراء في انتظار تنفيذ الحكم بإعدامهم قد يجري أخذهم من على طاولة الغداء أو أثناء التريض للمشنقة فجأة، وقد يتركون لسنوات داخل البذلة الحمراء يعيشون رعباً مضاعفاً أقسى من رعب الموت الفعلي”.

تعارض “هيومن رايتس ووتش” عقوبة الإعدام في جميع الظروف. في 2017، دعت المنظمة الرئيس السيسي إلى تعليق استخدام عقوبة الإعدام في ظلّ الارتفاع الحاد في أحكام الإعدام. وبحسب منظمة العفو الدولية، أعدمت السلطات المصرية 51 رجلا وامرأة على الأقل في النصف الأول من 2021. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020، وثقت “هيومن رايتس ووتش” إعدام السلطات المصرية لـ49 رجلا وامرأة في عشرة أيام فقط. وبحسب جو ستورك، “يتعيّن على مصر وقف أي إعدامات أخرى على الفور، لا سيما في حق الذين أدينوا في محاكمات بالغة الظلم. لكي تمضي مصر قدما، عليها معالجة الجرائم التي ارتكبتها قوات الأمن، بما في ذلك حادثة رابعة وعمليات القتل الجماعي الأخرى”.

إقرأوا أيضاً: